كـتـاب ألموقع

• وداعاً جميل روفائيل .. كما عرفناك..

تقييم المستخدم:  / 1
سيئجيد 

 ناصر عجمايا

وداعاً جميل روفائيل .. كما عرفناك..

 

عرفتك منذ صغري , تكلمنا كثيرا , رغم فارق العمر , نتبادل الآراء بكل احترام , كنا قريبين منك ومن العائلة , رغم تواجدك القليل في المنطقة , عرفتك عمرا متوسطا بين المرحوم والدي , وانا .. كنت صديقا ورفيقا , لوالدي منذ الخمسينات القرن الماضي , شيوعيا يافعا , مثقفا ملتزما , تتحرك سريعا بين الاهل والاقارب , لتوسيع ونشر الفكر الشيوعي الذي كنت تحمله , مؤمنا ايمانا قاطعا وعن وعي , في انتشال الفقر والعوز من الناس , كنت في مستوى المسؤولية الحزبية رغم صغر عمرك , ورغم فارق العمر بيني وبينك , قريبين متقربين متحابين , بحكم العلاقات العائلية والسياسية التي كانت تربطنا حتى بشكليها الجدي والعفوي البريء في بناء العلاقات العائلية .

 

لازلت اتذكر جيلك القريب من عائلتي وانت واحد منهم , نكن للجميع كل الاحترام والتقدير , كما نتحصر لتلك الايام البريئة , التي كانت تجمع الاخوة والصداقة المليئة بالاحترام والتقدير , اتذكر جيلكم الثوري حقا بعيدا عن القربى , تحاربون كل ما هو ضد الانسان والوطن , وقفتم بالمرصاد ضد كل ما هو متاخر وجاهل , لكن جهلة الارصاد ترصدكم بالمرصاد , تريد النيل منكم , خاصة بعد ثورة تموز 58 .

 

الحقيقة انتم الشباب الذين قدمتم الكثير لمدينتكم تللسقف وللمنطقة , رغم تجربتكم البسيطة والجديدة في العمل السياسي , تحملتم الكثير في عملكم ونضالكم وفكركم الانساني الاصيل في معالجة الامور , بالشكل الذي يخدم الانسان العراقي ضمن الوطن الكبير العراق, كما نظرتكم ومواقفكم الاممية في خدمة الانسان العالمي , و نحن الجيل الثاني الذي واصل المسيرة من بعدكم , طعم النضال فيما بيننا , كنتم الاصل في البناء الفكري واستفدنا كثيرا من تجربتكم وخبرتكم اليافعة , في تحركنا الجماهيري  .

 

كنى نختلف ونحن متقاربين , كنا نتراجع ونحن متفاعلين , كنا نخطو خطوات للامام , ونتراجع خطوات للوراء , وتلك حالة صحية في العمل الاجتماعي والسياسي وحتى الاقتصادي , تلك حقيقة الانسان الذي لا يملك كل الحقيقة ابدا مهما ملك , من ذكاء وفطنة خارقة , لا يعمل من دون خطأ , لا

يتحرك من دون خكة وهدف , لا اقدام من دون مشروع وبرنامج معد في خدمة الوطن والناس , كان العمل جماعي حقا, نستشيركم وانتم اكبر عمرا , وانت واحد منهم .

 

الانسان يتحرك ويخطأ ويتراجع , ومن دون عمل لا وجود للخطأ , وبالعمل لابد من خطأ .

 

وهذه قدرات كل انسان , والفعل يكون حسب ما يستوعب من معلومة وفهم للفكر وللامور , كما التحمل , يختلف في مواجهة الصعوبات والمآسي , وكل انسان يختلف فيما هو عليه وما يرادفه, من ومن ... الخ . لكن الانسان هو من لا يؤذي اي انسان , وانا واثق وشاهد المرحوم الكاتب والصحفي جميل  روفائيل ذات القلب الطيب الحنون هو واحد منهم , فهو من الذين تحملوا عنفوان ودكتاتورية , البعث عام 63  , كان قدره بالتراجع السياسي , بما يفكر به التزاما , كان قدره وقدرته من التحمل , كاي انسان يحب الحياة والعيش , لكن قلمه كان مع الوحدة القومية لشعبه ومع الوطن وتاريخه القديم والحديث , تجمعنا واياه الكثير ,كما نختلف معه في امور فكرية وقومية من وجهة نظرنا كلانا , كانت صحة وليس خطأ , تلك حقيقة موضوعية واقعية لابد من ذكرها , في خدمة المجموع ,  وللتاريخ . كان لنا قواسم كثيرة وكبيرة في نقاط الالتقاء , كما كانت لدينا تحفظات , نستفاد ونفيد , من دون حقد ولا كراهية , بل كنا في صفاء ونقاء بكل تقدير واحترام بالتبادل في الرأي  والرأي الآخر.

 

علينا ان لا ننكر , المرحوم الكاتب والصحفي , جميل روفائيل هو , من الذين لبو مساندتنا , ودعمنا

لمشروعنا , الذي نفذناه على الارض , في تللسقف , لبناء مقر لمنظمة الحزب الشيوعي العراقي . مبديا دعمه المعنوي اللامحدود كما المادي , متبرعا من دخله الخاص بمبلغ (مليون دينار عراقي) والتي عادلت , في حينها 800$ امريكي . اسوة بكل الرفاق والاصدقاء من ابناء تللسقف , المتواجدين في عالم الغربة , الذين جميعا ساهموا في بناء مقر الحزب , في مدينتنا تللسقف الخالدة , وهو مشروع جماعي , يذكره التاريخ وتتلقفه الاجيال..

 

 رحمة لك يا استاذنا الكبير, وابن مدينتنا العزيزة الغالية , على قلوبنا جميعا , لجهودك الكبيرة في خدمة شعبنا ومدينتنا وعراقنا , وكل ما قدمته , خدمة للانسانية . وانت من عائلة عم مرقس المعروفة بمواقفها الفكرية الشيوعية , التي لا يمكن نكرانه ابدا..

 

خدماتك في البلقان , وتقاريرك المفصلة للصحف , ونقلك المعلومة كاملة , بكل امانة , هي الدلالة الدالة لنزاهة قلمك وارثك الفكري والسياسي الذي تعلمته , من الفكر الماركسي الخلاق , في تطور وتقدم البشرية جمعاء .

 

ابداعك الاعلامي بارز وواضح في رؤية الوحدة , كما في مواضيح مختلفة عديدة ومتنوعة كثيرة , تاريخية وادبية وثقافية واعلامية واضحة الرؤية , من قالا سريايا (الصوت السرياني ) كما مؤلفاتك في دراسة التاريخ علميا وفق المصادر والادلة التاريخية الواضحة , كما قلمك شارك حتى في مجلة الثقافة الجديدة في احد اعدادها في منتصف السبعينات..

 

لا ينكر , مواكبتك للتطورات الثقافية والفكرية , والادبية التاريخية , رحيلك خسارة كبيرة للساحة الثقافية بتنوعها الفكري المطلوب , لكن الموت خطفك ,من بين ذويك ومحبيك واصدقائك , وفي الغربة !! تلك هي الاقدار التي , لا يمكننا ايقافها او تغييرها , وبهذا تركت فراغا واضحا وشاغرا في الحقل الثقافي الاعلامي , كل هدفنا كان ولا يزال اثبات الحقيقة للناس , لينير الطريق لهم في خدماتنا الفكرية للشعب.

 

كان لنا لقائنا الاخوي , في مقر الشعب (مقر الحزب الشيوعي في تللسقف) وحديث مشوق , متلهف , في امور تخدم , شعبنا الكلداني خصوصا , والعراقي عموما , في شهر تموز عام 2008 , نهنيء فيها الحزب فرحا مرحا بالانجاز الكبير هذا , كما من المدعويين , لحضور الافتتاحية الكبيرة والتاريخية , لافتتاح مقر الحزب في تللسقف , وكنت من المشاركين , تمثيلا لكل رفاق واصدقاء الحزب المغتربين من تللسقف في الافتتاحية معبرا للجميع تقديرا لجهودهم لانجاز بيت الشعب , واتذكر جيدا تقدير المرحوم لكلماتي , عوضا عن الجميع.

 

نودعك وداع اخ كبير , وعزيز فقدناه  , لا نعلم كيف نرثيه , مهما كتبنا , هو قليل بحقه , لكنها مفاجئة , بالنسبة لنا , عندما سمعنا الخبر المفجع , الذي اذهلنا جميعا , لكننا امام حقيقة , لامفر منها , ولا يسلم منها احدا , وهو طريق الآباء والاجداد , لكن الذكرى تبقى ابد الدهر ..

 

ثانية الرحمة للمرحوم جميل روفائيل عم مرقس , كما الخلد الابدي في الجنة , مع تعازينا للقلم الحر والثقافة والاعلام العراقي والعالمي , وللاهل والاقارب  والاخوة والاخوات , وآل عم مرقس الكرام .. مواساتنا لنا جميعا بهذه الفاجعة المفاجئة .. التي  اذهلتنا متفاجئين , بالمصاب الكبير, والخسارة الفادحة للعراق , وللفكر الانساني اجمع..

 

ناصر عجمايا

ملبورن \ استراليا

4\10\2009