اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

الصراع في آسيا الوسطى// وليم أشعيا عوديشو

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

وليم أشعيا عوديشو

 

الصراع في آسيا الوسطى

وليم أشعيا عوديشو

 

كان نتيجة تفكك الاتحاد السوفييتي ظهور ستة جمهوريات في آسيا الوسطى هي(تركمانستان ، أوزبكستان ، طاجيكستان ، قرغيزيا ، كازاخستان ، آذربيجان)  ومن الناحية اللغوية تتحدث تلك الدول بلغة قريبة من التركية باستثناء طاجيكستان التي تستخدم اللغة الفارسية وغالبية السكان فيها يدينون بالاسلام ، ويعتبر تراث دول آسيا الوسطى امتداداً لتراث الشرق الأوسط والتراث التركي والفارسي ، ونظراً للموقع الجغرافي المهم الذي تحتله حيث تقع بين روسيا وإيران والصين وأفغانستان لذا كان من المتوقع أن تكون محل اهتمام لدى الدول الكبرى القريبة والبعيدة ، وتبرز هنا أهم الدول المعنية بالصراع وهي روسيا باعتبارها أكثر القوى الخارجية نفوذاً فيها لأنها كانت جزءً من الاتحاد السوفييتي السابق الذي كان يضم دول آسيا الوسطى أيضاً ، وتتمحور السياسة الروسية نحو تقوية العلاقات مع دول آسيا الوسطى خشية من تنامي النفوذ الامريكي فيها بعد انتهاء الحرب في أفغانستان وتشكيل حكومة انتقالية فيها وما سيترتب عليها من اصطفافات دولية جديدة ، ونجحت روسيا نوعاً ما في كسب تلك الدول للانضمام الى اتحاد كومنولث أو رابطة الدول المستقلة الذي تشكل بعد انهيار الاتحاد السوفييتي للتقليل من امكانية اختراقها من قبل الدول الاخرى كأمريكا وتركيا وايران لاعتبارات سياسية واقتصادية ودينية وعرقية ، وكان ولا يزال العامل الاقتصادي والعسكري أحد أهم الاسباب الذي دعى روسيا للاهتمام بتلك الدول ، فاقتصادياً يرتبط اقتصاد دول آسيا الوسطى بالاقتصاد الروسي بشكل كبير حيث تحتل الواردات والصادرات الروسية مكانة كبيرة في اقتصاديات دول آسيا الوسطى ، والهدف العسكري يتركز أساساً في العمل على تجريد دول آسيا الوسطى من السلاح النووي المتبقي من الترسانة النووية السوفييتية خاصة في كازاخستان ومنع تسرب الخبرة والمواد النووية الى الدول الاخرى ، حيث أدى انهيار الاتحاد السوفييتي الى توزع القوة النووية على اربعة جمهوريات هي روسيا وروسيا البيضاء واوكرانيا وكازاخستان ومع اتساع عدد الدول القادرة على انتاج السلاح النووي واحتمال وقوع تلك القدرات الفتاكة في متناول بعض الانظمة المغامرة أو بأيدي حركات ارهابية مما يجعل المسألة تحتاج الى احتراز دقيق وقيود تمنع استخدامها. وترى روسيا أن العمليات الارهابية في الحادي عشر من ايلول الماضي والاستعدادات الامريكية لمواصلة الحرب ضد الارهاب الدولي بعد افغانستان وحرب تحرير العراق قد حسم عملية انسحاب واشنطن من معاهدة الحد من الصواريخ(أي بي أم)الموقعة عام(1972)والشروع في بناء شبكة الدفاع الصاروخية والذي سوف يطيح بالتوازن الاستراتيجي الهش بين موسكو وواشنطن وان ذلك سيشجع بعض الدول للدخول في سباق التسلح النووي ويفتح الطريق أمام انتشار اسلحة الدمار الشامل باعتبار الانسحاب الامريكي هو مقدمة لانهيار المنظومة القانونية التي تحرم انتشار أسلحة الدمار الشامل ، وتخشى روسيا أن تكون هناك اتفاقيات غير معلنة قد تمت بين واشنطن وبعض حكومات دول آسيا الوسطى لاستخدام القواعد العسكرية والجوية لمرحلة ما بعد أفغانستان والعراق وما أفرزته الحرب على الارهاب من قواعد عسكرية امريكية جديدة في آسيا الوسطى التي تعتبرها موسكو حدوداً متقدمة لها وتربطها مع تلك الدول معاهدة للأمن الجماعي ولديها قواعد ومواقع استراتيجية في كازاخستان وطاجيكستان وأوزبكستان والذي يمثل تهديداً جدياً في منطقة حيوية للأمن الروسي ، وأما عن الدور الأمريكي فالوضع يختلف حالياً ففي الوقت الذي كانت فيه أمريكا الممول الأكبر للحركات الاسلامية التي كانت تقاوم التدخل السوفييتي في أفغانستان في ثمانينات القرن الماضي ودعمت حركة التحرر الشيشانية اعلامياً ومعنوياً أصبحت اليوم تتعامل بطريقة مختلفة بعد الهجمات الارهابية على واشنطن ونيويورك  وبدأت تنسق مع روسيا ودول اخرى من أجل كبح جماح الحركات الاصولية المسلحة في العالم ، وتتمثل مصالح واشنطن في آسيا الوسطى انطلاقاً من عدة نقاط أهمها هي منع روسيا من بسط نفوذها في تلك المنطقة وتمثل روسيا احدى اولويات اهتمام السياسة الامريكية نظراً لكون روسيا تمتلك قدرات عسكرية وبشرية واقتصادية كبيرة ، تحرص امريكا على منع قيام أية انقسامات عرقية في آسيا الوسطى خوفاً من انتقال عدواها الى دول حليفة لها مثل باكستان وتركيا وأفغانستان بحكومتها الجديدة ، وترى أيضاً أن من مصلحتها التزام جمهوريات آسيا الوسطى بمعاهدة عدم انتشار الاسلحة النووية وعدم انتقال الخبرة والتكنولوجيا النووية الى دول معادية لواشنطن ، ومن الناحية الاقتصادية فلدى أمريكا مصالحها الخاصة لا سيما في كازاخستان وتركمانستان بسبب مخزونهما من النفط والغاز ، وسيكون من نتائج تواجد النفوذ الامريكي في المنطقة تهيئة كافة الاطراف المعنية للتعامل مع واقع جديد يغلب عليها عنصر المساومة الذي سينتج عنه تحالفات جديدة وانقلاب كافة الموازين والحسابات ، ومن الدول المهمة التي لديها نفوذ في آسيا الوسطى هي تركيا وايران والصين ، وتعود أهمية تركيا الى العامل الثقافي المشترك بينها وبين معظم تلك الدول وكان استقلال جمهوريات آسيا الوسطى قد أعاد الى تركيا مكانتها الاستراتيجية بعد أن فقدت تلك الأهمية مع انهيار الاتحاد السوفيتي وبرزت مكانتها لدى أمريكا والغرب بعد الحادي عشر من أيلول بسبب علاقاتها التأريخية واللغوية والدينية مع دول آسيا الوسطى وامكانية استخدامها للترويج حول النموذج الغربي القائم على العلمانية في دولة غالبيتها العظمى من المسلمين وتتبنى نظام الاقتصاد الحر والديمقراطية ، ويواجه التحرك التركي اعتراضاً من روسيا وتحاول تركيا تبرير ذلك من خلال توظيفها للنموذج العلماني في مواجهة الاصولية الدينية التي تخشى منها روسيا ، ويهدف النشاط الاقليمي التركي نحو آسيا الوسطى باعتبار أن نجاح تركيا في هذا المسعى سيمثل لها انتصاراً معنوياً يعوض عن فشلها منذ فترة طويلة للدخول الى السوق الاوروبية المشتركة فضلاً عن أهميته لانعاش اقتصادها المتدهور ، وأما عن الدور الايراني فتحاول هي الاخرى إيجاد مناطق نفوذ لها وخاصة في طاجيكستان التي يتحدث معظم سكانها إحدى اللهجات القريبة من اللغة الفارسية وتتنافس مع تركيا في بسط نفوذها وأهم العقبات التي تواجهها إيران هي الاختلافات المذهبية واللغوية باعتبار أن معظم شعوب آسيا الوسطى هم من الطائفة السنية ويتحدثون بلغة قريبة من التركية ، إضافة الى محاولة أمريكا والغرب للحد من النفوذ الايراني الذي ينظر اليه باعتباره يشجع الاصولية الدينية ، وكانت إيران قد حققت نجاحاً على الصعيدين الدبلوماسي والاقتصادي وعززت دورها الاقليمي والآسيوي عندما نجحت في بناء طريق الحرير في عام(1996) من القرن الماضي وهو خط سكة حديد يربط السواحل الايرانية المقابلة للعديد من بلدان مجلس التعاون الخليجي بالشبكة العامة لسكك الحديد الايرانية والتي تربط إيران بدول آسيا الوسطى عبر أراضي تركمانستان وبذلك حصلت جمهوريات آسيا الوسطى على منفذاً على المياه الدافئة في الخليج العربي ، وأما عن الصين فهي تنظر بقلق الى الوضع في آسيا الوسطى بعد تصاعد التواجد العسكري الامريكي والدول المتحالفة معها مع نهاية الحرب في أفغانستان التي تطلبت بناء قواعد عسكرية امريكية في بعض دول المنطقة القريبة من حدودها ، ويعود اهتمام الصين أيضاً بسبب تواجد أقلية مسلمة في مقاطعة(سنكيانج) غرب الصين والتي تجاور جمهوريات آسيا الوسطى وتشترك معها في الأصول العرقية.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.