اخر الاخبار:
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

حين أتسعت غمازتا مراقبة صندوق الاقتراع !

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

يوسف أبو الفوز

 

 

حين أتسعت غمازتا مراقبة صندوق الاقتراع !

         يوسف أبو الفوز

في تلك الايام ، التي صارت بذمة التأريخ ، نهاية سبعينات القرن الماضي ، أيام العسف  والموت و.." انت بعثي وأن لم تنتم " ، أيام كان حق المواطن في الحياة والتعبير عن نفسه ، مصادرا بفرمانات الطاغوت ، أيام كانت ضباع المجرم المقبور "صدام حسين" تطوف شوارع المدن تبحث عن المئات من ابناء العراق من ديمقراطيين ويساريين ، مِن مَن رفضوا الاذعان لسياسة القهر والاذلال ، وارتضوا التشرد والغربة في وطنهم ، حتى تمكن المئات منهم من الصعود الى جبال كردستان، او عبور الحدود بمختلف الطرق نحو منافي اجبارية طالت عقودا ، في تلك الايام البعيدة ، ونحن في بغداد نتخفى ونتستر تحت اسماء ومهن مستعارة ، وصلتنا نسخة من مجلة "الهدف" الفلسطينية ، وتناقلناها سرا لحد اهترأت اوراقها ،  وفيها لقاء مع الشاعر العراقي المبدع "سعدي يوسف "، المتواجد ايامها في بيروت ، تحدث فيها وادان بجرأة الديكتاتورية الشوفينية في العراق ،  وحين سأله المحرر عن أمنيته ، قال :" ان يضع يوما ورقة في صندوق اقتراع عراقي ، حتى ولو كانت بيضاء " ، بعد ذلك بسنين ، حين سألت شخصيا ذات السؤال من صحيفة أجنبية ، في منفاي عند حافة القطب الشمالي ، استعرت ذات الاجابة !

 

وها أنا في بغداد ، وها هو العرس الانتخابي قد أنجز بمشاركة جماهيرية واسعة ، رغم الذين حاولوا أجهاضه  بالتفجيرات الاجرامية ، وتلونت اصابعنا بالحبر البنفسجي ، في تظاهرة ديمقراطية ، توجهت اليها انظار كل العالم ، وبغض النظر عن الثغرات والتجاوزات التي رافقت العملية الانتخابية ، وبغض النظر عن النتائج النهائية ، والفائزين والخاسرين ، فأن الديمقراطية هي الرابحة ، وان شعبنا الذي اكتوى طويلا بنيران الحكومات الجائرة قد حقق خطوة كبيرة على صعيد تعزيز الممارسة الديمقراطية ، من أجل ان يكون للمواطن الحق في صناعة القرار لبناء مستقبل الوطن ، والاجيال القادمة .

 

حين وقفت عند صندوق الاقتراع ، وقبل ان اضع المغلف الذي حمل صوتي واختياري للقائمة التي تمثل طموحاتي ، لثوان خطر لي ان أنحني واقبل الصندوق ، ولكني خشيت ان يكون في ذلك خرقا قانونيا ، او يثير اشكالا  ما ، فقد يفهمني المراقبون بشكل خاطيء ، فأكتفيت بأن ربت بيدي على طرف الصندوق ، وقلت له بصوت عال : " مرحبا يا صاحبي ، ها نحن نلتقي بعد انتظار ، أأمل ان نراك دائما وانت بصحة طيبة ، نزيها ، نظيفا ومعافى " . وحدجتني الفتاة الجالسة الى الصندوق بأستغراب أولا ، ثم اتسعت غمازيتيها ، لحد تورد وجهها فصار اكثر فتنة ، واشارت الى المحبرة لأغمس أصبعي .

 

 

 

بغداد 10 أذار 2010

 

 

 

* عن طريق الشعب 14اذار 2010

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.