كـتـاب ألموقع

• ثوار ميادين التحرير قادرون على إنهاء الانحياز الأمريكي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

نبيل عودة

مقالات اخرى للكاتب

    ثوار ميادين التحرير قادرون على إنهاء الانحياز الأمريكي

 

مرة أخرى تحمي أمريكا الاحتلال الاستيطاني الإسرائيلي بوقاحة غير عادية.

الحل انتفاضة عربية بخروج عشرات ملايين العرب في مظاهرات غاضبة

كما هو الحال ضد الرؤساء المطرودين واللاحقين!!

*****

التغيرات الثورية التي يشهدها العالم العربي، هي وليدة الواقع العربي المتخاذل في مجالين جوهرين.

أولهما، الواقع الاجتماعي ويشمل الاقتصاد، مستوى الحياة، الأمية المتفشية، البطالة، التأمينات الاجتماعية، الفساد السلطوي، الأنظمة الشمولية التي تنفي أي حق ديمقراطي للمواطنين في التعبير عن الرأي، وحرية العمل السياسي.

وثانيهما. ولا أعني أنه أقل شأناً من الأول بل هما متداخلان لدرجة يصعب فصلهما، وأعني التخاذل السياسي، والتهاون بالكرامة الوطنية على مستوى الدول. لدرجة بدت الأنظمة العربية بدون شرش حياء او بعض الكرامة.

تنكرت لكرامة شعوبها القومية على مستوى الوطن العربي، وقبلت بأدوار شديدة الاذلال للشعوب العربية، التي وجدت نفسها محاصرة داخلياً بفساد وفقر مريع ونهب الخيرات الوطنية بلا حساب، وخارجياً بفساد مذل لم يبق ذرة كرامة للشعوب العربية لأن ما يشغل الأنظمة استمرار نهبها وتوريت النهب لوارثيها..

في ظل هذا الواقع العربي، وجد العالم العربي وشعوبه، أنهم أضحوا تحت نعال السياسات الدولية، دولاً في الحضيض الدولي، لا حساب لها في السياسة الدولية. وأن واقعهم لا يعني أحداً، وأن كل التنظيرات حول ضرورة دمقرطة العالم العربي، وتقدمه أسوة بالدول الغنية، (والعالم العربي لا تنقصه الموارد لإنجاز نهضة عمرانية، ولكنها تسرق ولا توظف في صالح المجتمعات العربية ورقيها) كانت اذن ضريبة كلامية فارغة من المضمون، ربما هدفت تخدير الجماهير دعما للأنظمة الفاسدة، فالشعوب بدت مستسلمة، ذليلة، وبعض التصريحات الجميلة لا تضرّ، بل كان واضحاً مسبقاً انها لا تجدي نفعاً بدون آليات مثل وسائل ضغط اقتصادية ووقف تضخيم أجهزة القمع العربية، وفضح الممارسات القمعية وإدانتها على المستوى الدولي، وفتح المجال لعقوبات ضد الأنظمة التي تمارس القمع، بغض النظر اذا كان النظام من نوع "أمرك يا مولاي" بالنسبة لرأس النظام العالمي الجديد. وأعترف ان أحدا ما، بما فيه المتنورون العرب لم يتوقعوا ثورة عارمة تهز عروش الذل والفساد، ويبدو ان الغرب (وأساساً قائدة الغرب الولايات المتحدة) ما زال بعيدا عن استيعاب الدرس التونسي المصري ومتطلباته العاجلة على سياساته الدولية، خاصة بما يتعلق بواقع الصراع في الشرق الأوسط واستمرار الرعاية الأمريكية للاحتلال الاسرائيلي.

العرب بعد 25 كانون ثاني هم عرب آخرون.. والكرة الآن في الملعب الأمريكي.. ولكن العم سام يبدو اليوم بطيء الفهم، او لا يستطع ان يغير ما بنفسه قبل ان تهتز مكانته في العالم العربي.

أنظمة " أمرك يا مولاي" لم تخدم نفسها فكيف ستخدم نظاماً امبريالياً يطمح لأن يكون شرطة دولية؟!

الشعوب العربية ليست معادية للولايات المتحدة كدولة وشعب. إنما معادية لسياسة نظامٍ داسَ على الكرامة العربية بدعمه أنظمة القمع وتسهيل بقائها كالكابوس فوق أعناق الجماهير العربية.. وداس على الكرامة العربية بما يوفرة للأخطبوط الاحتلالي الإسرائيلي من دعم وسلاح واقتصاد وتكنلوجيات وعلوم تضعة بمكانة متفوقة عشرات المرات فوق الشعوب العربية. ويوفر له الدعم السياسي المطلق دوليا.

إن كل ظواهر ما يسمى ب "الإرهاب الإسلامي"، هو إرهاب لا علاقة له بالدين، حتى لو كان الأرهابيون ينتمون لدين ما. الإرهاب من حيث دوافعه الأصلية هو رد فعل على الواقع الاجتماعي والواقع الخارجي، وهو احتجاج بلغة عنف لا يقبلها أي منطق إنساني وكذا الشعوب العربية.. ولا تخدم استعادة العرب الى مكانتهم في التاريخ الحديث للبشرية.

ما حدث كان تشوها فكرياً ناتجاً عن لقاء بين فكر ديني وهابي شديد التعصب والغربة عن الواقع المعاصر، وضغط الواقع العربي بكل مذلته وخنوعه وفساد أنظمته وتخلفه الاقتصادي والعلمي، نتيجة "أنظمة حرامية" تسرق حقوق شعوبها وحقهم في تطوير مجتمعاتهم.

ما طرحه "الإخوان المسلمون" في ثورة مصر مقبول على كل إنسان علماني أيضا. ويعني عمليا الفصل بين الدين والدولة بإقامة دولة مدنية.

هذا الموقف الذي آمل أن يكون ليس وليد ظروف ضغط الشارع المنتفض، يعبر بكل وضوح عن الروح العربية الجديدة التي بدأت تنتشر بعد 25 يناير 2011.

الدول الدينية كلها فشلت فشلاً مريعاً. النظام السعودي هو نموذج لنظام تعسفي، لا أحد يعرف ما هي معاشات قادة النظام من ملوك وأمراء، لا أحد يعرف ما هي ميزانية الملك، ما هي ميزانية كل أمير وأميرة. ما هي ميزانية الوزارات. كيف توزع الثروة الوطنية. ما هي الحقوق السياسية تحت ظل قوانين تمنع الأحزاب. ما هي الحقوق المدنية تحت ظل قوانين تضطهد المرأة وتذل الرجل وتمنع التظاهر ورفع صوت الاحتجاج، ما هو الحد الأدنى للأجور مثلاً؟ لماذا لا تنشر تفاصيل عن ملايين العاطلين عن العمل؟ كيف يمكن أن تصبح المرأة إنسانا في مجتمع يُخضع حتى بروفسورة في جامعة إلى رجل أمي لا يقرأ ولا يكتب يتحكم بمصيرها وقرارات حياتها الخاصة؟!

هل هذا هو النظام الذي حلم به ثوار 25 يناير وثوار تونس والجزائر وليبيا والمغرب والبحرين واليمن والعراق و"الحبل على الجرار" سيصل إلى بقية أنظمة الفاسدين؟!

هل النظام الإسلامي في إيران هو الحل للعالم العربي، أم هو كارثة بحق الشعب الإيراني أولاً، بتبذير ثروته، وقمع المعارضة بالدم والنار؟

لا تتوهموا كثيراً بإيران نووية. هذا لن يخدم لا إيران ولا الشعوب العربية، بل سيكون كارثة لإيران وكارثة للشعوب العربية، إذ ستجد نفسها الشعوب العربية بين السدان الإسرائيلي والمطرقة الإيرانية، ولن تنفع الشعوب العربية تصريحات لكلينتون أو رئيسها اوباما وسيصيح الإرهاب ضد الغرب حرباً كونية ثالثة من صنع المواقف الأمريكية.

ربما أكون قد أطلت في مقدمتي، لأقول أن التصويت الأمريكي الأخير باستعمال حق النقض الفيتو ضد مشروع القرار الفلسطيني- العربي المدعوم من أكثر من 130 دولة و14 دولة في مجلس الأمن ومنها الدول صاحبة حق النقض الفيتو هو الصورة التي كانت ضمن الغضب العربي على أنظمتها. صحيح أن الولايات المتحدة أعلنت (غير مشكورة) أن تصويتها لا يعني الموافقة على البناء في المستوطنات. وتحت ستار الحديث عن أفضلية السلام، أسقطوا مشروع القرار الأكثر منطقية في الفكر السياسي وفي النهج السياسي بنصه الذي لم يخرج عن قرارات الشرعية الدولية، وعن الموقف الأمريكي الرسمي نفسه. ولكن اسرائيل ممنوع ان تدان وان تتعرض للضغط الدولي، سلاحها النووي متفق عليه ومصان بالفيتو الأمريكي. احتلالها غير مدان، جرائمها التي فضحها أخيرا قاضٍ يهودي (غولدستون) يمارس الضغط لعدم طرحها في البحث الأممي.. بالمقارنه، العراق أجل، بكذبة متفق عليها تدمر دولته ويجوع شعبه ويحاصر حصاراً أممياً بمشاركة الأنظمة العربية الفاسدة، ويحرم أطفاله حتى من الدواء للعلاج. كان قرار السلطة الفلسطينية بعدم قبول رجاء أوباما، بسحب مشروع القرار والاكتفاء برسالة من مجلس الأمن ضد الاستيطان قراراً سليماً وصحيحاً ولا مجال لقرار غيره.

كان واضحاً الارتباك السياسي الأمريكي، وهذا قد يكون درساً مفيداً للشعوب العربية بعد 25 يناير. هذا الموقف سيضاعف الإرهاب، بغض النظر إذا سماه الغرب إرهاباً إسلامياً أو غير ذلك، الإرهاب بات تنفيساً عن غضب يترسب لدرجة لم يعد للإنسان العربي طاقة على المزيد من الاحتمال..

لست مدافعاً عن قتل الأبرياء تحت أي تبرير كان. لست من أجل موجة إرهاب، لأنها ستلحق الضرر بالشعوب العربية الثائرة، إنما من أجل انتفاضة عربية ضد الولايات المتحدة.. من أجل خروج عشرات ملايين العرب في مظاهرات ضد الولايات المتحدة، كما هو الحال ضد الرؤساء المطرودين واللاحقين.

الأنظمة الساقطة لم تستنكر سابقاً حتى التلون المخجل للولايات المتحدة الذي لم يعد جديداً علينا.

عندما تشعر الولايات المتحدة أن الأرض العربية باتت تشتعل بالغضب... سنشهد خطوة فاصلة في السياسة الأمريكية. ليس انحيازاً للعرب، وإنما رعباً من إغضاب العالم العربي بعد 25 يناير، لأن خسائرها الاقتصادية ستكون باهظة، وامتيازاتها ستكون مهددة..

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.