كـتـاب ألموقع

امرأة بطلة من أفغانستان// عبد الرضا المادح

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

امرأة بطلة من أفغانستان

عبد الرضا المادح

2015.12.09

 

في عام 1996 سيطرت قوات حركة طالبان على العاصمة الافغانية كابل، وهاجمت مقر ممثلية الامم المتحدة هناك واختطفت الرئيس السابق لجمهورية افغانستان الدكتور (محمد نجيب الله) (خريج جامعة كابل عام 1975) مع اخيه ومرافقيه، كان الرئيس المستقيل منذ عام 1992 قد طلب اللجوء السياسي والحماية من الامم المتحدة ولم توفر له ذلك بسبب ضغط امريكي وباكستاني وهما حليفتا طالبان، وامام انظار العالم وبدون أي محاكمة عادلة، قامت طالبان بشنقه واخيه وحراسه في احدى الساحات العامة، وهكذا بدأت مرحلة معتمة من تاريخ وحياة الافغان وخصوصا المرأة التي تعيش ظروفا غاية في الصعوبة، تحت ظل قوانين همجية لاتوفر لها سوى الاذلال والتخلف.

في ظل الحكم الجمهوري قبل عام 1992 كان الشعب يعيش ظروف حياة مدنية مقبولة، وكانت المرأة تتمتع بحقوق كثيرة منها الدراسة في البلد او خارجه والعمل بمختلف الاختصاصات، أما بعد سيطرة طالبان حرمت المرأة من كافة الحقوق، فمنعت من الدراسة والعمل وفرض عليها النقاب والجلوس في البيت وحرمت من حق اختيار شريك الحياة، أما الحديث عن علاقة حب، فهذا من اشد المحرمات ومن تخالف ذلك تتعرض للجلد في الشارع، وقد تصل العقوبة الى  الرجم بالحجارة حتى الموت اذا اتهمت بعلاقة جنسية؟

في ظل هذه الثقافة الهمجية السائدة في افغانستان، تبرز امرأة تتحدى قسوة الحياة وتفرض نفسها بجدارة لتعيش حياة كريمة ترفض أن تمد يدها لتستجدي لقمة العيش، انها "سارة" شابة في العقد الرابع من عمرها، تعيش في مدينة "مزار شريف" الغير خاضعة لطالبان ولكنها ليست بعيدة عن متناول عناصرها الاجرامية، فقد قتلت طالبان زوج اختها فقررت أن لا تتزوج بل تجند حياتها من أجل توفير قوت العيش لأمها واختها مع اطفالها واطفال اخيها، فأختارت مهنة سياقة التكسي وهي مهنة صعبة ومحفوفة بالمخاطر، وهي المرأة الوحيدة التي تسوق التكسي وسط (1400) سائق تكسي في المدينة! وقد وردت اليها تهديدات وعانت من مضايقات، ولكنها اصرت وقاومت وقد مرّ على عملها هذا عشرة سنوات، واصبحت مشهورة في المدينة ومحترمة من قبل الكثير من الناس، بحيث أن اصحاب محلات غسيل السيارات يهرعون لخدمتها مجانا! وبسبب الفوضى وعدم وجود ثقافة ونظام مروري، تعرضت لحادث مأساوي حيث صدمت طفلة حتى الموت، إلتقت "سارة" بأهل الضحية وعبرت لهم عن ألمها واسفها واستعدادها لتقديم المعونة والتعويض، فرفضوا أهل الطفلة وعفوا عنها واعتبروا الحادث عن غير قصد، فنشأت علاقة صداقة ومودة بينهم .

لاتزال البطلة "سارة" تواصل مهنة السياقة، وبسبب الثقافة والتقاليد المتخلفة فهي لا تنقل سوى النساء، لأن نقل الرجال "حرام" !؟ وتعمل فقط في النهار داخل حدود المدينة، فخارج المدينة والليل يشكلان خطر على حياتها، مما يؤثر بشكل سلبي على دخلها اليومي الذي لايتجاوز الخمسة دولارات! كما تؤكد والبسمة لاتفارق وجهها .

"سارة" تمارس عمل آخر وهو تربية النحل مع صديقاتها، حيث تضع المناحل العديدة على صطح الدار وتجيد فن تربية النحل، كما تزور عائلة لمساعدتها في تقديم العلاج الطبيعي لرب العائلة المعوق بلا مقابل .

هذه المرأة المناضلة يزورها الصحفيون والاعلاميون الافغان والاجانب لاجراء مقابلات معها، وكانت احداهم فضائية روسيا اليوم ( آر ـ ت )، التي صورت عنها فلما يعكس حياتها.

انها امرأة تستحق التثمين، فهل ياترى ستلتفت اليها المنظمات الدولية لتكريمها؟