اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• أطفال الشوارع ( المتسربين )

تقييم المستخدم:  / 1
سيئجيد 

د. ناهده محمد علي

أطفال الشوارع ( المتسربين )

 

في الأجواء العربية الساخنة يتجول ملايين من الأطفال العرب في المدن والأرياف الى متسربين بحثاً عن الخبز اليومي .

ذات مرة سألت طفلاً يتجول في أحياء بغداد يحمل سلة كبيرة من الخبز تعادل وزنه تقريباً , ( ماذا تفعل ) قال : أبيع الخبز للبيوت , آخذه من الفرن يومياً وأوزعه على البيوت القريبة إذ أني لا أملك دراجة هوائية , قلت ولماذا تركت المدرسة ؟ قال : أطعت أُمي حينما قالت المدرسة ( للبطرانين ) ثم إبتعد الطفل وعلى وجهه إبتسامة حزينة وساخرة .

كان هذا الحل وسطاً بين أن يعمل هذا الطفل أو يجوع أو يُترك في إحدى دور الأيتام العراقية , فلقد قرأت ذات مرة عن دار للأيتام في وسط بغداد يسكنها 30 طفل من الذكور وتتكون الدار من غرفتين يتكوم فيها الأطفال بعضهم فوق بعض , ينامون فيها ويأكلون قليلاً ويبكون كثيراً لأنهم وببساطة ليسوا أهلاً للرعاية من قبل المجتمع العراقي الغني الفقير .

إن الإحصائيات المنشورة في البحوث التربوية تؤكد على أرقام هائلة لأعداد الأطفال المتسربين في الدول العربية , فهم ليسوأ بالآلاف ولكن بالملايين , وتتجه الإناث المتسربات عادة الى الأعمال المنزلية أو الأعمال التجارية البيتية كالخياطة والحياكة أو الصناعات الغذائية البدائية , كما يتجه البعض الآخر الى خدمة المنازل أو قد يتحولن الى المهن السرية ويصبحن بائعات للهوى , وللأسف توجد لهذه الفئة مراكز كثيرة في الدول العربية تمتص أرواح هؤلاء الأطفال وتكسب الكثير منهم . أما الذكور فيتجهون الى أعمال السخرة والتلمذة على أيدي الأسطاوات الذين هم أكثر أُمية من هؤلاء الأطفال , ويفضل هؤلاء الأسطاوات الأطفال صغار السن لأجل سرعة تشرب المهنة ورخص الأجور , وهذا ما يجعل الطفل المتدرب يعاني الأمرين من قسوة ظروف العمل وقسوة الأسطاوات , لذلك تنمو في المجتمع فئة تحمل صفات القسوة والخشونة وتؤسس هي الأخرى بيوتاً مبنية على نفس القبم التي تربت عليها ومهناً ترتكز على هذه القيم أيضاً , ولا عجب فقد أحاطت بهذه الفئة المفكات والمطارق وأفران النار بدل الألعاب المسلية والتي تُنمي الروح الإجتماعية والتعامل الجميل والمهذب .

إن إحدى السمات الأساسية للمجتمع العربي بالإضافة الى الفقر هي سمة الخشونة ونجد هذه السمة في الشارع والبيت والمهنة , حيث تُتوارث جيلاً بعد جيل من خلال المعايشة الإجتماعية حيث يمتصها الطفل بالإكتساب وبالقوة وهو يقتدي على الأكثر بطريقة التربية الأُسرية والتربية المهنية وحيث يتشرب الطفل هذه القيم التربوية وهو خارج المدرسة في محلات وورش الحدادة والنجارة وورش الصناعات البدائية.

إن الظروف الإقتصادية والإجتماعية التي مر بها هؤلاء الأطفال تساهم في تشكيل الميراث القيمي الذي أنتج قيمة العُنف والقسوة وهي قيمة إجتماعية سائدة في المجتمع العربي بسبب الحالة الإقتصادية العامة وإرتفاع مستوى الأمية مع إرتفاع أعداد المتسربين الباحثين عن لقمة الخبز بعيدأ عن مدارسهم .

 

الدكتورة - ناهده محمد علي

نيوزيلنده

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.