كـتـاب ألموقع

الكلام المباح (37): فاتورة العياط !-//- يوسف أبو الفوز

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

اقرأ ايضا للكاتب

الكلام المباح (37)

فاتورة العياط !

يوسف أبو الفوز

من فترة طويلة لم أجد صديقي الصدوق أبو سكينة بهذه الحالة من الانسجام مع أبو جليل ، فقد عرفناهما دائما مختلفان خصوصا ما يتعلق بالاوضاع السياسية في البلاد . في لقائنا الاخير لاحظ الجميع أنهما متفقان في تعقيباتهما على اغلب ما ورد في احاديث الحضور . كان أبو جليل يكرر: " يا ويلي شينتظر العراق ؟"، ويؤيده أبو سكينه ويضيف : "العراق ما يستاهل اللي يصير". لم يختلف معهما اغلب الحاضرين ، فما يجري في البلاد لا يسر ابناءه ، فالمسيرة السياسية المرتبكة ما بعد سقو ط الديكتاتورية تحيط  بها مخاطر جدية لم تكن غائبة عن غالبية المتحدثين . واذ قال جليل : " كل مصائبنا الحالية بسبب المحاصصة الطائفية والقومية "، واضافت زوجتي : "المحاصصة سبب كل بلاوي العراقيين من الإرهاب والفساد المالي والإداري، وسوء الخدمات، وتدهور المستوى المعيشي للفقراء والبطالة وحال الأرامل واليتامى والمعاقين"، حتى صاح أبو سكينة : "سلم لسانك يا بنيتي ، الاطراف المختلفة ما راح يصحون وينتبهون الا اخر الشهر حين يستلمون فاتورة العياط  وعندها ... !".

وكان عليّ هنا ان اشرح للحاضرين ما يقصده أبو سكينة ، فالامر له علاقة بشكل ما بالمثل المعروف : "تالي الليل تسمع حس العياط " ، ولكن ما عناه أبو سكينة تحديدا كان يتعلق بالذي تعرض له البعض من العراقيين المقيمين خارج الوطن وصار حكاية لها معنى، فمع أول ظهور الفضائيات انتشرت مودة الاتصال بالبرامج التلفزيونية ، وراح البعض يتباهى بسماع صوته في مختلف البرامج ، حتى لو كان " أطبخ مع زوزو". فراح يتبارى البعض للاتصال ببرامج المسابقات لأختبار معلوماته ، وظهرت في الندوات السياسية مداخلات فارغة واسئلة بايخة وتعقيبات بدون معنى ، كان المهم ان أم فلان تسال أم علان : " سمعتيني البارحة أسال عن فوائد الحمص على فضائية الام دي ان ؟ ". أو  يمصمص أبو علان شفافه ويقول لمعارفه "الاسبوع الماضي أم علان كان يمكن توصل للجائزة الكبرى لو ما تحيز المذيع " .

لم يعرف المتصلين ان غالبية الفضائيات لها اتفاق مع شركات الهواتف يضمن لها حصة من اجور المكالمات الهاتفية ، ولهذا فالمكالمات لفضائية مقرها في لندن مثلا كانت تمر عبر دولة ما في قارة امريكا اللاتينية . اخر الشهر بدأت تصل فواتير الاتصالات الهاتفية وبارقام خيالية فالتكاليف لم تكن هينة ، فكان ان علا صوت العياط في العديد من البيوت وقيل ان أم فلان شوهدت تلبس نظاره سوداء لاكثر من اسبوع ، واختفت أم علان لاسابيع حتى تمكنت من اصلاح اسنانها الأمامية ، ومن يومها صارت "فاتورة العياط " وما جرى مثلا  !

*     عن طريق الشعب العدد 131 ليوم الأحد 24 شباط‏ 2013