اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

محطات طبية

هل يجوز أكل التمر للمصابين بداء السكري؟// د. مزاحم مبارك مال الله

تقييم المستخدم:  / 2
سيئجيد 

هل يجوز أكل التمر للمصابين بداء السكري؟

د. مزاحم مبارك مال الله

 

يسأل الكثير من المصابين بداء السكري عن طبيعة التغذية الواجب الالتزام بها ،وكذلك فأغلبهم يسأل عن أنواع الأطعمة والأشربة المحظورة وغير المحظورة ،والأمر الملفت، أن نسبة عالية من هؤلاء المصابين (وخصوصاً في مجتمعاتنا) غير ملتزمين بالنصائح الطبية والإرشادات الصحية الخاصة بداء السكري (بل يستمعون لأقاويل ليست صحية) والتي تكون هي السبب المباشر في حصول المضاعفات ،علماً أن معاناة المصابين بداء السكري ليست قليلة كونهم محرومين من الكثير من الأطعمة والأشربة والتي هي أساساً مرغوبة من قبل الآخرين ومنهم ،أن التقييد (ما يُفرض عليهم) التغذوي لشريحة للمصابين بالسكري يجعلهم يبحثون عن أي منفذ لتناول بعض الأطعمة الممنوع تناولها من قبلهم، أو هي ربما صفة من صفات الغرائز الإنسانية في ثغرات الإرادة وضعفها في بعض المواقع. ومما يؤسف له ترى أن المعلومة غير العلمية وغير الصحيحة تنتشر انتشارا واسعاً تصل الى حد الأيمان المطلق بها ،بينما المعلومة العلمية الطبية الصحيحة تتعثر في الوصول الى الناس، ومؤكد فأن كل هذا وذاك مرتبط بالوعي الشخصي والمجتمعي.

وواحدة من أهم المعلومات التي يتداولها الناس وخصوصاً المصابين بداء السكري هي معلومة تناول التمر ،فهل حقاً التمر لا يؤثر على مقدار السكر في الدم؟ لقد وجد الكثيرون ممن آمنوا بهذه المقولة (مقولة تناول التمر من قبل المصابين بداء السكري)، وجدوا التفسير بل التفاسير لها ،ومنها أن سكر التمر (طبيعي ،لا يؤثر، ...الخ).

وفي حقيقة الأمر لم نجد خلال حياتنا العملية مصاب بداء السكري تناول التمر ،الاّ وأن أرتفع السكر في دمه الى أرقام عالية!

وعليه ،فموضوع هذا اليوم سيكون موجه الى الناس بشكل عام والى المصابين بداء السكر بشكل خاص.

ثمرة التمر لها خمسة مراحل تطورية:

1.   مرحلة الطلع بعد التلقيح مباشرة.

2.   مرحلة الخلال وتكون الثمرة خضراء.

3.   مرحلة البسر ،حيث يزداد وزنها ويتغير لونها.

4.   مرحلة الرطب ،تبدأ بالنضج ويصبح طعمها حلواً.

5.   مرحلة التمر ،وهي مرحلة النضوج النهائي.

التمور غنية بالمواد السكرية، وتصل نسبة السكر فيها مابين 75 و85% ، علماً أن نسبة السكر في الرطب أقل مما هي في الثمرة الناضجة (التمر) والسبب، لأن الرطب يحتوي على نسبة من الماء بينما في التمر الناضج تصبح مكوناته أكثر تركيزاً.

التمور غنية بالأملاح المعدنية وبعض الفايتمينات ،فبالإضافة الى المواد السكرية فأن التمر يحتوي على :

بروتين ،ألياف ،مواد دهنية ،فسفور ،كبريت ،حديد ،منغنيز ،كلور ،نحاس ،كالسيوم ،بوتاسيوم ، أضافة الى فايتمينB1.B2.B6  والرطب يحتوي على فايتمينA ،كما أن الرطب يساعد على الأمساك بينما التمر يعد مليين جيد بسبب وجود الألياف.

التمور أنواع ،ونسب السكريات في هذه الأنواع تتفاوت تبعاً لـ :

1.   طريقة خدمة النخيل طوال فترة زراعتها.

2.   طبيعة المنطقة الزراعية وتربتها.

3.   الظروف المناخية.

4.   وقت الحصاد.

5.   ظروف التخزين.

السكريات الموجودة في التمور نوعان:

الأول ـ أحادية (بسيطة) وهما سكر الكلوكوز وسكر الفركتوز وبنسبة 50% لكل منهما.

الثاني ـ ثنائية ـ وهو سكر السكروز ، ونسبته تعتمد على نوع التمور نفسها.

ينتج عن التمثيل الغذائي للسكريات سعرات عديدة ،وبشكل عام فليس هناك اختلاف بعدد السعرات الحرارية الناتجة عن التمثيل الغذائي بين أنواع السكريات الموجودة في التمور، ولكن الفارق يكمن في (سرعة الامتصاص) ،سكر الكلوكوز أسرع كل أنواع السكريات امتصاصاً من قبل الجسم ،لذا فهو النوع الأكثر زيادة في تركيز السكر في الدم كون سكر الكلوكوز في التمور هو نفس التركيبة الكيمياوية لكلوكوز الدم، أما سكر الفركتوز فهو يزيد من حلاوة الطعم ولكنه أبطأ بالتحلل (بالتمثيل الغذائي).

واضح من الكلام أعلاه أن التمور جميعاً وبدون إستثناء تحتوي على نسبة عالية من مكوناتها على السكريات والتي جميعاً بالنتيجة ترفع من تركيز السكر في الدم.

المصاب بداء السكري لديه خلل في العملية البايو ـ كيمياوية بين هورمون الأنسولين الواجب إفرازه من قبل البنكرياس (الغدة التي تفرز هورمون الأنسولين)، وبين كمية السكريات الداخلة الى الجسم (والسكريات التي تدخل الجسم مصادرها كل أنواع الأطعمة والأشربة التي تحتويها ويتناولها الأنسان)، فإن أستطاع الأنسولين التعامل مع تلك الكمية من السكريات (أي أنه يُدخِلْ السكر الى داخل الخلايا لأنتاج الطاقة وديمومة الحياة) ،فالإنسان يعيش بشكل اعتيادي ،أما أذا حصل تلكؤ (ولأي سبب) ،فذلك يعني تراكم السكر في الدم دون التمكن من الدخول الى الخلايا ، مما ينتج زيادة في تركيز السكر في الدم.

كل أنواع السكريات التي تدخل الجسم فأنها بالنتيجة تتحول (بعد عمليات بايو ـ كيمياوية عديدة) الى سكر أحادي بسيط التركيب من نوع الكلوكوز.

وبما أن التمرة الواحدة تحتوي على حوالي 75 ـ 85% من مكوناتها سكريات لذا فأن عدد قليل جداً من (فردات) التمر ستنتج كمية كبيرة من سكر الكلوكوز والتي تتطلب مزيداً من ألأنسولين لغرض تمثيلها لينتج عنها فيما بعد عدد هائل من السعرات الحرارية وهكذا.

ولمّا كانت مصادر تغذية الإنسان عديدة ،فأن التمثيل الغذائي لكل المواد الغذائية سينتج سعرات حرارية بأعداد هائلة ،وبالتالي فأن أكل التمر سيكون على حساب كمية الأنسولين الواجب أفرازها في الدم ،بمعنى أن الأنسولين سوف لا يكون كافياً لتمثيل السكريات القادمة من التمور ومن مصادر الغذاء الأخرى، وعليه فقد وجد العلماء أن تناول التمر سيراكم السكر في الدم بسبب عدم كفاية الأنسولين.

وبسبب من تنوع مصادر الغذاء وكذلك تنوع مركباتها من بروتينات ودهون وسكريات ونشويات ومعادن وفايتمينات ..الخ ولأجل تنظيم تغذية المصابين بداء السكر ،فقد ظهر في عام 1981 مصطلح أطلق عليه العلماء تسمية ،"مؤشر السكري" (Glycemic Index).

مؤشر السكري:

هو النسبة الخاصة في قدرة المادة الغذائية (بالأرقام) على تحفيز إفراز الأنسولين لغرض تمثيل السكريات التي تحتويها تلك المادة، وهذا المؤشر يمكن الإستدلال عليه (بقياس تركيز السكر في الدم بعد تناول الأنسان لهذه المادة أو تلك) ،وأن هذا المؤشر يقيس سرعة هضم وأمتصاص السكر وسرعة أنتقاله الى الدم، واستناداً الى هذا المؤشر فقد قسّم العلماء المواد الغذائية الى ثلاثة أنواع:ـ

الأول ـ ذات مؤشر السكري المرتفع.

الثاني ـ ذات مؤشر السكري المتوسط.

الثالث ـ ذات مؤشر السكري المنخفض.

أذاً فقد أصبح من ناحية علم التغذية مفهوم جديد بعيداً عن التدقيق أو الأعتماد على مكونات المواد الغذائية الكيمياوية فقط ،وإنما قياس مؤشر السكري لكل مادة غذائية والتي على ضوئها يمكن تنظيم تغذية المصابين بداء السكري.

أن هذا المؤشر يتأثر بعوامل عديدة ،ولكن يبدو أهمها هو كمية الألياف ،فكلما زادت الألياف في المادة الغذائية المعينة قلّ مؤشر السكري فيها، والعكس صحيح، فمؤشر الحنطة 70%، بينما مؤشر الشعير أقل منه بكثير.

وقد ظهر لعلماء التغذية أن التمور تقع ضمن خانة "مرتفعة مؤشر السكري"، بمعنى أنها تحفّز كميات كبيرة من الأنسولين المكافئ لتمثيلها غذائياً.

لذا وفي ظل الظروف المعرفية للمصابين بداء السكري في مجتمعنا ،فأنا ميّال الى منع تناول التمور على المصابين بداء السكري ، كون تناوله سيكون عبئاً أضافياً على كمية الأنسولين التي تحتاجها أجسادهم ، سواء على البقية المتبقية من الأنسولين او على الذي يتم زرقه لهم.

 

أما اذا كان المصاب (مصرّا) على تناول التمور ،فيوصي العلماء، بأن لا تزيد عن ستة (فردات منه) وبوجبات متباعدة ،مع الأخذ بنظر الأعتبار التقنين بكمية المواد الغذائية الأخرى التي يتناولها.

 

 

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.