اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

جسد الشاة: قصة قصيرة// علي الجاف

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

اقرأ ايضا للكاتب

جسد الشاة: قصة قصيرة

علي الجاف

 

على سفوح الجبال الشامخة، تنهض "ريم" من سريرها، تفتح عينيها بصعوبة، فتوجهها صوب النافذة التي تخترقها اشعة الشمس صباحا، انه صباح الصيف الجميل، ترتدي ملابسها، وتتوجه صوب المطبخ لتجلب طعاما لطائرها الجميل "نونو"، فيبادلها بصوته العذب والحانه الجميلة دوما. وترتب "ريم" غرفتها بصورة جيدة، وتنادي على والدتها "ريما" التي كانت نائمة في غرفتها الصغيرة من شدة التعب.

تذهب والدة "ريم" يوميا الى السوق لجلب المواد الاساسية، وتساعدها "ريم" في تحضير الاطباق للزبائن، واطعام المواشي والدواجن وسقي المزروعات.

كانت تقوم قرية، قرية المجد، حيث نشأت فيها والدة "ريم"، وتعلمت منها الكثير وسمت بهذا الاسم نسبة الى عظماء القوم الذين شيدوها، كونها استمدت مكانتها واهميتها من خلالهم بين بقية القرى على الجبال.

فقد تعلمت "ريم" فن الخياطة من والدتها "ريما"، واستطاعت ان تكسب من خلال تلك المهنة قوتها وتوفر مصرفا لها لدراستها، وتساعد والدتها في تقديم الوجبات للزبائن في مطعم صغير يقع خلف المنزل.

نادت "ريم" على والدتها لتخبرها عن موعد الرحيل لاكمال دراستها عند بيت بنت عمها "نادية"، وافقت "ريما" واشارت لها بالقبول بيدها اليسرى معبرة عن سعادة واطمئنان.

وكانت السماء زرقاء، والارض تكسوها المروج الخضراء، وتسر حركة المواشي في المزرعة المارة، ويلعب الصبيان مع بعضهم، ويتصاعد دخان المنازل عاليا يرسم اشكالا مختلفة في السماء، وتمر اسراب الطيور بسرعة.

كل ذلك كان له اثرا بالغا في "ريم" حيث اصرت على الدراسة لخدمة ابناء قريتها الجميلة، واستفادت من دعم والدتها لها باستمرار حيث رسمت الطبيعة صورا عن مستقبلها الجديد.

وفي الطريق، التقت "ريم" بشاب وسيم جدا، مديد القامة، يمتطى جوادا ابيضا، ويرتدي ملابس جميلة وجذابة جدا، ويبدو بطلا جسورا ورحيما الى ابعد الحدود. هذا ما لمحته وفسرته "ريم" عند مشاهدتها الرجل، وحاولت الابتعاد عنه قدر الامكان؛ لكنه اصر على التكلم معها، فقال بصوت عالي يخلو من الرقة:

محبوبا بين الناس، لم يكن ثمة من لا يحبه، ولكن مهما تكن تلك الجبال الشامخة حرة، لا تستطيع العيش في راحة بال ...

لم تعر "ريم" اهتماما بالغا لحديث الغريب، واستمرت بمسارها متحدية كلامه، وردت عليه بكلمات صاخبة:

احرقت في النار، وغدت القرية دخانا وفحما، وقيدت الجميع بالسلاسل والاغلال، ونهضت على اكتاف ودماء الابرياء، ماذا تريد منا بعد؟

احس الرجل بمرارة الرد، وقسوة التعبير والاستجابة، وشجاعة الفتاة الشابة، واراد ان يشهر مسدسه نحوها؛ لكنه تماسك اعصابه، وراح يتطلع على جسدها محدقا بنظراته الشهوانية عليها، ازدادت الرغبة بشهوة عارمة ...

كانت قطعان الماشية تجوب المزارع بحثا عن الطعام، وتقضي وقتها بسعادة وراحة تامة، فأحست "ريم" بالخطر الذي يحاصرها. فأذا بالرجل الوسيم يطلق رصاصة من مسدسه ليقتل خروفا "نعجة" معلنا الرعب بين اوساط التيس والنعاج والضأن والباسان والطلي ...، ورأت "ريم" الابن يركض مسرعا صوب امه، ويراها تسقط على الارض والدماء تسيل دون توقف.

ردت "ريم" عليه: هل ترى ماذا بيدي؟ انه القرطاس هدفي في هذه الدنيا، وامنيتي ان اصل به الى قمة ذلك الجبل الشامخ الذي تصله بجوادك يوميا، ويصعب علي الوصول اليه سيرا! لا تملك الام التي قتلتها ظلما جسدا؛ لكنها تملك قلبا لن تمنحه لك يوما ...

وراحت "ريم" تبكي ... آه ...، آه ...، آه ...، كم انت قاس القلب فقد اطلقت رصاصتك بجسدي فحولته ميتا كونك سلطانا، اعلم ما بالامكان ان يطير طائر في سماءك بدون علمك، وانا لست من التابعين لارضك، ولن امنحك جسدي ابدا.

فكر السلطان بطريقة لاقناع "ريم" بالزواج منه؛ لكنها رفضت كلامه، وسارت صوب منزل عمها.

شعر السلطان بالحزن، وقرر ان يقتلها، فسحب مسدسه من على حزامه، ووجهه صوب "ريم"، فأذا بالابن يركض من بعيد ليلقف جسده الرصاصة، ويكون سدا منيعا، ويسقط هو الاخر ميتا.

 

امطرت "ريم" الارض بدموعها، وراحت تصرخ قائلة: جسدي ملك القطيع ...

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.