كـتـاب ألموقع

البرلمان العراقي يذهب في إجازة … وا أسفاه !!// د. خليل الجنابي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

البرلمان العراقي يذهب في إجازة … وا أسفاه !!

الدكتور / خليل الجنابي

 

 

أستميح عذراً الفنان الرائع (سلمان عبد) من إستعمال رسمه الكاريكاتيري المعبر  دون إستئذان ، لكننا نحمل نفس المشاعل .

 

في الدول الدستورية يكون مجلس النواب أو مجلس الشعب أو مجلس الأمة أو الجمعية الوطنية أو المؤتمر الوطني العام أو مجلس الدوما (الروسي) أو الرايخشتاغ (الألماني) هو الهيئة التشريعية التي لها الحق بإصدار التشريعات والقوانين أو إلغائها والتصديق على الإتفاقيات الدولية والخارجية التي يبرمها ممثلو السلطة التنفيذية. وعلى العموم له ثلاث مهام هي التشريع والرقابة على أعمال الحكومة وتمثيل الشعب أمام الحكومة، ومن صلاحياته إقالتها وسحب الثقة عنها .

وفي الدول الديمقراطية يجري كل شيء على ما يرام، مهام مُلقاة على عاتق البرلمانات والحكومات على حد سواء، وهي تتسابق فيما بينها من أجل تنفيذ شعاراتها وخططها وبرامجها التي وعدت بها الناخبين الذين صوتوا لصالحها وقت الإنتخابات ، لأنها ستفقد مصداقيتها في حالة عدم الإيفاء بتعهداتها ويكون حسابها عسيراً لا رحمة فيه .

لكن الذي يحدث في عراقنا الحبيب يختلف كلياً عما هو معمول به في برلمانات وحكومات العالم. وبمجرد الوصول إلى سدة الحكم والجلوس على (الكرسي الذهبي) تتبخر كل تلك الوعود وتصبح كأنها (وعود عرقوب) لا يمكن الوصول إليها .

 الحس الوطني في أيام الأزمات السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية والأمنية يتصاعد مما يستدعي أن تقف برلمانات العالم على (رأسها وقدميها) من أجل الوقوف صفاً واحداً أمام أية تداعيات خطيرة تخص مصالح شعوبها وحياتها وحريتها، وتواصل الليل بالنهار وهي تتابع مجريات الأمور ولتقف على الأسباب الموجبة لنكستها كي تنطلق منها بلا تردد من أجل معالجتها، وبهذا تكون قريبة من معاناة جماهيرها، تحس بوجعها، وتشعر بحزنها الذي لا زمها منذ بدايتها. إلا أن هذا الإحساس في العراق يكون معدوماً مع الأسف، فبدلاً من الوقوف إلى جانب الشعب والوطن  في مأساتهم الكبرى في محاربة داعش والإرهاب والفساد المالي والإداري والسرقات وتردي الخدمات والفقر والمرض والجوع والنازحين الذين يهيمون في الأرض بحثاً عن سقف يأويهم، بدلاً من ذلك  يغلق البرلمان أبوابه ويعطل عمله ويترك (الحبل على الغارب) ويمنح لنفسه إجازة مدفوعة الثمن (عداً ونقداً !!) .

أين هو الشعور والإحساس بألمسؤولية الوطنية التي يجب أن يتصف بها كل نائب و (نائبة) !! ، أين هو الإلتزام بالعهد الذي قطعوه على أنفسهم جميعاً من خدمة مصالح الناس والعباد!! ، أين هو الشعار الذي رفعوه زوراً وبهتاناً (العدل أساس الملك) الذي قاله الفيلسوف الخالد (إبن خلدون) والملصق في كل المؤسسات الحكومية ومنها في مجلس الوزراء والبرلمان والقضاء، وقوله تعالى ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ) ، أقوال الغرض منها خداع العباد وإستمالتهم ، لكنها عند التطبيق توضع فوق (الرفوف العالية) . فأين هي الأمانة التي حملتوها ، وأين هو العدل الذى أقمتوه .

العطلة التشريعية لمجلس النواب وغلق أبوابه بقفل حديدي كبير كما عبر عنه الرسام الكاريكاتيري الرائع (سلمان عبد) هو الهروب المذل إلى الأمام، حيث لم يعد هناك شيء أهم من راحتهم وسفراتهم السياحية، وليقضوا رمضان الكريم والعيد بعيداً عن الهموم التي يكتوي بها الشعب، وليعودوا بعدها بكل همة ونشاط ومزاج عالي ليواصلوا المشوار لسنتين قادمتين، ليغرفوا ما سوف يجود به البنك الدولي من قروض لتكبيل العراق بديون تدفعها الأجيال القادمة .

يا ناس … يا عالم .. أفيقوا، فإن حياتكم أصبحت لا تطاق، لأن من تولى المسؤولية لا هَم لهم غير أنفسهم ، وغير جيوبهم وأوداجهم التي إنتفخت، وغير مصالحهم الأنانية الضيقة. ليس لديكم غير مواصلة المشوار ، مشوار (ساحات التحرير) مهما كلفكم ذلك  من تضحيات، ومهما إستعملوا من أساليب همجية من إطلاق الرصاص الحي والمطاطي والغازات المختلفة، إلا أن إصراركم في مظاهراتكم السلمية التي رفعتم بها الورود والشموع لتوقدوها على أرواح الشهداء في معركة الشعب والجيش والشرطة والحشد الشعبي وقوات العشائر الباسلة ، ستُعجل من عملية تصحيح مسار العملية السياسية مهما طال الزمن .

ولم يعُد من رهان على أحد غير الرهان على جموع الفقراء والمعدمين والشباب العاطلين رجالاً ونساءاً ، حيث لا شيء يخسروه غير أغلالهم وأسمالهم المهلهلة . كما أن جموع المثقفين المتنورين من أدباء وشعراء وفنانين وطلاب ومعلمين وأساتذة جامعة ومهندسين وأطباء وأصحاب مهن حرة وغيرهم سيكونوا معكم ليرفعوا ويخطوا لكم خارطة الطريق التي لا بد أن تصل إلى نهاياتها العادلة لتحقيق العدالة الإجتماعية وفي عراق مدني موحد آمن ومستقر .