كـتـاب ألموقع

يوميات حسين الاعظمي (912)- من رحم ذكرى المعاناة / (5)

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين الاعظمي

 

عرض صفحة الكاتب 

يوميات حسين الاعظمي (912)

 

من رحم ذكرى المعاناة / (5)

آذار، الاربعاء 2/3/2022.

تكملة الحلقة السابقة

       إستعدل السيد العميد أ.د.عبد المرسل الزيدي في جلسته من جديد عندما أخبره أ.د.وليد الحديثي بأسباب وجودنا في مكتبه، وبالتالي قدمتُ المعاملة إليه فهمّش عليها لترويجها ثم تحويلها الى قسم الفنون الموسيقية.

 

    كما ذكرت آنفا، كيف كان موقف رئيس القسم من قُبولنا في الدراسة. إذ يبدو أن إصرارنا وعنادنا ونجاحنا بحصولنا على مقعد دراسي في الكلية والقسم، كان من جانب ما سبباً آخر وإن يكن غير مؤثر تماماً، إلا أنه خلق عند رئيس القسم حالة نفسية مغايرة جعلته يشمِّر عن ساعديه في إعلانه الحرب علينا منذ أن وطأت أقدامنا أرض الكلية حتى تخرجنا منها. بجحة أن قُبولنا مرفوض من وجهة نظره، ولم يكن لدينا في البداية أي تصور عن سبب هذا الرفض وعن صراحته المقيتة..! فمعاناتنا إستمرت من دائرتنا الموسيقية التي حاول فيها مديرنا العام الفنان الراحل منير بشير أن يثنينا عن الانفكاك من الدائرة، بحيث وصل الامر الى أن عمل على إلغاء إنتدابنا من خدمة الاحتياط العسكرية، أي نعود الى الخدمة العسكرية..! في محاولة حقيقية للضغط علينا وثنينا عن انفكاكنا من الدائرة في الاجازة الدراسية، وعدم إعطائنا كتاب موافقة الدائرة على ذلك، وهو ما يمكنه إيقاف فرصتنا التاريخية الثقافية والعلمية هذه..! فما كان مني وأنا أواجه مصير آخر لحياتي الثقافية والفنية والعلمية المستقبلية، خاصة في ظل ظروف سياسية ضبابية مربكة تماماً لا يعرف مصير إستمرارها، واحساسي بأن النقاش والجدل مع مديرنا العام منير بشير قد وصل الى طريق مسدود، وهكذا أصبحتُ بين حالين، مثل الديالكتيك، الصاعد والنازل(هامش1)..! وأمسىت قضيتي وأخي محمد كمر ليس فيها حل وسط..! الانفكاك من الدائرة الى الكلية، أو الرجوع الى الخدمة العسكرية وضياع فرصة الدراسة والمستقبل الافضل..! وعليه توجهتُ الى الله عزوجل أن يوفقني أولا، وأنا أطلب من أهل الخير والمروءة والمواقف الحاسمة حسب ما أمتلكه من معارف وعلاقات، وإستطعت أخيراً أن أحسم الموضوع في يوم واحد كما مر بنا وأنهيت كل الامور وحصلتُ من الاستاذ منير بشير على كتاب الموافقة من الدائرة رغم إمتعاضه وعدم رضاه لِما قمتُ به، وفي هذا الكتاب تم شمل أخي وصديقي العزيز الفنان محمد حسين كمر، لأننا سوية في الدائرة، وسوية في ظهور إسمينا بإنسيابية وزارة التعليم العالي. وهكذا تم إنفكاكنا من الدائرة ومباشرتنا في قسم الفنون الموسيقية بكلية الفنون الجميلة لنواجه مشكلة جديدة اخرى تنتظرنا مع رئيس القسم .

 

      على كل حال، قبل أن أعيش المعاناة الجديدة في قسم الفنون الموسيقية في الكلية، أعود الى إستاذي منير بشير، فما أن إستقر وجودي طالباً في قسم الفنون الموسيقية بكلية الفنون الجميلة بعد شهر تقريباً من الدوام كطالب فيه، وإطمئنتْ نفسي إلى ذلك، حتى ذهبت الى دائرتي الاثيرة – دائرة الفنون الموسيقية – لمعاجة علاقتي مع والدي الروحي منير بشير التي شابها بعض الرضوض بسبب إنفكاكي بالاجازة الدراسية..!

 

      دخلتُ عليه في مكتبه دون موعد أولاً، ودون إذن من السكرتيرة (لودة) التي حاولتْ منعي من الدخول ثانياً، حتى فوجئ بوجودي أمامه ثالثاً..! حيث قال لي مباشرة.

-    اذهب لا أريدك بعد الآن، فأنا زعلان منك وممتعض من بُعدكَ عن الدائرة.

تقدمت إليه مبتسماً وضاحكاً وأنا أقول له .

-    أولاً إعطني صلعة رأسك كي أقبلها، فالأب لا يتبرأ من إبنه، ولا الإبن يتبرأ من أبيه..! فأنت والدي وحبيبي وأستاذي ومعلمي، فأنا إن كنتُ هنا في الدائرة أو خارجها، في خدمتكَ وخدمة الدائرة وفي أي وقت تشاؤه.

-    تستغل علاقاتك وواسطاتك لتجبرني على الموافقة وإنفكاكك من الدائرة، هل أنا لا أعطيك ذلك..!؟ فأجبته مباشرة وبكل وضوح.

-    بصراحة أستاذ منير، أنت لم تفعلها، ولن تفعلها، أنا أعرف ذلك..! فلابد من حماية مستقبلي بنفسي، راجياً منك يا أستاذي الحبيب أن تتفهم موقفي ونحن في ظروف قاهرة نعيشها جميعاً. فأنا لستُ متحدياً لإرادتكَ، معاذ الله، أنت أقرب الناس لي واحبهم الى قلبي. وكل شيء بالنسبة لي، مرة أخرى أرجو أن تسمح لي بتقبيل صلعة رأسك الكريم، وقبلتُها فعلاً وإبتسمنا وضحكنا معاً وعاد كل شيء الى سيرته الاولى ومجراه الطبيعي، ومكثتُ معه بعض الوقت ثم غادرته ونحن على أتم الوئام والتصالح..!

-   

    الى هنا أكون قد أنهيت المشكلة الاولى والمعاناة التي واجهتها في دائرتي من حكاية الدراسة الاولية والاجازة الدراسية التي حصلتُ عليها وعشتها مع دائرتي، ولم يدر في خلدنا أنا وأخي محمد كمر وبقية المقبولين من خريجي المعاهد الموسيقية، أن هناك مشكلة ومعاناة أكبر بكثير تنتظرنا جميعاً في قسم الفنون الموسيقية بكلية الفنون الجميلة التي قادها بكل صفاقة رئيس قسم الفنون الموسيقية في الكلية.

 

والى حلقة اخرى ان شاء الله. 

 

 الهوامش

1 – هامش1: الديالكتيك تعني المحادثة والمجادلة والنقاش، كلمة يونانية (دياليغو) اي فن الحوار بين سؤال وجواب. والديالكتيك الصاعد طريقة للوصول الى المعقول. والديالكتيك النازل يعتمد على الاستنباط العقلي والواقعي والتمييز بين الحق والباطل.