اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

اليابان دولة تنهض من تحت الرماد- إنطباعات ومشاهدات- الجزء الأول// وليم أشعيا عوديشو

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

اليابان دولة تنهض من تحت الرماد- إنطباعات ومشاهدات- الجزء الأول

وليم أشعيا عوديشو

 

 

المقدمة:اليابان وتنطق نِيپّـُونْ أو نِيهُونْ ومعناها مَشْرِق أو منبع الشمس، تتميز تضاريس اليابان بأنها وعرة وجبلية كما تكثر فيها الشلالات المائية وتغطي الغابات حوالي 67% من مساحة البلاد ، وتقع اليابان على جزء غير مستقر من سطح الكرة الأرضية مما يجعلها عرضة للهزات الأرضية والثوران البركاني ، فتشهد اليابان سنوياً نحو ألف وخمسمائة هزة أرضية معظمها خفيف أما الهزات العنيفة المدمرة فتحدث كل عدة سنوات ، وتحدث أيضاً هزات عنيفة في قاع المحيط ينجم عنها أمواج مدمرة تسمى تسونامي (Tsunami) وفي اليابان ما يزيد عن خمسين بركانا رئيسياً أكثر من 60% منها براكين نشطة ، ويجري في اليابان عدد كبير من الأنهار معظمها أنهار قصيرة ضحلة لا يساعد انحدارها الشديد على استخدامها للملاحة الا أنها تستخدم لري المزروعات وتوليد الطاقة الكهربائية . اليابان بلد فقير جداً بالموارد الطبيعية المهمة ويمتلك كميات محدودة جداً من النفط والغاز لا تشكل قيمة اقتصادية مهمة، لذا تستورد اليابان معظم المواد الاولية الداخلة في منتجاتها الصناعية من مختلف دول العالم.

نجحت اليابان عبر ستين عاما في أن تنهض من الحطام الكامل الي ثاني أقوى اقتصاد في العالم ‏,‏ ولتتفرغ اليابان في إعادة بناء إقتصادها وبنيتها التحتية المنهارة وافقت لتتولى الولايات المتحدة مهمة الردع‏ والدفاع عنها عسكرياً ، ولا تزال اليابان تتمتع بحماية المظلة النووية الأمريكية كضمانة وحيدة لأمنها يرافقه تواجد قواعد عسكرية أمريكية على الأراضي اليابانية بموجب المعاهدة الاستراتيجية للتعاون بين اليابان والولايات المتحدة الأمريكية والاتفاقية الأمنية ( SOFA )المنبثقة عنها ( 1951- معاهدة الأمن المتبادل بين اليابان والولايات المتحدة ، عام 1960 تم توقيع المعاهدة الثانية ، 17/6/1971 التوقيع على المعاهدة الثالثة.

 

لقد مرت العلاقات الأمريكية- اليابانية في الفترة الزمنية التي تبعت الحرب العالمية الثانية واستسلام القوات اليابانية للقوات الامريكية بثلاث مراحل متميزة هي:

 

-مرحلة الاحتلال : امتدت هذه المرحلة لمدة ست سنوات وذلك من يوم 15 آب عام 1945 حين أعلن امبراطور اليابان السابق هيروهيتو استسلام اليابان والقبول باعلان بوتسدام ، وبموجب ذلك قام الرئيس الأمريكي ترومان بتعيين القائد الاعلى لقوات التحالف الجنرال مكارثر حاكماً عسكرياً على اليابان . في عام 1946 أقر البرلمان الياباني الدستور الجديد للمسودة التي أملتها الادارة الامريكية والتي تحولت بموجبها اليابان الى دولة ديمقراطية منزوعة السلاح، ومن أهم الامور التي أقرها الدستور الجديد انه جرد الامبراطور من السلطة السياسية وجعلها بيد الحكومة المنتخبة من قبل البرلمان ، وبعد ذلك تم انتخاب شيغيرو يوشيدا رئيساً لوزراء اليابان والذي يعتبر من أهم القيادات اليابانية التي قادت عملية إعادة اعمار اليابان.

- مرحلة الاستقلال: بسبب انشغال الولايات المتحدة بالحرب الكورية ، أرادت أن تخفف من الأعباء الأمنية والعسكرية على قواتها في المحيط الهادي ، وذلك باعطاء المزيد من الصلاحيات للقيادة اليابانية المحلية ، في الثامن من شهر أيلول عام 1951 تم التوقيع على اتفاقية سان فرانسيسكو والتي أنهت الاحتلال العسكري على جميع اليابان باستثناء أوكيناوا (بقيت تحت الاحتلال حتى عام 1972) ، وأيوجيما ( بقيت تحت الاحتلال حتى عام 1968).

 

- مرحلة التحالف : بسبب الدور المهم الذي لعبته اليابان كموقع متقدم في الحرب الكورية ، وبروز أهمية الدور الياباني في الحرب الباردة وقعت الولايات المتحدة الامريكية واليابان تحالفاً استراتيجياً يرسم العلاقات بين البلدين وعرفت هذه المعاهدة بمعاهدة التعاون المشترك والأمن (Treaty of Mutual Cooperation & Security) ، وتم التوقيع على المعاهدة في 19 كانون الثاني من عام 1960 وأقرها مجلس النواب الياباني في 20 مايس في نفس العام ، وأصبحت نافذة دون موافقة مجلس المستشارين الياباني ، وذلك لنفاذ المدة القانونية والتي تمنح مجلس المستشارين فترة 30 يوماً للتصويت على القوانين التي يقرها مجلس النواب وإلا تصبح نافذة حسب الدستور الياباني . لاقت هذه المعاهدة معارضة شديدة من قوى اليسار في اليابان وأدت التظاهرات الصاخبة التي عمت اليابان الى إلغاء زيارة الرئيس الأمريكي آيزنهاور وإسقاط حكومة رئيس الوزراء الياباني كيشي.

لقد كان لكل من الضغوط الخارجية والعامل الإقليمي دورا مهماً في جعل اليابان تتحول من دولة ضعيفة عانت من عزلة حقيقية لأكثر من 200 عام إلى دولة عسكرية مارست شن الحروب على الدول المجاورة خلال النصف الأول من القرن الماضي ، لتتحول بعدها إلى دولة محرومة من التسلح وتعتمد في حمايتها على الولايات المتحدة الأمريكية ، فمنذ هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية 1945 ، شهدت اليابان تغيرات كبيرة كان لها أثر قوي في تحول الاستراتيجية اليابانية من سياسة العنف والحروب إلى سياسة مسالمة يسودها التسامح والتعاون.

 

الديانة:

يتقاسم غالبية اليابانيين الاعتقاد المشترك بكل من الديانة اليابانية التقليدية (الشنتوية) والديانة البوذية التي وفدت الى اليابان من الصين وكوريا حيث يعتنقهما حوالي 84% من السكان . يقدر أتباع الديانات الأخرى بحوالي 16% منهم نحو 7% مسيحيون.

وبعد تبني اليابانيين لطقوس الديانة البوذية طوروا الكثير من مفاهيمها واستخدموا إلى جانبها ديانة الشنتو أو عبادة أرواح الآلهة والتي تسمى في اليابانية باسم ( كامي نو ميتشي ) ، وهكذا جاءت ديانة الشنتو بطقوس جديدة لم تكن معروفة سابقا في عالم الروحانيات البوذية ومنها تقديس مظاهر الطبيعة ( وهذا هو أحد أسباب اهتمام اليابان بظاهرة الاحتباس الحراري والتلوث وتبنيها لمعاهدة كيوتو الخاصة بتخفيض معدلات انبعاث غاز ثاني أوكسيد الكاربون والحد من انبعاث الغازات المضرة بالبيئة) ، وعبادة الإمبراطور، وتقديس الوالدين والاجداد، تعتبر الشنتوية اليوم الديانة الأولى في اليابان، ويستخدم الشعب الياباني طقوسها بكثافة في مختلف المجالات ، ولقد تضائل عدد اليابانيين الذين يمارسون طقوس البوذية التقليدية التي تعرف بالبوذية المتزمتة، في حين أن غالبية اليابانيين تمارس طقوس البوذية الممزوجة بطقوس وشعائر الشنتو المتحررة من قيود التزمت الديني، وبشكل عام يتبع الياباني تعاليم الدين بصدق وأكثر هذه الديانات أتباعاً هي الشنتوية تليها البوذية ثم المسيحية، ويكفل الدستور الياباني حرية الأديان، ولا يوجد دين رسمي للدولة باعتبار الدولة كيان سياسي ، ولا يكتب شيئًا في خانة الدين في الوثائق الخاصة باليابانيين ، لأن الشنتوية ما هي إلا عادات اجتماعية يابانية متوارثة والبوذية تعتبر فلسفة أكثر منها دينًا.الياباني يأخذ أمور الدين ببساطة، إذ يزور معبد الشنتو ومعبد البوذية، ويزور الكنيسة، ومن معتقداتهم اعتبارهم أن الحياة والموت دورة تطور طبيعية، وليس هناك تصادم بين الخير والشر والإيمان بوجود "كامي" (قوى عظمى متعددة وليست إلهًا واحدًا)، ونجد أن الشنتوية تهتم بالحياة أكثر من الموت، ولذلك تتعدد الاحتفالات التي يزور فيها اليابانيون المعابد بحيث تتدعم الصلة بين الفرد و"الكامي"، وأغلب المناسبات والإجازات الرسمية في اليابان لها جذور تتعلق بالشنتوية.

من الصعوبة التأقلم في هذا البلد العجيب ، حيث العادات والتقاليد وتقدير العاطفة والروح، إلا أنهم يختلفون في المعتقدات التي تعتمد على اجتهادات وتعاليم بشرية أكثر منها ديانات سماوية، ويقدرون العادات والتقاليد والتاريخ والعائلة التي تحظى بكل اهتمام وتقدير واحترام مثلهم مثل أغلب الشرقيين .

فلسفة الانتحار:يتقبل المجتمع الياباني عملية الانتحار بمشاعر الإعجاب والتقدير، وفلسفة الشنتو لا تدين الانتحار ولا تجرمه، وهم يقومون بهذه العملية إذا حدث تقصير في أحد الواجبات، فبعد هزيمة اليابان واستسلام البلاد عام 1945 حدثت موجة كبيرة من الانتحار ، وينتحر بعض المسؤولين في الحكومة بعد شعورهم بالاحباط بسبب تقصيرهم أو إدانتهم بالتقصير ، وكان آخرها انتحار وزير الزراعة والغابات والثروة السمكية توشيكاتسو ماتسووكا بتأريخ 28/5/2007 بعد أن شنق نفسه في شقته ، وذكرت التقارير في حينها أن الوزير المنتحر تعرض الى انتقادات بسبب عدم تقديمه تقارير واضحة حول النفقات الخاصة بمكتبه ، وتعرض للتدقيق والمسائلة بسبب قبوله هدايا مقدمة من قبل مقاولين تورطوا في محاولة تزوير لمشاريع الاشغال العامة .يعتبر وفقاً للشنتوية إمبراطور اليابان سليل آلهة الشمس المقدسة، وهذه الصلة تحمل أتباعه على طاعته والخضوع له والتضحية في سبيله، وكان الإمبراطور هو الإله المعبود، ومن تقع عينه عليه فإنه يعتقد أنه أذنب ذنباً لا كفارة له إلا الانتحار، ولكن تحول الإمبراطور بعد الهزيمة في الحرب العالمية الثانية وتوقيع الإمبراطور وثيقة الاستسلام إلى شخص عادي.

العائلة اليابانية:

 

تتميز المرأة (الزوجة) اليابانية وكذلك الرجل (الزوج) بعدة أشياء مختلفة عن مجتمعات أخرى، فالزوجة هي المسئولة الأولى عن مهام الأسرة من تدبير النقود لشراء المسكن والسيارة، واختيار مدارس الأولاد ومتابعة دراستهم والاتصال بالمدرسين، وتمثل الأسرة في المنطقة التي تعيش فيها ، وتتميز المرأة اليابانية بالسيطرة على كل الأمور وحتى على الأبناء في كافة مراحل عمرهم وحتى بعد الزواج. أما الزوج أو الرجل الياباني فبشكل عام يقدس العمل فيقضي أوقاتًا إضافية، فيصل متأخرًا إلى البيت، ومن الطريف أن الزوج الذي يعود مبكرا من العمل يمثل خيبة أمل للأسرة أمام الجيران، لأنه بذلك يعد غير هام في المؤسسة التي يعمل بها ، ومن أصعب المواقف التي يعيشها الموظف أو العامل في اليابان هي عندما يضطر لطلب الإجازة لأنه يعتبر ذلك تهرباً من العمل ، وغالباً ما يقضي اليابانيون 12 ساعة متواصلة في العمل يومياً ، وقد حدثني أحد اصدقائي اليابانيين بقوله أنه عندما يحين موعد نهاية دوام العمل اليومي يحاول كل واحد منهم الخروج بعد مغادرة زميله وذلك لعدم رغبة الياباني في التسابق أثناء الخروج من المعمل أو الدائرة. وما يتعلق بالزواج في اليابان يتم الجانب الرسمي من الزواج في معبد الشنتو ويقف العروسان أمام الراهب في المعبد ويركعان أمام نموذج المعبد ، أو قد تتم المراسم في الكنيسة حيث بدأ يفضل بعض اليابانيين الزواج على الطريقة المسيحية ولذلك توجد الكثير من الكنائس في اليابان ، وترتدي العروس أثناء الزواج ملابس الكيمونو تبعاً للتقاليد ، ويرتدي العريس اللباس التقليدي الياباني، واثناء مراسم الزواج يتم تناول كأس من مشروب الساكي وهو المشروب الوطني الياباني ( كحول مصنوع من الرز) ولونه يشبه لون العرق عندنا.

 

الثقافة:

يعتز الشعب الياباني بثقافته وذلك في محافظته على عاداته وتقاليده ويعتبر التراث الفكري والفني في اليابان أحد سمات الهوية القومية للشعب الياباني، واليابانيون مولعون بالمسرح ولهم مسرحهم الخاص بهم ,اكثرها شهرة في اليابان هما (كابوكي) و( تاكاراسكا) ، أما الموسيقى اليابانية فلها آلاتها اليابانية الخاصة ومستمدة من التراث الموسيقي الشعبي ومن اشهر الآلات الموسيقية هي الـكوتو وآلة الشاميسن وآلة النفخ وتسمى يوكويوأ.

 

كما يحب اليابانيون الشعر والادب وفي مراسم خاصة وكتقليد شعبي تقوم الامبراطورة أو احد أفراد العائلة الامبراطورية بألقاء بعض الشعر الياباني في بعض المناسبات الخاصة كدليل على اهتمام الاسرة الامبراطورية بالادب والشعر.

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.