اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

إلا الكراهية والقتل// خالد بوخش

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

خالد بوخش

 

إلا الكراهية والقتل

خالد بوخش

أستاذ باحث في الفلسفة/ حقوقي

 

      الكراهية قتل بالقوة. الفيلسوفة حنا ارندت

 

           من الوصايا العشر لموسى حيث الوصية الذهبية ـــ لا تقتل ـــ إلى تعاليم عيسى ـــ  من كان منكم بلا خطيئة فليرجمها  ـــ انتهاء بمحمد ـــ من أحيى نفسا فكأنما أحيى الناس جميعا ـــ .

        يظهر جليا أن المؤمنين لم يتمكنوا بعد من التخلص من براثن الجهل والدوغمائية وبالنتيجة التعصب والكراهية والتي تؤدي بداهة للإقصاء والقتل وخصوصا وبشكل حاد وهستيري لدى المسلمين. قد يكون مرد هذا بخصوص المسلمين إلى عدم قطعهم لأشواط كبيرة بخصوص الإصلاح الديني والذي تم إجهاضه في مراحل كثيرة من التاريخ ولعدة أسباب ابتداء بابن رشد وابن سينا وابن عربي وآخرين إلى جمال الدين الأفغاني ومحمد عبدو وانتهاء بالجابري ومحمد شحرور وآخرين. يبدو واضحا أن من بين تلك الأسباب التي أجهضت كل تلك المحاولات نجد سلطة الكهنوت رجال الدين الذين يحولون بين الإنسان وربه بزعمهم أنهم الواسطة التي بدونها لن يتمكن المسلم بأن يكون مسلما حقا ويستعملون الترهيب كآلية للحد من التفكير وحريته، في المقابل لا بد وأن هناك أسبابا أخرى على المؤرخين وعلماء الاجتماع والنفس الجادون أن ينفضوا الغبار على عراقيل هذه الأزمة، أزمة المسلمين وليس الإسلام كدين جواني حر يتمظهر على المستوى البراني كوردة منفتحة حرة. في الغرب تجاوزت المسيحية هذه العقدة بقيادة البروتستانتي ـــ التي تعني بالفرنسية المحتج ـــ مارتان لوثر وبعده كالفان وبمساعدة عوامل أخرى غير ظاهرة بشكل دقيق، في حين أن الشمال لم يزل وما زال لا يريد أن يتعلم لا من تاريخ الآخرين ولا من تاريخه هو بالذات كما وقع مباشرة بعد وفاة الرسول الكريم محمد عليه السلام حيث الاقتتال المذهبي والطائفي والقبلي ـــ معركة الجمل ومعركة صفين ـــ حيث اقتتل الصحابة فيما بينهم.

 

      حاول الجابري أن يوفق بين العلمانية والإسلام وقبله ابن رشد الذي حاول أن يوفق بين الدين والفلسفة ولكن محاولتهما باءت بالفشل، ولسنا هنا لمناقشة هؤلاء الكبار في صحة نهجهم من عدمه رغم أن نقد طرابيشي للجابري كان نقدا رصينا، طرابيشي الذي دعا لقطيعة حادة مع التراث واللحاق بركب الحضارة الغربية بتبني العلمانية عكس الجابري الذي كان مشروعه نقدا للتراث والانطلاق منه من أجل اللحاق بالغرب. كل منهما سعى جاهدا من أجل تقدم المسلمين وكانا وما زالا فعلا منارة لكل من اطلع على مشروعها الفكري بغض النظر عن من معه الحق. في المقابل من يلقي نظرة على المجتمعات المسلمة يجد أن لا أحد منهما وللأسف الشديد لم يستطع التأثير في الواقع المعيش لهذه المجتمعات بشكل كبير إذا استثنينا باحتشام تونس. وبالتالي فالذنب ليس ذنبهما، ويبدو أن الإشكال مركب ومعقد. أزمة القراءة في هذه المجتمعات  تلقي بظلالها طبعا ولكن الإشكال تجده أيضا لدى الكثير ممن يقرأ أيضا. ومنه يبدو أن القرار ـــ أي قرار الانفتاح ضد الانغلاق والعلم ضد الخرافة والحوار ضد الإقصاء والمحبة ضد البغض لا بد أن يكون سياسيا أولا وأخيرا عبر إرساء أسس تقبل الآخر المختلف مذهبيا ودينيا وثقافيا، وذلك في برامج التعليم منهجيا وفي الإعلام الرسمي وغير الرسمي ثقافيا، وكذا التعامل بحزم قانونيا مع المتطرفين.

    

          العقلية المتطرفة لا تأتي من فراغ والمتطرف تنقصه بعض الآليات الفكرية التي بدونها لن يستطيع أن يكون متسامحا ألا وهي؛

ـــــــ الحس النقدي الجدلي حيث الأطروحة وضدها والتكامل بينهما الذي ينتج أطروحة أخرى تتحول هي الأخرى لأطروحة تحتاج لضدها وهكذا دواليك..

ــــــ العقلية النسبية التي لا تدعي امتلاكها الحقيقة المطلقة الناجزة حيث أن لا أحد يمتلك الحقيقة  المطلقة أيا كان دينه أو إيديولوجيته أو مكانته الاجتماعية.

      ــــــ مركزية الإنسان عوض جعل الدين أو الإيديولوجية أو الأفكار في المركز حيث يتجلى هذا في الشعار الأخير المحمول من طرف المسلمين ــ إلا رسول الله ــ ونعتقد أن لو كان الرسول محمد معنا لهتف يردد؛ إلا الحقد والقتل عوض ــ إلا أنا ـــ. هذه الأنا الموهومة التي ما فتئ جميع الأنبياء والفلاسفة فضلا عن الحكماء  والعلماء أن انتقدوها نقدا لاذعا          

 

خالد بوخش

أستاذ باحث في الفلسفة

حقوقي

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.