اخر الاخبار:
محافظ نينوى يزور مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:33
زيارة وفد هنغاري الى دار مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:32
طهران تتراجع عن تصريحات عبداللهيان - الإثنين, 15 نيسان/أبريل 2024 11:24
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

محطات طبية

القلق, هل هو مرض العصر؟ (القسم الأول)// د. مزاحم مبارك مال الله

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

القلق, هل هو مرض العصر؟

(القسم الأول)

 

د. مزاحم مبارك مال الله

 

لا يوجد بيننا مَنْ لم يقلق يوماً من شئ ٍ ما(او لا يوجد أنسان لم يقلق باليوم مرّة على الأقل) ،وهذا ناتج عن النشاط اليومي لبني البشر، كون الأنسان يتعامل مع عشرات بل مئات الأنشطة المتعددة مختلفة المنشأ وكونه يتعامل مع ما لا تعد ولا تحصى من الأمور الخارجة عن أرادته أو فعله، لذا فهو وفي أغلب الأحيان يتفاعل مع أشياء معلومة كما هو معلوم ككيان ولكن ذلك التفاعل في أغلب الأحيان مجهول النتائج، هذه التفاعلات المتبادلة بين الأنسان وبين العوامل الخارجية(عوامل بيئية متعددة ،عوامل أجتماعية ،بايولوجية ،فيزياوية ،سياسية ..الخ)، مسؤول عنها الجهاز العصبي.

هذا التفاعل اليومي للأنسان وما ينتج عنه من قلق لايعدّ مرضاً، وأنما يمثل نواتج تفاعالات ولا يوجد ما يؤشر خلل حصولها ،ولكن تختلف درجات حدته وأنفعالاته وأعراضه وعلاماته تبعاً لـ :

1.   قوّة وطبيعة العامل البيئي الخارجي.

2.   الطبيعة البايولوجية للجهاز العصبي لذلك الأنسان.

3.   نشأة الشخص وشخصيته وخبرته الحياتية وأمكانياته للتحكم بأنفعالاته.

4.   عمر الشخص.

أن هذا النوع من القلق سرعان ما يزول بزوال المسبب أو الضاغط الخارجي، لتعود كل الأمور الى نصابها ومنها التوتر وتسارع ضربات القلب وسرعة التنفس والتعرق ..الخ.

نعم أن القلق المستمر يشكّل ضغطاً على الجهاز العصبي للأنسان ولكن بنفس الوقت يمنحه القوة والصلابة أزاء الضغوطات البيئية المتعددة أعلاه.

قلنا أن الجهاز العصبي لدى الأنسان هو الذي يتعامل مع الظروف البيئية أو التعايشية ،وعليه فأن هذا الجهاز ينقسم الى:

أولاً ـ  جهاز عصبي مركزي/ يحتوي على المراكز العصبية العليا التي تسيّر حياة الأنسان ، مثل نطق ، سمع ، حركة ، نوم ، تنفس ..الخ، ويشمل:ـ

أ‌)    الدماغ(المخ والمخيخ والنخاع المستطيل).

ب‌)   الحبل الشوكي.

ثانياً ـ جهاز عصبي محيطي ،ويتكون من 12 زوجاً من الأعصاب القحفية (تخرج من الدماغ وعلى الجانبين) وكذلك من 31 زوجاً من الأعصاب الشوكية(التي تخرج من الحبل الشوكي وعلى الجانبين أيضا) ،وظيفة الجهاز العصبي المحيطي هو نقل الأشارات العصبية من والى الجهاز العصبي المركزي تبعاً لتأثرها بالمحيط الخارجي.

 يحتوي الجهاز العصبي المحيطي على ما يُعرف بالجهاز العصبي الذاتي أو التلقائي أو المستقل أو اللا أرادي، يعمل على تنظيم كل الوظائف الذاتية (أي التلقائية) في الجسم، مثل التنفس والهضم، دون أي تدخُّل أو تحكّم من الدماغ.

ينقسم الجهاز العصبي الذاتي الى جهازين اخريَن ،يعملان للحفاظ على توازن الأفعال الحيوية في داخل الجسم ،بمعنى أن نتيجة عملهما معاً ستكون النتيجة الحفاظ على الجسم من التداعيات الخطرة ، مثلاً أحد الجهازين يعمل على تسارع ضربات القلب ، بينما الأخر يعمل على تثبيط هذا التسارع، هذان الجهازان أحدهما يُطلق عليه (الـسمبثاوي) والأخر (الباراسمبثاوي).

الجهاز السمبثاوي يعمل على تسريع جريان الدم الى أجزاء الجسم المختلفة ، توسيع حدقات العينين ، تسارع معدلات التنفس ، بينما الجهاز الباراسمبثاوي فيعمل العكس ،وان التوازن بين الجهازين يتحكم به الجهاز العصبي المركزي.

الجهاز العصبي بكل تشكيلاته التشريحية والفيزيولوجية(ألوظيفية)، يتعرض الى أنواع عديدة من الأمراض (تناولنا العديد منها في أعداد سابقة من طريق الشعب)، ومنها أمراض عضوية وغير عضوية ، منها أمراض ألتهابية وغير ألتهابية ..الخ.

أن الجهاز العصبي في الأنسان يختلف بطبيعة بعض أمراضه عن الأجهزة الأخرى من حيث غياب المسبب العضوي المادي المباشر بحصولها(هذه نظرية وهناك نظرية أخرى تقول بخلل المواد البايوكيمياوية المعقدة جداً والتي تعمل كوسائط ناقلة بين المراكز العصبية)، وهي ما يُطلق عليها الأمراض النفسية، ومن تلك الأمراض، الأفكار السوداء ،القلق ،الكآبة، وهن الأعصاب ،الحصار النفسي ،المخاوف المَرَضية ،الهيستيريا ،الذعر، الوسواس(بأنواعه)..الخ.

تعرضت طبيعة تلك الأمراض وتفسيرات حصولها منذ زمن ليس بالقصير ولغاية اليوم الى صراع واسع ومتعدد بين العلماء ودخلت بشكل مباشر النظريات السياسية في تفسير حركة التأريخ والمجتمعات وتبعاً للتفاسير الأقتصادية ـ الأجتماعية في هذا الصراع وفي خضم دراسة ماهية تلك الأمراض ،وقد ذهبت النظريات الموالية الى الأنظمة البرجوازية والرأسمالية في التفسير المشوه لتلك الأمراض حيث عزتها الى خلل ذاتي ،داخلي لدى المريض ،دون الأخذ بنظر الأعتبار ما تفرزه تلك الأنظمة من ضغوطات أقتصادية واجتماعية على الكيان البشري ومسخ أنسانيته لتنتج فيما تنتج عدا الفوارق الطبقية المقيتة ،أمراضاً نفسية عديدة.

فيما ذهبت النظريات التي تفسر الأحداث وفق مفهوم طبيعة التشكيلة الأقتصادية الأجتماعية، الى أن المجتمعات التي تسود فيها مفاهيم العدالة الأجتماعية أنما تزيد من فرص تقليص حصول تلك الأمراض حتى لو كان هناك أستعداد (وظيفي) لها.

ونحن مع أن تلك الأمراض ،هي ليست عضوية وأنما وظيفية ،بمعنى انها تكون قابلة لتفسير (تغيّر وظيفة الجهاز العصبي جراء التفاعلات البيئية التي أشرنا أليها في السطور السابقة)، ومما يدعم ويعزز هذا التفسير هو أزدياد عدد المصابين بتلك الأمراض وكذلك زيادة حدتها في الظروف المجتمعية التي تتحكم بها عوامل قاسية تؤثر بأنسانية الأنسان بل تنتهكها.

ولتقريب وجهة النظر هذه أقول،  أن القلق (موضوعنا) أزداد بأعداد كبيرة جداً في العراق خلال فترة العقود الأربع، بل الخمس الماضية، والتي أمتازت بالحروب والمطارادات وتقييد الحريات وأنتهاك الحقوق والكبت (بأسم القانون) والأضطهاد والقتل على الأسم والهوية وأعمال الأرهاب المنظم وغير المنظم وانتشار الجريمة ...الخ، وما ترتب على كل ذلك من أنفعالات وظيفية عصبية لدى ذوي المغدورين أو لدى ضحايا العنف والأضطهاد نفسه.

 

 

ـ يتبع ـ 

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.