كـتـاب ألموقع

• مسرحية "حاجز طيــّــار"

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

عبد الرضا المادح

مسرحية

                "حاجز طيــّــار"

 

شخوص المسرحية :

1 ـ المخطوف شاب عمره اكثر من العشرين قليلا .

2 ـ رجل العصابة الاول عمره حوالي الثلاثين .

3 ـ رجل العصابة الثاني عمره حوالي الثلاثين .

4 ـ ام المخطوف وعمرها حوال الخمسين .

5 ـ والد المخطوف وعمره حوالي خمسة وخمسين سنة .

 

المشهد الاول

.................

الديكور ، اربعة حبال متدلية من السقف الى ارض المسرح في وسطه الخلفي تشير الى شطر المسرح الى نصفين ( القسم الايمن للمسرح ) رسم لبيت طيني وحوله اشجار نخيل واشجار اخرى ، يعلق في وسط المسرح واقرب الى حافته الخارجية اليمنى شباك خشب قديم مفتوح على الجمهور ، ضوء خفيف لفانوس وضع على حجر ( بلوكة ) في الجهة اليمنى للمسرح واشياء مبعثرة تنم عن بيت مهجور ، كرسيان قديمان فى في الوسط . ( القسم الايسر من المسرح ، ظلام ) أثاث لصالة بيت متوسط الحال ، صورة الشاب المخطوف معلقة على الجدار ، شباك معلق في الوسط مقابل الجمهور . الام متشحة بالسواد جالسة على الارض مطأطأة الرأس ، الاب جالس على كرسي حزين بلا حراك .

دخول مفاجيء لخشبة المسرح من اليمين مع ضوضاء ( تسلط دائرة ضوء عليهم ) ،  مسلحان بمسدسين (حول رقبتيها كوفيّـتان ) يدفعان شخص ثالث معصوب العينين وهو في حالة خوف شديد ، يصرخ احدهم مصوبا ًمسدسه الى رأس المخطوف :

ـ  الاول يلبس دشداشة سوداء : امشي ولك حيوان . ( يدفع المخطوف من ظهره ) .

ـ  الثاني : كَعده هنا بالزاوية .

ـ  الاول يسحب المخطوف من قميصه عند كتفه ويجلسه صارخا ًبه : اكَعد هنا وديـر بالك تفتح العصـّابة ، تره               افرغ المسدس براسك .   

ـ  المخطوف : لا ... لا .. ما أفتحها بس انتو منو وشتردون مني ؟

ـ  الاول صارخا ً : اسكت ولاكلمة .

ـ  الثاني : لازم نربط ايديه ورجليه حتى مايشرد .

يخرج الاول حبلين قصيرين من جيبه ويربطان يدي المخطوف خلف ظهره ثم يربطان قدميه ، فيتكور جسد المخطوف على الارض .

ـ  الثاني (تسلط عليه دائرة الضوء ) يتوجه الى الشباك وينظر من خلاله بحذر الى جميع الجهات : ماكو أحـّـد              المنطقة امينه .    

الخاطفان يضعان مسدسيهما في حزاميهما ويجلسان على الكرسيين يتبادلان الحديث ويضحكان .

ـ  الاول : الحمد لله على السلامة .

ـ  الثاني : الله يسلمك ، بس لو ما شطارتك بالسياقة جان وكَعنه بمصيدة الجيش .

ـ  الاول : ما جنـّـه متوقعين ينصبون سيطرة على الشارع السريع وبهل المكان !

ـ  الثاني : هذا حظنه عدل ، هم زين كَبل مسافه جان اكو طلعة ترابية ومنهه شلعنه .

ـ  الاول : يداعيك اعرف المنطقه شبر شبر ، بس لو مصّادمين ويه الجيش جان رحنه بيهه .

ـ  الثاني : جان سوّونه منخل ، هاي رحمة من ربك !

ـ  الاول يلتفت الى المخطوف: خوش صيده اليوم ، بيهه خبزة عـَـدله ، هاي الجامعة خوش بيهه عصافير ،                المرّه الجايه انشألله انصيدلنه عصفورة ( غامزا ً لصاحبه ) .

ـ  الثاني : خوش فكرة ، وكلما تكون العصفورة حلوة ومدلـَله يدفعون اهله اكثر .

ـ  الاول : إي .. خلهم يدفعون جــا بس مهر عالي يطلبون .

ـ  هـــا ... هـــا ... هـــا ... يضجان بالضحك .

ـ  الثاني : صدكـ شنو رأيك ننهبلك وحدة حلوة وتزوجهه .

ـ  الاول : بشرط .

ـ  الثاني : بأسم الله بالطبكـ ، بعدهه ماحصلت رَيـِلْ كَالت عور ! شنو شرطك يابه ؟

ـ  الاول : لازم يكون راتبهه اكبر من رواتب النواب .

ـ  الثاني : طلبك غالي وانته رخيص !

ـ  هـــا ... هـــا ... هـــا ... يضجان بالضحك .

ـ  الاول : ليش احنه مانستاهل .. !؟

ـ  الثاني : لا يابه ليش مانستاهل ، احنه رواتبنه هم بالدفاتر .

ـ  الاول : أي .. كلمن يلغف بذراعه .

ـ  الثاني : بس إحنه شغلتنه احسن منهم بيه فايده للناس .

ـ  الاول : شلون .. !؟

ـ  الثاني : إي .. همه بعرايكهم يسون تفرقه ، كَوام .. طوايف .. وعشاير .. ! بس احنه نوحد بين الناس .

ـ  الاول : شلــــون .. !؟ هاي الثانيه مافتهمتهه .

ـ  الثاني : صير سياسي اذكى منهم ، احنه من نخطف واحد ، تشوف كل الاهل يتراكضون .. يتوحدون ،                     يجمعون الفدية ، ينسون خلافاتهم ، واذا تمت الصفقه ينجمعون .. يتباركون .. يفرحون .. يهلهلون ..

ـ  الاول : هاي صدكَـ فاتتني ، لعد هاي صدكَـ نستاهل عليها تقاعد وقطع اراضي .

ـ  الثاني : ولاتنسى الجوازات الدبلوماسية ، حتى من نتضايكَـ نشلع لدول الجوار ونطلب لجوء سياسي .

ـ  الاول : طبعا ً احنه لازم نرتب امورنه ونفكر بالمستقبل ، خـو ما نظل على هاي الشغلة الخطرة .

ـ  الثاني : شنو ناوي تسوي وانته ماعندك أي شهاده لو مهنة !؟

ـ  الاول : انته من كَلت ، صير سياسي ، دماغي شتغل وفكرت انتمي لحزب سياسي قوي ، حتى هم اتوظف                  وهم مايكَدر بعد احد يكَلـّي على عينك حاجب .

ـ  الثاني : فكرتك صدكـ ذكية !

ـ  المخطوف ينقلب ويتأوه من الالم : آه ... عطشان اريد ماي .

ـ  الثاني : جيبله ماي كَبل مايطلب شربت .

ـ  الاول : هـــا ... هـــا ... من اجيبله  خلص الماي وماكو هنا حنفية ؟

ـ  الثاني : من هذا النهر القريب .

ـ  المخطوف : لا ما اريد من النهر .

ـ  الاول : ليش يابه ماتريد من النهر ؟

ـ  المخطوف : النهر مايه ملوث .

ـ  الثاني : لاتدلل علينه عاد ، خليك عطشان ، عود من ننزل للولايه نجيب ماي حلو .

ـ  الاول : هم حكَــّـه ، اخاف يشرب ماي النهر ويتمرض علينه ، إي راحت ايام زمان جانوا اهلنه يشربون من               النهر ومايتمرضون !

ـ  الثاني : تدلل عيني ، اجيبلك ماي خاص من هذا المستورد للجنود الامريكان .

ـ  الاول : هاي شلون تدبرهه !؟

ـ  الثاني نافخا ً صدره : أفه عليك .. صاحبك مشبج .

ـ  الاول : كلشي يصير بهالدنيه ! .. إي صدكـ  انته ماحجيتلي ليش لهسه ما متزوج !؟ ( غامزأ بعينه )  اخاف              المكينه عطلانه   هـــا ... هـــا ....

ـ  الثاني : ها كَمت تخبث ، وداعتك مثل الاسد بـَـدي ومكينه هـــا ... هـــا ... انشاء الله عن قريب أعلكَهه .

ـ  الاول : أي وتعزمني بزواجك ؟ حتى اركَصلك للصبح .

ـ  الثاني : ليش تعرف تركَص جوبي ؟

ـ  الاول : لا .. انه خوش اهزّ جتاف ( يهز كتفه ) ، ليش لازم جوبي !؟

ـ  الثاني : مو زواجي راح يصير يم الجماعة ، هناك يزوجون المجاهدين أي وحده تعجبه ، بلا مهر ولابطيخ .

ـ  الاول : هاي تمام .. وروح ابوك ، جا .. ماتاخذني وياك اصير مجاهد ؟

ـ  الثاني : لا ماتفيد .

ـ  الاول : ليش شنو ناقصني ؟

ـ  الثاني : هـَـم أسمك .. هـَـم لهجتك .. هـَـم صلاتك .. كلهه ماترهم .

ـ  الاول : أهـــــو .. هم رديــّـنه .. على هاي الخرابيط .. ! جا .. مو هاي احنه نشتغل سوه ؟

ـ  الثاني : ما أدري لازم  اسأل الجماعه ، بس ما أظن يوافقون .

ـ  الاول : طـْــز .. ما لازم .. مثل ما كَلت انتمي لحزب قوي .

ـ  الثاني : هذا الحجي ما اريده يطلع مِنــّا .. مِنــّا .. تره بيهه كَصْ ركَاب هــا .

ـ  الاول : أفـه سرّك إبـّير لاتخاف .. وهاي شواربي سداده . ( يمد يده لشاربه ويفتلها ).

ـ  الثاني : اعرفك زلمه وكَدهه .

ـ  الاول : جــا .. شلون !  ( يصمت قليلا ويستدير الى المخطوف ويواصل حديثه )

            وهسه شنسوي بهاي الغنيمه ؟

ـ  الثاني : لازم نظمّـه جم يوم على ماتهدأ المنطقه ويملون من البحث عنـّـه .

ـ  الاول : ويمته نتصل بأهله ؟

ـ  الثاني : ها ذكرتني لازم نفتشه عنده موبايل لو لا ؟

ـ  الاول :( تسلط عليه دائرة الضوء يتحرك نحو المخطوف ويقوم بالبحث في جيوبه ، يعثر على الموبايل                     فيصيح  رافعا يده الى الاعلى .)

           هاذ هو المو  بــايل . ( يلفظها كلمتين )

ـ  الثاني : هـهـه ...انطينيـياه... انطينيـياه لايبول عليك . ( الاول يناوله الموبايل)

ـ  الاول : شنهي ..! ( بأستنكار واندهاش )

ـ  الثاني : أكَــول لازم نصير حذرين بأستخدامه ، اخاف الحكومه صار عدهه تكنلوجيا حديثه تراقب من وين                  الاتصال.                                                                                              

ـ  الاول : يمعود هذوله بعدهم يدبون مثل النمل ، همه والتنك لوجيا كجه مرحبه !

ـ  الثاني : هـهــه ... هـهـه ... ولك التكنلوجيا مو التنك لوجيا ، انته تظل معيدي ؟

ـ  الاول : آنـه شمعرفني بهاي الطراكَيع ..

ـ الثاني : تذكر ذيج المـرّه جـان رحنه بيهه ، نزلوا الجناط وفتشوها بالسونار ، الجهاز ما أشّر على الجنطه                 اللي بيها السلاح  ، اشّـر على الجنطة اللي بيها الحشيشه !

          هــــا ... هــــا ... يضجان بالضحك .

ـ  الاول : زين الشرطي ماعرف  شنهي هاي ، ومن سألني كَتله هاي بطنج !

            هـــا ... هـــا ... يضجان بالضحك .

ـ  الثاني : هم زين طلع واحد اثول ، بس هيّـه مو حرام مثل العركَـ ، ( يصمت قليلا ثم يستمر راسما دائرة

             في الهواء قرب رأسه ) لوتعمرلنه فد جكَاره .. تره آنه كلش تعبان ومشتهي أدوخ راسي .

يقوم الاول بوضع الحشيشه بالسيكاره ويشعلها ثم يقدمها للثاني ويتناوبان عليها ، وبعد أن يبدأ مفعولها .

ـ  الاول : جا ماتكَلي شنو الفرق ، اشو  هذاك يدوخ وهاي هم تدوّ..خ !؟

ـ  الثاني : آنــه شمدريني ..!

ـ  الاول : يداعيك .. بس الملي جم فلس وارتب اموري ، إلي نيه اروح للعمره وابطل من هاي المشاكل .

ـ  الثاني : شنو رأيك ادفعلك نص كلفة السفر حتى تصير حجتك مناصفه آنـه وياك ؟

ـ  الاول : شنو تصنف عليه ؟ ( مستنكرا ً )

ـ  الثاني : لاولك .. حتى نقتصد بالصرف والثواب ماضايع ، وانـه هم اروح للزيارة واندعيلك ، مو انته تعرف

             الواحد لازم يساير الوضع ويضيـّع اموره ، تـره هـاي مريوده .. .  

 يواصلان التدخين وهما جالسان ، الانارة تضعف حتى الظلام وتزداد دائرة الضوء شدة على الام .


المشهد الثاني

....................

الام جالسة على الارض ممدده رجليها وهي تنوح وتبكي ، الاب جالس على كرسي حزين مطأطأ الرأس .

ـ  الام : يمه وليدي .. سلام .. وين صرت يمه ، اخاف كتلوك المايخافون من الله ، اخاف خطفوك ، يمه اكيد               عطشان ، جوعان اروحلك فدوه يمّه . ( تلطم صدرها ) 

ـ  الاب : هلكنه واحنه ندور ، صار النه تلت ايام .. ماخلينه مستشفى .. ماخلينه مركز شرطة .. حتى بالشوارع             فترينه ندوّر ، عبالك فص ملح وذاب ماكو ( يهزّ بيده ويضربها بالاخرى ).

ـ  الام : ابو سلام .. نشدتوا اصدقاءه اخاف مسافر يم صديق لغير ولايه .

ـ  الاب : أم سلام .. شلون حجايه هاي ، ســـــلام .. يسافر ومايخبرنه ، هاي مستحيل سلام مايسويها .

ـ الام : والله من كَد ما محتركـ أفادي تجيني افكار ووساوس ما ماره عليه طول عمري .

ـ الاب : ام سلام .. اريدج قوية مثل عهدي بيج ، لو نسيتي .. شدّه وتزول .

ـ  الام : شلون انسه ، ظلم اكثر من تلاثين سنه انحفر بعظامنه ، شلون انسه وجه ضابط الامن النذل من صفع             سلام على وجهه وعمره عشر سنوات يسأله عنك وين اختفيت .

ـ الاب : هم زين دفنت كل كتبي ، بس بعدين تذكرت اني ناسي مذكرات بابلو نيرودا بالكنتور وظل بالي عليكم .

ـ  الام : انه شفتهه واضطريت احركهه بالتنور .

ـ  الاب : فدوة الكم تتعوض .

ـ  الام : عمرنه كلّه ماشفنه راحة ، مانريد من هالدنيه شي ، بس اولادنه يعيشون بسلام .

ـ الاب : عمر العراق ماشاف راحة ، وكلما يعمر الشعب بلادنه لو يجي حاكم ظالم يذبحه لو احتلال يدمره .

ـ  الام : هاي صارلنه تلات ايام ماشفنه النوم لا ليل ولا نهار ، واكيد سلام ماضايك النوم ، هو ماجان يروح                لفراشه الا بعد مايكول النه تصبحون على خير ، سوده عليه يمــّه .

ـ الاب متحركا ببطء نحو الشباك ويتحدث بحزن : سلام وليدي تاج راسي عزّي وفخري ، سميتك سلام من                جنت ابطن امك ، لانك مسالم .. هاديء .. ودود .. ما اذيت امك ولا ابوك ولا اي واحد ، نشمي وكَدهه            بالشدايد ، سنين الفركَه الطويله انته جنت بيهه ابو البيت ، شاطر بالدراسه ، نجاحك بذراعك ومالوثت            ايدك بدفع رشوة .

ـ  الام : جان دائما يكَلّي .. يوم .. اريد اعوضكم عن كل اللي فاتكم وارفع راسكم بين الناس .

ـ  الاب : وانت عزيزتي ام سلام ، تحملتي ضيمي وما هزتـّج سنوات القهر والحرمان ، وربيتي سلام احسن                تربية انه فخور بيج طول العمر .

ـ  الام : انته نور عيني ابو سلام ، ماقصرت ويانه رغم الملاحقات جنت توصل النه اخبارك وماخليتنه معتازين            لاحد .

ـ  الاب : اللـــه .. تذكرين ام سلام ، من جنه نّــام فوكَـ السطح جنت اختار المع النجوم واسويلج منهن كَلادة .

ـ الام : لا ما انسه حجيك الحلو ، وجنت تكَول لازم اخذكم بسفرة لاوربه ، لموسكو ، لندن ، باريس ولبيروت             حتى انشوف البحر وتعلم سلام السباحة .

ـ الاب : وعدي ما ناسيه ، بس سلام يخلّص الجامعه اخذكم بسفره طويله ، حتى تشوفون بعيونكم شلون                  شعوب العالم المتحضرة عايشين بالجنه ، همه ماعدهم ثروات مثلنه ، بس ثروتهم بعقولهم !

ـ  الام : اي ملينه من هالعيشه ، لا كهربا .. لا ماي .. لاخدمات ، بس شبعونه حجي كَبل الانتخابات .

ـ الاب : جنت اتمنه سلام يدرس بالخارج وهو يستاهل وكَدهه ، الجامعات عدنه صارت متخلفة ، بس الدراسة             بالخارج ينرادلهه فلوس هواي .

ـ  الام : هو المسكين اكثر من مرّة كَاللي ، لو ادرس بالخارج اصير عالم جبير ، إيـــه ... ظلت حسره بكَلبه                وبكَلبي .

ـ  الاب : خلصنه من الدريع وكَلنه نجر نفس ، بس يبدو الجماعه ناوين يخنكَونه من جديد .

ـ  الام : من السقوط لهسه ، قتل وخطف وعراك على الكراسي ، واحنه شداخل بجيسنه غير الضيم ، وهاي                حرام وذيج حرام سوَّوْ حياتنه مثل الماتم  

ـ  الاب : صحيح صارت الحياة بلا طعم ، حتى الامام علي كَال " اعمل لدنياك كانك تعيش ابدا ً...... " يعني                لازم الواحد يخفف من هموم الحياة بالفرح ، والضحك يطوّل عمر الانسان ، ولهذا السبب الدول                   المتحضرة تصرف المليارات على المسارح والمعارض والسينمات والحدائق والرياضة وغيرها .

ـ  الام : اي هاي ينرادلها احزاب ومسؤولين متنورين ويخدمون شعبهم .

ـ  الاب : لازم هذا يصير .. لازم ، لانه هاي هي سنة الحياة لو شكَد ما حاولوا يعرقلوها مايكَدرون  .. لازم                   يفهموها .. لو تلفظهم الحياة مثل ما لفظت القبلهم !

يرن موبايل الاب فتقفز الام من مكانها وتقترب من زوجها مذعورة ، الاب بأرتباك يبحث عن الموبايل في جيوبه ، يؤشر بيده لزوجته بأن تهدأ . يلاحظ الاب رقم موبايل سلام على الشاشة .

ـ  الاب بصوت عالي ممزوج بالفرح : هذا سلام ...

ـ  الام بفرح وارتباك : حبيبي سلّومي ..

 تنتقل دائرة الضوء الى الرجل الثاني وهو يتكلم بالموبايل .

ـ  الثاني : ابو سلام ..

ـ  الاب يدرك أن الصوت غريب : نعم تفضلوا من حضرتكم .

ـ  الثاني : ابنكم موجود عدنه ، اسمع زين .. اذا تردونه حي تدفعون المبلغ اللي نطلبه ، واذا بلغتم الشرطه                  تخسرون ابنكم . ( يغلق التلفون ) .

ـ  الاب : آلو ... آلو ... آلو  ، الكلب سدّ التلفون .

ـ  الام : منو هذا !؟

ـ  الاب : سلام .. مخطوف .

تسقط الام على الرض مغشيا ً عليها ، فيهب الاب لانقاذها .

ـ الاب : ام سلام ..  أم سلام  .. 

يضرب على خدها ثم يهرول يجلب قدح ماء ويرش على وجهها ، فتعود تدريجيا ً الى وعيها ويساعدها على الجلوس .

ـ  الاب : ام سلام .. ام سلام .. سلامتج عيني .

ـ  الام بصوت واهن : سلام وليدي .. سلام وليدي .

يجلب الاب قدح ماء ثاني ويعطيه لزوجته .

ـ  الاب : ام سلام .. شربي عيني .. شربي ماي .

ـ  الام : هاي تلات ايام قلبي يوجعني وحاسّه سلام لازم صاير عليه شي .

ـ  الاب : هدّي اعصابج وهسه احنه عرفنه هو موجود وعايش ، وانشالله تعدي على خير .

ـ  الام : انشالله .. بس خايفه لا هذوله الهمج يذبحوه .

ـ  الاب : اذا تصرفنه بحكمة يرجعلنه ابنه سالم .

ـ  الام : الله يسمع من حلكَك ، وهسه شنسوي .

ـ  الاب : لازم مايطش الخبر بالمنطقه ، وننتظر منهم تلفون.

ـ  الام : رايك صحيح الوادم صارت ماتنحزر ، مو مثل كَبل كَلب علَ كَلب ، يمه سلام .. شلون عايش هالايام                     

           ينطوك اكل .. ينطوك .. ماي .. تنام على فراش نظيف .. يمه عساها بيه ولابيك يمه .. ؟

ـ  الاب : انه اروح لاخوي ابو احمد اخبره بالموضوع ، هو عنده صديق ضابط بالاستخبارات اخليه يتصل بيه                        وياخذ رايه شنسوي ، انتي خليج بالبيت ولاتحجين لاحد بالموضوع ، انه راجع بسرعه .

ـ  الام : ترجع بالسلامه ، لاتتأخر ابو سلام .

يتحرك الاب نحو جانب المسرح ويخرج ، يخفت الضوء حتى الظلام وتبدأ دائرة الضوء بالتوهج تدريجيا ً على الاول  يقوم ويحرك يديه كالحالم و كأنه يدعو الى السماء ورأسه للاعلى .

ـ  الاول : لو تتحقق هاي الصفقه .. وجم وحده بعد مثلهه ..  يتحقق حلمي الجبير ..

ـ  الثاني : ياحلم هذا !؟

ـ  الاول : أريد ابنيلي عماره أم خمس طوابق ، كافي بعد نعيش بالصرايف وبيوت الطين .

ـ  الثاني : موهالشكل تفضحنه كَدام الناس ! يكَولون منين إله هاي الفلوس ؟

ـ  الاول : يمعود منو يقرا منو يكتب ، أشو كلهم بنو عمارات وقصور من ورى السقوط ، حتى بالخارج !؟

ـ  الثاني : صحيح !؟

ـ  الاول : واكتب على العمارة بخط جبير بالفرفوري " هذا من فضل ربي ".

ـ  الثاني : ولاتنسانه بالعزايم .

ـ  الاول : أفــه ... انته اول واحد ، والله لاخلي الذبايح تتناطح ، وماخلّي احد من الكبار يعتب .

ـ  الثاني : وعند البطون تعمه العيون !

             هـــا ... هـــا ... يقهقهان .

ـ  الاول : شنو رأيك شكَد نطلب منهم ؟

ـ  الثاني : خمسين الف دولار ، يعني خمس شدّات .

ـ  الاول : تعتقد يدفعون ؟

ـ  الثاني : غصبن عليهم ، لو هذا بعد مايشوفوه (  ملتفتا ً ومشيرا ً الى المخطوف ) ، وهسه لازم اتصل بيهم.

يقترب الاول منه ، يخرج الموبايل من جيبه ويتصل ( تسلط دائرة ضوء عليه ) . يرن موبايل الاب أثناء دخوله  البيت ، يخرجه من جيبه مرتبكا ً( تسلط دائرة ضوء ثانيه عليه ) ، تقفز الام مذعورة وتلتصق بجسد الاب واذنها قريبة من الموبايل .

ـ  الثاني : ألو .. ابو سلام .

ـ  الاب : ارجوك .. شتطلبون احنه حاضرين بس لاتأذوا ابنه .. ابنه نريده سالم .

ـ  الثاني : ابنكم يرجعلكم سالم بس تنفذون اللي اطلبه .

ـ  الاب : إيــه .. حاضر بس شنو المطلوب ؟

ـ  الثاني : باجر العصر تجي وحدك جوّه الجسر الجبير ، وتجيب وياك خمس شدّات .

ـ  الاب : هذا مبلغ جبير ماعدنه ، سويهه تلاثة .

ـ  الثاني : احنه مانتعامل ، دبّـر امرك .. ودير بالك أي حركه غريبه بالمنطقه تستلم ابنك جثـّه . ( يغلق الموبايل )

ـ  الاب : آلــو .. آلــو .. النذل سدّ التلفون ، طلبوا خمس شدّات منين ندبرهه !؟

ـ  الام : نبيع كلشي .. ذهباتي .. نتداين ، اخدم بالبيوت .. بس سلام يرجعلي سالم .

ـ  الاب : لازم اروح لابو احمد حتى يساعدني بالمبلغ ، واشوف شنو نسوّي .

ـ  الام : دير بالك ابو سلام .. اريد ابني سالم ، تره اكتل روحي اذا صار عليه شيء .

ـ  الاب : لاتخافين ام سلام .. لاتخافين ..

يخرج الاب وتلحقه الام حتى الباب ( عند طرف المسرح ) ثم تعود تجلس على الكرسي حزينه وتضرب بيدها على فخذها ، وتسلط عليها دائرة الضوء وتخفت تدريجيا ً.

ـ  الام : ماريد من هالدنيه شي بس يرجعلي وليدي سالم .

ضوء خفيف على الطرف الثاني من المسرح .

ـ  الثاني : يالله لازم نتحرك حسب الخطه ، فك عيونك زين ، من نقترب من الجسر ونشوف المنطقه فارغه ،                انزل آنه وتبقه انته ويه هذا بالسيارة ، اخذ الفلوس من ابوه ، بعدين نترك ابنه على الشارع ونحرّك              بسرعة.

ـ  الاول : انته متأكد من الخطه ؟

ـ  الثاني : ليش هي هاي .. قابل اول مرّه !؟

ـ  الاول : امشي .. توكل على الله .

يفكون الحبل من قدمي المخطوف ، يساعدانه على النهوض ويخرجون من المسرح ، الثاني يأخذ معه الفانوس ثم ظلام .

بعد لحظات يأتي صوت عالي وبفرح ، من خلف المسرح  .

ـ  الاب : أم سلام .. أم سلام .. افتحي الباب .. إجـه سلام ..

يزداد الضوء على المسرح ، تقفز الام من الكرسي بفرح غامر متوجهة الى الباب .

ـ  الام تصيح : يمـه وليدي سلام ...

 يدخل الابن والاب ، تطلق الام هلهوله ، ترمي بنفسها على الابن تقبله وسيل من الدموع يغمر عينيها .

ـ  الاب يمسح عينيه وبفرح : مبروك أم سلام .. قرت عينج .. ابني سلام .. هلــه بيك أبيتك وليدي .

ـ  الابن : يمـّه آنـه طول الوكت بالي عليكم ، وصورتكم مافاركَت عيوني ، يبه .. انتو  ماقصرتوا .

ـ  الاب : وليدي المهم انته طلعت سالم وكلشي يروحلك فدوه .

ـ  الام : إي كلشي يروحلك فدوه .. والفلوس تروح سم ببطونهم .

ـ  الاب : لا .. لا .. أم سلام .. ماخلوهم يتهنون بيهه ، بعد ما طلقوا سراح سلام ، جانت مفرزة خاصّه مطوقه              المكان من بعيد بسيارات مدني ، ولزموهم الجلاب .

ـ  الام لشدة فرحها تطلق هلهوله ، وتردس مع اهزوجه :

 

" هاي فرحه ..  وبعد فرحة ..  واليحب يفرح ويانه

                                        هاي فرحة .. وبعد فرحة .. واليحب يفرح ويانه "

.................

انتهى .

 

البصرة

2010 05 30