اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

التضحية في اقسى تجلياتها من اجل مغربية الصحراء// انغير بوبكر

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

انغير بوبكر

 

عرض صفحة الكاتب 

الدكتور محمد الشيخ بيد الله:

التضحية في اقسى تجلياتها من اجل مغربية الصحراء

انغير بوبكر

 

-    مقدمة لابد منها :

يعتبر فن البوح في ثقافة اهل الصحراء عن قضية الصحراء نفسها ،فيما يعرف بأدب المذكرات ،من الفنون القليلة النادرة ، رغم اهمية هذا الادب الفني الملحة،  في اضاءة عدد كبير من مناطق العتمة في تاريخ قضية الصحراء المغربية ،بالإضافة الى جانبه النفسي التنفيسي من حيث هو بوح مؤلم عن فترات صعبة قاسية على الوعي الفردي والجماعي لساكنة الصحراء وتسليط للضوء على احداث ووقائع شكلت اللبنات الاولى لتشكل قضية الصحراء المغربية ، ومرد ندرة نماذج هذه الكتابات يمكن ان يفهم انطلاقا من تواضع اهل الصحراء وتعففهم عن الكلام عن انفسهم مخافة الرياء او اتقاء شبهات التكبر والتبجيل، لكن كتاب "الصحراء.. الرواية الأخرى"، خرق العادة وانخرط في الاستثناء. فما احوج الباحثين والدارسين المهتمين بمعرفة بعض ماجرى في قضية الصحراء، الى امثال هذه الدراسات والى الاطلاع، عن كنه وحقيقة صراع مفتعل حول مغربية صحرائنا، من افواه رجال عايشوا الاحداث وعاينوا المؤامرات التي حيكت من اجل تشتيت وحدتنا الترابية وكانوا شهودا حقيقيين عن تضحيات كبيرة بذلها المغاربة شعبا وملوكا من اجل الذود عن وحدة ترابنا.

 

-    الكتاب– الاستجواب– وثيقة تاريخية لمعرفة ما جرى وكيف جرى بخصوص قضية الصحراء المغربية:

يعتبر الكتاب – الاستجواب، الذي اعده الصحفي المتألق والاعلامي المتميز محمد احداد حول "الصحراء.. الرواية الاخرى" والذي يتضمن شذرات من مذكرات الدكتور محمد الشيخ بيد الله، من الكتب ذات الاهمية الكبيرة في التأريخ لقضية الصحراء المغربية منذ البدايات الاولى لهذا النزاع المفتعل الى تطوراته الراهنة المتسمة، بما اسماه الدكتور بيد الله بعصر الفتوحات الديبلوماسية المغربية في افريقيا تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس. الكتاب هام بموضوعه ومميز بكاتبه ومؤلفه، وضروري لكل باحث عن الحقيقة لان المستجوب في الكتاب شاهد عصر ومشارك فعلي في صنع عدد من الاحداث التاريخية، وقد قام بتقديم الكتاب الدكتور حسن طارق، الديبلوماسي الشاب والسفير المغربي الحالي بتونس الشقيقة واحد السياسيين الذين تخرجوا من المدرسة الاتحادية الاصيلة.. الكتاب شذرات من مذكرات حول قضية الصحراء، لكنه كتاب يحمل في طياته عناوين لمحاور بحثية شتى لم يتطرق اليها الكتاب بالتفصيل وتحتاج كمواضيع الى من ينبش عنها ويطلع عنان البحث فيها، لانها مواضيع ضرورية لفهم مرحلة تاريخية مفصلية من تاريخ المغرب المعاصر، هذه المواضيع التي تحتاج الى بحث وتنقيب تاريخيين، سمى المؤلف بعضها بالغام: لغم تأسيس نواة الطلبة الصحراويين بالرباط، لغم جيش التحرير وعملية المكنسة، ولغم حرب الصحراء، ولغم العائلات المتشظية بفعل هذا النزاع ومنها عائلة الدكتور محمد الشيخ بيد الله. ولهذه الالغام-المحاور البحثية- اضيف لغم الاستهانة بنضالات الشباب الصحراوي في الرباط والجنوب المغربي، وقمع النضالات الطلابية في بدايتها أي في السبعينات ودور ذلك كله  في خلق جبهة البوليساريو، ولغم الماسي التي تعرضت لها عائلات صحراوية بالجنوب المغربي ذاق ويلات السجون وغياهب المعتقلات، بسبب اخطاء ادارية وسوء تقدير سياسي من بعض الساهرين على الامن انذاك، اذ تم استهداف عائلات باكملها واخذت بجريرة فرد من افرادها،.. الجرأة العلمية البحثية تقتضي اذا ،فتح كل الملفات واعطاء الحقائق كاملة للاجيال المقبلة في كل ما يخص قضية الصحراء المغربية، فالحقيقة التاريخية عند معرفتها والاقتناع بها تتحول الى وعي جماعي لدى الناس وتتحول الى ذاكرة موشومة بلغة "عبد الكبير الخطيبي" من الصعب ان تمحوها كل الاليات الاعلامية والايديولوجية التي تبتغي نشر وعي مزيف "بلغة محمود امين العالم " وغير صحيح عن قضية مقدسة لدى المغاربة هي قضية الصحراء المغربية .

 

-    شذرات من مسار محمد الشيخ بيد الله :

تحت خيمة في البادية الصحراوية بين السمارة وطانطان ولد الدكتور محمد الشيخ بيد الله في فاتح يونيو 1949م من اسرة علمية اصيلة عرفت بالعلم والعلماء والقضاة .. حيث ان اباه محمد محمود  كان فقيها وعالما  يقصده طالبو العلم من كل حدب وصوب، واخواله كانوا في اغلبهم قضاة شرعيين في شنقيط "موريتانيا حاليا" ، وبعد المسيرة الخضراء " تفرقت العائلة، واصبح الامر شبيها بسرب من الحمام يتشظى عندما يهاجم ببندقية صيد فيتطاير الى جهات مختلفة. انتقل محمد –اخي الكبير- الى نواذيبو بموريتانيا واستقر بها، وعاش هناك لحظات مأساوية بعد هجوم الجزائريين. اخوتي الصغار ذهبوا مع البوليساريو الى مخيمات تندوف. اما انا واختي من امي والاخرون فبقينا في السمارة مع والدي رحمة الله عليه. والدتي مريم بنت محمد حرمة ولد الحاج البشير، وكانت العائلة تسكن في جزء من دار عمي حبوها، الذي كان العم والاخ والحاضن" من تندوف التي درس فيها في بداية الستينات بدا وعيه الوطني يتفتق رويدا رويدا خصوصا وهي مرحلة التكالب الاستعماري الفرنسي الاسباني على المغرب وتنافسهما المحموم من اجل استنزاف خيرات المغرب واجتزاء اراضيه، كما ان الوعي السياسي ترسخ اكثر لدى بيد الله نظرا لقربه وارتباطه الشديد بعمه حبوها الذي كان له دور كبير في حرب الصحراء والمتميز بعلاقاته الوطيدة مع الملك الحسن الثاني رحمه الله، كما كان لاخبار جيش التحرير ولموقعة ايكوفيون –المكنسة- اصداؤها الكبيرة وتأثيراتها الرئيسية في  تشكل الوعي السياسي الجنيني لدى محمد الشيخ بيد الله، كما ان شخصية بيد الله تم صقلها وتصلبها انطلاقا من مساره الدراسي الطويل والشاق جدا والذي تنقل من خلاله في عدة مدن في ظروف صعبة جمعت بين الفاقة والاحتياج والغربة عن الاهل والعشيرة، فمن الدارالبيضاء سنة 1958 بمدرسة محمد الخامس بعد عملية ايكوفيون، بعد ان ارسل جيش التحرير بعض ابناء المقاومين الى الدارالبيضاء، بعد سنتين ونتيجة للصراع الذي نشب بين اعضاء جيش التحرير وبعض المقاومين الصحراويين، رجع الى  اكلميم، وهناك درس سن كاملة قبل ان ينتقل الى تندوف ومنها الى بويزكارن حيث بدأ دراسته الثانوية ثم الى اكادير  فالرباط. يقول الدكتور محمد الشيخ بيد الله عن دراسته ببويزكارن ما يلي :"عدت الى بويزكارن في السنة الاولى من التعليم الثانوي بصحبة المرحوم الوالي رشيد الدويهي، وكان من المفترض ان احصل  على منحة دراسية اما من وزارة التعليم او من وزارة شؤون الصحراء وموريتانيا، التي كانت توزع المنح على الطلبة الصحراويين والموريتانيين بسخاء كبير. للاسف لم اتوصل بالمنحة ولا اعرف الاسباب التي كانت وراء ذلك، فتم طردنا من "كوليج محمد الشيخ" لعجزنا عن اداء واجبات السكن والمأكل. وكان للأستاذ محمد المهدي الملقب ب "lux"  فضل كبير علينا، حيث اوانا في مدرسة مهجورة سكناها نحن والخفافيش ليلا... قاومت الخوف والجوع والعطش في هذه المدرسة المهجورة، ولولا فضل ورعاية استاذي احمد بلوش، استاذ الرياضيات، اطال الله في عمره ، لكان مساري الدراسي مختلفا ... كان معي في الفصل نفسه صديق عزيز اعتبره اخا ، وهو الاستاذ ماء العينين ماء العينين، الكاتب العام للكوركاس، وعلماء اجلاء في الهندسة النووية اذكر منهم  الاساتذة بوحلاسة سداتي، عبد القادر شواق ، زيوت واخرين. لابد ان اسجل هنا بفخر المجهودات الجبارة وروح المسؤولية العالية التي تحلى بها مديرنا في بويزكارن محمد المهدي واستاذي احمد بلوش والسالمي .فقد كانوا وراء كوكبة من الطلبة الاذكياء الذين اصبحوا فيما بعد اساتذة جامعيين ومهندسين واطباء وصيادلة وموثقين." بعد بويزكارن التحق بيد الله بثانوية يوسف بن تاشفين في اكادير ثم الى ليسي مولاي يوسف بالرباط، حيث حصل على البكالوريا سنة 1968 .

 

-    استنتاجات وخلاصات عن الكتاب : ما الجديد في الكتاب ؟

يعتبر كتاب محمد احداد، وثيقة تاريخية مرجعية في نزاع الصحراء، حيث انه يحفل بعدد من الحقائق التاريخية التي واكبت قضية الصحراء منذ بدايات تأسيس جبهة البوليساريو الى دهاليز المعارك الوطنية الترافعية في  المؤسسات الدولية والافريقية، حيث كان للشيخ بيد الله دور كبير في الدفاع عن الوحدة الترابية بكل اخلاص ونكران ذات. وشارك في لقاءات علنية واخرى سرية حول قضية الصحراء المغربية واستطاع ان يتجرد من كل المسائل الشخصية والعائلية في دفاعه عن قضية الصحراء المغربية ، كما ان الرجل عمل في التحضير لعملية الاستفتاء التي كانت الامم المتحدة عازمة على تنظيمها بالاقاليم الجنوبية وبالمخيمات، لكن تم افشالها من طرف المخابرات الجزائرية التي اغرقت لوائح المؤهلين للاستفتاء بعناصر لا علاقة تربطها بمناطق النزاع اي علاقة لها  بالارض و لا بالساكنة التي من المفروض ان يشملها الاستفتاء. الكتاب وان لم يتطرق لجوانب سياسية من الحياة السياسية الحافلة لبيد الله محمد الشيخ منذ انتماءه الأول للتجمع الوطني للاحرار مرورا بالحزب الوطني الديموقراطي انتهاءا بالاصالة والمعاصرة، كما لم يتطرق للمرحلة الطلابية الحافلة ايضا بالتطورات الفكرية والمذهبية والمليئة بالاحداث السياسية الهامة التي عرفها المغرب والمنطقة عموما والتي له منها نصيب كبير سواء كطالب صحراوي مساهم في الجانب الفكري التنظيري او كمناضل يساري كبقية جيله في تلك المرحلة الذي انتقل بين الماركسية والماوية والترتسكوية.. ، الا ان بعض الاشارات تدل على الكتاب كان مخصصا لموضوع محدد وهو قضية الصحراء المغربية. ومن الخلاصات والاستنتاجات السريعة التي خلصت بها عند انتهائي من قراءة الكتاب وهي بالطبع، انطباعات شخصية لا تغني اي باحث او قارئ عن ضرورة قراءته بتمعن، لانه سجل مفتوح  يعطي دروسا حقيقية في الوطنية ونكران الذات والتضحية من اجل الوحدة الترابية للمغرب ، وسأحاول ان اجمل هذه الاستنتاجات في تسع  نقاط.

1-   الشيخ بيد الله مرجعية تاريخية هامة في تاريخ الصحراء المغربية ، من حيث فهمه العميق لاحداثه وشخوصه وتفاصيله الدقيقة، كما ان له معرفة دقيقة بكل قيادات جبهة البوليساريو وتوجهاتهم الفكرية والايديولوجية وارتباطاتهم الخارجية وحتى نفسياتهم، لذلك عندما سئل عن الجناح المتطرف في جبهة البوليساريو اشار الى المخابرات الجزائرية هي هذا الجناح، بمعنى اخر ان كل قيادات البوليساريو قابلة للتفاوض وللحوار بل للعودة الى الوطن اذا ما تم تحييد الجزائر ومخابراتها من التأثير والهيمنة المباشرة على قيادة الجبهة.

2-   صحيح ان في الكتاب فقرة خاصة عن اخطاء البدايات وان كانت الاخطاء تم حصرها في اسبانيا وظروف الحرب الباردة والتقاطبات الايديولوجية والسياسية الناتجة عن هذه الحرب وكذا السياق السياسي المغربي الموسوم بالتوتر واللاستقرار بعد المحاولتين الانقلابيتين الفاشلتين بالمغرب بداية السبعينات، لكن الكتاب تحاشى ذكر تفاصيل بعض الاحداث السياسية والاخطاء الكبرى التي تم ارتكابها  من طرف السلطات السياسية المغربية في الحقبة البصروية وقبلها، اثناء النضالات الطلابية الصحراوية والقمع الذي جوبهت به هذه النضالات في الرباط وفي طانطان والابواب الموصدة التي كانت تواجه به بعض الاصوات الشبابية التي لم يكن سقف مطالبها سوى مطالب اجتماعية بسيطة، لكن القوى الاقليمية المناوئة للمغرب استغلت فتور التعاطي مع الشباب الصحراوي وقرصنت مطالبهم وحولتها الى مطالب سياسية انفصالية، ولعل مثال الولي السيد نموذج للشاب الذي كان وطنيا ذو سقف اصلاحي الى حين احتضانه من طرف نظام القذافي.

3-   الكتاب يوضح بجلاء الاخلاق العالية التي يتمتع بها الدكتور بيد الله حيث ان حينما يذكر الشخصيات التي عاشرها في كل فترة من فترات حياته السياسية والترافعية عن قضية الصحراء بدءا من المرحلة الطلابية الى اليوم، فهو يحترمهم ويثني عليهم ولا يتلفظ ابدا بأية جملة او عبارة تعبر عن حقد او ضغينة رغم اختلاف المواقع والرؤية وتنقض وجهات النظر احيانا، كما انه ينتقي الفاظه بعناية عندما يتحدث عن الجزائر التي يسميها بالجارة الشرقية وهندما يسرد احداثا تتعلق برفاقه القدامى الذين التحقوا بالرواية الاخرى لقضية الصحراء. وهذا تعبير عن سمو اخلاقه وتمثله الكبير لفضيلة الاختلاف وتقديره للجميع، فيذكر الذين اختلفوا معه في الضفة الاخرى بكل احترام وهذه من خصال رجالات الدولة العظام الذين لا يخلطون بين المواقف الفكرية والسياسية والاعتبارات الشخصية .

4-   الكتاب يحمل مسؤولية مباشرة للنظام الجزائري في افتعال هذا النزاع المفتعل بخصوص قضية الصحراء المغربية، حيث ان الرجل بخبرته واطلاعه استطاع ان يعطينا زبدة رؤيته لحل النزاع الذي لن يمر الا عبر الجزائر، التي عاكست في البداية وعرقلت اي تفاوض مغربي اسباني ثم تهديد بومدين شخصيا للامين العام للامم المتحدة بانه سيشعل النار في المنطقة كلها اذا عادت الصحراء الى المغرب وهذا الراي الجزائري موثق حسب الكتاب في الوثائق السرية التي افرجت  عنها الامم المتحدة، كما " شهد بذلك اندري لوفان، وهو الناطق  الرسمي باسم  فالدهايم ، والذي قام بزيارات  مكوكية بين الرباط والجزائر وقد وثقت في كتاب HASSAN2 présente : la marche verte الصادر سنة 1990 عن دار plon " ، اذا كل من يعتقد بان الجزائر تريد حلا سياسيا او ديبلوماسيا للقضية فهو واهم ومخطئ بل وغافل.

5-   الدكتور محمد الشيخ بيد الله، يعتبر بان جوهر المشكل بين النظامين المغربي والجزائري الى اليوم هو خسارة النظام الجزائري في حرب الصحراء 1963، فاخترعت الجزائر مشكل الصحراء من اجل الانتقام في المغرب فسارعت الى انشاء الجمهورية الوهمية يوم 27  فبراير 1976م في بئر الحلو، يوما واحدا بعد مصادقة الجماعة الصحراوية برئاسة المرحوم خطري ولد سعيد الجماني، على وثيقة اتفقت فيها اسبانيا وموريتانيا والمغرب على انهاء فترة الاستعمار. بمعنى ان قضية افتعال الجزائر لقضية الصحراء قضية نفسية وجرح نرجسي لم تستطع القيادات الجزائرية التاريخية المنهزمة في الحرب ان تشفى منه.

6-   الكتاب يتضمن معطى هام يتعلق بعدم ورود اسم حركة البوليساريو بتاتا ضمن قائمة حركات التحرر الافريقية التي كان سجلها في دار السلام عاصمة تنزانيا آنذاك، مما يؤكد على ان جماعة البوليساريو لم تكن حركة تحررية معروفة "بنضالها" او حركيتها الديبلوماسية الا بعد الاحتضان المزدوج الليبي –الجزائري نكاية في المغرب، خصوصا في السنوات التي احتدم فيها الصدام الديبلوماسي والعسكري بين المغرب والجزائر في بداية الثمانينات. كما ان حدث المسيرة الخضراء كان حدثا تاريخيا على الصعيد الاقليمي والدولي حسب الشيخ بيد الله، حيث ان حدث المسيرة الخضراء بعثر اوراق الديبلوماسية الجزائرية ورفع من منسوب عدوانيتها وفضح مؤامراتها وتكالبها مع الاسبان في معاكسة الحقوق المغربية المشروعة في استكمال وحدته الترابية ويبين قرار تنظيم مسيرة سلمية الى الاقاليم الجنوبية انعكاسا جليا لعبقرية الحسن الثاني وفهمه الدقيق لموازين القوى السياسية الذي درسها بعناية فائقة ومنها الوضع الاسباني السياسي انذاك، وقد زاد منطوق قرار محكمة العدل الدولية الصادر في 16 اكتوبر 1975 من حنق ويأس النظام الجزائري الذي اصيب بما اسماه الدكتور بيد الله بالجنون وتدخل عسكريا في امغالا يوم 27 يناير 1976 لكنه هزم شر هزيمة، اما عن سبب التحاق نيجيريا وجنوب افريقيا بالجزائر فأرجعه الدكتور بيد الله  الى الضغط المالي  الذي مورس عليهما من طرف كل من ليبيا وفينزويلا في اطار التقاطب السياسي المعروف دوليا انذاك والذي كان من مخلفات الحرب  الباردة.

7-   الكتاب يبين بجلاء خلفيات اعلان جلالة الملك الحسن الثاني قبول اجراء استفتاء تأكيدي لمغرب الصحراء في خطاب القاه يوم 26 اكتوبر 1984 وكان المغرب هو السباق سنتي 1962 و1966 بالدعوة الى استفتاء حين طالب اسبانيا  باستكمال الجلاء عن الاراض المغربية وفق القرار الاممي 2072 الصادر عن الجمعية العامة للامم المتحدة الذي يربط ملف سيدي افني بالصحراء المغربية. ،  وكان الخطاب الملكي للمغفور له الحسن الثاني مفاجئا للعديد من المتتبعين والسياسين المغاربة داخليا وللعديد من القوى والفعاليات خارجيا، لكن فيما بعد تبين ان الاقتراح المغربي كان ذكيا اذ انه يرمي بالكرة في ملعب الاخرين وان المملكة المغربية بصدد تقديم مقترحات عملية وملموسة لحل قضية الصحراء المغربية تحت يافطة ورعاية الامم المتحدة وليس منظمة الوحدة الافريقية، لكن الذي وقع هو ان البوليساريو والجزائر من ورائها عرقلا تنظيم الاستفتاء بعد اغراق لوائح المسجلين والتمسك بالاحصاء الاسباني رغم ان جل قيادات الجبهة غير محصية فيه. ربح المغرب اذا رهان قضية الصحراء بهذا المقترح الذكي اي الاستفتاء، نفس الشيء تم تكراره مع المبادرة المغربية للحكم الذاتي سنة 2007 التي لم يستطع البوليساريو الى يومنا هذا اقتراح بديل لها خارج اللغة الشعارتية وخارج القوالب الجزائرية الرسمية، واصبحت بذلك الوثيقة الوحيدة الموجودة على طاولة اية مفاوضات قادمة.

8-   الكتاب يحمل عدة رسائل لقيادة البوليساريو ولشباب البوليساريو في نفس الوقت، حيث ان محمدالشيخ بيد الله يعتبر ان قيادة البوليساريو ومن ورائها الجزائر مسؤولتين بشكل مباشر امام التاريخ واما شعوبهما في تأخير الاندماج في فضاء مغاربي جهوي يحقق التنمية للشعوب ويجعل من شمال افريقيا قطبا اقتصاديا قويا في جنوب المتوسط، كما ان الدكتور يعول كثيرا على الفتوحات التكنولوجية والثورة الرقمية التي من شانهما ان يفتحا اعين الشباب الصحراوي القابع في مخيمات الذل والهوان ليرى التقدم الكبير الذي حصل في العالم وفي المغرب وحجم البنية التحتية ومستوى المعيشة والخدمات الاجتماعية التي ينعم بها المغاربة. كما انه يرسل رسالة الى قيادة البوليساريو ومن يهمه الامر مفادها: "لابد ان تنتصر الحكمة وروح المسؤولية حتى نسترجع مواطنينا القابعين في مخيمات تندوف، ونتفرغ نحن واياهم معا للمشاركة في بناء المغرب الكبير ومجابهة التحديات المشتركة. لابد ان يحدث ذلك يوما بكل تاكيد. وهنا لا مناص من طرح السؤال: هل تستطيع  الجزائر يوما ما استشراف المستقبل، والعمل على تدارك الوقت الذي اضعناه جميعا في السنوات الماضية ، خاصة الجهد  المادي والاقتصادي؟"

9-   الكتاب يحمل بارقة الامل في حل مغربي جزائري شبيه بالتجربة الايرلندية التي تأثر بها الدكتور ايما تأثر، حيث ان الايمان المشترك بين الفرقاء في الجانبين بان فاتورة الصراع والحرب والتشظي غالية ومكلفة ولا تبني اي مستقبل للاجيال القادمة، وان خيار الالتحاق الشجاع الى المغرب والمشاركة الفاعلة في استكمال اوراش التنمية وارساء مقومات الدولة العصرية التي يضع اسسها جلالة الملك محمد السادس، هو طريق معبد نحو بناء اتحاد مغاربي كبير، متكامل اقتصاديا ومتناغم سياسيا ومستقر امنيا. فلا الجزائر استفادت من معاداتها للمغرب ولا جبهة البوليساريو تغير حالها نحو الافضل، بل قوض النزاع المفتعل كل الامكانات الاقتصادية للمنطقة واطلق العنان لتسابق محموم نحو التسلح واهدار مقومات بناء رخاء وازهار الشعوب، لكن الامل دائما قائم والامل كما يقول المثل الايرلندي هو اخر ما يموت  في المعارك، ومنطلق الامل هو الاقتناع بان "المصالحة اصبحت ضرورية، والمصالحة وحدها بنية صادقة وبعزيمة الشجعان، يمكن ان تؤدي بنا الى فتح افاق واعدة امام الاجيال الحالية وامام احفادنا .."   هي دعوة اذا الى عزيمة الشجعان و شجاعة الغفران .

 

-    في سبيل الختم :

نعم هو كتاب عبارة عن شذرات، عن قضية حارقة مؤرقة، لكنها شذرات  تحمل في طياتها عناوين ومعطيات ورسائل تصلح لنبني عليها احلاما وامالا، فما احوجنا لبناء تصور واضح علمي "حقيقي" غن قضية طال امدها وبسببها توقف اتحاد مغاربي طالما كان حلما مشروعا لشعوب شمال افريقيا. لقد وقعت اخطاء واخطاء في تدبير هذه القضية، مقصودة او غير مقصودة لايهم، ولكن ما يهمنا اكثر كشعوب مغاربية محرومة من التلاقي والتازر والتكامل، هو متى ستنتهي فصول قضية استنزفت ثرواتنا واهدرت ارواحنا ورملت نسائنا واخرت احلامنا باقتصاديات مزدهرة وعلاقات اجتماعية متينة؟. متى سيفهم ساسة الجزائر بان خيار المواجهة مع المغرب وافتعال الازمات وتعكير الاجواء وتحويل انظار الجزائريين الى الخارج في كل ازمة داخلية، وكل هذا وذاك في افق تعطيل مساره التنموي لن ينفع الجزائر في شيء ولن يزيد المغرب والمغاربة الا تصميما وإصرارا  على  استكمال  تحرير كل قطعة تراب من ترابنا الوطني؟

 

انغير بوبكر

-دبلوم السلك العالي في المدرسة الوطنية للإدارة في الرباط

-دبلوم المدرسة المواطنة للدراسات المواطنة-ecep

-دبلوم المعهد الدولي لحقوق الانسان بستراسبورغ

-عضو اللجنة الجهوية لحقوق الانسان جهة كلميم واد نون

-طالب بماستر دراسات صحراوية وافريقية .

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.