اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

يوميات حسين الاعظمي (1073)- رحلاتي الى الجزائر/2

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين الاعظمي

 

عرض صفحة الكاتب 

يوميات حسين الاعظمي (1073)

***

رحلاتي الى الجزائر / 2

      في السادسة والنصف مساءً من يوم 25 /7 /1979 هبطت بنا الطائرة العراقية في مطار الجزائر الدولي. وإستقبلنا الاخوة الجزائريين في المطار، ثم توجهوا بنا الى الفندق، ولم نستطع حضور إفتتاح المهرجان هذه الليلة لتأخر وصولنا في المساء وشعورنا بالتعب من جرَّاء سفرة اليوم الطويلة التي إستغرقت النهار كله ونحن نتجول بين بلد وآخر معلَقين في فضاء الله الواسع حتى هبوطنا في ارض الجزائر الحرة.

         أطلعنا الاخوة الجزائريين على المنهاج الفني العام لجميع الفرق المشاركة في المهرجان، وأيام مكوثنا في الجزائر. وتقول مفكرتي اليومية، أن فرقاً موسيقية ومغنين مشاركين من عدة دول عربية واجنبية في المهرجان، ومن هذه الفرق المشاركة، الهند والجمهورية اليمنية والجمهورية السورية وفرق عربية اخرى وغربية عديدة، ناهيك عن الفرق والمغنين الجزائريين. وبذلك بدأ منهاجنا ومنهاج الفرق الاخرى منذ اليوم الثاني لإفتتاح المهرجان الموزع في بعض المحافظات في عموم الجزائر ذات المساحة الجغرافية الكبيرة ضمن وطننا العربي الكبير. وفي صباح اليوم التالي 26 تموز غادرنا العاصمة الجزائرية بسيارة الوفود الخاصة بنا، متوجهين الى (مدينة البليدة)(هامش1 ) التي لا تبعد عن العاصمة الجزائرية أكثر من 50 كم. في أول نشاط فني لنا على هامش المهرجان، وولاية –البليدة- جميلة وخلابة، فيها جبل الشريعة وسط الجغرافية السهلية للولاية على وجه العموم، الذي يمنحها رونقاً وجمالاً، حيث المرتفعات والمنخفظات القريبة منه، إذ يشعرك جبل الشريعة الشامخ عندما تكون في قمته، براحة النظر الذي يريح العيون ويجعلك تنظر غالباً الى سعة المناظر الجغرافية لهذه التلال والسهول بعيداً عن إصطدام النظر بالاشكال العمرانية القريبة التي تتسم بها حياة المدن ومناظرها العمرانية وأشكال التطور التكنولوجي.

     عطفاً على ماسبق، فمدينة –البليدة- مدينة سهلية، مدينة الخضار والسهول المتنوعة، بها الكثير من الفواكه المختلفة الانواع وفيها جبل كبير يسمى "جبل الشريعة" وهو كالردء لها من أي عدو قادم من الصحراء..! أما قبائلها وسكانها فأغلبهم اناس نزحوا من المدن المجاورة وخاصة قبيلة أبناء صالح التي كانت ساكنة بالمدية، وعقيب مجيء الاتراك وقبلهم، سكنها الاندلسيون، بدأت تنتعش وتتحول إلى قرية كبيرة، ثم سكنها المحتلون الفرنسيون وأوطونها الاربيوزن من كل الاطياف، إلى أن أذن الله بطلوع فجر إستقلال الجزائرعام 1962 فعادت لأهلها.

      للمدينة آثار قديمة، وبها مقابر للمسلمين والنصارى واليهود، وأيضاً إسم بليدة، هو من أسماء النساء اللاواتي يعشن جنوب العراق، وخصوصا المناطق النائية وأهوار جنوب العراق، ويحمل هذا الاسم أكثر من 20% من نساء سكان هذه الاهوار..!

     ولاية –البليدة- معروفة بمدينة الورود لكثرة الورود والحدائق فيها، تمتلك العديد من الأماكن السياحية والمناطق الخلابة كقمة الشريعة التي تتميز بغابات الأرز والصنوبر والبلوط الجميلة، حيث تكتسي الشريعة بالثلوج شتاءاً فتصبح قبلة لجميع الناس وهواة التزحلق كما تعطينا منظراً رائعاً لمدينة البليدة.

     أما المنطقة الثانية فهي (شفة)، محمية طبيعية يجتازها واد شفة، تتكاثر بها القردة من فصيلة الشامبانزي، يقصدها الناس صيفا للاستمتاع بالمناظر الخلابة واللعب مع القردة الطليقة ومياه النهر الباردة.

        المنطقة الثالثة هي حمام ملوان، وهي عبارة عن حمام كبير ومشهور به مياه معدنية دافئة طبيعية يقصده الناس للراحة، وتتكون المنطقة من نهر يقصده الناس صيفاً، خاصة منطقة المقطع الأزرق وسط المدينة، له منظر بهيج مع المحلات التجارية والأسواق التي توجد بكثرة والتي يقصدها الناس من جميع الولايات حتى من ولاية الجزائر العاصمة، ويلفت نظرنا وجود المنازل القديمة المصنوعة من الطوب والطين والقرميد التي بقيت واقفة لتذكرنا بتاريخ البليدة وبعض المباني التي تذكرنا أيضاً بالحقبة الاستعمارية التي بناها الفرنسيون.

       تزدهر ولاية –البليدة- بالصناعة التقليدية خاصة الطرز على القماش والملابس التقليدية وصناعة تقطير ماء الزهر الطبيعي ومربى البرتقال لكثرة تواجده في المنطقة، حتى في وسط المدينة عندما تدخلها في فصل الربيع تدغدغ أنفك رائحة زكية طيبة لزهر البرتقال تعبق أجواء ولاية البليدة، كما نلاحظ إنتشار أشجار الياسمين الأبيض المتدلية من أسوار الأبنية و نباتات زهرية عطرة متنوعة خاصة نبات وزهرة الريحان، مشهورة بأكلاتها الشعبية الطيبة "كالحمامة" وهو عبارة عن كسكس مصنوع بعصير الأعشاب الطبية العطرة والمفيدة للصحة كالزعتر والحلحال....الخ و"بوبرايص" وهو عبارة عن نبتة تشبه البصل والثوم برية تنبت في المناطق الرطبة أمام الينابيع "وهذه النبتة موجودة أيضا في الصين ويستخدمونها في طعامهم" ..

       تشتهر ولاية البليدة بمساجدها العتيقة كمسجد العتيق وابن سعدون ومسجد الكوثر، وتنتشر بها الكثير من الجمعيات الخيرية كجمعية كافل اليتيم وجمعية الفرقان وجمعية نسيمة لمكافحة السرطان، مشهورة كذلك بروادها الكبار من المجاهدين كـ بونعامة الجيلالي والحطاح محمد رحمهم الله، وبفنانيها دحمان بن عاشور والشيخ المحفوظ ورابح درياسة والرسامة باية. تشتهر أيضا بأبوابها القديمة المتعددة كباب الدزاير"الجزائر" و(باب السبت وباب الزاوية وباب خويخة) (هامش2)

 

        أما في شأن المناخ الجوي لعموم الجزائر، فهو رائع جداً، بحيث لا يفصل بين جو الشتاء والصيف أكثر من 35 درجة مئوية، وهو يشابه أجواء كل جغرافية المغرب العربي، إذ تمتد هذه الأجواء أيضاً بصورة نسبية الى الجماهيرية الليبية وجمهورية مصر العربية. وفي حينها قيل لنا بأن أوطأ درجة حرارية في الشتاء تصل الى 8 فوق الصفر تقريباً..! في العاصــمة الجزائرية، وأعلى درجة حرارية فيها بالصيف قد تصل الى 40 درجة مئوية، وهو ما حدث في هذا العام، حيث وصلت درجة حرارة صيف هذا العام الى ما يقارب الاربعين درجة، وقد أعتبر إخوتنا الجزائريين ذلك بمثابة موجة حر..! هكذا هي أجواء البلدان المطلة على البحر، وهكذا هي جمالية أجواء البحار رغم الرطوبة الخانقة في بعض الاحيان. إذا ما علمنا أن ساحل البحر الابيض المتوسط يحد الجزائر بـ 1200 كم..!

           وصلنا الى مدينة البليدة وسط النهار، وأقمنا في فندق جميل يقع على مرتفع عال، فوق قمة جبال الشريعة الشامخة وسط ولاية البليدة. وعلينا أن نتأمل، كم كان المنظر والمشهد  رائعاً ونحن نتأمل مصيفاً سياحياً جميلاً من أروع المصائف السياحية في الجزائر، يطلق عليه مصيف"الشريعة" وكم كان الجو والهواء عليلاً وعذباً، لم نشعر فيه أننا في منتصف الصيف، وفي شهر تموز July الذي يعد أحر شهور السنة.

          بعد إستقرارنا في الفندق والاستراحة لبعض الوقت، وقبل أن نتناول غداءنا، خرجنا لبعض الوقت نتمتع بمشاهدة المناظر الجميلة وإستنشاق الهواء العذب وإلتقاط بعض الصور الفوتغرافية.

        في قاعة"محمد النوري" بمركز ولاية –البليدة- أقمنا أول حفلة لنا في الجمهورية الجزائرية مساء اليوم 26/تموز، حضرها الكثير من جمهور المدينة وسواحها العرب والاجانب. والحفلة كانت جميلة نالت صدى واسعاً.

 

والى حلقة اخرى استكمالاً للموضوع ان شاء الله.

  1 - هامش1: مدينه البليدة- تصغير لكلمة بلدة، أسسها الأندلسيون، وهي إحدى المدن الجزائرية، فيها جامعة سعد دحلب، تحتوي هذه الجامعة على أغلب التخصصات، موقعها على طريق الصومعة، وتجمع هذه الجامعة على حوالي 42 الف طالب وطالبة، تمتد على مساحة تبلغ 180 هكتار تقريباً.

  2- هامش2: المعلومات والصور منقولة من موقع الرياضة الى الابد. ومن موقع اللمة الجزائرية.

 

 

صورة1/ حسين الاعظمي بين جبال الشريعة في ولاية البليدة الجزائرية 26 /7 /1979.

 

صورة2 / مجموعة صور من مدينة البليدة.

 

 

 

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.