اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

العوبة اعادة الاعمار// سعد السعيدي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

سعد السعيدي

 

العوبة اعادة الاعمار

سعد السعيدي

 

بعد الغزو غير الشرعي على بلدنا وعلى الرغم من كل ما جرى خلاله لم يكن التفكير حول اعادة الاعمار الذي كان يريد الكثيرون رؤية بدئه غائبا. لكن ربما لم يلاحظ هؤلاء بان المحتلين الامريكيين على عكس ادعاءاتهم العلنية فهم في السر لا يريدون رؤية انطلاق اية اعادة اعمار. فلم يكونوا يرغبون بعودة البلد الى سابق عهده. وسابق العهد هذا يكون باعادة خدمات الماء والكهرباء والصحة والتعليم وفرص العمل مع حقوق ضامنة وقوانين فاعلة ودولة تعمل على خدمة شعبها.

 

ففي كل الحروب التي تعرض لها العراق منذ ثلاثين عاما جرى قصفه لتدمير بناه التحتية الصناعية مثل المعامل ومحطات الطاقة. هذه العملية كانت مخططا لها لتجريده من اسس الاستقلال الاقتصادي والسياسي والتقدم. بعدها جرى تطبيق الحصار عليه في التسعينات بهدف منعه من اعادة بناء نفسه. وبعد اسقاط النظام السابق وتغير الوضع ، تغير اسلوب منع اعادة الاعمار حيث صار يجري فرض تراجع الدولة وتشتيت الموارد المالية الضرورية بواسطة عملائهم على رأسها. إن منع اعادة الاعمار او عرقلته هو حرب اقتصادية على العراق وشعبه اولا لضمان إبقاء البلد مجرد صنبور نفط ، وثانيا إبقائه في تخلف دائم ومنعه من التقدم واستقلالية القرار بالضبط كما في التسعينات. وثالثا لكي لا يبدأ بالقيام مرة اخرى بما يرونه من عرقلة لهيمنتهم الكاملة على المنطقة. فالحروب التي شنت على العراق كانت تهدف الى اخراجه من اية معادلة قوة في المنطقة وتحويله الى تابع ذليل لقوى الهيمنة العالمية.

 

وقد اثارت كل الحكومات ومنها الحالية امر اعادة الاعمار ودعت اليه ، لكن دون ان تحرص على تحقيق شيء منه. فاعادة الاعمار يحتاج الى امن وبيئة ملائمة لشركات الاعمار والاستثمار. وهذا إن اردنا استقدام هذه من الخارج دون الاعتماد على الجهد الوطني. لكن جرى إهمال هذه الشروط حيث تتعمد الحكومة التقاعس عن توفيرها. وإلا فكيف يراد منا تصديق إن دولة تستطيع تحريك جيوش وتحرير مدن وتنظيم انتخابات ، تعجز عن توفير هذه البيئة ؟ وبسبب فساد هذه البيئة اندثر معظم الاعمار المحدود الذي بديء به. وغير هذا مما جرى ليس من الإعمار من شيء ، إنما اعمال لخدمة داعمي السلطة الدوليين لا المصلحة الوطنية. إذ ان كل البناء والتطوير مُركّز على النفط والطاقة.

 

بهذا السياق يمكن فهم سبب التكالب للقضاء على القطاع العام. فهذا من بين امور اخرى هو اداة اعادة اعمار واستقلال مالي واقتصادي يرتبط بالدولة. وكذلك عدم حل مشاكل الكهرباء رغم سهولتها. فالكهرباء هو ايضا قطاع عام ومن ادوات اعادة الاعمار.

 

إن الحكام العملاء وصنائعهم هم جميعا ادوات للاجنبي ، ومصلحتهم هي من مصلحته. فتعمد التراجع عن فرض حضور الدولة وتعطيل الاجهزة الرقابية والفوضى الناتجة هي كلها طرق عرقلة اعادة الاعمار. ويتماشى كل هذا مع النهج الليبرالي المفروض في الدستور الذي يقول بعلوية اقتصاد السوق. وهذا لن يكون طبعا إلا مع فرض تراجع الدولة. علما بان كل الدول المتبعة لهذا النهج ممن فرضه في دستورنا قد اعادت إعمار نفسها بعد الحرب العالمية بتدخل من دولها الوطنية وقطاعها العام.

 

إن الاعمار بشكل حقيقي معناه تعافي البلد ووقوفه على اقدامه مرة اخرى واسقاط كل الخطة الامريكية في ضربه واضعافه. لذلك فمن الطبيعي ان يكون هؤلاء العملاء هم آخر من تكون مصلحته إطلاق اعادة الاعمار.

 

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.