بَيْتُ الْحُبِّ// مارتن كورش تمرس
- تم إنشاءه بتاريخ الخميس, 06 شباط/فبراير 2025 21:37
- كتب بواسطة: مارتن كورش تمرس
- الزيارات: 643
مارتن كورش تمرس
بَيْتُ الْحُبِّ
مارتن كورش تمرس
محامي وقاص
ما عادَ الشَّابُّ الوسيم ياديد، يقوى على فراقِ الفتاة ماكديل، ولو ليومٍ واحدٍ، خاصةً بعد أن صارتْ لا تفارقه في معظم أوقاتِ النهار، تلجأُ إليه بعد أن تصغي إلى دقاتِ قلبها! الذي إطمأنتْ إليه وهو يقودها بنبضاته إلى مًنْ اِخْتَارَه لها، كيف لا وهو يختلفُ عن العقل في خططه وقراراته ويجاري الضمير في خياراته. إن فقدَ الأول الحكمة، سقط صاحبه في الخطيئة. أما الثاني فأمره بيد صاحبه لكنه بريءٌ من أفعاله الشريرة.
وثقتْ بقلبها ووافقته على اِختياره وسمحتْ أن يقودها في قصة حُبٍّ رُومانْسِيَّة مع ياديد، الذي بدأتْ تحسُّ معه كأنها حمامة! حتى أصبحتْ كأنها تطيرُ متى ما أراد وتعود متى ما سمعت صَفَّارته. بعدَ أن توثقتْ علاقتهما، أخذتْ تلتقي به كل مساءٍ وهو عائدٌ من العوم في مياه نهر الزاب الأسفل. بينما نظراتها تلاحقه عندما يكون مع أصدقائه، وهي تنتظر أن يودعهم لكي تلتقي به لكن صحبتهم وخفة دمهم كانتْ تشدَّه إليهم دون أن تُنسيه حبيبة القلب! لكنها ما كانتْ تصبرُ فتلجأُ إلى إرسالِ أحد الأطفال خلفه فيقول له: "أرسلتني إليكَ العمة تادمورتا". يعتذر من أصدقائه ليذهب إلى لقائها وهو في نفسه يقولُ: "ذكية حبيبتي ماكديل".
يبدو أن فرحةَ الحُبِّ لم تقوَ على الوقوفِ أمامَ أمر الفراقِ الذي حلَّ بينهما بعد أن سِيقَ ياديد، عنوةً إلى صفوف الجيش الشعبي ليتم اِلحاقه بجبهة القتال على الحدود الشرقية للوطن. مرَّتْ مدة أكثر من ثلاثة أشهر فيها غابَ عن حبيبة القلب وهو في جبهة الحرب. كتب لحبيبته ماكديل رسالة "يا عزيزتي لقد افتقدتكِ كثيرًا. تعلمين بِأَنِّي قد أُرغِمتُ على الفراق. أنا لستُ مع أيةِ حربٍ ليس لأني أخشاها بل لأني ضدَّ صانعيها بدمائنا نحن الشَّباب الأبرياء. يظنُّ البعضُ أن الحربَ عندما تحضر يبطلُ دور الحُبِّ! لا يعلم هؤلاء أن الحُبَّ خالدٌ في قلوب المحبين، أقوياء بوجوده يمتلكون الديمومة من جيل إلى آخر. يا حبيبتي أنتظرُ أقربَ فرصةٍ لكي أخرجَ خارجَ حلبة الحربِ حتى أكون معكِ."
فتحتْ ماكديل الصفحة الأخيرة من دفتر حصة الإنشاء في درس اللغة الأم، كتبتْ جوابًا على رسالته "أتمنى يا حبيبي أن لا تضعفَ أمام الفراق، أنها معركتنا في خضم حربٍ كبيرة شريرة يصنعها الأشرار من حول العالم. لن أقبلَ أن تكون يا حبيبي ضحيةً لها، لا تدع دماءكَ تُراق في ساحات الوغى، احفظها لأنها القوة التي سنبني بها الوطن، أَنّي أثقُ أن الوطنَ لا يمكن أن يُبنى بأسلحة الحروب. لا أريد أن أفقدكَ يا حبيبي بل أضمكَ إلى صدري. علينا أن نفعلَ شيئًا كي نلتقي. الآن جاءتني فكرة، وهي أن نختفي عن أنظار أزلام النظام متى ما عُدتَّ في إجازةٍ من جبهة القتال! نبني بيتًا صغيرًا فوق أغصانِ شجرة من أشجار الكالبتوس في غابة شناغة! كما تبني الطُّيُور أعشاشها".
أغلقتْ الدفترَ وخبأته في حقيبتها المدرسية، بعد انتهاء دوام المدرسة رفعتْ الورقة التي كتبتْ عليها الرسالة ثم طوتها ووضعتها في ظرف وذهبت بها إلى مكتب البريد وأرسلتها لحبيب القلب! بعد عدة أيام جاءتها رسالة أخرى منه كان فحواها هو "لم أندمْ لأني لم أكنْ في حبكِ ذئبا كما يدعي كل رجال الحربِ، لذلك لا أتمنى أن تكوني شاةً غابتْ عن عيون راعيها! على الرغم من أني أحببتُ قصص الأسد في صغري، لكني لا أتمنى أن أكون أسدًا وأنتِ غزالة! حتى نهربُ من عيون رجال أمن النظام ونعيش في غابة شناغة. أسدٌ مُحبٌّ وقعت غزالةٌ في حبه. لا أتمنى أن تقع عيون جلاوزة الديكتاتور على أية غزالةٍ، أكيد سيشتهى لحمها كمقبلاتٍ مع كأس من البترول! قد يقوى الأسدُ على حماية حبيبته الغزالة في غابة شناغة من أي حيوانٍ مفترسٍ! كذلك لن يتأخر الراعي عن نجدة شاةٍ من بين قطيعه بعد أن سمعها وهي تطلقُ أصوات الاستغاثة للنجاة من بين أنيابِ ذئبٍ مفترس. إذا لحقَ الأسدُ والراعي ونجَّا الغزالة والشاة، لا بد أن أكون مثلهما أمامكِ يا حبيبتي. إذًا ليس لكِ يا حبيبتي سوى أن تكوني أنتِ! لأني أنا الذي يقوى على حمايتكِ."
أجابته في رسالتها "يا رَبُّ استجب. يا حبيبي متى ما عدتُ من جبهة القتالِ بسلام، ستجدني قد بنيتُ لنا بيتًا صغيرًا فوق أغصانِ شجرة من أشجار الكالبتوس في غابة شناغة كما تبني الطُّيُور أعشاشها. اطمئن أن الرَّبَّ يحبنا ولن يسمح أن نفترقَ ما دام سيجمعنا في يوم عَقْد الْقِرَانِ عهد (بُرَّاخِ).
المحامي والقاص، مارتن كورش تمرس لولو
المتواجون الان
710 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع