اخر الاخبار:
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

منجزات الحكومة الديمقراطية في أفغانستان// ترجمة عادل حبه

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

اقرأ ايضا للكاتب

منجزات الحكومة الديمقراطية في أفغانستان

1978 – 1992

بقلم الرئيس الأسبق لمجلس الوزراء الأفغاني سلطان علي كشمند

ترجمة عادل حبه

 

قامت هيئة الإذاعة البريطانية بنشر هذه المقالة التي تعبر عن وجهة نظر أحد أقطاب الحكم الديمقراطي في أفغانستان، الذي دام منذ عام 1978 واستمر حتى عام 1992 . لقد نشر هذا المقال بمناسبة الذكرى السنوية للثورة الديمقراطية الأفغانية، للتعريف بجوهر الثورة وأسباب دخول القوات السوفياتية إلى الأراضي الأفغانية. ويميط المقال الستار عن هذه الثورة من أجل الرد على الكثير من التشويهات التي تعرضت لها هذه الثورة من قبل كتاب ومحللين محليين أو أجانب. فمن جملة هذه التشويهات هي تجاهل المنجزات التي حققتها الثورة خلال سنوات عمرها. إن المقال يشير إلى أحداث واقعية تجنب ذكرها الكثيرون أو أنكرها. ولد سلطان علي كشمند في كابل في عام 1935. وأصبح رئيساً للوزراء في دورتين ( 1981-1988، 1989-1990). ينتمي كشمند إلى المكون الأثني هزاره. درس الاقتصاد في جامعة كابل، وانظم إلى حزب الشعب الديمقراطي الأفغاني ضمن مجموعة "پرجم" التي يتزعمها بابرك كارمل. بعد ثورة 27 نيسان عام 1978، أستوزر كوزير للتخطيط إلاّ أنه اعتقل بعد سيطرة الجناح المتطرف في الحزب وحكم عليه بالسجن لمدة 15 سنة. في 25 من كانون الأول عام 1979، وبعد دخول القوات السوفياتية إلى الأراضي الأفغاية في كانون الأول من عام 1979، وتسلم بابرك كارمل منصب رئاسة الوزراء، تم إطلاق سراحه وعاد عضواً في المكتب السياسي للحزب، وتولى رئاسة الوزراء لفترتين إلى أن تعرّض لعملية إرهابية اضطرته إلى مغادرة البلاد للعلاج في بريطانيا قبل انهيار الحكومة الديمقراطية. وبقي لاجئاً في المملكة المتحدة إلى الآن.

 

تدخل الجيش السوفياتي في أفغانستان

 

يرتبط دخول القوات السوفياتية في أفغانستان بظروف الحرب الباردة، وسعي التحاد السوفياتي للتصدي للنفوذ السياسي والأيديولوجي للدول الغربية بزعامة الولايات المتحدة في الحدود الجنوبية للاتحاد السوفياتي في تلك الفترة. ولهذا السبب توجهت الحكومة السوفياتية في ذلك الوقت إلى مواجهة التدخل الباكستاني في الشؤون الداخلية الأفغانية. وفي المقابل من ذلك، اعتبرت الدول الغربية وأتباعها إن هذه الخطوة السوفياتية هي بمثابة السعي للوصول إلى المياه الدافئة ومنابع النفط في الخليج.

واستمر الصراع بين الطرفين، وتحوّلت أفغانستان إلى ميدان للحرب الباردة. واستمرت هذه الحالة لحين ما جرى من أحداث في الاتحاد السوفياتي والتي أدت إلى تقديم الامتيازات لصالح الغرب من قبل الاتحاد السوفياتي السابق وانتهاء الحرب الباردة على المستوى الدولي. ويجب القول في هذا المجال إن المسؤولون في الاتحاد السوفياتي السابق اعتبروا أن اتفاقية جنيف قد حققت رغباتهم؛ أي الاتفاق على الوقف الشامل للتدخل الخارجي في الشؤون الأفغانية. ولكن الاتحاد السوفياتي قد أذعن في الواقع للهزيمة. فمن الناحية العملية، توقف التدخل من جانب الاتحاد السوفياتي، ولكن الجانب الآخر استمر في تدخله. ونتيجة لذلك استولى المجاهدون على زمام السلطة، ثم قامت قوى التدخل هذه بتنصيب الطالبان في أفغانستان، وأصبحت الحدود السوفياتية الجنوبية عرضة للتطرف الإسلامي، ولم تنج من التدخل السياسي.

 

التدخل السوفياتي وسقوط حفيظ الله أمين

 

قيل أن السبب وراء دخول القوات السوفياتية هو الإطاحة بنظام حفيظ الله أمين والعمل على مشاركة القوى الفاعلة في إدارة البلاد. ونتيجة لذلك تم في عشية عام 1980 إطلاق سراح أعداد كبيرة من السجناء السياسيين وسجناء الرأي؛ أي ما يزيد على 16 ألف سجين خرجوا سالمين من غياهب السجون، ومن ضمنهم أنا، وعادوا إلى أحضان عوائلهم المنكوبة.

إن هذه القوات التي أعلنت أن هدفها هو استعادة الأمن والاستقرار في أفغانستان، إلاَ بقاءها لفترة طويلة قدمت الذريعة للمعارضين وخاصة الذين تم تحريكهم من الخارج من أجل تصعيد سعير الحرب. وبهذه المناسبة، إننا كنا نعارض بقاء هذه القوات لفترة طويلة لحين توفر الظروف لخروجها كلياً. وهكذا لم تصل الحرب إلى نهايتها بأي وجه من الوجوه.

لقد كان في صدر الأولويات التي تواجه أفغانستان أن لا تتحول البلاد إلى عش للتطرف من النوع "الطالباني" أولاً، وأن لا تعطى الفرصة للحرق والتخريب، وأن يتم توفير الفرصة لاستمرار عملية التنمية والتطور، هذه العملية التي بدأت في الخمسينيات من القرن الماضي، واستمرت بصعود ونزول معين سريعة تارة وبطيئة تارة أخرى حتى عام 1992. إلاّ أنه في التسعينيات من القرن الماضي، أصبحت للدول الغربية اليد الطولى على المسرح الدولي. وخلافاً لاداعآتها حول وجوب عدم السماح للقوى الرجعية بتولي زمام الأمور، إلاّ أنها في الواقع هي التي عملت على على تقوية هذه الفئات الرجعية التي بادرت إلى وقف عملية التطور والتنمية الاقتصادية والثقافية في أفغانستان، وأعادت البلاد إلى الوراء. ومن المناسب الإشارة إلى أن الطالبان، بسياستهم المتشددة، قد جرت البلاد إلى دروب الردة وراحوا يتلاعبون بالمصالح الوطنية للبلاد. 

ولكن في الثمانينيات وهي الفترة التي يطالها بحثنا هذا، ورغم وجود القوات السوفياتية في أفغانستان ورغم التدخل الخارجي الشامل من جانب باكستان والخراب الذي أحدثته المجاميع المسلحة، وعلى الرغم من أن جزءاً كبيراً من المداخيل كانت توجه لتغطية نفقات القوات العسكرية لمواجهة الحرب المفروضة على البلاد، إلاّ أن تنفيذ البرامج الاقتصادية والاجتماعية تصدرت وظائف الحزب والحكومة الديمقراطية. ففي هذه السنوات، واجهنا هدفين رئيسيين، الأول تحسين النشاط الاقتصادي والبنى التحتية بشكل أساسي، وتحسين الإدارة الاقتصادية والجهاز الإداري للدولة. أما الهدف الثاني، فهو تهيئة فرص العمل للشعب وقوى العمل الاضافية التي تتدفق يومياً من الريف إلى المدن، خاصة بالنسبة إلى الفئات المتزايدة من الشباب الذين يشكلون القسم الأعظم من السكان والذين كانوا ينهون تعليمهم بعد اتساع شبكة التعليم في البلاد.

 في تلك السنوات، وفي الوقت الذي توقف فيه أي تعاون اقتصادي مع أفغانستان من قبل جميع الدول الغربية وحلفائها والمؤسسات المالية والنقدية المرتبطه، وبما فيها منظمات الأمم المتحدة، فقد قدم الاتحاد السوفياتي وبعض الدول الاشتراكية والهند مساعدات اقتصادية قيمة ساعدت على تحقيق أهدافنا في مجال الاقتصاد والثقافة  في ظروف بالغة الصعوبة.

مع ذلك، فقد واجهتنا صعوبات عديدة على طريق تحقيق هذه المساعي. ويمكن الإشارة إلى بعض منها. ففي مقدمة هذه الصعوبات انعدام الاستقرار والأمن اللازم في البلاد، وشحة التراكم الرأسمالي وانعدام المصادر الكافية للتوظيفات في قطاع الدولة والقطاع الخاص، وعدم الحصول على المساعدات المالية اللازمة من الدول والمؤسسات المالية الأجنبية. لقد سعينا إلى الارتفاع بمستوى علاقاتنا السياسية وعلاقات حسن الجوار مع دول مختلفة ودول الجوار، والسعي لإرساء التعاون الاقتصادي معها. ولكن أجواء الحرب الباردة حالت دون تحقيق ذلك.

وعلى أي حال، بقيت أفغانستان كما في السابق عضواً متساوي الحقوق في منظمة الأمم المتحدة، واحتفظت بمكانها بين دول العالم الثالث والدول الاشتراكية ودول عدم الانحياز.  كما بقيت أفغانستان عضواً في منظمة دول عدم الانحياز التي كان لها نفوذ ومكانة في تلك السنوات، حيث كانت أفغانستان أحد مؤسسي هذه المنظمة، وأضحت في سنوات 1980 عضواً ملتزماً فيها. وقد شاركت في مؤتمرين من مؤتمرات دول عدم الانحياز في عامي 1982 و 1986 التي انعقدت في الهند وزيمبابوي، واستقبلت وفود أفغانستان في لقاءات هذه المنظمة بشكل مناسب.

ومع كل ما أشير إليه أعلاه، فإن أجهزة الدعاية المضادة للنظام التي نشطت في الثمانينيات من القرن الماضي، استمرت في التسعينيات، وأصبحت أكثر اتساعاً وأكثر تخريباً. هذا في الوقت الذي بدأت الحرب الباردة تتجه نحو الخفوت وحتى الزوال، وتشهد على ذلك الأحداث التي جرت في عقد الثمانينيات والتسعينيات. وبغض النظر عن ذلك، فإن بعض المنظرين لا ينظرون إلى ما تم في البلاد في تلك الفترة بعين الإنصاف رغم التباينات المشهودة بين ما هو ايجابي وسلبي وبين ما هو بناء وتخريبي. فهم ينظرون إليها بعين واحدة. إنهم تركزوا على توجيه الانتقادات للجوانب السلبية فقط في التسعينيات، سواء عن وعي أو بدونه لما تم في عقد الثمانينيات. وهذا تقييم غير منصف.

في الختام، أود الإشارة إلى نقطة مهمة بالاستناد إلى تجربتي الشخصية، إذ أنني اتردد في التعبير عن تشاؤمي وشكوكي أزاء الحكومة التي تولت المسؤولية في عقد الثمانينيات، وعن العمل الإيجابي الذي أنجزته الحكومات السابقة في مجال التقدم والنتائج التي توصلنا إليها في الميدان الاقتصادي والاجتماعي والثقافي. وينطبق ذلك على الكوادر الفنية والإدارية والمهنية، وجميع الموظفين والخبراء الذين كانوا على استعداد للعمل والتعاون.

والآن، يحدوني الأمل في أن لا تقع الحكومة الحالية فريسة للحساسية العبثية التي سادت خلال أجواء الحرب الباردة تجاه الكوادر والموظفين الذين عملوا في فترة الثمانينيات، وبعد مرور ثلاث سنوات على الحكومات المؤقتة والانتقالية وتجاربها المعقدة. وعلى الرغم من أن الحكومة الجديدة الراهنة تشكلت من مجموعة من الخبراء والخريجين، وإنها قادرة علىالحصول على مليارات الدولارات من الدعم الخارجي، إلاّ أن هناك حاجة ماسة إلى العمل والتعاون مع الكوادر المجربة، التي تتميز بالمهنية والمصداقية في خدمة الوطن. هذه الكوادر التي من المؤمل أن تدلو بدلوها في عملية إزدهار وانتصار شعبنا، والتخفيف من حالة عدم الاستقرار وتأمين الأمن العادل في البلاد.

ويمكن أن يتحقق تعاون هذه المجموعة الكبيرة، التي تعد بالآلاف من الخبراء والخريجين في الثمانينيات، في إدارة البلاد أو في الأجهزة المنتخبة من قبل الشعب، أو التشكل في المنظمات والأحزاب الديمقراطية في حالة التخلي عن الشكوك وقصر النظر الأيديولوجي السابق ووجهات النظر التي سادت في ظروف الحرب الباردة وضمن اللعبة السياسية التي هيمنت في تلك الفترة. فعلى الحكومة الأفغانيةأت تسمح لهؤلاء بنشر العلم والتجربة، وطرح أفكارهم ووتعزيز دورهم في ظل تمتعهم بالفرص الديمقراطية الحقيقية.

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.