كـتـاب ألموقع

بعد تحرير الفلوجة إحذروا الفتنة// د. خليل الجنابي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

بعد تحرير الفلوجة إحذروا الفتنة

الدكتور / خليل الجنابي

 

الفلوجة هذه المدينة الباسلة التي تعرضت إلى القمع منذ إحتلالها من قِبل الإنكليز عام ١٩٢٠ ومقتل القائد البريطاني (جيرارد ليجمن) على يد أحد شيوخ العشائر فيها ، فضيقوا الخناق عليها لإذلال سكانها والثأر لقائدهم المبجل ، ومنذ ذلك الحين كانت عصية على الحكومات المتعاقبة خاصة في زمن حكم الدكتاتور صدام حسين عندما تقرب كثيراً من شيوخها وكرمهم وفسح المجال للمئات من أبنائها للإنخراط في صفوف الجيش والشرطة والقوات الأمنية وتبوأ البعض الآخر منهم مراكز مرموقة في حزب البعث والدولة ، لكن ( القشة التى كسرت ظهر البعير ) كما يقولون هي الحركة الإنقلابية الفاشلة التي قام بها اللواء الركن الطيار ( محمد مظلوم الدليمي ) ومجموعة من الضباط الذين تم إعدامهم جميعاً ونُكل بعوائلهم أشد تنكيل ، ومن حينها أصبحت القطيعة بين النظام وبين أهالي الرمادي والفلوجة على أشدها ولم يأتمن جانبهم وجردهم  من المواقع العسكرية والحزبية

وبعد الإحتلال الأمريكي للعراق عام ٢٠٠٣ أصاب مدينة الفلوجة ما أصاب المدن العراقية الأخرى من قهر وإذلال وقتل وتشريد ، وكانت مواجهتهم  شديدة مع قوات الإحتلال ، وتمكنت ( القاعدة ) من إيجاد موطيء قدم لها بين سكانها لوجود حواضن من بقايا حزب البعث والعسكريين الذين يدينون بالولاء لحكم البعث المقبور ، وعلى الرغم من هذه الإنكسارات تمكنت بعض العشائر من تجميع نفسها لتقف بوجه ( القاعدة ) وتطردها شر طردة من المدينة ، لكن الذي حدث هو التخلي عن مساعدة هذه العشائر وإيقاف إمدادها بألمال والسلاح لمواصلة معركتها النبيلة ، كما ركب الموجة بعض الشخصيات من أهل المدينة وراحوا ينفخون في خيام الإعتصام خيام ( العزة والكرامة ) و ( قادمون يا بغداد ) التي أقاموها على مدى شهور رافعين شعاراتهم الطائفية ومحولين معركتهم إلى معركة طائفية بإمتياز بين ( السنة والشيعة )

إن المعالجة الخاطئة من قِبل الحكومة والتعامل القسري غير المبرر مع أبناء المدينة وإعتبارهم كلهم أعداء مهد لداعش هذه المرة أيضاً موطيء قدم فيها وقدمت نفسها على أنها ( حامي الحمى ) ، فحملت زوراً وبهتاناً شعاراتها الكاذبة من أنها جاءت لنصرة المذهب الذي أُهين كما تدعي

من كل ما تقدم يتبين أن الغالبية العظمى من أهل الأنبار أصبحوا ضحايا للغدر والخيانة وهم غير راضين عن ما يدور في مناطقهم ، ومحاولة سلخهم من حاضنة الوطن وهو ما جاء متلائماً مع تدخلات خارجية عربية وأجنبية إلى جانب بؤر الإرهاب والجريمة  ومدهم بالمال والسلاح لتنفيذ مخططاتها الإجرامية وتقسيم العراق إلى مثلثات ( شيعية سنية كردية ) .

الآن وقواتنا المسلحة من جيش وشرطة وحشد شعبي وقوات العشائر تخوض غمار المعارك الضارية على أبواب مدينة الفلوجة لإنقاذ أهلها من براثن المغول الجدد  وتنقذ أهلها الكرام من الحيف الذي وقع عليهم طيلة السنوات الماضية بعد أن سيطرت داعش على مدينتهم ولتفك الحصار عنهم . في هذا الوقت بالذات تتعالى الأصوات النشاز من جديد  متهمة القوات الباسلة المسلحة ومن معها بأنها تقوم بحرب طائفية ضدهم وذلك لتأجيج المشاعر الطائفية التي لعبوا عليها في السابق ، لكن الوقائع تشير إلى أن أهالي الفلوجة البواسل عرفوا اللعبة الخبيثة التي إنطلت عليهم سابقاً  وشكلوا من أبنائهم الشجعان قوات تحارب جنباً إلى جنبب مع أفراد الجيش والشرطة والحشد الشعبي للخلاص النهائي من داعش وأعوانها ومآسيها التي إكتووا بها لفترة طويلة

إن المؤتمرات التي تُعقد هنا وهناك بإسم الأنبار والفلوجة ما هي إلا  واجهة لمعاداة العراق وطناً وشعباً والتي تسعى من خلالها إلى التقسيم الطائفي المقيت بكل ما لها من مال وقوة معتمدة على دول الجوار ودول أخرى بعيدة .

إن العزف على الوتر الطائفي ليس بجديد وذلك لحرف مسار الإنتصارات التي تتحقق كل يوم على جبهات القتال ، وليس لديهم في جعبتهم غير التباكي على الدين والطائفة والمذهب أالذي شوهو صورته أمام العالم .

ستنبري الأقلام المأجورة وتزمجر الأصوات وستعلن الفضائيات النفير العام وتفبرك الأكاذيب وتشوه الحقائق لغرض في نفس يعقوب ولتجعل من الجُناة أقرب إلى الأنبياء الصالحين . فلنقبر الفتنة في مهدها ولنلجم الأعداء درساً لن ينسوه .     

 

لقد أختلط في هذه المعارك المقدسة دم الشيعي والسني ، ودم العربي والكردي والتركماني والمسيحي والصابئي المندائي والإيزيدي ودم كل الملل والنِحل للفسيفساء العراقي الجميل ، إن هذه الدماء الزكية الطاهرة تغسل الآن العار الذي لحق بها من قِبل القاعدة وخليفتها داعش والإرهابيين الجدد العابرين للحدود بمساعدة دول الجوار … إحذروا الطائفية لأنها هي أصل البلاء الذي لحق بنا . . . إحذروا الطائفية لأن الموصل الحدباء تستصرخكم لتحريرها من رجس الدواعش وإعادتها إلى أحضان الوطن