اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

قراءة في رواية ( أفراس الاعوام ) للاديب زيد الشهيد// جمعة عبدالله

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

جمعة عبدالله

 

عرض صفحة الكاتب 

قراءة في رواية ( أفراس الاعوام ) للاديب زيد الشهيد

جمعة عبدالله

 

المتن الروائي في سباكته وصياغته ورؤيته الفكرية الواقعية والموضوعية في معيار التقييم والنقد, فقد توغلت في بطون التاريخ للعراق الحديث وحصون اعوامه الجامحة, عشية سقوط الاحتلال  العثماني ومجيء احتلال جديد , اي أن احداث السرد الروائي يتمدد على فترة زمنية قرابة نصف قرن ( من عام 1917 الى عام 1959 ) برؤية شاهد عيان عاش في خضم هذه الاحداث,  فقد كان بعمر  17 عاماً حتى قارب بالعمر ستين عاماً, وهو بطل الرواية وشخصيتها المحورية الرسام ( جعفر حسن درجال ) عاش الاحداث الجسام في عواصفها المتقلبة , وفي تغيير البنية الاجتماعية والسياسية والدينية , التي عصف بها هذا الشرخ الكبير, الذي عزف على طمس الهوية الوطنية العراقية, أن سقوط احتلال بغيض في كل  ممارساته الظالمة وهو الاحتلال العثماني, ومجيء احتلال آخر لعب على التناقضات الداخلية في الصراع السياسي والحزبي والديني, يشكل التراجيدية المأساوية وقعت على كاهل العراق في الاحداث الملتهبة بالتعاقب .

 

ان مسرح هذه الاحداث الزمانية والمكانية, مثلتها مدينة ( السماوة ) كرمزية للاحداث العراق الجارية آنذاك, في تقلباتها ومتغيراتها, في الصراع على خمط المناصب ومراكز النفوذ في الدولة العراقية في احداثها التاريخية, من خلال شاهدها العيان,  ومن خلال سيرته الذاتية والحياتية, سلط الضوء على تعاقب الاحداث الجسام التي مرت على العراق. جسدها الروائي ( زيد الشهيد ) بالسرد الثري بالتشويق والاثارة في سرد الاحداث وخلفيتها العميقة , والتي كشف عن معاناة الشعب في الاذلال والمهانة والخذلان والظلم , في زمن الاحتلال العثماني البغيض والثقيل والممل والظالم , الذي أعتمد على مبدأ ( فرق تسد ) في جذب وتدعيم واسناد طائفة ( السنية ) على حساب الطائفة ( الشيعية ) , بالتمايز والتفريق والانقسام الى حد العداوة في اللعب على الخطاب الطائفي المتشدد والمتعصب .

 

أن مجي احتلال جديد خلق الانقسام في بينية المجتمع , الاجتماعية والسياسية والدينية . وكل فريق يدعم حجته على طمس الهوية الوطنية, ويمثل بؤس البيان السياسي والحزبي والديني. أن مسرح الاحداث المكانية مدينة تدور في مدينة ( السماوة ) ولكنها انطلقت الى الاعم والاشمل هو العراق, بأنه كان  الخطاب الديني والسياسي يعتمد على عقلية البداوة والعشيرة في التشدد والتعصب , الذي خلقه  المحتل القديم والجديد معاً و تعتمد على نهج الفرقة والخلاف في مكونات الشعب الاساسية . في تدعيم الطائفة السنية وفتح باب لتسلق على المناصب ومراكز نفوذ الدولة بالضد من المذهب الشيعي , في الاهمال والحرمان. ووجدت نفسها في حافة هامشية في التوظيف والمناصب ( - الترك , لا يعينون موظفاً ينتمي لمذهبنا الشيعي , بل من السنة فقط .

- كيف ؟

- نحن شيعة العراق أبتلينا بتهمة أنتمائنا لشيعة أيران , وهذه البلوى جائتنا من العهد الصفوي . الصفويين بسطوا حكمهم على أيران , فحسبنا طرفاً ينتمي اليه , حرمنا من التعليم والوظائف والوجاهة ) ص47 .

هذا التمايز الطبقي والطائفي  خلق تأثيراً كبيراً في البنية الاجتماعية بين الطائفتين ( السنية والشيعية ) لكل منهما يمشي في حال سبيله دون اختراق وتجاوز من احدهما للاخر  . فعندما اراد بطل الرواية ( جعفر حسن درجال ) الذي هام حباً وشوقاً بالعشق العذري مع حبيبته  ( وهيبة ) وحين فاتح أمه في طلب يدها وزواجها . طالما الحب يجمعهما , حتى رسمها في مرسمه واحتفظ بلوحة الرسم لحبيبته ( وهيبة ) اعترضت أمه واعتبرته فعل مجنون غير مسموح به , وقالت بتعجب واستغراب ( - أمجنون ولدي هذا ؟! .. أولئك أناس ليسوا من طينتنا ولا مذهبنا ... كيف لنا نحن الشيعة أن نقبل في عائلتنا سنية لا تقدس ( علي ) ولا تبكي على ( الحسين ) ؟!

- لا . يا ولدي أنت مجنون , واذا كانت هي تحبك فعلاً كما تزعم فمجنونة ايضاً ) ص70 .

وأجهض الحب والزواج . لكن جرحه ظل حامله في القلب , كما حمل لوحة الرسم لعشيقته ( وهيبة ) . حتى بعد الزواج من آخرى  , وحتى نهاية العمر فكانت اللوحة  الرسمية لا يتخلى عنها كأنها جزء من كيانه وقلبه .

هذا التعصب الطائفي الذي زرعه المحتل التركي , بشماعة الدين الذي يلعب به  على عقول الناس . كما لعب في خطابه في مسألة دعم الوجود الاحتلال العثماني , بحجة بأنه يمثل راية الاسلام وتعاليمه السمحاء , والدفاع عن وجود هذا الاحتلال بمثابة الدفاع عن الاسلام وشريعته الاسلامية . رغم مرارة العيش والمعاناة تحت وطئة هذا الاحتلال البغيض والثقيل والممل  , ولكن خطابه الديني يلعب على المشاعر الناس , بحجة أن نهاية الاحتلال العثماني , يعني نهاية الاسلام وهدم المساجد , وازاحة الناس بالقوة عن دينهم الاسلامي . لان الانكليز كفرة وملحدين أكلة لحوم الخنزير . ولكن من جانب آخر هناك فريق يدعم ويناصر الاحتلال الانكليزي في العراق , بالعزف على وتر الحرية والتحرر , وتقدم وتطوير وتحديث البلاد ورفع كاهل المعاناة للحياة المعيشية  العامة. وهذا ما يخلق أزمة بين المثقفين بالتشتت والمعمعة والفوضى , ولكن  كلا الطرفين يطمس الهوية الوطنية , ونسيان بأن العراق كان مهد الحضارات والتقدم الحضاري . هؤلاء من الطرفين في خطابهما السياسي والحزبي , يتكلمون عن الدين والسياسة والثقافة والوطن والشرف والاخلاق , فأنهم منافقون لا يعرفون معنى الوطن إلا خين بحرقونه  إلا في تحطيمه . كما يحدث في واقعنا الحالي , من مرارات السياسيين ورجال الدين , الذين يلعبون على وتر النفاق والخداع بأسم الدين والطائفة .

 

 تناول المتن الروائي مسألة جوهرية وحساسة  في عقلية وثقافة السلب والنهب , اي في عقلية الفرهود الذي حدث في الازمنة والمراحل السياسية المتعاقبة , التي عانت الازمة والسقوط في نهج الفرهود بحجمه الكبير أو في حجمه الصغير التافه والسخيف ,   فحين أنهار الاحتلال العثماني في العراق   , هبت جموع الناس الغفيرة في نهب مخازن الدولة , بالحبوب والمواد الغذائية كما حدث في  عموم المدن العراقية ومنها مدينة ( السماوة )  وكان شاهد العيان بطل الرواية ( جعفر حسن درجال ) وكان عمره آنذاك 17 عاماً , وحدث نفس الفرهود الصغير والسخيف  في مدينة السماوة ( حين وصل عمره ما يقارب الستين عاماً ) حين هجمت جموع الناس الغفيرة بتحريض من الفتوى الدينية , بالتحريض على الحزب الشيوعي العراقي , بأنه حزب هدام , يبشر بالكفر والالحاد , وما هذه الجموع الغازية على مقرجريدة  ( اتحاد الشعب ) واجهة الحزب الشيوعي إلا تلبية نداء المرجعية الدينية  ( هاهو جعفر حسن درجال قد بلغ الستين , وما يحدث أمامه ضحى هذا اليوم الثامن من آب 1959 , في هرج ومرج وفوضى لا تطاق , في محاولة الفوز بكرسي أو منضدة أو مزهرية  أو شمعة تعليق الملابس أو ستارة نافذة أو مروحة سقفية أو منضدية , أو .. أو .... أو . تلك الاشياء التي أبيح نهبها من مقر ( أتحاد الشعب ) الواجهة الامامية للحزب الشيوعي في مدينة السماوة حيث أنتظر الكثيرون ممن يرون فيه تهديماً للدين وتفتيت للمجتمع لحظة الانقضاض عليه وسرقة محتوياته بعدما تشموا رائحة أنفضاض الحكومة عنه واصدار المرجعيات الدينية فتاوى بحله وحضر نشاطه بشعار ( الشيوعية كفر وألحاد ) ......... وما يحدث أمامه الآن أعاده الى ذلك الفجر الفضي الداكن لليوم الخامس من تموز عام 1917 ) ص10 .

 

 وكما حدث من سلب ونهب وحرق بالفرهود الكبير أبان سقوط نظام صدام حسين , وبدأ مرحلة الاحتلال الامريكي . ما أشبه اليوم بالبارحة في طمس الهوية الوطنية , واظهار اخلاق وثقافة الفرهود والحواسم . وما يحدث اليوم من الاوضاع المزرية والمريرة . كأنه مسلسل يعيد نفسه مجدداً بعد كل مرحلة احتلال , في العزف على الخطاب الطائفي المتشدد والمتعصب .

    جمعة عبدالله

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.