اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

ديون العراق البغيضة// سعد السعيدي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

سعد السعيدي

 

ديون العراق البغيضة

سعد السعيدي

 

منذ سقوط النظام السابق برز موضوع الديون الهائلة التي راكمها هذا النظام. وهذه الديون هي مجموع الاموال التي اقرضتها له الدول المختلفة لتمويل حروبه. وكان للعراق فائضا ماليا كبيرا قبل بدء الحرب مع ايران. لكن مع الحرب وبفعل الانفاق العسكري الهائل تلاشى هذا الفائض مخليا مكانه للديون.

 

الدين البغيض المعروف باسم الدين غير الشرعي قد عرفته الموسوعة الحرة بكونه مصطلح في القانون الدولي. يشير هذا المصطلح إلى نظرية قانونية تقول بأن الدين الوطني الذي يقترضه النظام لأغراض لا تخدم مصالح الأمة لا يجوز الوفاء به. ويعتبر القانون هذه الديون ديونا شخصية للنظام يتحملها هو وليس الدولة.

 

هكذا تكون ديون اية اموال اقرضت بهدف تمويل الحروب لا التنمية هي ديون لا يجوز الوفاء بها، اي بغيضة. ولانها بغيضة فقد طالب نشطاء العالم بالغائها بالكامل كي لا تبقى عبئا على شعوب البلدان المديونة التي تريد العيش بسلام. وثمة هدف آخر من هذه المطالبة هو احباط ارادة الدول التي تلجأ الى هذه الاساليب لغرض فرض الاملاءات على الدول الخارجة لتوها من الحروب وابتزازها بهذه الديون. استنادا على هذا طالب الكثير من الناشطين والخبراء الوطنيين منذ سقوط النظام السابق بادراج كل ديون الحروب الموروثة من هذا النظام في خانة الديون البغيضة تمهيدا لشطبها. ويتذكر الجميع من احداث تلك الفترة بانه كان للدول التي كانت تقود الحرب ضد بلدنا رأيا آخر. فقد ارادت الابقاء على هذه الديون وقاومت في البداية فكرة شطبها. بيد ان هذه الدول قد اضطرت مع ذلك وتحت الضغط العالمي الى تخفيض مقاديرها بمقدار 80 بالمئة من قيمتها. وكان مقدار الدين العراقي في ذلك الوقت حسب الخبير المالي مظهر محمد صالح يبلغ 128 مليار دولار. وتنازل هذه الدول بشأن هذا الامر كان شبه إقرار على كون ديون العراق بغيضة.

 

وفي الماضي القريب قامت دول بتطبيق مبدأ الديون البغيضة لالغاء ديونها. ففي هايتي بعد الاطاحة بحاكمها المستبد انطلقت نداءات بغية إلغاء ديونها التي راكمها ذلك الحاكم. وقد تحقق لها ذلك في العام 2008. وفي نفس العام اعلنت الاكوادور عن كون ديونها المراكمة من عهد دكتاتورها السابق ايضا بغيضة ونجحت بذلك في تقليلها.

 

الآن بعد كل هذه السنوات ووسط الازمات المالية المتلاحقة التي تسببت بها زمر حكومات 2003 واحزابها الحالية ممن ظهر العام 2003 والتي من بينها من كان يريد ارجاعنا الى الوضع المالي لما قبل سقوط النظام لا بد من اعادة طرح امر شطب تلك الديون البغيضة او ما بقي منها باكملها مجددا.

 

وقد كشف الخبير اعلاه في مقال له على شبكة الاقتصاديين العراقيين في ايلول الماضي عن حجم الدين العراقي الحالي الداخلي والخارجي فقال بانه يبلغ 134.4 مليار دولار. وهو نفس الرقم الذي نشرناه في مقالة سابقة حول هذا الدين وكان مصدره البنك المركزي. ما يهمنا هنا هي فقط الديون البغيضة. من معلومات الخبير وجدنا بان ثمة 13 مليار دولار من بقايا تسوية ديون نادي باريس هي واجبة الدفع في الاعوام 2020 – 2028. تضاف اليها ديون لمجموعة دول من خارج تسوية هذا النادي تخضع لشروط نفس النادي تعود للاعوام ما قبل 1990 تظهر برقم اجمالي بنحو 43 مليار دولار. وهذه الديون تعود لاربع دول خليجية هي السعودية والكويت وقطر والامارات، وثماني دول اخرى مثل بولندا والبرازيل وتركيا وغيرها. وقد رأى الخبير بانه يقتضي شطبها بنسبة 80 بالمئة فاكثر.

 

لكن يعرف الجميع بان حروب النظام السابق التي كان مخططا لها من قبل الامريكيين كان من بين اهدافها فضلا عن تدمير العراق هو ايقاعه في لجة ديون الانفاق العسكري الهائل تمهيدا لابتزازه لاحقا. ومع هذا يندرج كل الانفاق الآخر غير التنموي الذي قام به النظام السابق مثل بناء قصوره الرئاسية. بهذا تكون كل ديون نادي باريس وخارجه او ما بقي منهما بغيضة. فهي ديون حرب لا ديون تنمية وبناء لافادة الشعب لذلك تشطب كلها بالكامل.

 

إن ما يثير العجب هو اللا ابالية الشديدة التي يتميز بها مجلس النواب ولجنته المالية في هذا الامر. إذ لم يرى هذا من ضرورة حفاظا على مصالح البلد في النظر بامر هذه الديون البغيضة. وفي ما اذا كان يتوجب على العراق الاستمرار في دفع اقساطها وفوائدها ام لا، وكأن القرارات المتخذة من خارج البلد بشأنها نهائية في وقت لم يكن من ثمة مجلس نواب ولا من حكومة منتخبة. فهو قد اهمل النظر فيها تماما. وهذا غير تظاهره بالبلاهة والجهل في كل تشتيت للمال العام كما رأينا في موضوع السندات الاجنبية. إذ ان اعضائه ككل السياسيين الآخرين يستخدمون المجلس لادارة مصالحهم الشخصية او اضاعة الوقت في المصادقة على اتفاقيات دولية لسنا بحاجة لها او اداء احسن ما يجيدونه وهو التغيب التام عن جلساته. وهذا ليس بمجلس نواب. إنما عصابة وطغمة مستهترة.

 

ويتوجب بعد النجاح بشطب هذه الديون التحوط من قيام الحكومات باعادة كرّة الاقتراض بلا حساب ولا رقابة مستفيدة من تواطؤ الطغمة النيابية لاعادة الوضع المالي للعراق الى ما كان عليه سابقا.

 

ننتظر مع ذلك قيام الحكومة ومجلس النواب بشطب باقي الديون البغيضة.

 

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.