اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

التلاعب والمتاجرة بالمال العام رغم انف المصلحة العامة// سعد السعيدي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

سعد السعيدي

 

التلاعب والمتاجرة بالمال العام رغم انف المصلحة العامة

سعد السعيدي

 

من غير المعقول اننا في كل مرة نتصور بها الانتهاء من تعداد ابواب اموال البلد الضائعة والمشتتة لسبب ومن دونه يتكشف لنا باب آخر من ابواب التضييع والتشتيت. وهذا مع صمت مطبق لدى المؤتمنين على مراقبة عمل الدولة وحركة اموالها المتجمعين في مجلس النواب. فهؤلاء كما يرى هنا بعربهم واكرادهم وممثلي ميليشياتهم يثبتون مرة اخرى بانهم ليسوا إلا طغمة تبحث عن مصالحها فقط.

 

فها قد اكتشفنا بالصدفة وجود اموال عراقية مستثمرة في سندات الخزانة الامريكية. فبينما تدعي الحكومة ومجلس النواب عدم وجود سيولة مالية نكتشف هنا كذبهم جميعا وبمنتهى الصلافة. هذا التعتيم المتعمد هو حنث فظ بالقسم الدستوري ولصوصية.

 

لم نتمكن من التثبت من تاريخ البدء الفعلي بحيازة واستثمار هذه السندات. فالامر معتم عليه حكوميا ونيابيا عدا اعلانين يتيمين لكل من البنك المركزي العراقي والخزانة الامريكية بشأنه. ابعد تاريخ حيازة توصلنا الى معرفته من خلال البحث والتقصي هو آب 2017 حيث كان قيمة ما لدينا من هذه السندات هو 14.3 مليار دولار. وكان العراق يزيد مع الوقت من كمية السندات المشتراة على الرغم من تغير هذه الكمية صعودا ونزولا مما يشير الى متاجرة مستمرة بها. وآخر خبر وجدناه حول هذه السندات كان في حزيران 2020 حيث كان ما لدينا منها هو بمقدار 32.5 مليار دولار.

 

لهذه السندات نسبة فائدة سنوية من ناتج تدوير اموال شرائها. وهي ليست ثابتة حيث تغيرها الخزانة الفيدرالية الامريكية حسب المصلحة. ومهما يكن مقدار هذه النسبة فعائدها لا يمثل إلا الفتات. إذ تستحوذ جهة الاصدار على اغلب هذه الفائدة طبعا. ومع كمية الفائدة التي تثير الضحك والغضب في آن واحد لا يمكن اعتبار هذا الاستثمار في السندات إلا بكونه قرضا من الدولة المستثمرة للاخرى المصدرة للسندات. وهو في حالتنا امر غير مقبول بالمطلق.

 

لم نجد اثرا لفتات عوائد هذه السندات في قوانين الموازنة مما اطلعنا عليه للسنوات الاربعة الاخيرة. إذ تعاون مجلس النواب مع كل الحكومات على اختصار مجموع الايرادات غير النفطية برقم واحد تحت هذا العنوان دون اية تفاصيل اخرى. وهذا على عكس باب النفقات وتمويل العجز الذي ذكرت كل تفاصيله. بهذا تساهم كل من هاتين الجهتين بهذا التعتيم كي لا ينتبه للامر احد ولتجنب المساءلة الشعبية.

   

تنتابنا الاسئلة الكثيرة حول هذه التصرفات الحكومية والنيابية التي لا نعرف كيف يمكن وصفها. من هذه الاسئلة هي عن الفائدة المتوخاة من استثمار وبالتالي تجميد كمية هائلة من اموال البلد في آخر اجنبي؟ من الذي خول الحكومة التصرف بالمال العام بهذه الطريقة في وقت نحتاج اليه لكل دينار لسد العجز المالي؟ هل جرت استشارة خبراء الاقتصاد قبل الشروع بهذا الاستهتار؟ لم نجد اي تنبيه من ايّ من هؤلاء حول هذا الامر ولا الى ضرورة استرجاع هذه الاموال لحاجة البلد اليها. فهل حقا لم يكونوا يعرفون حتى مع الاعلانات الشحيحة الآنفة حولها ام انهم كانوا يعرفون لكن لزموا مع ذلك الصمت؟ النتيجة هو سقوط العراق في لجة ازمة مالية يرى الجميع افتعالها من قبل حكومة وبرلمان فاسدين. ومعها صار الاخير ولجنته المالية يستغلانها في التظاهر هذه الايام بالحرص على المال العام.

 

ولا يأتي الاعلام المحلي على ذكر امر هذا الاستثمار بالسندات الامريكية كما اسلفنا ولا عن اهدافه. لكن من خلال ما توفر لنا من معلومات مبتسرة نستطيع الاستنتاج بانه يهدف الى دعم النظام الامريكي القائم. فاصدار السندات هو وسيلة هذا النظام لتغطية عجزه المالي الهائل الذي تجاوز ال 24 تريليون دولار. وقد اتى هذا الاستثمار من لدن من جاء بهم هذا النظام الى سدة الحكم في العراق.

 

نحن ليست لدينا فوائض مالية لانقاذ النظام الامريكي. ففوائضنا إن وجدت تكون مخصصة لخدمة مصالح بلدنا فقط. بالمقابل فالامريكيون يتآمرون علينا باستمرار مع فرض العقوبات الدولية ويحتلون ارضنا بالابتزاز ويدعمون البلدان المعادية لنا، فضلا عن تطوير اسلحة فتاكة موجهة ضدنا ويفرخون ارهابيون جدد. ويُصر مع ذلك على دعمهم باموالنا ! إن هذا الاستثمار في سنداتهم واية اخرى اجنبية هو ليس فقط استثمار فاشل، بل انه تصرف خطر يتوجب ايقافه. فنحن نقترض حتى من دون فتات السندات. وعندما تكون ثمة ازمة مالية فيجب عدم هدر الاموال على مغامرات اجنبية بحيث يضطر بعدها ويا للسخرية الى الاقتراض. من الواضح بان من تصرف باموالنا هكذا كان يهدف الى مفاقمة ازمات البلد وتجنب حلها.

 

لقد تعمدت حكومات 2003 وبتواطؤ من طغم مجلس النواب ادعاء شحة الاموال. لكن باكتشاف وجودها خارج البلد حيث تتصرف بها هذه الحكومات في استثمار خارجي سري غير معلن نطالب باستعادتها لدعم الموازنة ودفع الرواتب واطفاء الديون.

 

إن اموالنا ليست ملك لاي كان ليتصرف بها. وإن جرى هذا فيكون سرقة وتلاعبا بالمال العام وحنثا باليمين الدستورية يتوجب معه احالة القائمين به الى القضاء. يتوجب ايقاف هذا التصرف واستعادة اموالنا بالكامل فورا.

 

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.