اخر الاخبار:
محافظ نينوى يزور مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:33
زيارة وفد هنغاري الى دار مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:32
طهران تتراجع عن تصريحات عبداللهيان - الإثنين, 15 نيسان/أبريل 2024 11:24
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

الذين لا ينامون -//- د. سناء الشعلان

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

اقرأ ايضا للكاتبة

الذين لا ينامون

د. سناء الشعلان

ـ الاردن

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

السّماء تقول إنّ لا فرق بين البشر إلاّ بالعمل وبالإحسان وبحسن الخاتمة، وسكان الأرض –للأسف- كثيراً مايصمّون آذانهم دون كلام السّماء، ويجدون متعة غريبة في تقسيم البشر على أسس عنصرية شتّى حتى تطول قائمة التّقسمات، ولا يكاد أحدٌ يستطيع أن يحصيها، ولا ندم على ذلك؛ إذ  إنّ تلك التقسيمات لم تُورث البشر إلاّ تاريخاً من الحروب، وصفحات سوداء دامية  من الصّراع والخلاف والتّنابذ والكره.

وكثيراً ما نجد علماء الأجناس يستسلمون أحياناً لفكرة عبثية ما يفعلون؛ إذ إنّهم قد أدركوا أنّ البشر ليسوا فصائل من النّباتات وسلالات من الحيوانات، يمكن ضبط خرائطها الجينية، والتّلاعب بصفاتها الوراثيّة وخصائصها البيولوجيّة والسّيكولوجيّة، وتهجينها كما يشاءون للحصول  على إنسان  مدجّن كأرنب بيتي،بل هم إرادات وأقدار وسير ومنجزات ثم فناء أو خلود وفق ذلك.

ويكاد علماء الأجناس يشيرون إلى أنّ البشر نوعان:  نوع منجز مبدعٌ بنّاءٌ إيجابي خيّر، ونوع هادم خاملٌ متخاذلٌ سلبي شرير،وهم بذلك يستسلمون إلى تقسيم السّماء للبشر بين أخيار وأشرار.ونستطيع تبسيط الأمور، فنقول: إنّ البشر نوعان: نوع لا ينام، ونوع آخر ينام.

والبشر الذين لا ينامون هو أولئك البشر الذين وهبوا أنفسهم للعمل والجدّ والاجتهاد،وآمنوا قلباً وقولاً وعملاً بأنّ الحياة ليستْ فرصة للمتعة والسّقوط، وليست عبثاً أو غلطة طبيعة أو إرادة  قوة كونية مجهولة عشوائية،لا يعنيها من البشر بقدر ما يعنيهم من متعها الزّائلة، بل هي مساحة زمنية محدودة للبشر من أجل الإنجاز والعمل والبناء، ولذلك فقد طفقوا يردون موارد العلم، ويطلبون المعرفة أنّى كانتْ، ويفتحون قلوبهم وألبابهم على البشريّة جمعاء،فيتخيّرون منها ثمارها الزّكيّة النّاضجة، ويستفيدون من تجاربها النّاجحة المنجزة، ويأخذون العبرة من أخطائها وعثراتها.

فأدركوا أنّ الحياة تتّسع للجميع،وأنّ الحياة لا تكون بنفي الآخر ورفضه، بل يكتمل المشهد الإنساني بالآخر، وأيقنوا  أنّ الحبّ والسّلام بكرامة هما رائدهم إلى السّعادة، وأنّ الإنجاز والعمل الجاد هما طريقا الخلود الحقيقي، وأحصوا أيامهم وساعاتهم فوجدوا أنّها أقل بكثير من أن تُهدر في حرب ما لم تكن حرباً عادلة في طلب كرامة أو حق، وهي أثمن من أن تُوهب مجاناً للملذّات المدمّرة والمتع الزّائلة.

ولذلك فقد غدوا جنود الله في أرضه،ورُسله في خلافة الأرض حتى يرثها الله، وأضحوا قليلاً ما ينامون ليلهم فضلاً عن عدم نوم نهارهم؛لأنّ الهدف كان عندهم أعظم من أن يغطّوا في النّوم دون القيام به،فنالوا بذلك الخلود في سِفْر المعمّرين، وغدوا قدوات للعمل والصّمود ، ونبراساً للنّاشئة والمصلحين،فهم لم يناموا كي تسعد وتطمئن عيون الأمهات والأطفال والشّيوخ في كراها.

أمّا الصّنف الثاني من البشر، فقد كانوا الصّنف الأقل حظّاً في الحياة،وإن ظنّوا أنّهم الأوفر حظّاً، وقد كانوا الزّائلين المنسيّن ، وإنّ تصدّرتْ صورهم شاشات التلفزة وصفحات الصّحف إلى حين،وكانوا النّائمين  حتى في استيقاظهم، فحق عليهم السّقوط والذّلّة والنّسيان .

أولئك هم النّائمون الذين اعتقدوا بأنّ الحياة فرصة مسروقة من الزّمن،فقطعوها بالعبث والتّسلية والتّهافت على المحرّمات، وتساهلوا في أهم حقوقهم الطّبيعية من كرامة وشرف واحترام وسيادة، ورضوا بالمال بديلاً، وبالشّهرة الزّائفة شفيعاً، وبالشّيطان وآله وأعوانه معيناً ونصيراً،فما نصرهم الشّيطان، بل أذلّهم، وأسلمهم إلى عمل باطلٍ في النّهار، وإلى الصّغار والوضاعة في النّفس وفي عيون الأهل والوطن والبشريّة والتاريخ،وإلى ليلٍ يقضونه نياماً كسالى فاشلين.

ولماذا عليهم أن يستيقظوا مادام النّوم يعفيهم من مواجهة حقيقة سقوطهم؟! إنّما النّهار للذين لا ينامون، فطوبى لهم! ولشمسهم التي لا تغيب!!

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.