اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مبدعون وابطال الحرية

الدكتورة بثينة شريف نجمٌ أفَل ومناضلة لم ترحلْ// انتصار الميالي

 انتصار الميالي

 

الدكتورة بثينة شريف نجمٌ أفَل ومناضلة لم ترحلْ

 

انتصار الميالي

 

قبل أيام قليلة مضت نعت رابطة المرأة العراقية رحيل المناضلة الدكتورة بثينة شريف التي فارقت الحياة بعد صراع طويل مع المرض ، وكان خبر وفاتها فاجعة للكثير من زميلاتها ورفيقاتها اللواتي واكبن تاريخها النضالي الطويل ولرفاقها ومحبيها ، حيث دعت رابطة المرأة العراقية إلى أقامة مراسيم توديع تليق بتاريخ امرأة مناضلة ومدافعة حقيقية عن شعبها وبلدها من أمام مقر الحزب الشيوعي العراقي في ساحة الأندلس إلى مثواها الأخير في مقبرة الكرخ في ابوغريب لتستقر روحها بسلام.

 

تلقت الرابطة المئات من برقيات التعازي والمواساة برحيل المناضلة بثينة عبر الجميع فيها عن أسفهم لرحيل قامة شامخة ومناضلة عتيدة لم تثنِ عزيمتها المحن ولا الويلات التي مرت بها البلاد.

ولدت د. بثينة في مدينة (عنه) عام ١٩٣٨، لعائلة عرفت بالفكر التقدمي والتوجه الوطني المتجذر، والدها الدكتور عبد الحكيم شريف شقيق الشخصية الوطنية المعروفة عزيز شريف والشهيد الباسل عبد الرحيم شريف، الذي اثر فيها بشدة لشخصيته القوية وثقافته الواسعة، وانحازت لطروحاته حيث كان بالنسبة لها المثال الذي يقتدى به . والدتها السيدة مقبولة احمد، أحدى ناشطات رابطة الدفاع عن حقوق المرأة العراقية بعد تأسيسها. وكان لها دور مجيد في رعاية ذوي المعتقلين اثر انقلاب شباط الأسود.

 

أكملت دراستها الثانوية في الأعظمية بتفوق واستطاعت الحصول على بعثة لدراسة الكيمياء في الجامعة الأمريكية في بيروت. تخرجت عام ١٩٥٧ وتعينت معيدة في قسم الهندسة الكيمياوية/ كلية الهندسة في بغداد.

انخرطت في العمل كمتطوعة في جمعية الهلال الأحمر ثم تعرفت على المناضلة الكبيرة والمعروفة سافرة جميل حافظ في الاتحاد النسائي العراقي، أثرها انضوت في صفوف رابطة الدفاع عن حقوق المرأة التي كانت تُمارس نشاطها بشكل سري في ذلك الوقت، ثم انضمت للحزب الشيوعي العراقي اثر قيام ثورة تموز.

التقت بشريك حياتها الشهيد البطل الدكتور محمد الجلبي في تموز ١٩٦٢، وعقد قرانهما في ٢٧ كانون الثاني ١٩٦٣ حيث حرص الشهيد ان يرتبط يوم زواجهما بذكرى الوثبة. وسافرا إلى البصرة لقضاء شهر العسل هناك.

 

نتيجة تدهور الوضع السياسي اثر إضراب الطلبة البعثيين والقوميين الشوفينيين ضد حكم الشهيد عبد الكريم قاسم، بتحريض من القوى الرجعية ودعم المخابرات الأمريكية والبريطانية، قطع الشهيد محمد الجلبي شهر العسل وعاد مع بثينة الى بغداد ٧-٨ شباط. ليهرع الشهيد الى الكاظمية للاشتراك في مقاومة الانقلابيين، وتم اعتقاله مع الشهيد البطل متي الشيخ بعد سحق المقاومة بالدبابات ونقلا الى قصر النهاية، واستشهدا تحت التعذيب الوحشي وقدما حياتهما ثمناً لصمودهما.

 

حاولت بثينة الاختفاء عن أعين الحرس القومي باللجوء الى بيوت الأقارب والأصدقاء ، إلا أنها سرعان ما اعتقلت في ٢٠ شباط مع مجموعة من الرابطيات وتم سجنهن في حمام احد البيوت لمدة شهرين، حيث استطاعت والدتها عبر التوسط لدى بعض المعارف إطلاق سراحها. وهرعت مباشرة الى بيت المرحومة والدة الشهيد زوجها لتعرف أخباره دون جدوى، وبعد وساطات من بعض الأقارب استطاعت ان تقابله في مبنى الإدارة المحلية في المنصور، بعد ان أحضروه من قصر النهاية لتفجع فيما بعد باستشهاده.

 

تم فصلها من عملها وبقيت عاطلة عن العمل حتى عام ١٩٦٩ حيث أعيدت للعمل في الجامعة.

تكررت مأساة ١٩٦٣ على الشيوعيين العراقيين وأصدقائهم ثانية عامي ١٩٧٨-١٩٧٩ على يد نفس حزب البعث الفاشي الفكر وبصورة أكثر دموية ووحشية لان القمع تم هذه المرة بطريقة لم يستطع الآفلات منها أي أحد.

 

عند اشتداد حملات الاعتقال والمطاردة اختفت بثينة شريف في بيت سري لمدة سنة تقريباً الى ان استطاعت أحدى قريباتها توفير هوية مزورة لها لتعبر الحدود إلى سوريا في ٢٥ كانون الثاني ١٩٧٩. بقيت في الشام سنة أخرى مع مجموعة من الرفيقات منهن المرحومة المناضلة رجاء الزنبوري، حيث تم تدريبهن على حمل السلاح في قيادة المنظمات الفلسطينية.

التحقت بحركة الأنصار الشيوعيين في كردستان نهاية عام ١٩٨١، وهناك ضربت أروع الأمثلة في الثبات والصمود والتحمل. بقيت في كردستان إلى نهاية عام ١٩٨٦ حيث أرسلها الحزب إلى كوبنهاغن لتمثل الاتحاد النسائي العربي في مؤتمر السلام العالمي.

 

انتقلت إلى بلغاريا نهاية ١٩٨٧، حيث واصلت دراسة الدكتوراه حول (تأريخ الحركة النسوية الديمقراطية في العراق)، وأنجزتها بتفوق أيضاً في ١٩٩٢/ ١٩٩٣. وحصلت على عقد عمل في جامعة ناصر في ليبيا حتى سقوط النظام فعادت فوراً إلى الوطن، لتساهم مع رفاقها ورفيقاتها في تحقيق حلمهم الكبير ببناء الوطن المهدم من جديد على أسس المدنية والديمقراطية، يوماً بعد أخر تكشفت أبعاد الخراب الهائل في البلد وفي المجتمع والذي قامت به الدكتاتورية طيلة ٣٥ عاماً وأكملته الإمبريالية بإبداع شيطاني قل نظيره في التاريخ الحديث.

 

حرصت على المتابعة مع زميلاتها في رابطة المرأة العراقية على تنفيذ الكثير من الأنشطة والفعاليات المتعلقة بقضايا المرأة وحقوق الطفل وشاركت في مؤتمرات الرابطة السادس والسابع والثامن والتاسع، وكانت مواظبة على متابعة أخبار البلد وهموم الناس رغم صراعها مع المرض الذي أقعدها ولأكثر من 3 سنوات، إلا أنها أثبتت صلابتها وقوة أرادتها على الرغم من تراجع وضعها الصحي.

 

التقيتها لأول مرة في مقر رابطة المرأة العراقية الكائن في منطقة العلاوي بعد أحداث 2003 يرافقنها الرائدات الراحلة عميدة الرفيعي والقاصة والأديبة سافرة جميل حافظ ، ثم تكررت اللقاءات في مقر رابطة المرأة العراقية الذي انتقل إلى منطقة الكرادة ومن ثم شارع النضال، كانت تتفقد الجميع وتسأل عن البعيد والقريب، يشغلها وضع البلد الذي اخذ يزداد تأزما وحياة الناس التي سادها الفقر والعوز الذي نخر الكثير من الأسر العراقية الفقيرة، حتى أخر لقاء معها عندما كنت في جلسة تصوير لها بكاميرة الرفيق محمد عباس وهي تبعث بتهنئتها صورة وصوت للزميلات الرابطيات وللنساء العراقيات بمناسبة الثامن من آذار عيد المرأة العالمي والذكرى 66 لتأسيس رابطة المرأة العراقية ، متمنية العدالة والمساواة للمرأة ونيلها لحقوقها الكاملة والسعادة والمستقبل الأجمل للأطفال وحلمها بعراق آمن يعمه السلام والمحبة والاستقرار.

 

نحن زميلاتكِ في رابطة المرأة العراقية نعاهدكِ بأننا سنمضي على طريق النضال المطرز ببطولاتكن وتضحياتكن وتاريخكن المشرف الزاخر بأروع صور الإصرار والتحدي لأجل سعادة الشعب وسيادة الوطن.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.