محطات طبية

"فايتمين" B 17 هل حقاً يشفي من مرض السرطان ؟// د. مزاحم مبارك مال الله

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. مزاحم مبارك مال الله

 

"فايتمين" B 17 هل حقاً يشفي من مرض السرطان ؟

د. مزاحم مبارك مال الله

 

تداول الناس وبكثافة موضوعة "فايتمين" (ب17)، وعلاقته بالشفاء من مرض السرطان، ويعتقد بعض الباحثين ان (نقص) هذا "الفايتمين" يعد السبب الأول والرئيس للأصابة بالسرطانات المختلفة وهم يقارنون ذلك بمرض (الأسخربوط) الذي كان يصيب البحارة بسبب نقص فايتمين (سي C)، وحينما عولجوا بفايتمين سي، اختفت أعرض المرض تماماً. وفي الحقيقة أن الموضوع ليس بهذه السهولة، فالكثير من الحالات السرطانية ليست لها علاقة بنقص الفايمينات، مثال ذلك التعرض للأشعاع وكذلك التدخين.

بدءاً وعلمياً لا يوجد فايتمين بهذه التسمية، وإنما بعض الباحثين أطلقوا كلمة (فايتمين) على هذه المادة لأغراض دعائية لا أكثر.

ومع ذلك فلا يمكن نفي الخاصية العلاجية لمادة (ب17) لعدد من الأمراض ومنها(مساعد في تخفيض ضغط الدم المرتفع ، مسكن آلام المفاصل، تعزيز الجهاز المناعي)، ولكن ليس بالطريقة التي يرّوج لها البعض.

ربط العلماء بين النظام الغذائي لشعوب (الهانزكوت في الباكستان، الهوبي، الأسكيمو) الغني بهذه المادة وبين انعدام وجود حالات سرطانية بينهم.

تعرف مادة (ب17) بأسم (أميكَدالين Amygdalin) وهو الشكل الطبيعي لها، أو(ليترل Laetrile) وهو الشكل الاصطناعي، وتنتمي الى مجموعة (سيانوجينك كَلوكوسايد Gynogenic Glycosides)، وقد تم عزلها من بذور اللوز والمشمش اول مرة عام 1830 واستخدمت عام 1845 في روسيا لمعالجة السرطان، ومن ثم في الولايات المتحدة الأميركية عام 1920.

يتفكك الأميكدالين في الجسم الى مادتين، أحداهما هي مادة(سيانيد الهايدروجين) واليها تعزى خاصية قتل الخلايا السرطانية، ولكن القصة لا تنتهي الى هنا، فهناك الكثير من المشاكل.

توجد مادة الأميكدالين في [بذور] (اللوز، الخوخ، المشمش، الدراق، البرقوق، الكرز، التفاح، الاجاص،العنب، الفراولة، الكريب فروت، الكتان،) ، كذلك يوجد في (العدس، الفاصوليا، الكازو،اللوز المر، الرز البني).

ولما ذهب بعض الباحثين الى القناعة التامة بالخصائص العلاجية لمادة (ب17)، عكفوا على أنتاجه وإستخدامه لمرضاهم، لكن العلماء لاحظوا ومن خلال إستخدام هذه الأدوية ومن خلال التجارب المكثفة أن لهذه العلاجات تأثيرات جانبية تشبه الى حدٍ ما أعراض التسمم بمادة السيانيد ، ومن تلك الاعراض والعلامات: (صداع، دوار، غثيان، تقيؤ، ازرقاق نتيجة نقص الاوكسجين في الدم، تدلي الجفون العليا، تلف الكبد، هبوط الضغط ، صعوبة في المشي جراء تأثر الجهاز العصبي الحركي، حمى، اضطراب وتشوش ذهني، الغيبوبة ومن ثم الوفاة).

لقد استخدم المعالجون مادة (ب17) في ستينيات القرن الماضي كجزء متمم (الجزء الغذائي) لعلاج السرطان، وبنفس الوقت أثبتت التجارب التي قام بها مجلس بحوث السرطان في كل من الولايات المتحدة الأميركية ومجلس بحوث السرطان في أوربا، أن مادة (ب17) ليس لديها اي تأثير علاجي على الخلايا السرطانية فيما لو إستخدمت لوحدها، وأذا ما استخدمت معها الأنزيمات المحفزة فأنها ستعمل على تحرير مركبات السيانيد السامة التي تحتويها.

إن الفرضيات التي استند اليها الواثقون من قدرة (ب17) العلاجية، هو أن هذا المادة مفقودة أساساً في جسم الأنسان والحيوان ولا يمكنهما أن يصنعاها، أيضاً.

مع تقدم العلوم وبكل فروعها فقد تطورت ايضاً وسائل وأساليب وطرائق تقييم اية مادة وخصوصاً تلك التي لها علاقة بصحة الانسان ومنها الادوية فالعلوم اليوم تقوم على مبدأ (الطب القائم على الدليل) ومن ثم تدخل تلك الادوية في ما يعرف بـ (المراجعة المنهجية) اي لتوكيد اعلى درجات الادلة، ثم تبدأ مرحلة الابحاث السريرية.

في عام 2015 قام عدد غير قليل من العلماء بأجراء الدراسات (الدليلية) و(المراجعة المنهجية) و(البحوث السريرية) على مادة (ب17)، فلم يتمكنوا من تأييد الفرضية العلاجية لمرض السرطان في هذه المادة، بل أثبتوا الخصائص السمية في حالة استعماله بجرعات لا يتحملها الكائن الحي.

وقد اثبت العلماء ايضاً ان تناول (50) غرام من مادة الليتريل تودي الى الوفاة، كما اثبتوا ان تناول هذه الادوية عن طريق الفم تكون اسرع في سميتها بسبب قيام بكتريا الجهاز الهضمي بتكسيرها ليخرج منها السيانيد على وجه السرعة. لهذه الأسباب منعته الجهات الدوائية في الولايات المتحدة الأميركية وفي الأتحاد الأوربي، الاّ أن بعض البلدان مازالت مقتنعة به كالمكسيك، كما أن بعض المرضى ميالون لمثل هذه الأدوية بسبب الكلف المرتفعة للعلاجات الأشعاعية والكيمياوية وتأثيراتها الجسمانية والنفسية المرهقة.

ومع ذلك فهناك دراسات وبحوث اجريت عامي 2015و2016 في جامعة كيونغ/ كوريا الجنوبية، اظهرت التأثير الفعال لمادة ب17 على توسع وانتشار الخلايا السرطانية في (غدة البروستات وفي المخ) بينما لم يظهر اي تأثير لهذه المادة على الخلايا السرطانية في (الثدي والرئة)، لكن طريقة عمل وتأثيرهذه المادة مازالت غير واضحة، فالدراسات والبحوث مستمرة ولربما يتوصل العلماء مستقبلاً الى أستخلاص مادة تتمكن من مهاجمة الخلايا السرطانية فتوقف نموها وتقتلها، أما وفق المعلومات أعلاه فلا ننصح المرضى بالتوجه الى منتج (الليتريل) أو تناول كميات من ((بذور)) المحاصيل الزراعية التي ذكرناها.