اخر الاخبار:
محافظ نينوى يزور مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:33
زيارة وفد هنغاري الى دار مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:32
طهران تتراجع عن تصريحات عبداللهيان - الإثنين, 15 نيسان/أبريل 2024 11:24
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

رثاء الى روح المديرة سهام يونس قيا// نبيل يونس دمان

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

نبيل يونس دمان

 

عرض صفحة الكاتب 

رثاء الى روح المديرة سهام يونس قيا

نبيل يونس دمان

 

أبت السنة المنصرمة ان تغادر قبل ان تخطف من بيننا يوم 27- 12- 2020 الست سهام، فعندما نما الى مسامعنا ذلك الخبر تملكنا الحزن معيداً شريط الذكريات الى ما قبل 57 سنة حين كانت مديرة المدرسة الابتدائية للبنات في القوش، وقبل ذلك تعينت معلمة في مدرسة مع اختها ببلدة قلعة دزة- محافظة السليمانية عام 1960. عندما نقلتْ مع اختها المعلمة حليمة التي تكبرها بسنتين، سكنوا اولاً في بيت بولص قاشا ثم انتقلوا الى البيوت المبنية حديثاً في شمال شرق البلدة حيث المكان الجميل عند سفح الجبل. تحولت اختها حليمة بعد وفاة والدتها الى الموصل ثم تزوجت في بغداد، فاضطرت سهام ان تسكن وحدها، وشاء الحظ ان تسكن في بيتنا خلال العام الدراسي 1963- 1964. كان والدي يعمل آنذاك نجاراً في بغداد، وانا تلميذاً في الصف السادس الابتدائي.

 

اصبحت الست سهام واحدة من افراد اسرتنا، كانت انسانة مثقفة وناشطة سياسية وشاعرة في تلك الفترة العصيبة التي مرت بها بلدتنا، ايضا كانت رسامة بارعة ولطالما نظرت بإعجاب الى اللوحة الكبيرة التي رسمتها لمدينة قلعة دزة حين كانت معلمة فيها، وكانت مثبتة في حائط غرفتهاوقد شدّت انظاري اليها طويلاً، فيهاالسلسلة الجبلية والقلعة والبيوت المرتفعة ووادٍ يجري فيه الماء ليختال ضاحكاً مع ألوان الطبيعة وأزاهير الربيع.في احد الأيام دعت والدتي كرجية الى سماع الشعر، اجابتها بأنّها لا تتكلم العربية ولاتعرف معنى الشعر، لكن الست اصرت على قراءته وهي جَذلة فخورة بما انجزته، فقرأت وانا اسمع جيداً، كررت مطلعها فحفظتُه وكانت على ما اظن في رثاء الشهيد الخالد بطرس هرمز جركو، الذي استشهد قبل اشهر في الجبل وسحلت جثته مع رفيق آخر الى احد ميادين البلدة:

دم الشهيد ينادي..... الثأر يا أبناء بلادي

 

كم كانت دهشتها كبيرة حين التقينا في اميركا عام 1999، وما ان بدأتُ بإنشاد البيت الشعري حتى تعالت ضحكتها فرحة بما انا قائِله، وذكّرتها بليلة رأس السنة 31- 12- 1963 حيث تذكرتها جيداً، وقد قضيناها في بيت عمي كامل انا وهي ووالدتي، كان الجو باردا جداً لذلك عند غروب الشمس عبأت جدتي شمي منقلاً بالفحم واشعلت النار فيه في طارمة البيت، وقبل ان ينفث كل غازه السام ( اول اوكسيد الكاربون) ادخلته الى الغرفة التي سنقضي فيها تلك الليلة، واحكمت غلق الشبابيك والباب واسدلت الستائر جيداً. اثناء سهرتنا تلك شعرتُ بدوخة الرأس فتحملتها لكنها اشتدت فخرجت الى حوش البيت،وعدت لأقول لهم ان شدة الحرارة في الغرفة مدعاة للقلق، ايدتني الست ففُتح الشباك والباب لفترة. الوحيدة التي لم تشتكي من دوخة الرأس كانت والدتي، عند رجوعنا الى البيت بعد انتصاف الليل، فجأة وفي داخل غرفة الست سهام، سقطت امي بشدة على الارض مغمياً عليها ولولا اسعاف الست لها بسرعة لقضَت، فسحبَتها الى خارج الغرفة وأجرت عليها عملية التنفس الاصطناعي، استعادت وعيها تدريجيا، وعندما قشرّت لها برتقالة وتناولتها إبتسمت، فإطئنّا انا واختي سعاد عليها، علما بأني هرعت لأبلغ بيت عمي المجاور لنا، فجاء عمي وسمع ما جرى مشدّدا بأننا كُدنا نختنق جميعاً بالغاز السام، ومرت تلك الأزمة بسلام. وفي يوم العيد اهدتنا هدايا لي ولاخواتي كانت قد جلبتها من الموصل، وفرحنا بها كثيراً.

 

في إحدى ليالي الشتاء الباردة طُرق باب بيتنا، فهرعت امي الى الباب والدنيا مضطربة لا تُؤتمن، عندما نادت من الداخل عن الطارق في تلك الليلة الشتوية، أتت الاجابة بأنهم جيراننا، فتحت الباب واذا جارنا ادور شمعون ديشا ومعه اثنين من ثوار الجبل المسلحين، بدورهم كانوا جيراننا في محلة اودو وهم كل من: الشهيد سعيد (سادونا) عيسى شاجا والمعلم كامل هرمز كادو، جلسوا في غرفة الست سهام ودارت احاديث بينهم بتصوري كانت عن الاوضاع السياسية في منطقتنا.

فيما بعد كانت قسمتها ان تحب جارنا ادور شمعون ديشا، صاحب دكان اللحام بالقوس الكهربائي والاوكسجين في كراج السيارات، مع نهاية العام الدراسي تزوجت وانتقلت الى بيت جيراننا الطيبين، الذين عصفت بهم المصائب جراء انقلاب 8 شبط 1963، حيث استشهد ابنهم البطل فؤاد، واصيب اخيه بطرس ابو سلام بجروح بليغة عند هجوم قوة هرمز جكو وتوما توماس على مركز ناحية القوش.

صفى بها الدهر في بغداد وانقطعت اخبارها حتى اميركا- ديترويت حيث سكنت في بيت ابن عمها ادور حسقيال قيا قرب كنيسة القلب الاقدس الكلدانية بالسفن مايل، وجاورها في السكن مولود زورا دمان فكنت ازورهم كلما سنحت لي الفرصة، فاسمع منها جميل اشعارها باللغتين العربية والسريانية، وكانت اذاعات الجالية تتهافت اللقاء بها على الهواء لعذوبة صوتها وبلاغة ما تنشده، خصوصا اذاعة الاعلامي الاستاذ أسعد كلشو.

 

نشأت الست سهام وتربّت في أسرة معروفة لبيتنا وهي بيت قيا الجار في محلة اودو، انا اتذكر جدها ياقو وجدتها انّووامها حبوبة ووالدتها وارينة من بيت البطريرك الشهير مار عمانوئيل تومكا، وكذلك والدها يونس (الملقب نونو) الذي كان يضرب به المثل في وسامته ورشاقته وحسن ملبسه، تصوروا حتى الجمدان الذي يعتمره كان يكوى له جيداً. في الموصل كان مسكنهم منذ نهاية الاربعيناتمن القرن الماضي، وقد عمل يونسفي خياطة الملابس الكردية ومعه اخيه منصور، وبجوارهم باقي خياطي البلدة في تلك المدينة العظمى نينوى ظهير القوش حتى انقضاء الدهر، عندما كان يحضر حفلات الزواج في البلدة مع اصحابه: اوراها قس يونان، جبو كادو، اولاد جبو يوحانا، عبد المسيح دمان وغيرهم، كانت الأنظار تتجه نحوهم في جمالهم وحسن هندامهم ثم ادائهم المتميز لرقصاتنا الشعبية.

 

تركت لنا الست سهام في رحيلها المفاجئ تلك الصفات المتأصلة في عائلتها، يطيب لي ان اشارك عائلتها من اولاد واحفاد احزانهم وكذلك اولاد اعمامها ميخائيل، بطرس، ومنصور والى اختها يازي زميلتي في جامعة الموصل والى اخيها الصديق العزيز وعد الذي كان يقيم في الموصل حتى دخول داعش اليها فغادرها مُكرهاً. اطلب من الله الرحمة والغفران للفقيدة وان تنال رضاه لإشراكها في ميراثهالسماوي.

 

نموذج لاشعارها بالسريانية:

هلّي طَمبوري دْزمرَن

زْمارَه وريذَه تخايي

كمَنِخ لبَّه دِكريهي

وكِمْباسِم لبَّه دنِخرايه

܀܀܀܀܀

كِبَن كِبَن خه ﮔلپا بِفيارا

وزالي لأثري

مشريَن بأيقارا

ﮔو خِليه قالا

فنگا رابا ودشتاثا

ودُركياثا دببواثا

ما بَسّيميلي

܀܀܀܀܀

لأيسق يومَه ياوَن بالي

ميخَن بوخَه دطورِه علايه

بأثرِه دنِنوايه

واپره دخطّه وپلخنانه

واروِه وزَرَه دخَوضرانِه

ما بَسّيميلي

܀܀܀܀܀

ﭙيشَنوا ناشه دحُكّيثا

إشوا قَلبِه مَطين لبيثا

شتويَن خِبييثا

بزيرَن أُمرِه وأيتاثا

وديره علايا وقَلياثا

ما بَسّيميلي

܀܀܀܀܀

nabeeldamman@hotmail,com

January 7, 2021 California

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.