مقالات وآراء

اسئلة كثيرة حول اعترافات المتهم جمال الكربولي المسربة الى الاعلام// سعد السعيدي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

سعد السعيدي

 اسئلة كثيرة حول اعترافات المتهم جمال الكربولي المسربة الى الاعلام

سعد السعيدي

 

في شهر ايلول الجاري نشرت مواقع اعلامية مجموعة وثائق مسربة تتضمن اعترافات المدعو جمال الكربولي رئيس حزب الحل ومالك قناة دجلة الفضائية. وهو كان قد جرى اعتقاله في وقت سابق من قبل لجنة مكافحة الفساد. من الواضح بان نشر هذه الاعترافات في هذا الوقت بالذات لا يمكن ان يكون منفصلا عن الانتخابات القادمة. إذ يكفي النظر الى اسماء السياسيين المذكورة فيه. وقد لفتت انتباهنا احدى هذه الوثائق بعنوان (سياسة... وصناعة 1/ 4). اقتبسنا منها جزء الاعترافات ادناه :

 

(في عام 2007 صدر بحقي امر قبض وتحري وفق احكام المادة 4 ارهاب (....). حاولت الهرب الى الاردن عن طريق مطار بغداد. ولكن تم إلقاء القبض علي وبقيت محتجزا لثلاثة ايام قبل ان تسلمني قوات الامن العراقية الى القوات الامريكية التي طلبت مني الاتصال باحد اقاربي لغرض استلامي والهروب خارج العراق. وبالفعل غادرت الى الاردن).

 

ما يهمنا من جزء الاعترافات هذا هو فقط ذاك المتعلق بتسليم المتهم الى الامريكيين ! باقي الاعترافات نتركها حتى ولو انها تمثل لوحدها فضيحة مجلجلة تزكم الانوف وحيث نترك لابطالها متعة التنعم بالاحتقار الذي يستحقونه.

 

بشأن هذا الجزء لا يستطيع المرء مقاومة ضغط الاسئلة التالية :

 

1-     لماذا سلم الامن العراقي متهم عراقي بالارهاب الى القوات الامريكية مع علمه المسبق بانها ستطلق سراحه وتسهل له الهروب ، وهو ما يستدعي طرح الاسئلة على المالكي رئيس الوزراء وقتها ؟ ما كانت علاقة الامريكيين بهذا الكربولي ، ام انه كان يعمل لحسابهم ؟ فالامريكيون لا يطلقون سراح ايا كان ولا ايضا لوجهه تعالى.

 

2- هذه الاحداث كانت في العام 2007 اي في فترة رئاسة المالكي للحكومة. وتسليم متهمين هكذا إن لم يجر اعتباطا وهو ما لا نتمناه ، فلا بد ان يكون قد جرى بمعية اتفاقات مسبقة بين الطرفين تكون بعلم وربما تشجيع اعلى سلطة في البلد وهي رئاسة الجمهورية. وهذه الاخيرة كان يشغلها جلال الطالباني. السؤال هو اين هي سيادة البلد وقوانينه في هذا الامر ؟ وما بنود تلك الاتفاقية السرية مع الامريكيين ؟

 

3- كل هذه الاحداث قد جرت كما يلاحظ في العام السابق على توقيع الاتفاقية الامنية مع الامريكيين والمسماة باتفاقية السوفا. السؤال هو لماذا قبل المالكي التوقيع على الاخيرة مع معرفته المسبقة بان القوات الامريكية هي قوات داعمة للفساد والارهاب ؟ نرجو الا يأتينا بتبرير مضحك من طراز انه كان مجبرا...

 

4- لن نسأل عن هيئة النزاهة الاتحادية. إذ لا بد انها قد تحولت الى اضحوكة مع حصول لجنة مكافحة الفساد على كل اعترافات الكربولي. هذه الاعترافات هي ليست نتاج عمل هذه اللجنة لوحدها دون الهيئة خصوصا مع وجود ممثل للاخيرة لدى الاولى. والسؤال هو هل لنا ان نعرف سبب تقاعس الهيئة عن قيامها بعملها طوال هذا الوقت منذ تشكيلها وعن اعداد الملفات التي تتكتم عليها ؟ فهذا يعتبر ايضا فساد. الا يعتبر مثل هذا التقاعس والتكتم تواطؤا مع الفاسدين وتشجيعا لهم على الاستمرار في غيهم ؟

 

5- من سياق اعترافات المتهم لا يمكن عدم استنتاج معرفة كل الاحزاب السياسية باتفاقية تسليمه للامريكيين. وانها كانت تريد اطلاق سراح الكربولي باي ثمن. إذ لا يمكن تصور جهلها بالرغبات الامريكية مع تورطها كلها مع هذا المبتز.

 

6- ما موقف تلك الاذرع المسلحة التي تدعي محاربة الارهاب وتلك الاخرى افرعها التي تدعي محاربة الغزاة الامريكيين واذنابهم من هذا الكربولي المتهم بالارهاب ؟ ما سبب قيام ممثليها النيابيين بالتغطية عليه واخوانه واعوانه بدلا من احالته للقضاء ؟ ومن حقنا ان نسأل عن سبب هيام كل هذه الاذرع بكل من هب ودب من الفاسدين حيث يوفرون الغطاء السياسي لهم والحماية من القضاء واية محاسبة ومساءلة وحتى يضمونهم الى حشودهم المقدسة ، ام هو التخادم مرة اخرى مع المحتلين الغزاة ؟ وهذه ليست اول مرة يتعمدون بها الانحدار بانفسهم المقدسة الى اعماق الحضيض...

 

7- نريد معرفة باقي اعترافات الكربولي. فهل استثنى الكاظمي الاجزاء الاخرى المتعلقة بحلفائه واصدقائه السياسيين من التسريب ؟

 

8- ايضا نريد من الكاظمي ولجنة ديوانه معرفة سبب الحرص على عدم ازعاج شقيق المتهم اعلاه النائب في مجلس الطغمة محمد الكربولي لحد الآن والمشغول حاليا بحملته الانتخابية. فهو ممن ورد اسمه في اعترافات شقيقه حيث ذكر بانه كان يستلم اموال الابتزاز لصالحه. فهل ان ثمة محاباة في محاربة الفساد ام اتفاقات في الظلام ام هي الاوامر الامريكية هنا ايضا ؟

 

9- كم من مجرم ومتهم آخر قد جرى اطلاق سراحه بالسر لاحقا بنفس الطريقة الامريكية الآنفة ؟

 

مع ما رأينا من خلال هذه الاعترافات المسربة من تصرفات غير مقبولة للقوات الامريكية في بلدنا لا بد من رفع دعوى قضائية دولية ضدها لقيامها بخرق القانون العراقي وتسهيلها تهريب متهمين بالارهاب. كذلك يجب رفع دعوى اخرى ضد الدولة العراقية لتجاوزها هي ايضا على القانون حيث تعمدت اطلاق سراح متهم بالارهاب عن طريق تسليمه الى جهة اجنبية غير عراقية مما يعتبر مساسا بالامن الوطني.

 

اخيرا نقول بان من الواضح بان الكاظمي ومن خلال تسريب شيء من اعترافات الكربولي ، قد اسدى لنا جميعا خدمة جليلة. إذ تبين لنا بان تشكيل لجنته لمكافحة الفساد التي انيطت رئاستها الى شخص تحوم حوله روائح الفساد هو ايضا ، كان يهدف الى جمع الملفات السرية. وهو احتمال لا يمكن تجاهله مع غياب الاجراءات القضائية بحق المتهمين المعتقلين منذ تشكيل هذه اللجنة العام الماضي ، على الرغم من الحملة الدعائية حول اللجنة التي ساهم بها الكثيرين سابقا من ضمنهم خبراء معروفين. فبمعية هذه الملفات منح الكاظمي نفسه ممسكا على جميع السياسيين الموجودين في الساحة. وهو بهذا قد صار يتشبه بكل من تبوأ منصب رئاسة الوزراء قبله. وهذه الملفات هي ربما ما يفسر سبب الهدوء النسبي لفترة الكاظمي منذ توليه منصبه. وبشأن لجنة مكافحة الفساد نفسها ، فهذه كحال المجلس الاعلى لمكافحة الفساد قبلها قد شكلت بموجب قرار لرئاسة الوزراء لا بموجب قانون مشرع. وتشكيل بهذه الطريقة يشير الى ان عملها هو بالضبط لتوفير ملفات فساد. وهو ما يفسر ايضا سبب تجنب تشريع قانون لجان التحقيق هذه الذي كان سيحدد عملها وباية شروط.

 

ننتظر الاجابة على كل الاسئلة المطروحة اعلاه ونرجو الا يطول انتظارنا...