كـتـاب ألموقع

الدولة العراقية وعلم الفضاء// عبد الرضا المادح

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

اقرأ ايضا للكاتب

الدولة العراقية وعلم الفضاء

عبد الرضا المادح

2014.12.03

 

منذ الطفولة كنت احلم بسبر اغوار الفضاء ، فجمعت صور كثيرة لمناطيد مختلفة الالوان والاحجام وهي تحلق فوق المدن والمزارع والغابات الساحرة في بلدان الكفر والرذيلة ! وبعد أن ينشر الليل عباءته السوداء ، كنت اتمدد على سريري فوق سطح الدار ميمما وجهي شطر السماء ، لأبدأ بعدّ النجوم وتشخيص الدب الكبير والصغير والميزان والتمتع بلألأة الثريا فأسرح بأحلامي الصبيانية وأنا احلق بين النجوم كرجل فضاء يحمل دلو ماء وخرق قماش لامسحها فتزداد لمعانا ً فيتمتع البشر بضياءها .

واليوم كعراقي بدأت احلامي الفضائية تتحقق ويالسعادتي وفرحي الذي لايحتويه الكون ، فكل يوم نسمع الاخبار المذهلة عن النجاحات الفضائية التي حققتها و تحققها الحكومات التي ( يتشرف ) الشعب العراقي بها !؟

فحكومة البعث بقيادة القائد المنصور ، حققت ارقام فلكية بعدد السجناء و الملاحقين سياسيا ً وقتلى الحروب و قتلى الكيمياوي والانفال واعداد المجندين الفلكية بأجهزة البعث والجيش والشرطة والحرس الجمهوري وفدائيي صدام والجيش الشعبي وجيش القدس والفرسان ( الجحوش ) ومسلحي العشائر والامن والمخابرات ... لاحصاء انفاس الناس وو ..!! ورغم كل ذلك لم يحق أي نصر وطني أو قومي سوى الهزائم والدمار !

ولايزال بعض الواهمين ، يعتقدون أن (رجل الفضاء) القائد ، حي يرزق على المريخ وسيعود يوما ليقود القطيع المؤمن ، رغم أن (المحررين) وجدوه في حفرة لم يتجرأ أن يخرج منها لقضاء حاجته !؟

أما حكومات مابعد النعيم الديمقراطي فهي الاخرى حققت نجاحات مذهلة ! فبلغت ميزانية العراق ارقاما ً فلكية ! ليزداد القتل والفقر والجوع والامية والتلوث البيئي ، بل حتى العطش في بلاد النهرين (الميزوبوتاميا) ليبلغ ارقاما ً فلكية ! أما اعداد الجيش والشرطة واجهزة المخابرات والمليشيات والبيشمركة والحشد الشعبي والحرس الوطني (قيد الانشاء) وجيوش العشائر من غير عصابات الخطف والنهب ، كل ذلك منها الصالح والطالح يشكل اعدادا فلكية ايضا ! يضاف الى ذلك ظهور جيش همجي على ارض العراق ( داعش ) نتيجة التخبط السياسي !

أما الانجاز الكبير في مجال علم الفضاء الذي استبشر به العراقيون ، هو وجود ظاهرة الفضائيين في طول البلاد وعرضها حتى على ارض المنفصل عنها كما صرح الوزير هوشيار زيباري !

دخلت للثقافة الشعبية مصطلحات عجيبة غريبة منها " الصكاكة ، الحواسم ... " واخرها " الفضائيون " وهم عسكريون وحمايات وموظفون بعشرات الالاف ، لاوجود لهم على الارض وتصرف رواتبهم لجيوب حرامية العملية السياسية !

حيث اعلن رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي وبجرد بسيط ، عن اكتشاف 50 الف عسكري فضائي ، ووعد باكتشاف المزيد ! هذا من منجزات و تركة القائد العام للقوات المسلحة السابق ! و وزير دفاعه بالوكالة !

خلال الحملة الانتخابية ، قام المالكي بتوزيع قطع اراضي فضائية ( لاوجود لها على الخارطة ) على المستغفلين وكذلك تمليك العشوائيات ، كل ذلك من اجل الكرسي المقدس تحت شعار( بعد ماننطيهه ) والذي طار بلاعودة !

كما جرى الحديث عن رقم فلكي ( اكثر من 11 مليار دولار ) اختفت من مكتب المالكي ( تم طمطمتها والشعب ياكل حصرم !) مع كل ذلك خرج القائد المؤمن كالشعرة من العجين بلا محاسبة ليحتل منصب اخر براتب فضائي !

كان القادة المعارضين قبل أن يتربعوا على الكراسي الهزازة للعملية السياسية ، معظمهم لايملك شيء ، فبادروا الى تخصيص رواتب فلكية لانفسهم ناهيك عن المنافع وتوزيع المشاريع بينهم ، فنمت ثرواتهم كالانفجار العظيم ، واصبحت لاتقاس إلا بأرقام فلكية ، حصلوا عليها في فترة زمنية قصيرة سبقوا بها سرعة الضوء ! وتبريرهم الوحيد " أن الله يرزق من يشاء ".

 أما الاموال الفلكية المكتسبة من سرقة ( الدبس الاسود ) النفط  وتهريبه ، وصفقات الذل ( السلاح لداعش مقابل النفط ) وغيرها ، فهناك حكايات لايعلم بها إلا الجن وطناطلة المافيات من الشمال الى الجنوب ،بمباركة المافيات الاقليمية والدولية !

كل يوم تمطر الفضائيات علينا ، بأخبار فلكية جديدة ، اخرها وليس اخرها ، عن وجود سبعة الاف وظيفة فضائية في امانة بغداد ! وعمليات فساد في وزارة الثقافة ووجود بيوت ثقافية فضائية !

ماذا عن الوزارت الاخرى ، فالمخفي اعظم لايعلم به إلا الراسخون في الفساد !

آخر رقم فلكي ، أن العراق احتل المرتبة  170 من اصل 176 من بين الدول الاكثر فسادا في العالم ( رقم 1 الاقل فسادا )، اي أنه يقع في صدارة الدول التي ينخرها الفساد !

بعد أن فاحت رائحة الفساد النتنه وافلست خزينة الدولة ، تكرموا على الشعب العراقي ، بتخفيض رواتبهم  %50بشكل مؤقت ! ولكن هيهات أن تمر خسائرهم دون تعويض مجزي ، فلديهم اساليبهم الذكية ، منها تعيين ابنائهم وبناتهم واقاربهم برواتب فلكية!

الحديث لاينتهي فالجرح عميق ولم يظهر من جبل الجليد الطافي إلا قمته !

لو سألنا رجال الفضاء الحقيقيين الذين يجازفون بارواحهم من اجل خدمة البشرية وتطورها ، كم هي رواتبهم ؟ وهل يمتلكون قصور على المريخ ؟ وهل شاهدوا شعوبا ًعلى الكواكب حالهم كحال الشعب العراقي المسكين !

 

الذي لم يسلم على ميزانيته الفضائية ! بل حتى على تربة وطنه على كوكب الارض !