اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

لغة الطاقة .. لغة الكون ح1// حيدر الحدراوي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حيدر الحدراوي

 

لغة الطاقة .. لغة الكون ح1

حيدر الحدراوي

 

كعادته الانسان كثير التساؤل, لا تتوقف الأسئلة عن غزو مخيلته ومداعبة ذهنه, اسئلته لا يوقفها حد, منذ نعومة اظفاره, حتى شيخوخته, بل لا يتوقف عن السؤال حتى يمكث في مثواه الاخير.

يسأل عن كل شيء مهما كان صغيرا وتافها, لا يفوته شيء, وان فاته شيء هبّ أخرون للسؤال عنه ان لم يكن في عصره ففي العصور التي تليه, وان لم يكن عقله ناضجا للسؤال عن المسائل خاصة, فسوف ينبري غيره ممن نضجت عقولهم وتنامت مداركهم وأشرق وعيهم.

تعاظمت أهمية السؤال بشكل جدي, حتى قيل "السؤال مفتاح العلم", وقيل ايضا "حسن السؤال نصف العلم", فبالسؤال ازدانت المعارف وتوسعت العلوم.. وتشعبت.

اللغة الموحدة لكل العالم, كان لها حظا وافراً من تلك الاسئلة, نظرا لكثرة اللغات واللهجات واختلافها من قوم الى قوم ومن شعب الى اخر شرع بالبحث عن امكانية وجود لغة اتصال فكري موحدة تجمع كل الشعوب والاقوام, يتكلم بها الجميع ويفهمها, لغة لا تقتصر على البشر دون سواهم, بل تشمل باقي المخلوقات الاخرى, كأن تلك اللغة أريد منها ان تكون وسيلة فكرية واتصال بين الانسان وكافة المخلوقات الاخرى من حيوان وطيور وحشرات ونبات, بل وجمادات ايضا .. هل هذا ممكن ؟!.

لغة كهذه قد تكون غير موجودة, او مستحيلة, لأسباب كثيرة منها النطق, فإمكانية الانسان على النطق تشكل عائقا بينه وبين عدم امكانية الحيوان والنبات وغيرها على ذلك, استنطاقها قد يحتاج الى معجزة, وهذا غير وارد الا في الروايات الدينية التي تتحدث عن يوم المحشر, يوم القيامة, حيث ستكون هناك لغة واحدة يفهمها الجميع, من انسان وحيوان ونبات وجماد, ويستطيع الجميع النطق بها ايضا, اما هذه اللغة فتختلف الاديان في تحديدها, اليهود يرون انها لغتهم لأسباب يعتقدون بها, والمسلمون يرون انها اللغة العربية, لأنها لغة القرآن, او لغة الاسلام, وغيرهم يرى غير ذلك, وربما اعتقد البعض ان لغة المحشر او يوم الحساب ستكون باللغة التي نطق بها آدم "ع" , في هذا الموضوع جدال ونقاش طويل, كل قوم او اهل ملة يؤمنون بيوم الحساب يعتقدون ان لغتهم هي التي سوف تتجلى ذلك اليوم , قد يعللون وينسبون عدم معرفة غيرهم بلغتهم وامكانيته النطق بها يوم الحساب الى المعجزة الربانية, ويشمل الامر امكانية نطق الحيوان والنبات والجماد بها ايضا الى المعجزة , وربما لديهم آراء اخرى في هذا الصدد.

لكننا لا نريد الخوض في:

1- المعجزات والكرامات , بل نبحث الموضوع من حيث الامكانية الطبيعية وبدون تدخلات جراحية.

2- نريد بحث الموضوع من خلال امكانيته في عالمنا , لا في عوالم اخرى , قد يؤمن بها البعض وينكرها اخرون.

 

ما نود الاشارة اليه الى ان تلك اللغة الموحدة موجودة بالفعل, وليست بحاجة الى المعجزة يوم الحساب, تراث الديانات الرئيسية الثلاث مصدقة بالقرآن الكريم تخبر عنها وعمن نطق بها في عالمنا, سليمان "ع" , وقدرته على فهم منطق الطير والحيوان , ابرزها حديثه "ع" مع النملة والهدهد , بل حتى بعض الاثار الواردة من مصادر اخرى تؤكد على ذلك ايضا .

(حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ{18})"النمل" , النملة كائن صغير جدا , في كثير من الاحيان لا يمكن للماشي ان يراه او حتى ان يشعر بوجوده ان لم يكن النمل على شكل جماعات , فضلا عن سماع اصواتها وحوار النملات مع بعضها , فكيف اذا كان ذلك الشخص راكبا مع عدد كبير من الجيش والخيول؟! , شيء في غاية المحال وفقا الى مجريات الامور, الامر يخرج عن الناموس الطبيعي حتى, لكن لو افترضنا وجود طاقة استلهمها سليمان "ع" تنتفي الغرابة, فمهما كانت الاصوات الخافتة او اجتهد مصدرها بالاخفات لابد وان يكون لها موجات تنتقل عبر الفضاء المحيط , تطلب استشعارها بقدرة غير طبيعية للوصول اليها , وانبغى لطالبها من استخدام قدرة استثنائية ليقف عليها اولا , ثم فهمها ثانيا.

(وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ{20}) "سورة النمل" , الى اخر القصة كما يرويها القرآن الكريم, ففيها الكثير من الاستدلالات على الطاقة وتمكن النبي سليمان "ع" منها , نذكر منها:

1- رغم الكثرة الكاثرة في اعداد الحيوانات والطيور, أكتشف "ع" اختفاء جرم صغير, بحجم هدهد, رغم كثرة الكتل من حوله, امر كهذا لا يمكن بدون قدرات فائقة , اذا علمنا ان كثيرا من الرعاة لا يشعرون بفقدانهم لأحدى الاغنام قد أضلت الطريق او قد سرقها حيوان مفترس, الا بالعد, اما من جهة التحكم بالطاقة, فأنه يستشعر بوجود فقد ما, جزء من الطاقة الصادرة من الرعية مفقودة, هذا يدل على غياب مخلوق ما لم يحضر, قد يكون وافاه الاجل, او ربما قد أضل الطريق او تمرد, او ذهب استطلاعا في ناحية ما, المهم في الموضوع ان جزءا من طاقة الرعية مفقودة, أستشعر بها النبي سليمان "ع" وأعلنها للملأ بعد ان ادرك ان المفقود كان هدهدا.

2- إعلان النبي سليمان "ع" للملأ بالمفقود بأي لغة كان ؟ , ان كان :

أ‌) بلغته البشرية , فأن الطيور وباقي الوحوش لن تفهمها .

ب‌) وان كان الاعلان بلغة الهدهد, فأنها مفهومه ومعلومة في مملكة طيور الهدهد فقط, باقي الطيور والحيوانات لا تفهمها, فالمعلوم ان لكل مملكة من ممالك الحيوان لغتها الخاصة.

إذا لابد من وجود لغة مشتركة, لغة تفهمها جميع الممالك, مع الاخذ بنظر الاعتبار ان الانسان مكرم على جميع المخلوقات, {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً }الإسراء70 , مثلا, لو اراد النبي سليمان "ع" ان يكلم أسدا ما, هل سوف يزأر كما يزأر الأسد؟!, او أراد "ع" ان يكلم عصفورا ما , هل سوف يغرد كما يغرد ذلك العصفور؟!, الانسان مكرم عن تقليد أصوات الحيوانات, فضلا عن ان يكون ذلك الانسان نبيا, بل ان الكرامة والكبرياء دفعت بالكثير من الملوك بالاستعانة بالمترجمين اذا كان الحوار مع شخص لا يفهمون كلامه, بل تترفع وتتعالى الملوك عن النطق بغير لغاتهم كبرياء وعزة وكرامة, حتى وان كانوا يفهمون تلك اللغة , فما بالك بتقليد أصوات الحيوانات!.

 

3- حضر الهدهد الغائب , وتكلم بلغة ما فهمها الجميع رغم اختلاف ممالكهم, على الارجح انها لم تكن لغة مملكته, والا لما فهمها كثيرا من الحاضرين.

4- النبي سليمان "ع" عهد للهدهد بمهمة ارسال خطابا الى ملكة سبأ, عند وصول الهدهد الى مكان الملكة لم يكلمها كما يكلم النبي سليمان "ع" , بل اكتفى بإلقاء الرسالة, لعل السبب عدم امتلاك الملكة وعدم معرفتها باللغة المشتركة , او ربما ان الهدهد يعلم انه ليس مخولا بإجراء حوار معها بتلك اللغة المجهولة.

5- أرسلت ملكة سبأ بهدية للنبي سليمان "ع" بعد ان استشارت حكماء قومها, والنبي سليمان "ع" يرفض الهدية ويعلن في قومه (قَالَ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ) "النمل38" , الخطاب ايضا كان عاما ولا يعلم هل كان بلغة بشرية , ام انه بتلك اللغة المجهولة , فينبري للإجابة أثنين:

أ‌) (قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ{39} ) "النمل", ليس من المؤكد ان هذا العفريت سوف يستخدم قدرته الشخصية , ام انه سوف يستخدم قدرات أخرى.

ب‌) (قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ{40}) "النمل" , الان ظهرت الصورة الغامضة, فمن المؤكد ان هذا الشخص سوف يستخدم قدرة خارقة , فالمدار مدارا للقدرات الخارقة للناموس, الامر الذي قد يشمل توحيد لغات الاتصال الفكري بين جميع الممالك.

 

*** يتبع

حيدر الحدراوية 

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.