اخر الاخبار:
محافظ نينوى يزور مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:33
زيارة وفد هنغاري الى دار مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:32
طهران تتراجع عن تصريحات عبداللهيان - الإثنين, 15 نيسان/أبريل 2024 11:24
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

هل كان بريشت بورجوازيا /إقطاعيا؟// نجيب طلال

تقييم المستخدم:  / 1
سيئجيد 

هل كان بريشت بورجوازيا /إقطاعيا؟

نجيب طلال

عتبة الكلام:

=========  لكي يصل  الفساد والإفساد إلى الفكر، الذي هو نور نوراني، فتلك مصيبة أعظم، وكارثة ما بعدها كارثة، لآن الانهيار الثقافي سيكون حتميا، ولا نغالي أنه وشيك الانهيار الكلي، مادام الفكر، هو المنبع الأساس؛ لما هو ثقافي؛ فعلا وممارسة وفعالية وبالتالي فبفساده بأفكار تافهة وسخيفة ومسفة للعقل وبمعطيات بعيدة عن العلمية والمنطق، تنغرس وانغرست بكل أسف في العقول، عقول أمست تروج العديد من المهاترات الفكرية، والخواء الفكري, الفساد الفكري ينتشر بغياب مواجهته مواجهات عنيفة وحادة، ليست دموية قتالية، بل بالمواجهة المعرفية والعلمية؛ لتلك الزمرة المكشوفة والكاشفة عن ضحالة وهشاشة فكرها، ورغم ذلك تتصدر الواجهات والمواقع؛ وتتسربل وتتسرب كالزئبق لبعض المحطات الثقافية والفكرية، ومن خلالها يتجذر وينتشر الفساد الفكري، ليحول حضوره إلى إفساد رهيب؛ نتيجة انعدام سلوك خلقي وقيمي وضياع الحياء، عند البعض، وبالتالي فالصراع الثقافي والجدل الخلاق، يعد الوجه الأمثل، والذي افتقدناه منذ عقود لإيقاف سريان الفساد الفكري، الذي استفحل بشكل رهيب؛ في عدة محطات [فكرية] والآنكى: في رحاب الفضاء الأكاديمي، الذي من المفروض أن يكون محصنا، وفي منأى عن الهزال والهزالة الفكرية، لكن بكل شفافية، هو منتجها لتسفيه وتمييع الفكر، أكثر مما هو مميع، بأفكار ونظريات جوفاء وأوهام فكرية، فليس منشؤها البعد الإيديولوجي، كما سيفهم لممارسة التضليل، بل منشؤها الفراغ المعرفي وهشاشة أرضية التحصيل العميق والمعمق، فكم من دراسة وبحث يحمل مغالطات وأخطاء لا تعد ولا تحصى، من حيث القضايا والمعارف والمعطيات، أما انعدام المنهج وضحالة المنهجية والأسلوب والأسلوبية، فهو موضوع آخر.

 

مدعاة القـول:

*************

 قولنا قول متواضع ولا يقدم دروسا لأحد، بقدر ما هو إشارة لمن يريد فهم ما لم يكن يدركه، لأن ما يتحرك في المشهد الثقافي، وخاصة المسرحي [منه] من إسفاف فكري ومعطيات جهولة ومن فكر سخيف، والذي تراكم عبر سنوات؛ لأسباب متعددة لا مجال لذكرها’

إذ هناك نموذج متعددة للفساد والإفساد الفكري: ففي لقاء ثقافي، نظمته [جمعية الإمتاع] حول [الممثل: فاس نموذجا] فمداخلة أحدهم، وأمام طلبته، ظل يهذي ويهلوس بمعارف وأفكار ماهي موجودة في أمهات الكتب، ولا في مخيال العقلاء، ولا في مخيلة المبتدئين، بحيث ظل يضرب الأخماس في أسداس، بين شكسبير وفاطمة رشدي ومحمد الكغاط وماير هولد، وهو يدور بين النص والممثل، فهل البحث عن الممثل وأليات اشتغاله كجسد وروح، تكمن في العرض أم في النص المسرحي؟ فالإجابة واضحة، والذي ليس واضحا (أكاديمي) تختلط عليه الأمور بين [الممثل/ الشخصية/ الدور/ التمثيل] والأخطر من كل المعطيات المهزوزة علميا ومعرفيا، تلفظه بأن: برتولد بريشت كان بورجوازيا وإقطاعيا

 

الخـلط ألمفاهيمي:

=========

مبدئيا لم أفهم ما سياق التلفظ بأن {أوجين برتولد بريشت: بورجوازي/إقطاعي} والآنكى أنه لم يوضح على الأقل في (مداخلته) الدور الأساس للممثل في مسرح[ بريشت] الذي حاول تغيير طابع وظيفته من مؤدٍ متقمص لشخصيات  إلى عنصر إيجابي في المسرحية، وأن يجد فعلاً خارجياً يمكنه من إظهار السلوك الداخلي, كي يشعر بالشخصية التي يؤديها؛ لكي يبتعد عنها. بمعنى: أن العلاقة بين الممثل والشخصية ليست علاقة تشابه وتقمص, وإنما هي علاقة تغريب؛ بحيث يقوم (الممثل) بعرض الشخصية بدل تجسيدها, فمثل هاته المعطيات حول [الممثل] لم ترد، فلو أشار إليها، لتبين أن (واو العطف) بين بورجوازي/ إقطاعي، زلة تلفظ، ليس إلا. لكن الإشكالية الكبرى، أن جهازه ألمفاهيمي، مصاب بفساد مفاهيمي، وطبيعي جدا؛ أن الإفساد سيلحق (ما / من) يحيط به، ويسمعه، مادام صاحب (الفكر) لايفرق بين المفاهيم وعلائقه بالمقصود أو المشار إليه، بداهة: فالمقصود (س) مرتبط بمرحلة تاريخية معينة، ومن خلالها يتحدد مفهوم طبقته ؟ فالإشكالية  الأولى التي سقط فيها صاحبنا، أنه غير ضابط للحركية السياسية والتطورات الاجتماعية، الطبقية، فمرحلة [الإقطاع] سابقة عن [البورجوازية] ولا علاقة بينهما. لأن كل تشكيلة اجتماعية لها خصائص وميزات إنتاجية، وطبقية خاضعة لقانون التطور التاريخي، وبالتالي فالإقطاعية نظام متعلق بملك [الأراضي] كان قبل القرن17 وبظهور ما يسمى بالايدولوجيا (عصر الأنوار) من أجل مقاومة السلطة الدينية التي كانت تساند الطبقة الإقطاعية، فبدأت المفاهيم تأخذ طابع مدلولاتها، والذي دعم تلك المقاومة [البورجوازية] رغم أنها نشأت في أحشاء المجتمع الإقطاعي، حاملة أسلوب الإنتاج الرأسمالي الأرقى، مما أمست تمثل مرحلة من مراحل التطور الاجتماعي، ومنطلقا للكثير من الأفكار والمظاهر الاجتماعية. وخاصة بعدما دخلت عالم الحياة السياسية، وصارت حليفة للنظام الملكي في مواجهة طبقة النبلاء المتمردة. وقد استمر هذا التحالف حتى نهاية (ق 18) حين قامت الثورة الفرنسية. ففي هذا الإطار فأين نضع بريشت، حتى نحدد صفته الطبقية :هل في مرحلة الإقطاع أم البورجوازية ؟

بداهة لا يمكن إدماج مرحلتين منفصلتين ومتصارعتين ومتباعدتين وتأطيرهما في شخص (ما) اللهم إن كان الذهن قادر على استيعاب المتناقضين وجمعهما في ذاكرة التخزين، لأن مثل هاته القدرة تكون عند المصابين ب[الذهان والخرف المبكر] وبالتالي إن معرفة بريشت تتطلب ممن يتحدث أو سيتحدث عنه، على الأقل أن يكون ملما بمسيرته وتجاربه وآرائه وبأعماله،  فبريشت، لا علاقة له بمرحلة الإقطاع عمليا ومرحليا وتاريخيا، ولكنه عاش زمنية البورجوازية، ولكنه ليس بورجوازيا ’

بريشت والبورجوازية:

============

لاخلاف بأن التأييد [الطبيعي/ المصطنع] والمعارضة [البناءة/ الهدامة] حاضرة أمام أية قضية أوهرم فكري (ما) فبريشت عايش هذا الاختلاف، وتعايش معه حتى بعد وفاته (1956) فالعديد ممن تظاهروا بأنهم يفهمون بريشت ويعشقونه؛ هؤلاء وغيرهم ساهموا في التشويه والتحريف لكل ما يحيط بأفكاره وتجاربه ونظرياته المسرحية .إما بسبب عدم فهمه جيدا أو نتيجة العداء السياسي لمواقفه الفكرية والايدولوجية اليسارية! وخاصة من قبل الجهات المهيمنة على الفكر والإعلام، ليس في العالم العربي وحده بل في الغرب نفسه، رغم أن  الوطن العربي فلم يُعرف بريشت إلا ابتداء من 1960 ولم يصلنا عبر الأصل مباشرة (الألمانية) وإنما عبر ترجمات إنكليزية وفرنسية، أو عن طريق ترجمات ألمانية سيئة. ومن الطبيعي، أن يحدث  سوء الفهم لآرائه ومبادئه، مما ينتج اختلافات وخلافات بين المسرحيين العرب، فهناك من :

1) ربط فكره ووضعه الاجتماعي بوسطه العائلي، بأنه [ برجوازي] وبتمعن نستشف أن الأمر يختلف، فوالده (برتولد فريدريك بريخت) بافاري/ بروتستاني كان موظف مبيعات في معمل للورق في (أوجسبورغ). وأخذ بالصعود في مركزه إلى أن أصبح مديراً عاماً للمصنع عام (1914) أما أمه (صوفي برتسينغ) فقد كانت ابنة موظف كبير في الغابة السوداء. فإلى حد ما ترعرع في وسط ميسور، ورغم ذلك مقته وثار عليه بقول صريح: [لكن عندما أصبحت راشدا لم يعجبني أناس طبقتي] ويكتشف في وقت مبكر جداً بؤس وحرمان الشعب، مما يثور بشدة على عالم الغنى الفاحش والتفاوت الذي يعيش فيه المهمشون والفقراء،. وكذلك ناهض وأدان الحرب العالمية الأولى، بعدما أيدها في بداية الأمر، وعايشها كممرض في أحد مستشفيات (أوجسبورج) فكتب قصيدة (أسطورة الجندي الميت) تعبر أصدق تعبير عن عدائه الشديد للحرب. وبعد انتسابه لكلية الفلسفة، قسم الآداب في جامعة (لويس ماكسيميليان: ميونخ) بدأ يهتم بالمسرح. وكان محباً للكاتب (فيدكيند). وبعدها بعام واحد التحق بجامعة (ميونخ) ليدرس الطب (شكليا) فعمل على كتابة زاوية عن المسرح في جريدة (فولكسفيل)، وهي جريدة اشتراكية يسارية وظل يعمل فيها إلى بداية عام (1921). وكتب خلالها مسرحية (العرس عند البورجوازيين الصغار) فهذا الاستحضار يكمل صورة انطبعت في الأذهان عنها، ويعبر عن الواقع الماثل والمعاش؛ وينتقده بقسوة وسخرية وتهكم على البورجوازية، التي تعيش تفكك الروابط الأسرية، والمتشبته بالمظاهر الخداعة التي تخفي حقائق وقصصا وراءها. وهاته إشارة قوية، لرفضه المطلق للطبقة البورجوزاية، التي كانت سائدة آنذاك، علما إذ بريشت في مطلع شبابه كان فوضوياً. وضد كل شيء. ليقول للمجتمع وللمسرح البرجوازي على الخصوص كلمته الكبيرة (لا) لأن المسرح كان في قبضة الطبقة البرجوازية المسيطرة والتي لم يكن لها هدف منه سوى التسلية ووضعها في خدمتها حيث كانت تستغله للحفاظ على سيطرتها الطبقية فوظفت جميع الوسائل لسد أبواب المسارح في وجه الطبقة العاملة. مما أصيب آنذاك [المسرح] بكوارث، أبرزها التسطيح والتسطح الشكلي وخلوه من المضمون؛ هكذا حال الدراما الأرسطية: لأنها تقوم بعملية الفصل بين المشاعر والعقل, وتلغى عملياً دور العقل، وبالتالي هي دراما برجوازية لا يكتبها ولا يريدها إلا من ينتمى إلى هذه الطبقة الوقحة، لكي يقاوم الطبقة العاملة الصاعدة، وتغرقها فى الوهم ، وتعوق وتموه إرادة الصراع من أجل الحرية

فهاته الرؤية عند بريشت، وليدة تأثره بالفكر الماركسي الثوري. ليحتل المبدأ الرئيسي لديه: التزام الفن والموقف الطبقي من الواقع, وتغييره ثورياً, فالطبقة الصاعدة تحتاج إلى عقل نير ومتنور، وهذا المبدأ قاده بأن يثور على المسرح الأرسطي الذي يعتمد على التطهير النفسي، مستبدلا إياه بالاندماج أو التغريب أو التباعد وتكسير الإيهام المسرحي؛ وتمرد كذلك على الأسلوب الممل للواقعية الألمانية؛ وعلى طريقة الإخراج عند (ماكس رينهارت) الباروكية التي تساهم في التسطح. رغم أنه كان مساعداً له؛ وعايش وشارك  تدريباته في الأعوام (1924– 1926)، وكانت لها تأثيرات الكبيرة؛ تتقاطع وتأثره بالكاتب (فيدكيند) ثم (بوشنر) ولكنه اعترف بفضل خاص لـ (بيسكاتور) وفكرته عن المسرح الملحمي. لأنهما عملا معاً على مسرح (فولكسبونة) من (1919/1930) لأن مسرح (بريشت) الملحمي، مثل مسرح (بيسكاتور) يرمي تبعاً لذلك إلى بحث سياسي في المجتمع والعناصر الفاعلة فيه، مثل البنية الطبقية، أو النظام الاقتصادي. ويحرض المشاهدين على التفكير بما يرون لفهم الواقع الاجتماعي والتاريخي، وبالتالي فالمسرح الملحمي مسرح أيديولوجي بشكل أكثر وضوحاً وصراحة. فله تموقفات من العمل والعنصرية والفاشية والتاريخ والحرب والاستلاب؛ وهو أداة للثورة الاجتماعية؛ باعتباره نقيض للمسرح البرجوازى. فهاته الضدية، هناك من أولها وحورها؛ وجعل من الاختلاف خلاف، وذلك بغية إفساد الفكر؛ وخاصة ممن تناولوا؛ إما دراسة أوتر جمة تلك المواجهة الشرسة الذي قام بها :

 

2) أوجين يونسكو وبريشت

************************

أسباب متعددة جعلت من [يونسكو] يتحامل على مسرح [بريشت] وتوجيه سهام انتقاداته الساخرة؛ من خلال آراءه النقدية والشخصية وفي مواضع كثيرة من مسرحياته والتي تعمقت أكثر في (مرتجلة ألما) العابقة بالسخرية؛ عن بريشت والنقاد: فهناك أسباب متعددة للهجوم الساخر والنقدي، بحيث يبرز الاختلاف العقائدي، ولكن النزوع الذاتي بارز بقوة في خطابات [ يونسكو] ربما انطلاقا من الاهتمام الذي أبداه النقاد، ولاسيما نقاد اليسار الفرنسيين تجاه أعمال وأفكار [بريشت] كبرناردور/جان دوفينيو/ بارت/ .../ وتطابقت هذه المواكبة المعرفية والفكرية، مع نجاح عروض فرقة {برلين انسامبل} في فرنسا عام 1954 عارضة (الأم شجاعة) وفي عام 1955 قدمت ( دائرة الطباشير القوقازية) بحيث تحمل هاته الأعمال في عمقها فلسفة التغيير، لكن العالم في نظر يونسكو العالم من جحيماً غير قابل للتغيير، معلنا رفضه لأية أيديولوچية ؛حيث يرى فيها نوعا من أنواع الانقياد الأعمى من الجماهير لصالح نخبة متسلطة. مع بروز العداء للتجربة السوفيتية الستالينية في فترة الحرب الباردة، فإن بريشت امتدح ”ستالين“ بل وقام في عام 1954 باستلام الجائزة التي تحمل اسمه، فهاته النقطة، التي ركز عليها [يونسكو] أولها من ترجموا كتاباته ونصوصه، بأن بريشت وصولي وانتهازي، بحكم أصوله البورجوازية؛ وهذا الحكم لم يرد في ذهن [يونسكو] بل ما طرحه بأنه يرفض أن يقوم [بريشت] باستلام جائزة تحمل اسم [ستالين] الذي يرى فيه نموذجاً صارخاً للأنظمة الفاشية التي لا يكف عن انتقادها والهجوم عليها. ولكن هناك من يحدد ذاك النقد، بما قاله بريشت عن مسرحية [في انتظار جودو] لبيكيت. ومستهزأ بها، بأنها مجرد اهتمام عابر ليس إلا، وبالإمكان أن أكتب [جودو/ مضاد] ولكن إذا نظرنا لمسرحية [العطش والجوع] 1964 والتي تكشف صراحة عن الهجوم الحاد والمنفعل على [بريشت] تولدت نتيجة، ما كتبه  بارت ممتدحا إياه وما تخلفه تقنياته المسرحية، من علامات وتأثيرها على المتلقي في كتابه (مقالات نقدية) 1963 في حين لم يتمكن[ بريشت] من تحقيق مشاريعه إلا في نهاية الأربعينات والنصف الأول من الخمسينات .

 

3) بريشت وعز الدين مدني

*************************

بداهة المسرح فعل إنساني، وليس حبيس جهة أو فرد معين، ورغم هاته الحقيقة، فالكاتب التونسي [عز الدين مدني] يسقط في النرجسية وممارسة الإقصاء، وتعميق الخلاف؛ في حق [ بريشت] ومسرحه. رغم أنه كان متأثرا؛ ككل المبدعين العرب  بالتجربة البريشتية ؛ ونهلوا من معينه، فاستلهام [المدني] 

للتراث، قائم على جبة [بريشت] وبالتالي، سعى ترجمة بعض الوريقات لكتاب [مسرح الأفكار] في مجلة [ مسرحنا عدد 41 أبريل 2008 ص20/21 تحت عنوان مثير للنقاش {الانبهار أصله الجهل والغفلة -- بريشت انتهى فى أوربا ومازلنا نعتبره مسرحى الأوحد! }

 يقول: (وما أن أطلت السبعينيات فى العالم العربى حتى صرخ مسرحيون، بأنهم بريشتيون وأثبتوا صراخهم على أعمدة الجرائد واﻟﻤﺠلات؛ بأنهم من الأوائل ومن الرواد ومن الفاهمين والمستوعبين لنظريات بريشت ومن المتفرجين الواعين على "الأم كوراج" وعلى "الاستثناء والقاعدة. وهزتهم موجة الانبهار العارمة - والانبهار أصله الجهل والغفلة - فسعوا كل السعى فى شرح بريشت ودققوا معانيه وشققوها معتمدين فى متونهم على تأويل النقد الأوربي ومحتجين بها! كأنهم بشروحهم تلك، فقهاء الإسلام. ثم تناولوا نصوص بريشت المسرحية  فأرادوا تقديمها على شاكلة الإخراجات البريشتية) لم أفهم، أن الكل أمسى يتبرأ من ممارسته المسرحية، السابقة ونبذ المؤثرات والمرجعية؛ التي كان مرتكزا عليها، هل هناك ردة أم تأنين ضمير أم محاولة الاختلاط الأوراق، بعدما انهارت أسماؤهم في بورصة [التعري] لأن [مدني] أين كان حينما يقول في نفس المجلة (إنما وقعت بين يدى منذ أكثر من عشرين سنة مقالات ودراسات وبحوث جادة وكتب فرنسية مهمة؛ تنقد مسرح بريشت ولا سيما مسرحياته الشهيرة مثل "الأم كوراج" ودائرة الطباشير القوقازية "وارتقاء (ارتودى وروى) نقدا مفصلا من حيث التركيب الدرامى وبناء الشخصيات والرؤية الفنية والخطاب والمضامين والآليات والتقنيات الخاصة بالتمثيل. لنترك نقد الكاتب المسرحى الشهير أوجين يونسكو وشتائمه وهجماته النقدية ومقذعة على مسرح بريشت والإيديولوجية الكليانية الشيوعية من النمط الأوربي الشرقي. ولنتناول نقد مسرحى أنطوان فيتاز) فالمنهجية الرهيبة التي ركز عليها، لإثبات الجهل والغباء الذي قاد من استلهم وتأثر ببريشت، إدخال [أنطوان فيتاز] الذي كان شيوعيا، ومؤمنا ببريشت، نجده يتواطؤ معه في نفس المجلة [مسرحنا] ولكن في العدد 43 مايو2008/ ص20/21 تحت عنوان {المسرحى الفرنسى أنطوان فيتاز: بريشت رجل مزور!!} يقول بقوله المترجم (...يستطيع أن يقدمها إلى أكثر من سيدين؛ إذ أن عربة الأم كوراج" هى الوسيلة الوحيدة التى تملكها للخروج من المأزق. كل ما نستطيع قوله: إنها أخطأت فى الحساب. وبعد زمن قيل إن "الأم كوراج تجسم نموذج البورجوازية الصغيرة. أنا اعتبر هذا الأمر غير نزيه هـذا كذب. لقد ساهم بريشت فى عملية تحويل مزور لمسرحيته) فإذا تأملنا هاته الفقرة، في بعدها السياسي، فانطلاقا من المعيارية، فبريشت [بورجوازي]  وبالتالي فكل أطروحاته الجمالية والأيديولوجية، تبقى بمثابة تمويه وقناع كان يضعه في المشهد المسرحي والسياسي، للوصولية، وكيف نبرر الإخلاص الشديد لروح وشبح بريشت، من لدن [بيتر بروك] الذي  يعد من أبرز المخرجين واشتغاله كثيراً في لتعريف جمهور المسرح الانكليزي المعاصر بخصائص الإخراج في مسرحه؟

وما أهمية جهود [بريشت] فيما ترك من ذخيرة فكرية وإبداعية من 50 مسرحية و1334 قصيدة وعشرات الكتب والبحوث الفكرية) مجرد فراغ؟ نتيجة تلك المعيارية، التي كانت سببا في إهماله وبخس حقه على مستوى أوربا، وحتى في بعض الدول العربية، التي كانت تتخوف من مسرحه [التحريضي] لكن لماذا في (2006) أي وبعد خمسين سنة من وفاته إلى الاعتراف بأعماله وتقديمها على جميع مسارح العالم؟ الآمر يرتبط بصدق ما كان يقوم به [بريشت] وظهور فعاليات قوية ك [ستيفن هيت] المختص في المسرح البريشتي، الذي قدم دراسات تفند ما أقدمت عليه تيارات الهدم والإقصاء، فبعضهم الآن يتحدثون عنه كمفكر عظيم وكاتب موهوب، بما في ذلك السياسيين؛ فمثلا المستشارة الألمانية [ميركل] تتحدث رسميا عن بريشت في ذكراه الخمسين (كان بريخت رجلا يساريا مؤمنا بانتمائه إلى اليسار؛ وكان مفكرا حرا، وهذا ما جعله رجلا مهما)

 

قبل الختم !

*************

في سياق الفساد الفكري، الذي اشرنا لنموذج منه؛ نسرد بعض المراجع على أساس أن يعود إليها صاحبنا وغيره ممن يتطاولون على مواضيع، لا يتوفرون على أرضية حولها، بحيث صاحبنا الذي أشار في مداخلته بأن [بريشت بورجوازي؛ إقطاعي] والذي تأثر بشكل فج، لما أقدم عليه [عز الدين مدني] الذي يدين بريشت، بين السطور، ربما سيعتبر ما نقوله مجرد تهيؤات، ولكن بمنظور جدلي، فصاحبنا أصدر كتابا حول [تراث عز الدين مدني] وبالتالي فمن الطبيعي، أن يكون هنالك تأثير، بغض النظر عن المرجعية التي تقوده وتوجهه ليثبت انوجاده في النسيج الثقافي،، والتي تعتبر مسرح بريشت مجرد [متعة وتسلية] إن سياق ذلك مرتبط  نحو مسرحي التعليمي والذي وجد صعوبة في نشره في البداية بسبب منع البرجوازية له وذلك في مسرحية (الإجراء) عام 1930، لأنه لا يمكن منح المسرح وظيفة غير وظيفته تلك إلا من خلال إسقاط السلطة البرجوازية ولكن إسقاطها يحتاج إلى وعي سياسي واجتماعي وثوري, والمعروف أن المسرح يلعب دورا في تحقيق هذا الوعي. وأعتقد بأن فهم تموقفات [بريشت] جيدا؛ فلا مناص من الاطلاع على {قصص من الرزنامة} لأننا نعرفه مسرحي وشاعر، ولكننا لا نعرفه قاص متميز.

 

المصادر والمراجع

******************

*) الدراما الحديثة – ج. ل. ستيان – ترجمة محمد جمول – وزارة الثقافة – دمشق - 1995.

*) – برتولد بريشت – جاك دي سوشيه – ترجمة صياح جهيم – وزارة الثقافة – دمشق – 1993.

*) – ستانسلافسكي وبريشت – تمارا سورينا – ترجمة ضيف الله مراد – وزارة الثقافة – دمشق 1994

*)"ضحايا الواجب" الأعمال الكاملة ليونسكو: الجزء الأول ترجمة حمادة إبراهيم القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب 1998

*) برتولت بريشت: لچاك دى سوشيه ترجمة صيّام الجهيّم، دمشق: منشورات وزارة الثقافة 1993

*) يوچين يونسكو لكلود ابستادو ترجمة فيس خضّور، دمشق: منشورات اتحاد الكتاب العرب 1999 *) برتولت بريخت : حياته فنه عصره لفردريك أوين ترجمة إبراهيم العريس ، بيروت: دار ابن خلدون الطبعة الثانية 1983

*) النظرية الأدبية المعاصرة لرامان سلدن ترجمة: جابر عصفور القاهرة: الهيئة العامة لقصور الثقافة، الطبعة الثانية، 1985

*) الدراما الحديثة بين النظرية و التطبيق: تأليف  ج. ل. ستيان ترجمة محمد جمّول ، دمشق: منشورات وزارة الثقافة1995

*)الفن في عصر العلم :تأليف أرسينى غوليكا و ترجمة جابر أبى جابر دمشق: منشورات وزارة الثقافة 1985

*)رولان بارت مقالات نقدية في المسرح ترجمة سهي بشّور، دمشق: منشورات وزارة الثقافة، المعهد العالى للفنون المسرحية 1987

*) يوچين يونسكو "العطش والجوع" الأعمال الكاملة ليونسكو: الجزء الثاني ترجمة حمادة إبراهيم القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب 1998

*) حول المسرح الفرنسي المعاصر دراسة موجزة للطفي فام- الدار القومية للطباعة و النشر القاهرة: 1964

*) برتولد بريخت، نظرية المسرح الملحمي، ت : جميل نصيف، سلسلة الكتب المترجمة العدد (16)، (بغداد، منشورات وزارة الإعلام 1973

*) نظرية المسرح الحديث  : لبينتلي، اريك ترجمة : يوسف عبد المسيح ثروت، ط2، (بغداد : دار الشؤون الثقافية العامة، 1986).

*) معالم الدراما: لثروت، يوسف عبد المسيح : منشورات المكتبة العربية / بيروت ، د.ت

*) الدراما الألمانية الحديثة :لجارتن، هـ.ف ترجمة : وجيه سمعان، سلسلة الألف كتاب العدد (582)، (القاهرة : مركز كتب الشرق الأوسط، 1962).

*)المسرح السياسي :لحمودة، عبد العزيز،: مكتبة الانجلو المصرية /القاهرة  1971

*) أسس الإخراج المسرحي :لدين الكسندر- ترجمة : سعدية غنيم /الهيئة المصرية العامة للكتاب القاهرة ، 1983

*) المسرح التجريبي من ستانسلافسكي إلى اليوم : تأليف روس، جيمس – ايفا نز،  ترجمة : فاروق عبد القادر الناشر: دار الفكر المعاصر / القاهرة  1979).

*) فردريك أوين، برتولد بريخت حياته، فنه وعصره، ت : إبراهيم العريس، ط2، (بيروت، دار ابن خلدون، 1983

*)  مسرح التغيير:  لقيس الزبيدي / دار ابن رشد، 1918 بغداد

*) تشريح الدراما: لمارتن أسلن ، ترجمة : يوسف عبدالمسيح ثروت، ط2 ، منشورات مكتبة النهضة، بغداد 1984

   

Laurence Kitchin Mid-Century Drama London: Faber & Faber 1960 .*

*)Eugène Ionesco "Les Chaises" Théâtre d’ Eugène Ionesco: Tome I Paris: Gallimard, N.R.F; 1954

 

*)J.C.Margolion , L Humanisme en Europe au Temps dela     Renaissance, Paris  1981                    

 

*) Stauffer,R,La Reforme ,Que sais-je? N 1376 , Paris , 1974                     

*) بريشت  برتولد – جان دارك قديسة المسالخ – ترجمة : نبيل حفار – مراجعة : سعد الله ونوس – دار الفارابي – بيروت – 1981 .

برتولد بريشت ,– شفيك في الحرب العالمية الثانية – تعريب : نبيل حفار – دار الفارابي – بيروت – 1975 .

*) الفضاء المسرحي:لميردوند  جيمس– ترجمة : محمد السيد / الحسين علي يحيى/ حسين لبدري – مراجعة : محمد عناني – ط2- أكاديمية الفنون – مصر – 1996 .

*) قصص من الرزنامة: لبرتولت بريشت الناشر  دار الإخوة فايس1949 وترجمها بوعلي ياسين 1992،

 *) مسرح الأفكـار: لأنطوان فيتاز الناشر دار كاليمار1991

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.