اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

المجتمعات.. الوئام والتقدم// د. حميد الكفائي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. حميد الكفائي

 

المجتمعات.. الوئام والتقدم

د. حميد الكفائي

 

يتساءل كثيرون، لماذا تقدمت مجتمعات معينة بينما تباطأت أخرى أو تراجعت؟

 

هناك تفكير سائد بأن سبب التقدم هو السياسات التي تتبعها الحكومات، وأن الشعوب المتأخرة هي ضحايا لفشل حكوماتها، والحقيقة مختلفة قليلاً، فالحكومات هي غالباً نتاج شعوبها، وهي وإن كانت مؤثرةً وفاعلة، لكن السلوك الثقافي لأفراد المجتمع ذو أثر فاعل في تسريع حركة التقدم أو إعاقتها.

 

الوئام المجتمعي والتفكير العقلاني يعجّلان حركة التقدم ويرفدانها بمصادر القوة، والحكومة وحدها لا تستطيع أن تنجز الكثير إن كثُر المناهضون لمسار الدولة

 

المفكر الأمريكي جون رولز، أحد أهم علماء السياسة، يرى أن الفصل بين العقيدة الدينية والعمل السياسي والإداري ضروري لحصول التقدم وتجنب التراجع، وأن الخلط بينهما سيقود حتماً إلى التناحر، ما يؤثر سلباً على تماسك المجتمع وأداء الدولة، ويقترح رولز صياغة مبادئ جامعة، لا يختلف عليها أفراد المجتمع، ولا يرون فيها اغتراباً عن ثقافتهم، بينما تُرحّل الأمور المختلف عليها، إلى حيز المجتمع المدني.

 

وصنّف رولز المجتمعات إلى ثلاثة، الأول: منظم ومنسجم ولا يعاني انقساماً عميقاً، وأعضاؤه يعتنقون مبادئ عقلانية، وفي هذا المجتمع يجب إبعاد العقائد الدينية كلياً عن الحيز العام.

 

والثاني: منظم لكنه يعاني انقساماً عميقاً حول تطبيق مبادئ العدالة، وهنا يسمح بدور محدود للتداخل بين الدين والدولة، كأن تقدم الدولة دعماً للمدارس الدينية.

 

والثالث: غير منظم ويعاني من انقسامات عميقة حول الثوابت الدستورية، وهنا يسمح بدخول العقائد الدينية الحيز العام، شريطة ألا تناقض مبادئ العقلانية.

 

ويرى البروفيسور نكلوس ترينور أن رولز يؤمن بأن مصلحة الدولة والمجتمع تقتضي إبعاد الجدل الديني عن السياسة والإدارة، لأنه يزعزع تماسك المجتمع، فالمسائل الدينية خلافية، لذلك يجب حصرها في المجتمع المدني الذي يرعى العقائد والأفكار، بينما تتفرغ الدولة للقيام بواجباتها الأساسية، وهي صيانة حقوق المواطنين وحرياتهم وتوفير الخدمات الأساسية لهم.

 

لكن رولز أجاز دخول الجدل الديني مؤقتاً في المجتمعات التي تعاني الانقسام، من أجل تسهيل قبولها لمبدأ الفصل بين الدين والسياسة.

 

ويرى علماء السياسة أن الخلافات السياسية بين الحكومات ومعارضيها، يجب ألا تتجاوز 30%، والمشتركات يجب ألا تتدنى دون 70%، فكلما اتسع الانقسام ضعفت الدولة وتراجع المجتمع.

 

وتجارب الشعوب تؤكد أن الدول التي زادت فيها الخلافات حول المبادئ الأساسية ضعفتْ وتفككت، والمتضررون هم المواطنون، والمستفيدون هم مثيرو الفتن.

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.