كـتـاب ألموقع

• جريس عواد بين هندسة الأرقام والمساحات وهندسة الثقافة والأفكار

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

نبيل عودة

مقالات اخرى للكاتب

  جريس عواد بين هندسة الأرقام والمساحات وهندسة الثقافة والأفكار

 

ثلاثة كتب تثري المكتبة العربية

 

جريس عواد مهندس مدني ، ولكنه ذو حس ثقافي مرهف، لدرجة دفعته نحو هندسة الثقافة، قصصاً وبحثاً في أمثالها واصطلاحاتها، بعد أن قدم أول أعماله "الصدى – مئة قصة وقصة" فوقع في حضن معشوقته الجديدة ذات المائة والواحد بحيث أضحى هذا الرقم 101 إلى حالة تزمت يضر في الاتجاهين، اتجاه الوصول إلى الرقم السحري 101، واتجاه التراجع عن تجاوزه، وبكلتا الحالتين هناك سلبيات وايجابيات. سلبيات الإختصار وسلبيات الاسترسال.

على أي حال، لا أنصحه أن يواصل الارتباط برقم مقيد بل أن ينطلق بدون قيود هندسية – رقمية . ربما الفكر الهندسي أدخله الى دمج الأرقام بالثقافة.. لا أظن أن هذا الرقم يخدم الفكرة الثقافية التي يطرحها في نشاطه، أو هي عقلية المهندس الذي يعمل حسب مساحة محددة سلفاً... عليه أن يبنى فوقها مشروعاً هندسياً.

كتاب "الصدى" قرأته قبل فترة طويلة، مجموعة قصص، أو حكايات تجمع بين أشكال عديدة من الأفكار، بعضها معاصر بعضها تراثي، بعضها أسطوري، ولكنها تقود إلى فكر تربوي هادف.

ملاحظتي هنا أن جريس يميل إلى استخلاص النتائج وأحياناً إلى الوعظ الأخلاقي.. المتبع في الفن القصصي، أن يبقى المضمون بدون تدخل بالوعظ والإرشاد أو الحلول الهادفة التي تبصبص في نهايات بعض قصصه مما لا يخدم جوهر الفن القصصي. بالطبع يظل كتاب الصدى، كتابا قصصياً جميلاً، إنسانيا، أخلاقياً، ومليء بحكمة الحياة، لن أخوض حول فن القص، لأني أرى أن هدف الكتاب ليس فن القص ، انما تقديم حكايات لها مضامين أخلاقية وتربوية . وأقول ليت جريس عمل على تطوير لوحاته، إلى لوحات قصصية، لكان انجازه مضاعفاً مرات ومرات.

كتاب"مورد الأمثال"

كتابه الثاني، ويشمل كعادته مئة مثل ومثل، أي أن الرقم 101 حافظ على حدوده بلا صعود ولا هبوط. لا شك أن فكرته ممتازة، يقدم حكايات الأمثال ، كيف تشكلت، وهو جهد وخدمة كبيرة للطلاب وعشاق الأمثال من قراء العربية.. من الواضح ان جريس كرس جهدا لغويا ، وربما هندسيا أيضا ن ليقدم لقراء العربية نبذة هامة من التراث العربي الشعبي .

 

 

كتاب: "101 تعابير واصطلاحات"

موضوع التعابير والاصطلاحات  ينحو نحو تفسيرات تعطي القارئ الماماً واسعاً بالكثير من المضامين الفكرية والفلسفية، والثقافية والأخلاقية والعلمية.

لاحظت أن بعض المصطلحات ظلت تفسيراتها ناقصة، وذهب جريس نحو بعض المصادر، وأهمل غيرها، مثل هذا العمل يحتاج إلى مراجعة مصادر متنوعة، ومعرفة اختيار التفسير الأكثر ملائمة، وليس شرطاً أنه الأكثر فهماً ووضوحاً. هناك تبسيط مضر في تفسير بعض الاصطلاحات، وخاصة المقولات الفلسفية، وكان احرى به أن يتمهل أكثر ويراجع أكثر ويستشير مجموعة أوسع من أصحاب الاختصاصات المختلفة.

ومع ذلك نحن أمام عمل له أهميته الكبيرة في ثقافتنا، وقيمته التي لا نقاش حولها، إلا أني أرى نفسي مضطراً للقول أن المولود الثالث جاء ابن سبعة...

قرأت الكتاب باهتمام وتمعن، هناك بالطبع اصطلاحات أفادتني شخصياً، بعضها لم أكن أعرفها بدقة وبعضها كنت أستعملها كصيغة متفق عليها دون إلمام بمصدرها. لهذا أعترف أولاً أنه أمدني بالجديد، ولكني وجدت، خاصة في المقولات الفلسفية، وبعض الاصطلاحات الأخرى، نقضاً كبيراً، أو تفسيرات بعيدة عن الدقة العلمية. ولكني قبل ذلك أود أن أشير أن بعض تفسيراته لم تجانب الصواب، بشكل عام، ولكنها جانبت الدقة وخاصة الفلسفية منها وهو ما لفت انتباهي أكثر.

وقد أعود للموضوع لأهميته، وخاصة اصطلاحات مثل "الذاتية الموضوعية" و "والبراغماتية" التي أعتمد على تفسيرها العربي الخاطئ "الذرائعية" بينما "البراغماتية" تعني العمل، النشاط، البناء. و "اليوتوبيا" وتعني بالعربية الطوباوية وههو يشرح بدقة ان الأصل يوناني من كلمتين (   utopos ) بمعنى (لا ) و(ou) بمعنى (مكان)، واسقط حرف ( o) لتصبح (  utopia) ، وتعني المكان الخيالي، الدنيا الوهمية ، والطوباوي هو الانسان الخيالي غير الواقعي الحالم بمكان يتحقق فيه العدل، او كل الأفكار الجميلة...بصورة كاملة.والاصطلاح اليوم يسود كل مجالات الحياة والثقافة والدين وليس الفلسفة فقط.. مثال جمهورية افلاطون والمدينة العادلة للفارابي . ومن المهم تسجيل الاصطلاح العربي الدارج .

كذلك تفسيره للبلشفية حيث أعتمد المصدر الانكليزي، وهو مصدر منسوخ اصطلاحه من الروسية، و"حق تقرير المصير" الذي ينسبه للرئيس الأمريكي ويلسون بينما الحقيقة أن أول من طرحة قائد ثورة أكتوبر 1917 في روسيا، لينين وكتابه المشهور " حق الأمم في تقرير مصيرها".

كما قلت هناك اصطلاحات تحتاج إلى مراجعات، وأنهي بملاحظة حول "الكليشية".

الشرح كان وافياً وصحيحاً، واصطلاح كليشيه بات يستعمل لوصف من يتحدث بالشعارات ولا يطرح مضامين. وقد نشأ هذا التعبير حقاً من عالم الصحافة.. وهنا لم يوضح جريس إلا جانب واحد، لا يعطي التفسير الكامل لانتشار هذا الاصطلاح اليوم.

الكليشية كما يقول هي "لوحة طباعة" بالفرنسية. ومصدرها إن طباعة الصحف كانت تعتمد على صف الحرف ولكن العناوين الكبيرة تكتب بخط اليد، ولا بد من إنتاج "لوحة طباعة" للعناوين الكبيرة. وحتى اليوم يسود عالم الصحافة تعتبر "كليشيه" و كليشيهات بمفهوم العنوان الرئيسي أو العناوين الرئيسية رغم أن أسلوب الطباعة تغير ولم تعد الصحافة تحتاج إلى خط اليد وانتاج لوحات طباعة. ولكن التعبير، ساد عالم الصحافة، وانتقل منها إلى الثقافة والسياسة، فلان تحدث "بالكليشيهات" أي حديثاً مليئاً بالشعارات بدون مضامين.

بالتلخيص الأخير جهد ممتاز للمهندسين الأديب جريس عواد جهد ضروري لكل طالب وقارئ يبحث عن المعرفة.

وبانتظار إلى 101 الرابع، أو لعلة، يتجاوز الكيلومتر 101 في ثقافتنا!!   

 

 عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.