كـتـاب ألموقع

لماذا نصلي ان كان الله يعرف مقاصدنا؟// يعكوب ابونا

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

يعكوب ابونا

 

عرض صفحة الكاتب 

  واحــــــواااااــــــ و

لماذا نصلي ان كان الله يعرف مقاصدنا؟

يعكوب ابونا

 

يقول القديس أوغسطينوس إن لا شيء يحدث في هذا الكون دون إرادة الله، وأن الله، بطريقةٍ ما، يُعيِّن كل ما يحدث. ". .

  النص بظاهره يفهم منه بان الله يتحمل مسؤولية اعمال البشر واخطائهم، لانه هو يحدث كل الاحداث والاشياء بالعالم ، بدون اي تدخل من البشر او ارادتهم ، لذلك لا يمكن ان نحمل البشر مسؤولية ما ليس لهم دخل فيه ،...

 

 صحيح ان كل شئ بارادة الله ، حتى الورق من الشجر كما يقول الكتاب المقدس لاتسقط الا بعلمه، بمعنى ان الله يعلم كل شئ الحاضر والماضي والمستقبل، الله احبنا فخلقنا على صورته ومثاله، لهذا اعطانا الحرية ان نمارس بها حياتنا واعمالنا وافعالنا بارادتنا، بدون ان يتدخل بها او ان يغير شئ منها.. لانه يحترم ارادتنا لانه احرارا خلقنا وليس عبيدا لكي يسيرنا كما يريد بل خلقنا لنمارس حياتنا كما نريد نحن وليس كما يريد هو، فنحن والحالة هذه مخيرين بارادتنا وليس مسيرين بارادة الغير حتى وان كان الله ، فيكون من خطأ ان نعتقد بان حياتنا وقدرنا ومصيرنا ومقاصدنا يتحكم الله بها..

  بهذا الخطأ ذهب البعض الى الاعتقاد بالمثل الشعبي "ما مكتوب على الجبين لازم  تشوف العين" وهذا ليس صحيحا، لان ليس هناك شئ مكتوب على الجبين، بل الانسان يكتب اعماله ، والله يعرف كل ذلك قبل ان يحدث ..  ولم يقرر ويكتب على جبين اي واحد ما ينبغي ان يكون ....

 

   الذي يجب ان نعرفه هو ان الله منذ ان خلق ادم وحواء اعطاهم حرية الاختيار، ولكن حذرهم من ان ياكلوا من شجرة الخير والشر، وقال متى تاكلوا منها موتا تموتا ، فاكلا منها بحريتهم واختيارهم ، فاخطأ بحق الله وكسرا امره ، وبما ان اجرة الخطية هي الموت، فماتا روحيا .. لانهم ابتعدا عن الله فطردهما من الجنة .. الله طبق عدالته ولكن رحمته تساوي عدالته، وبمحبته للانسان اراد ان يعيده الى مملكته ومكانه، فكان لا بد ان يكون هناك من يستطيع ان يجمع الانسان مع الله ، وليس هناك غير ابنه الوحيد المسيح الذي تجسد وقدم نفسه فداءا للانسان ومات على الصليب وفي اليوم الثالث قام من القبر ، فبدمه اعاد العلاقة بين الله والانسان لانه تحمل خطايا العالم وهو بدون خطية برر الانسان من خطاياه امام الله .. واعادة لله كرامته .. يوحنا 3 : 12 "..

 

اذا السؤال هل تستطيع الصلاة ان تغير قرار الله نحو الانسان،؟ الجواب طبعا الصلاة مطلوبه ولكنها لاتستطيع تغير شئ، لانه لو كنا نستطيع بالصلاة ان نغير عقوبة الخطية التي هي الموت/ لما كان هناك جدوى او ضرورة بان يتجسد المسيح ويموت على الصليب من اجل ان يدفع ثمن خطايانا ، ويبررنا وخلصنا من خطايانا، فبدم المسيح وحده خلاصنا ، ....

  وخلاف ذلك هو يخالف الايمان المسيحي ،لانه ببساطة ان قلنا ان الصلاة تفيد الخلاص، كاننا نقول ان موت يسوع المسيح وقيامته لم يكن كافيا لتبريرنا وخلاصنا فنكمله بالصلاة ،!! ؟؟ وهذا لا يستقيم مع لاهوت خلاصنا لان اعمالنا لاتسطيع ان تفعل او تعمل شئ بديل لدم يسوع، يقول الرسول بولس برسالته الى"افسس 2 : 9 " ليْسَ مِنْ أَعْمَال كَيْلاَ يَفْتَخِرَ أَحَدٌ ."... كما نذكر هنا بان الخطية اجتازت الجميع فيقول الرسول بولس رسالة ومية 3 : 23 إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ الله ". اذا اعزائي لا يمكن بدون مجد الله ان يتبرراحد .. ..

 

 ولكن هذا لايعنى اننا نعيش خلاصنا وتبررنا بنعمة الرب يسوع المسيح ، فما نعمله او نسلكه بزمن النعمة مبرر لنا خلاصنا ،..  لا.. من الخطأ ان نفهم موت يسوع المسيح وفداءه بهذا السذاجة، لان علينا الكثير ان نعمله بزمن النعمة، لانها ليست ميسره لكل واحد ان لم يثبت ايمانه بالرب يسوع المسيح ، اولا ان نؤمن اننا بالنعمة مخلصون وبالتوبة ننال المغفرة فقال داود لناثان قد أخطأت إلى الرب فقال ناثان لداود الرب أيضا قد نقل عنك خطيتك لا تموت " 2صم 12 : 13 -15 ".... 

  فالصلاة مطلوبه من كل واحد يؤمن بالرب، في انجيل لوقا 18 : 1 وقال لهم ينبغي ان نصلي كل حين ولا يمل "... كلمة الصلاة مصدرها صلة بمعنى علاقة او تواصل بين اثنين فكريا ومعرفيا ، عندما نصلي نكلم الله ونشكره اولا على نعمته لنا نتحدث معه كمن يتحدث الابن مع ابوه ، لنبني العلاقة الابوية معه ، وان هذا بحد ذاته هو مكرمة لانها تعطينا سببًا للتعبير عن إجلالنا لطبيعة الله ، لانه هو أمر في كلمته المُقدَّسة أن نُصلِّي. اذا الصلاة ليست خيار المؤمن؛ بل هي  واجبة ومطلوبة... الصلاة هو صورة من صور خدمة الله (لوقا 2 : 38 ). ولوقا 22 : 40 قال لهم ( لتلاميذه ) صلوا لكي لا تدخلوا في التجربة " . وكذلك في (فيليبي 6:4-7). كان المسيح والكنيسة الأولي مثالاً لنا في الصلاة (مرقس 35:1 وأعمال الرسل 14:1 و 42:2 و 1:3 و23:4-31 و 4:6 و 1:13-3). المسيح اعطى أهمية للصلاة، فهي المحور الاساسي للعلاقة بين الله والانسان ، فهو كان يصلي من اجل كل الناس ان يخلصلوا  ، ولكن صلى حتى من اجل نفسه ،لوقا 22 : 42 "  

قَائِلًا: «يَا أَبَتَاهُ، إِنْ شِئْتَ أَنْ تُجِيزَ عَنِّي هذِهِ الْكَأْسَ. وَلكِنْ لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ .. "..

   لذلك يجب علينا أن نصلي. الكتاب المقدس لم يحدد مواعيد الصلاة ولا عددها في اليوم، لكن نصلي بلا انقطاع " تسالونيكي 5 : 17 ، وليس المهم ان نصلي بل المهم ان تكون صلاتنا بالروح مبعثا لاعمالنا بان نمجد الله بها ، كما ، يقول في إنجيل يوحنا 4 : 24 : "اَللهُ رُوحٌ. وَالَّذِينَ يَسْجُدُونَ لَهُ فبالروح والْحَقِّ يَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدُوا" ...

 

  من جهة اخرى أن الصلاة هي تجسيد للمحبة المتبادلة بين الرب والمؤمن. فهي ذات طبيعة سماوية ، فقال المسيح متى صليت فلا تكن كالمرائين ، متي 6 : 5 ، وفي متي 6 : 9 – 13 وقال لهم فاما انتم فصلوا هكذا " ابانا الذي في السماوات ، ليتقدس اسمك ، ....... نجنا من الشرير لان لك الملك والقوة والمجد الى الابد امين ".. .

 

  لدينا وعد الله بأن صلاتنا لن تذهب لعدم، وان لم نحصل علي أجابة محددة لطلباتنا (متي 6:6 ورومية 26:8-27). أنه يعدنا أنه أن طلبنا شيئاً حسب مشيئته، فأنه سيستمع لنا (يوحنا الأولي 14:5-15). وفي بعض الأحيان يؤجل الله استجابته لصلاتنا حسب حكمته لمصلحتنا. وفي هذه الأحيان لابد أن نستمر في الصلاة بلجاجة (متي 7:7 و لوقا 1:18-8).لا أن يفعل لنا الله مانريد في الأرض، ولكن لكي يحقق مشيئته هو علي الأرض. وينعم علينا، فحكمة الله أكثر عمقا وأتساعاً من معرفتنا. . ويقول الرسول يعقوب: "لَسْتُمْ تَمْتَلِكُونَ، لأَنَّكُمْ لاَ تَطْلُبُونَ" (يعقوب 4: 2). كما يخبرنا أيضًا: "طَلِبَةُ الْبَارِّ تَقْتَدِرُ كَثِيرًا فِي فِعْلِهَا" (يعقوب 5: 16). يقول الكتاب المقدس الصلاة أداة فعَّالة. إنها نافعة؛ ويتمجَّد الله بالصلاة. فهو أمتياز لنا أن نكرِّس وجودنا المحدود لمجد حضوره غير المحدود.وهو يعلم النهاية منذ البداية ..

وعدم الصلاة يمثل عدم الأيمان والثقة في الله وكلمته. نصلي لان الصلاة وسيلة الاتصال بقدرة الله ، لنؤكد ايماننا بالله، وبأنه سيفعل ما وعده في كلمته، وسيباركنا أكثر مما نطلب أو نفتكر (أفسس 20:3). وبها وسيلتنا للتغلب علي العدو وجيوشه (ابليس واجناده) الذين لا نقدر التغلب عليهم بأنفسنا ..

 

واخيرا يجب ان نفهم أنه لا يستطيع احد لوم الله وتحميله مسؤولية اخطائنا ، لان ما ينبع من الشرور في قلب الانسان لا يُمكن أن يُنسَب إلى إرادة الله. بل هي مسؤولية الانسان بفعل ارادته ،  لذلك يجب أن نُصلِّي بالتقوة لأننا مذنبون، وننشد للتوبه وطلب المغفرة ونسير بالاستقامة امام الله ، من لدن القدُّوس الهنا المبارك ربنا يسوع المسيح الذي أساءنا إليه... اميــــــــــن ...

 يعكوب ابونا ...................... 22 /10 /2021