اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

قراءة في كتاب (تقاسيم على وطن منفرد) للاديب يحيى علوان// جمعة عبدالله

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

جمعة عبدالله

 

عرض صفحة الكاتب

قراءة في كتاب (تقاسيم على وطن منفرد) للاديب يحيى علوان

جمعة عبدالله

 

يتضمن الكتاب نصوص أدبية رفيعة المستوى في لغتها وبلاغتها  الجميلة, وقد تنوعت تعابيرها الدالة بين تقنيات السرد وتقنيات الشعر في  تألق ابداعي  في منصات شغاف الرؤى  الفنية والتعبيرية, في معطياتها الدالة على الايحاءات البليغة, في الرؤية الفكرية والسياسية في المنهجية الرصانة الهادفة, في ازاحة الكثير من الابهام والغموض في الشأن السياسي, بما يتعلق بالظروف الكفاح المسلح في كردستان, حيث تواجد القواعد المسلحة لحركة الانصار التابعة للحزب الشيوعي العراقي, بعد انفراط عقد الجبهة المغشوشة مع حزب البعث, التي تحولت الى مصيدة وافخاخ لايقاع الكثير تحت الهجمة الشرسة والمناخ الموبؤ بالارهاب والبطش والتسقيط السياسي آنذاك. لذلك يأتي الكفاح المسلح في كردستان كرد فعل وحالة معنوية لرفع الهمم النضالية, وكانت مهمة وحيوية في الظروف الصعبة آنذاك في سبيل وقف آله الارهاب والقمع والحرب والبطش السياسي. وكانت قواعد الانصار, السند الامن, والمأوئ لكثير من المناضلين الذين ضاقت بهم السبل في المناطق الاخرى من العراق ,  بالهروب من القبضة الارهابية, والبطش البعثي, واللجوء الى قواعد الانصار في كردستان. لذلك جابهت السلطة البعثية حركة الانصار المسلحة, بكل فنون الدمار البشعة والمتوحشة, من الحصار والتجويع, والى استخدام الاسلحة الثقيلة والطائرات الحربية في دك قواعد الانصار. واستماد في نهج الوحشية في استخدام الغازات السامة والكيمياوية ,في اسلوب الارض المحروقة, واجهت حركة الانصار ظروف صعبة مرعبة بالموت والدمار, واكبر من طاقتها العسكرية والسياسية, بأن اصبحت بين الموت والفناء والابادة, هذه مواد النصوص الادبية المتنوعة التي تركزت في (تقاسيم على وطن منفرد), في التناول والتحليل والتشخيص, من خلال السيرة الذاتية والنضالية  للاديب ,من خلال اشتراكه ضمن تشكيلات حركة الانصار المسلحة, في القسم الاعلامي للحزب الشيوعي. فقد ترك عائلته وطفلته (ندى) في (برلين) مع الكثير من الشباب الطموح  الذين تركوا بلدان المهجر, ليلتحقوا في فصائل الانصار, وهم يحملون الحلم الثوري في الكفاح المسلح, وفي انتصار لقضية الوطن والشعب  على الدكتاتورية البعثية والطاغي الفرد المستبد, الذي حول العراق الى الحكم الشمولي الطاغي بوحشيته. لقد عانت الحركة الانصارية الاهوال والمعاناة التي تفوق التصور والمنطق والخيال, وجدوا انفسهم, امام آلة الموت والدمار والفناء, واصبحت حياتهم لعبة حظ, بين الموت والبقاء. بين الرصاصات الطائشة والغازات السامة التي لم تتوقف بالقصف المدفعي الثقيل, والمحاصرة بالتجويع, كأنهم في ارض الله المنسية, المصابة بالجحيم, وفي المصادفات الصدمة حين تخطف فواجع الموت على حين غرة احد رفاقهم. لم يجدوا  من الحلم الثوري إلا الجحيم وآلة الموت من فرسان البوابة الشرقية للامة. وامام هذه المعاناة الحياتية القاهرة. كان الاديب (يحيى علوان) تناهشه وتنازعه الهواجس, التي تغلي تحت الضلوع, ويحاول أن يهدأ  من فزعها ورعبها, ليبدد جرعات الحزن والخيبة واليأس  (لا تفزعي! . خذيني راعياً لجنون العبارة... تعالي نسخر من الهلاك, ومن اكاذيب صنعها اليأس, سنحلم برؤى نضيعها في العصف..  فنتعلم حكمة الكفر بالحكمة مطلقاً. حتى نحرس مخيالنا . نقبض به حقيقتنا ) ص39.

 

لكي تخرج هذه المعاناة والقهر, من مناطق العتمة والابهام الى مناطق النور, لتشبع الهواجس والارهاصات الروح الذابلة بالعطش والظمأ. رغم ان الروح كانت متخمة في الحلم الثوري, الذي تفتت في مرابع الفزع والرعب بالدمار في كردستان, تحت السماء مغطية بغيوم  الدخان الغازات السامة  والكيمياوية. انها حرب اذلال ومهانة واسقاط وابادة. يريدون في اساليبهم الوحشية في التوحش, ان تكون الادمغة, أدمغة خرفان مدجنة بالطاعة والولاء الاعمى  والذليل, لكي يحققون ما يريدون وما يرغبون. في وطن يتجرع عذاب القهر والحسرة والمعاناة, في وطن يكون حال البشر, لعبة  دمى يلعب بها الدكتاتور المتهور والطائش . في وطن لا يعرف معنى للكلمة الشريفة, سوى الزيف والتهريج المسموم, في الضيجيج الاعلامي المخادع, والشعارات المزيفة, التي يحقن بها الناس بمورفين  الخدر والطاعة, عبارات لامعنى لها  (عودة. حرية. تحرير. عدالة) عبارات ترقص وتطبل في سيرك السياسي التهريجي  والبهلواني السفيه. لتكون الحياة خواء وزيف وهذيان, لذلك تراود صاحب كتاب (تقاسيم على وطن منفرد) هواجس الحنين والشوق,  نحو عائلته التي تركها, يغلي في  مراجل الحنين  الى طفلته (ندى) التي تركها في (برلين), وهي تتشوق اليه شوقاً, لذلك يأخذه الانفعال العاطفي في مرارته حزينة  الى طفلته (الحنين ياندى. هو ما دفعنا ان نعود بنشيد مكتوم. باندبرا روساً. متسللين الى وطن حسن التسمية. سيء  المسمى, وطني  القهر . قومي النفاق. عدنا "مهاجرين عائدين" ليتحكم بنا انفصال الرمز عن الواقع. والالفاظ عن معانيها... عودة.... تحرير... أسقاط.... حرية..  عدالة... مفردات لا تفعل غير ان تتملى الشيء عن بعد) ص55 . وطن اللعنة والقهر, وطن ينز بالنفط, ويشح على اهله بالماء. وطن فيه خيرات وفيرة, تتحول الى رصاص لقتل ابناءه, وطن المدن المخربة والمهجورة, وطن تلاحقه الهزائم والخيبات المريرة, لكن اعلام النظام, يحولها نصراً وانتصارات تحت راية (قائد الضرورة) الطائش والمتهور. حول العراق الى سراديب من السجون والزنازين, ليشن الحرب الشعواء,  داخلية وخارجية. وكلها يعتبرها انتصارات لقائد الضرورة. مما يجعل الروح في متاهات الهموم يئن في المعاناة.

 

فأحس بشيء يرتجف بين ضلوعي . 

أتكون فكرة تطرق باب قلبي ؟

أو قد تكون ارتدت اليَّ صدى يرجع للصوت ؟

لا .. ! لا ... ! . لن أبوح بها لعسس الزمان !!

سأكتمها , سأدفنها في صدري !!

سأقول هي صخرة تستصرخ قدمي

سئمت الانسحاق تحت اقدام المارة ) ص97 .

 

هكذا اصبح الوطن غريباً عن اهله وغرباء عنه, فقد اصابهم هلاك الموت والدمار. وسدت منافذه وابوابه , سوى منفذ الرحيل والهجرة, في تجريب الحظ. في مصائد المطارات العربية وافخاخها, التي يتفاخر حكامها بجلادنا (قائد الضرورة) ويقدمون له صكوك الطاعة والعظمة, وفروض الخنوع. ان يجندوا انفسهم, بشكل خسيس وحقير, في اصطياد العراقيين, وتحويلهم الى سفارات النظام, ليتم شحنهم بالصناديق مغلقة الى بغداد. هذه المطبات الخطيرة والصادمة, وقع بها الاديب (يحيى علوان), في بدايتها تبدأ الاسئلة الاستفزازية (لماذا لا تساهم في شرف الدفاع عن البوابة الشرقية للامة؟؟ أتريد مساعدة من السفارة؟) ص15. ولكن شرف الامة والدفاع عن النظام, يسقط ويحسم ثمنه بثمانين دولار, ومع السلامة, ليتمزق شرف الامة (طق حنك سياسي, لا بيجيب ولا بيودي. ما دخلنا نحنه فيه, قديش معاك مصاري؟ هات لنشوف أيش المعمول معاك!)) ص17 . هذا الواقع المزري في المطارات العربية , عبارة عن مصائد وابتزاز واستفزاز, بالمعاملة الخشنة للعراقيين. هكذا وقع العراق في السقوط الذريع بشكل لا يصدق ان يسقط في قبضة فرد دكتاتوري احمق, كأن الشعب والوطن لايملك أرث  تاريخي وحضاري مجيد (لا أصدق ان يكون هذا الشعب, سليل سومر وبابل واكد... هذا البلد يندثر في قيامة الخبل) ص63. حقاً لا يصدق ان يداس تحت بسطال دكتاتور مجنون, غايته الشريرة, تنظيف العراق من الشرفاء من المعارضة السياسية, واصحاب الرأي الحر, المناصرين  للشعب والوطن. لكن يعتبرون بلغة النظام,  مارقون لا يستحقون الحياة والبقاء.

 

أحقاً نحن المارقون على المألوف ؟

ملحدو الوجع .. كفار اليقين ؟!

كنا عراة , سترنا الاصل بالعزة والكرامة .

نحن الذين سفحنا الخطى في دروب وعرة ٍ

نجوب مجاهيل التجريب . نستعذب حلاوته ؟!

لا ندري كيف نفقأٌ عين الوحشة , حتى لا نموت بلا شاهدة ...... !!

نتسمع حصيف نشوة , تدب فينا كالخدر

أباطر الامل , كنا

فرسان السراب , كنا

حتى غدونا نرعى حلماً

في سهوب الابجدية

وروابي الرطانة ) ص65

------------------------------ -

× × مجزرة بشت آشان .... نقر على ذاكرة مثقوبة.

رصاص الغدر والجريمة , تلاحق صدور الشباب على حين غرة, وبلا موعد سوى موعد الغدر والخساسة. التي تكشف زيف مهرجانات التحالفات البهلوانية, بالعلاقات المسمومة بالغدر, لتسقط الشعارات المزيفة. شباب جاءوا من بلدان المهجر, يحلمون بالحلم الثوري, في المجابهة بالتحدي الجسور للسلطة الفاشية, لكنهم يجدون انفسهم في برك الدماء من الرصاصات الصديقة, في اصرار على الغدر والجريمة. من الصديق المزيف, الذي لبس قناع السلطة الدكتاتورية عوضاً عنه.

 

قم . أترك السيرك , فلا مكان لك بين مهرجانات البهلوان

وألعاب القفز على الرقاب

هذا سيرك تضحك فيه حفنة على بقية الناس

وترضى أن تروض أمة على الغباء والنفاق

بالتساوي , توزع الشعارات بين الناس

قم . ماهذا فلن يكفكف دمع السماء احد ...

قم . فما زال باطن العراق حجارة لم يقرضها الزلزال بعد

أفق . أنهم يتحايلون على الذاكرة

ويرمون عظمة تتلهى بها

قم . فلن يمنع طبق الصحب عنك احد

لن يلغي ذاكرة الاهل أحد ) ص109

 

ويستمر انزلاق وطن القهر والمعاناة, ليصبح كعكة شهية على مائدة  الذئاب الجائعة بشهوانية عدوانية, في استغلال هذيان الدكتاتورية الفرد الارعن, حتى يقع في فخ السقوط, ليكون كعكة بأكملها تحت مائدة جنود الاحتلال, تحت لافتة. النصر لديموقراطية, التي جلبت انهار من الدماء والخراب, والوطن يفقد صوابية العقل والمنطق بالخبل, وتلوث سماءه بدخان الحرائق, ومجيء توابع واذيال في عقلية الخرافة والتعاويذ, وغياب الفرح كلياً من مناخ العراق (كيف أفرح ووطني موغل بالدم والدخان والخبل. حيث يغص أثيره مختنقاً بأبخرة التعاويذ وفتاوى التكفير... بشعارات كذب ونفاق وفير. وعند ضفاف الشفاه يتكسر الكلام غير المنطوق... تُرى من يرتق مزق اسئلة , ظلت منشورة على حبال الصوت مترددة, بين خرس الخوف) ص92 .

× كتاب : تقاسيم على وطن منفرد

× تأليف : يحيى علوان

× الناشر : دار كنعان للدراسات والنشر والخدمات الاعلامية .

× الطبعة الاولى : عام 2012

× عدد الصفحات : 176 صفحة

جمعة عبدالله

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.