اخر الاخبار:
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

يوميات حسين الاعظمي (79)- حسين الاعظمي طفلا

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

 لقراءة مواضيع اخرى للكاتب, اضغط هنا

يوميات حسين الاعظمي (79)

 

حسين الاعظمي طفلا

          أتذكر وأنا في سن الرابعة من عمري، أو تجاوزتها بقليل، حينما بدأ العمل بتأكيد الجنسية العراقية القديمة وإصدار جنسية جديدة تكون هي المصدر الحقيقي الجديد لمرجعية المواطن العراقي، وكان ذلك منذ أواخر عام 1956 حتى عام 1957. اذ يبدو ان الموقع الجغرافي للعراق وتاريخه الطويل كانا السبب الدائم لتعداد السكان، وتأكيد وتجديد الجنسية العراقية من قبل الحكومات العراقية، وفي كل فترة زمنية يرونها مناسبة..! فمن الناحية الجغرافية (فالعراق إحدى الدول العربية، ويقع في جنوب غرب قارة أسيا، ويشكل الجزء الشمال الشرقي من الوطن العربي. تحده من جهة الشرق إيران، ومن جهة الشمال تركيا، وتفصله عن هاتين الدولتين حدود طبيعية تكون جزءاً من حدود الوطن العربي الشرقية والشمالية؛ أما من الغرب فتحاذيه أقطار عربية هي سورية والأردن والسعودية والكويت، والـخليج العربي من الجنوب) (هامش 1).

 

         اما من الناحية التاريخية، فانه بسبب موقعه الجغرافي، فقد ابتلي العراق بمشاكل تاريخية عديدة نتيجة اطماع البلدان حواليه، وعلى الاخص ايران وتركيا التي تحيطانه باكثر من 1600كم..! فعلى مدى التاريخ تم اختلاط الكثير من هذه الاقوام بالمجتمع العراقي من خلال كثرة الاحتلالات وتعدد الاقوام الغازية. وعليه اقتضى الامر كما يبدو، ان تأكد الحكومات العراقية، وعلى الدوام على اصالة العراقيين الحقيقيين بواسطة تأكيد وتجديد الجنسية العراقية وقوانينها الطبيعية..! فكانت عملية اعتماد جديد على جنسية العراقي في عام 1957. ولا يزال العراقيون على المستوى الرسمي والشعبي، لايتأكدون من اصالة انتماء المواطن العراقي الحقيقي الى كونه عراقي اصيل، الا عند إظهار شخصيته في المواطنة على جنسية 1957..

 

 

         على كل حال، لا اريد التوغل في هذه التواريخ، ولكن لتوضيح جانب من اسباب اصدار جنسية 1957..

        ذهبتُ الى – علي المزيـِّن – (هامش 2) حلاق المحلة (هامش 3) المشهور فيها "محلة السفينة" في قضاء الاعظمية ، المطلة على نهر دجلة الخالد الذي يحيطها من معظم الجهات جاعلا من قضاء الاعظمية شبه جزيرة..! ذهبت الى الحلاق علي المزيِّن كي يحلق شعري إستعداداً لإلتقاط صورة علــَّها تكون جميلة بعد الحلاقة..! كي توضع في دفتر جنسيتي الجديد..! ولكنني فوجئت وأنا اشاهد شعري في المرآة وقد قـُصَّ وازيل عن بكرة أبيه، أي حلاقة نمرة صفر..! وأصبحتُ أقرعاً لأول مرَّة في حياتي، وأعتقد أنها المرَّة الوحيدة حتى الآن..! وعندما عاتبتُ الحلاق قائلاً له بحزن وخجل الطفولة..

-      عمو علي- لماذا حلقتَ شعري هكذا وجعلتني أقرعاً..!؟ أين شعري.. أريد شعري..!

-      فأجابني بمجموعة من المفردات السجعية التي إعتدناها منه في كل يوم وهو يرشـُّها عليَّ رشـَّـاً بين الضحك والفكاهة، وهكذا صَرَفني ولم يعلق أو يجيب عن سؤالي..

 

         وعندما عدتُ الى البيت وأنا أبكي لفقدان شعري، رفضتُ أن ألتقط صورة للجنسية بهذا الشكل لشعري المفقود، وبقيت أكثر من شهر حتى إضطررت لألتقاط صورة للجنسية وقد أصبحتْ كل شعرة من شعر رأسي قد تجاوز طولها السنتمتر..

ولنا عودة الى موسوعة قادمة لتكملة الموضوع ان شاء الله

 

        من زاوية أخرى، فإن هذه الصورة المنشورة، هي أقدم صورة لي أمتلكها الآن المؤرخة في عام 1957، بعد أن ضاعت الكثير من الصور الاخرى لي ولأهلي وأقربائي، التي كنت محتفظاً بها منذ طفولتي، وذلك من خلال حدثيـْن مهميـْن كانا في حياتي. أولهما زواجي عام 1979 وإنتقالي من بيت اهلي، (بيت والدتي وأخي محمد واثق) الى بيتٍ جديدٍ مستقل، وهو البيت الكريم الذي تم استئجاره من أصحابه وهم من كرام الناس، العائدة ملكيته الى المرحومة هاشمية ابنة العالم الديني الكبير المرحوم الحاج حمدي الاعظمي، وهو البيت الذي كان يسكنه عالمنا الكبير الحاج حمدي الاعظمي، المطل على نهر دجلة الخالد مباشرة في محلــَّة الحارَّة بالاعظمية.  والبيت هذا يعد من قصور الاعظمية القديمة، فيه أربع شرف مطلة مباشرة على نهر دجلة الخالد، بحيث ننزل الى الشاطئ عن طريق السلــَّم المتصل بإحدى الشرف، ومساحة البيت كبيرة، وحديقته جميلة أيضاً، ومبارك بنـَفـَس وروح أصحابه الكرام..

 

          والحدث الآخر كان إنتقالي أيضا من نفس البيت الكريم الذي سكنتُ فيه مباشرة بعد عودتي من شهر العسل– بيت الحاج حمدي الاعظمي– بعد ستة عشر عاماً من الاقامة فيه، وبعد أن أكملتُ بناء بيتي الجديد في نفس المحلــَّة– محلة الحارَّة– المجاورة لمحلة السفينة عام 1995. وسط إلحاح شديد من أصحابه الكرماء آل الحاج حمدي الاعظمي، بالبقاء في بيتهم  وعدم الانتقال منه، وتأجير بيتي الجديد..! وفي ذلك فائدة مادية كبيرة بالنسبة لي كانوا يقصدونها، حيث كان إيجار البيت الذي كنتُ أسكن فيه يكاد يكون رمزياً برضى طبيعي من أصحابه الكرماء، وباستطاعتي بالتالي تأجير بيتي بمبلغ أكبر من ذلك بكثير، ولكنني شكرتُ أصحاب البيت الشكر الجزيل لهذا الاعتزاز، ودعوتُ لهم بالخير كثيراً، ولم أزل أدعو لهم بالرحمة والمغفرة للمتوفين منهم  والصحة والعافية للأحياء وجزاهم الله خير الجزاء. وبالـتالي إنتقلت الى بيتي الجديد..

 

        في هذيـْن الحدثيـْن اللذيـْن لم يسلم فيهما الحال من ضياع بعض الصور الفوتغرافية فحسب، بل شمل ذلك ضياع أشياء أخرى عزيزة على نفسي، أهمها بعض صور ويوميات سفراتي التي كنت مواظباً على كتابتها، منها سفرتي الى فنلدة عام 1977 وسفرتي الى اليابان آذار عام 1979، وسفرات فنية اخرى..! وأكثر من ذلك ضياع دفتر صغير كنت أكتب فيه وأنا في حداثة سني، أهم الاحداث الشخصية لي مع أصدقائي الاوائل  وامور اخرى، منذ أن كتبتُ لأول مرة وأنا في سن العاشرة تقريباً..! ولم أزل أشعر بالأسى الكبير لضياع هذه الاشياء والمدونات، كذلك فقدان بعض الاوسمة والشهادات التي حزت عليها من مشاركاتي الفنية في المهرجانات الدولية، وعلى الاخص الوسام الذهبي المهدى اليَّ من محافظ مدينة آرلز أقصى جنوب فرنسا عام 1977 . وغير ذلك من أشياء اخرى..

 

        أعود  بكم أعزتي الأكارم الى حلاّقنا الشهير - علي المزيـِّن – الذي كنا نحبه كثيراً، لأنه يداعب الجميع صغاراً وكباراً،  وهو من أصل عجمي فارسي، وقد كان هذا الرجل يمتلك شخصية فكاهية مداعبة ضحوكة، يتبادل مع الجميع المفردات الموزونة على شكل نظم أدب السجع مع الناس بصورة عامة، لا يمكن مضاهاته فيها وينشر البسمة والفرحة في وجوه الناس على الدوام..

 

          وفي أيام تسفير من يحمل الجنسية المؤشر فيها (تبعية ايرانية) مطلع السبعينات، سافر حلاقنا المحبوب علي المزيــِّن الى ايران بالرغم من أن الحكومة العراقية زمنذاك خيـَّرته في البقاء أو المغادرة، ولكنه علق على ذلك بالمثل العربي الشهير – الذي ينكر أصله نغل- ..! ولا أعرف أو أتذكر لماذا خيــَّرته الدولة في البقاء أو المغادرة دون الآخرين ممن شملهم التسفير..! ربما لشعبيته الكبيرة في المنطقة وعلاقاته الواسعة وشهرته في الاوساط المحلية..!

وللذكرى أثر عميق

 

هوامش

-       هامش1 :  من موقع جامعة بابل

-       هامش2 :  المزيِّن : المقصود بها الحلاق  ..

-       هامش3 :  المحلّـة : المقصود الحارة كما يسمبها اخوتنا العرب..

 

 

حسين الاعـظمي طفلاً اوائل عام 1957

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.