اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

الوهم .. عاشقة طيور الحب- قصتان قصيرتان// عبد الرضا المادح

تقييم المستخدم:  / 1
سيئجيد 

عبد الرضا المادح

 

عرض صفحة الكاتب 

الوهم .. عاشقة طيور الحب- قصتان قصيرتان

عبد الرضا المادح

 

الوهم...!

في لحظة متأخرة من الليل، وفي محطة القطار تقترب حزمة ضوء من بعيد.

على يساري يقف عمود المصباح متسمراً، يرسم ضوءه الباهت بتململ على الرصيف، وينتشر  الضوء فيقطع خطوط السكك المتوازية ليصطدم بالحزمة فيرتد على وجهي الشاحب ويتكسر على قزحيتي العينين فتتحركان نحو المركز.

 

تهتز طبلتي اذنيّ بصفير يتسارع ليعلن الفرح القادم. تتصادم العربات محدثة ضجةً ترعب العصافير الساكنة في شجرة معمرة تقبع في زاوية من حديقة المحطة.

 

تطل وجوه أعياها السفر عبر النوافذ، متوشحة بأبتسامات ودودة. تسكن نافذة امامي، تلوّح عبرها يد فتاة تسرع نحو الباب المفتوح، تقفز كألارنب، تتراقص خصلة شعر على جبينها، تفتح ذراعيها نحوي، اتراجع خطوتين للوراء...!

أرتطم بجسد مسرع...!

ـ  عفــواً...!

ـ  ....!!؟

 

يجتازني الجسد، يعانق الفتاة، يتحركان بمرح نحو الشارع. تجرّ العربات الشباك الفارغ، يتسارع، فيتطاير الشرر خلف العجلات.

 

أستدير يميناً، أتبع شبحاً يرتسم امامي على البلاط ، يمتد نحو البوابة، ينكسر عند الزاوية، يُغلقُ الباب، يختفي الشبح.

 

قرية " شِفي"

الحدود العراقية ـ التركية

14 /07 /1983

 

عاشقة طيور الحب

صبيحة يوم معتاد، اقتربت من قفص طيورها في باحة الدار. كان القفص الى جانب جدار مرتفع تحت ظل نخلة شامخة، تبرز بهامتها وسط اغصان كثيفة لشجرة سدر كبيرة. تتسرب من خلال سعف النخلة اشعة الشمس، فترسم بفرشاة نسيجها المتلألئ على الآجر أشكال وريقات السدر المتراقصة بأستمرار.

 

في القفص كان يسكن قرابة الخمسين من طيور الحب المتعددة الالوان. زقزقة الطيور تملأ الفضاء، حركاتها تعبر عن سعادة وإدراك لاقتراب العاشقة. انحنت بقامتها الطويلة وفتحت الباب الصغير في قفصها الكبير، لتسكب الماء وتنثر حبات "الدخن" فتزيد من هيجان الطيور، لتقوم الاخيرة بحركات بهلوانية في مختلف الأبعاد المحصورة خلف الشِباك المعدنية.

 

في لحظة غفلة وبسرعة فائقة، انزلق أحد الطيور هاربا من بين يديها، ليحلق في سماء الدار مرتبكا بين الجدران الحجرية والنخلة وشجرة السدر الوارفة، ليحط على احد اغصانها وهو يتلصص النظر الى الفضاء الفسيح .

 

أغلقت الباب بسرعة ورأسها يرسم حركات دائرية بحثاً عن المتمرد الصغير. لم يكن في الدار من يسعفها من ورطة لم تمرّ بها سابقاً. حاولت بمالديها من حيل لاقناع عصفورها بالعودة فلم تفلح. لفّت جسدها بعباءتها وهرولت نحو الباب الخلفي، أخترقت الزقاق الضيق لتدق باب جارتها وصديقة عمرها مستنجدة بابنها الاصغر، فهب مستفسراً عمـّا جرى وبلمح البصر أصبح فوق السطح الطيني لدارها ، محاولا أن يقترب أكثر من الطير المتعلق بأحد الاغصان.

 

بدأ الطير يعبر عن خوفه بحركات رأسه السريعة. امتدت يد الصبي قريباً للامساك به. فرش الطير جناحيه الصغيرين ليبتعد عن مصدر الخطر ويحطّ على شجرة سدر كبيرة اخرى في بيت جارتها وصديقة عمرها الثانية.

 

ادرك الصبي أنه لايستطيع اللحاق به، فهبط إلى صحن الدار خائباً.

ـ لا فائدة انه لن يعود.

قالتها والحسرة تعصر كلماتها.

 

ستوكهولم

20 /10 /2007

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.