كـتـاب ألموقع

• " الصخب والعنف " في البصرة

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 عبد الرضا المادح

 

 ·        " الصخب والعنف "  في البصرة

 

 

     2010.02.01

 

يطل عليك صباح بصري جميل ، تأمل أن يكون معطرا ً بالفرح والهدوء ، تتذكر صوت فيروز الذي كان يدغدغ احلام العراقيين مع زقزقة العصافير حين تشرع بالطيران ، تضغط على " ألريموت كنترول " بأنتظار أن يشرق وجه فيروز على الشاشة، تبقى الشاشة غارقة بالظلام ، لان الكهرباء لم تنهض بعد من كبوتها الازلية ؟

 

يرج دماغك صوت نافر لضربات الحديد على قنينة الغاز ، تتذكر أن بعض الدول المتحضرة تخلت عن هذه الطريقة القديمة ولجأت الى الكهرباء ، نسيت أن تسجل اصوات الكلاب السائبة طيلة الليل " وعتوي " اسود يصرخ على سطح الدار بحثا ًعن عشيقة في ظلام  " الدرابين " ؟

 

تؤجل فنجان القهوة لحين مجيء دورها على قائمة القطع المبرمج ، تحمل اشلاء احلامك الى الشارع المترب ، تصطدم بأنغام ابواق السيارات فالكل يجيد عزف الاغاني الشرقية فيطرب المارة والركاب ، ناهيك عن مكبرات اخرى موسمية ..! تركز بصرك على الرصيف ، لتتحاشى الحفر والسيارات التي تتربع عليه ، اكشاك

 

 " الحواسم " الممتدة الى نهايته ، مساطب المحلات ومعروضاتهم تجبرك على المجازفة والنزول الى الشارع لتتصارع مع موج السيارات المتلاطم ، تحبس انفاسك كلما مرّيت بحاوية أو ازبال عند المنعطفات ، تصل ساحة أم البروم وقد اصطبغ لونك بالتراب ، تلج ازقة ضيقة تسمى " اسواق " ؟ تجد صعوبة في الانزلاق بين اجساد المتبضعين ومصطبات البائعين ! ، صخب المكبرات لايسمح لك ان تفتح فمك حتى مع البائع ، " تعودنا حتى اصبحنا لاندرك سوى الصداع " ! يجيبك العاملون في السوق !  تنتبه في اللحظة الاخيرة الى ثقب اسود في الارض يقال انه فتحة مجاري ! هنا لاشيء اسمه أرصفة ونظام سوى صخب وزحام !؟

 

في ظل الصخب تتناهى الى سمعك اخبار عن العنف ، أحدهم قام بصولة خاصة فأغلق كل محلات المشروبات خلال سويعات ! رغم تمتعها بالاجازة والديكور والنظافة ، ولكن هذه حرام وكل شيء آخر في السوق حلال !؟

 

اخبار القتل والخطف تزاحم ارتفاع الاسعار ، جثة مرمية هناك ، سرقة تمت هنا ، يتحذر الناس عند الحديث عن الرشاوي ، فذلك يمس هيبة الدولة وسمعة المسؤولين ! ، همس أحدهم " تعقيب معاملة الطابو بمليونين ...! " تلفت الاخر وقال " الجواز تستلمه خلال اسبوع بثلاث وريقات خضراء ...! " اما اخبار المقاولات التي تدرّ الملايين فلا تسرّ السامع ... ! .

 

 قال احدهم وكان شرطيا ً بملابس مدنية " اني كنت اسوق تكسي وبالصدفة ..!  أمسكت بعاهرة ، اتضح انها تستدرج سواق السيارت الحديثة الى الزبير وهناك يتم قتلهم حتى اصبح عددهم خمسا ً وثلاثين ...! "

 

ظاهرة جديدة قديمة بدأت تنشر رعبها ولم يمسك الجاني بالصدفة بعد !

 

يُضيـّـفُ الراكب الكريم سائق السيارة عصير " راني " ، بعد أن دس له السم " فسفور عضوي " فيفقد وعيه لايام والموت قاب قوسين ، ومحظوظ من يـُـنقذ بالصدفة ، فالمستشفى لاتملك أجهزة تحليل لمعرفة السبب ، والدواء يتوفر بالصدفة !

 

الجاني يقود السيارة من الجنوب الى الشمال وهو مطمئن لأجرءات الشرطة الروتينية البطيئة واجهزة كشفها في السيطرات التي لاتحقق الصدفة ...!

 

صخب وعنف في مدينة تحلم بموارد باطنها الاسود ، لتنشرها شوارع وارصفة مشجرة زاهية ، حدائق غناء ، مدارس وجامعات متطورة ، اسواق عصرية ، سينمات ، مسارح ، مكتبات ، متاحف ، ناطحات تعلوا هامات النخيل ..... ووووواحلام بلاجات تستقبل الاوز والسياح على ماء نهرها " العذب " ...!

 

ملاحظة ليست أخيرة، البصرة القديمة يستعصي وصفها حتى على وليم فوكنر صاحب "الصخب والعنف "...!

 

.........................

 

البصرة ـ طورا بورا