كـتـاب ألموقع
يوميات حسين الاعظمي (1201)- ذكريات مبكرة
- المجموعة: حسين الاعظمي
- تم إنشاءه بتاريخ الخميس, 01 آب/أغسطس 2024 19:54
- كتب بواسطة: حسين الاعظمي
- الزيارات: 908
حسين الاعظمي
يوميات حسين الاعظمي (1201)
ذكريات مبكرة
الخيال والاحلام والتاملات والذكريات، من الامور المهمة والاساسية للابداع الفني بصورة عامة، انها الفضاء الذي يتلذذ به الانسان. فهي تـُنمِّي طموحاته وتنمي حوافزه وتنمي افعاله، وبالتالي تـُظهر ابداعاته على الساحة عندما تمتزج مع التفكير الخصب لدى الفنان المبدع. فاذا كانت هذه الذكريات والتأملات امورا بديهية او اكيدة، فعلينا ان نهتم بها ولا نغفلها. فالخيال والتاملات والاحلام والذكرى، لا تشكل جزءً من الابداع او محفزا له فحسب، بل انها كذلك تجعله ممكنا. فهي اكثر من مجرد محفز للابداع او اسلوب للحداثة او التجديد، هي تمثل معظم المسببات الموجبة لظهور الابداع الى حيز الوجود عندما تلتقي مع الفكر الخصب الناضج. هكذا يكون للذكرى والخيال علاقة وطيدة بالعمل والانتاج والابداع. وعليه يبقى الانسان في مراجعة دائمة لذكرياته المبكرة من حياته المبكرة، يتلذذ بها ويقتات عليها في اوقات احلامه وخيالاته وحسابات تطور مراحل حياته. ربما ذكريات حزينة يحاول ان يبعدها عن خياله وعقله..! وربما تكون هذه الذكريات مفرحة تُشعره بلدة الذكرى. فهي ذكرى في كل الاحوال، كالناقوس الذي يدق دائما في اعماقنا واحلامنا وخيالاتنا.
من ناحية ذاتية، يدهشني التفكير والقول بأني أتذكر أشياء مرّت في حياتي وانا في عمر صغير جداً لايتجاوز الثلاث سنوات..! وربما اقل من ثلاث سنوات..! كيف يحدث ذلك..!؟ فعندما افكر في هذه الحالة، تنتابني الدهشة فعلاً لانني كنت في بواكير حياتي الاولى..! فقد كان والدي وعمي عبد الكريم رحمهما الله، لكل منهما محل(دكان) في حي السفينة من الاعظمية. وبالذات عند رأس الجسر الخشبي العتيق العائم المنصوب على متن زوارق كثيرة متوسطة الحجم فوق نهر دجلة الخالد، في المنطقة التي تربط طرفي المدينتين التاريخيتين الدينيتين الاعظمية والكاظمية. والذي ألغي عام 1958 بعد أن افتتح جسر جديد عام 1957 بالقرب من الجسر الخشبي العتيق أطلق عليه(جسر الائمة).
كان سير السيارات في الجسر الخشبي العتيق بمرور واتجاه واحد..! وهو ما اتذكره جيدا..! أي عندما تنطلق السيارات من مدينة الاعظمية باتجاه مدينة الكاظمية، تعطى اشارة الى الطرف المقابل في مدينة الكاظمية بالانتظار والتوقف لحين إكمال سير السيارات القادمة من مدينة الاعظمية الى مدينة الكاظمية، والعكس صحيح..! فكنتُ اشاهد هذه الحالة من ديناميكية سير عبور السيارات بين طرفيْ مدينتيْ الاعظمية والكاظمية بمعدل يومي او شبه ذلك..! لأن والدي يصطحبني يوميا معه الى دكانه وعلى الاخص في العطل والاوقات المتاحة. وعليه يبدو ان كثرة معايشتي ومشاهداتي اليومية للسيارات منذ بواكير عمري وهي تسير ذهابا وايابا بين مدينتيْ الاعظمية والكاظمية، هي التي أبقت في ذاكرتي هذه المشاهدات ورسوخها حتى اليوم على الرغم من قِدَمها وانا في سنوات حياتي الاولى..! فضلاً عن أنني أتذكر أيضا عبوري على هذا الجسر التاريخي(الجسر الخشبي العتيق) مشياً على الاقدام أكثر من مرّة..! وعبوري عليه أيضاً وانا في السيارة التي كانت تسمى بـ(الباص الخشبي..!).
وحين أصبح عمري خمس سنوات تقريباً، أتذكر أيضا وان يكن ذلك بشكل ضبابي، إفتتاح جسر الائمة عام 1957 الذي اعتقد انه كان برعاية المغفور له ملك العراق فيصل الثاني رحمه الله واحسن مثواه.
كذلك أتذكر بصورة واضحة عندما تم تمثيل معظم مشاهد الفلم السينمائي العراقي(مشروع الزواج) الذي شغل المنطقة كثيراً واستمر في تصوير مشاهده زمناً طويلاً أيضاً، ثم شاهدته بعدئذ في السينما أكثر من مرة..! وقد ظهرتُ في لقطة عامة من إحدى مشاهد الفلم ومن بعيد وانا جالس قرب والدي في الدكان..!
وفي هذا الخضم من الذكريات المبكرة، تنبهني ذاكرتي دائما الى أيام الطفولة وبواكير الحياة وذهابي فجر أيام كثيرة مع والدي الى مدينة الكاظمية لتسوق بضاعته منها..! وهكذا إمتلئت ذاكرتي بمواقف كثيرة في مدينة الكاظمية الجميلة التي أحببتها منذ نعومة أظفاري حتى يوم الناس هذا..! وربما بسبب ذكرياتي الكثيرة في مدينة الكاظمية وحبي الكبير لها ولاهلها الكرام، تكوّنت فيما بعد علاقات كثيرة جداً مع أخوة وأصدقاء من هذه المدينة الخالدة، بحيث كان أخي العزيز الغالي الاستاذ باسل مجيد الخزرجي الكاظمي(احد طلبتنا القدامى في معهد الدراسات النغمية العراقي) يقول لي دائما ونقلاً عن معظم أصدقائنا في مدينة الكاظمية، على أنني لو رشحتُ نفسي في أي انتخابات في مدينة الكاظمية فانني سافوز حتما..! ثم نضحك سوية..! وما زلتُ على صلة أخوية وصداقة وثيقة بأخي وصديقي الغالي باسل مجيد الكاظمي وباصدقائي الكاظميين الآخرين الذين لايمكن نسيانهم.
على كل حال، هناك الكثير جداً من الذكريات المبكرة التفصيلية الجميلة في هذا العالم الجميل المحصور في بقعة جغرافية صغيرة القريبة من موقع الجسر الخشبي العتيق من جانب حيّ السفينة في الاعظمية.
والى حلقة اخرى من الذكريات ان شاء الله.
اضغط على الرابط
محمد القبانجي، مقام الخنبات
https://www.youtube.com/watch?v=KlgSUneHFXg&ab_channel=HaniramialHani
حسين الاعظمي بين زميليه في اليمين عازف السنطور محمد زكي وعازف الجوزة داخل احمد. وهما من اوائل فرق الجالغي البغدادي ممن خرجهم معهد الدراسات النغمية العراقي اوائل سبعينات القرن العشرين.
الجسر العتيق بين الاعظمية والكاظمية في بغداد، الصورة من جهة الاعظمية، ألغي هذا الجسر المرتكز على مجموعة كثيرة الزوارق متوسطة الحجم عام 1958 بعد افتتاح جسر الأئمة القريب منه في العام الذي سبق 1957.
(الجسر الخشبي العتيق) من جهة الكاظمية
المتواجون الان
568 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع