اخر الاخبار:
محافظ نينوى يزور مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:33
زيارة وفد هنغاري الى دار مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:32
طهران تتراجع عن تصريحات عبداللهيان - الإثنين, 15 نيسان/أبريل 2024 11:24
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

دور الوعي المجتمعي والسياسي في بناء الدولة الكوردستانية -//- د. سامان سوراني

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

اقرأ ايضا للكاتب

دور الوعي المجتمعي والسياسي في بناء الدولة الكوردستانية

د. سامان سوراني

يمثل الوعي إدراك الإنسان العاقل للواقع والأشياء و للتجارب والمتغيرات المحيطة والقدرة علی تحديد موقف تجاه الواقع والأشياء، إذ بدونه يستحيل معرفة أي شيء.

الوعي المجتمعي والسياسي هي رٶية ومعرفة عقلية لما يحيط بأفراد المجتمع السياسي من أفكار وممارسات واختلافات سياسية وركيزة أساسية لبناء النظام السياسي والإجتماعي الذي تشمله سلطة الدولة ، بدونها لايمکن لأي نظام أن يصمد أمام أزمات قد تمر بها الدولة أو المجتمع مهما كان حجم البناء السياسي أو العمراني.

فالوعي السياسي لە أهمية كبيرة في بناء الأنظمة الديمقراطية واعتماد العقلانية والتفكير العلمي أساساً منهجياً لتنظيم التعايش في المجتمع وقبول الآخر.

المسٶولية التاريخية تفرض علی النخبة المثقفة ، التي تمثل القيم العليا لثقافة المجتمع والتي علیها أن تلعب دوراً أساسياً في  متابعة الظواهر السلبية التي يعاني منها المجتمع وايجاد الحلول والمعالجات الضرورية والبدائل لتلك الظواهر وفقاً لمعيار ومحددات المجتمع.

إن إشاعة الوعي المجتمعي والسياسي تتم عن طريق مشاريع نهضوية تتوجه الی المواطنين بقدر ما تتوجه الی السلطة والقيادات الحاكمة دون إنحياز وتملق علی حساب الشعب. المرحلة التاريخية التي يمر بها إقليم كوردستان تجاوزت طرح أسئلة بسياقها الإجتماعي والسياسي مرهونة بفكر وثقافة فترة النضال المسلح ضد الدكتاتورية والأنظمة الشمولية المستبدة والبائدة التي هضمت كافة الحقوق المشروعة لشعب کوردستان.

إن قراءة الواقع الكوردستاني الجديد باستقلالية تامة والقدرة علی إجتراح الحلول والمخارج إنطلاقاً من لحظة توصيفنا الحاضرة والمستقلة لذاتنا ، بغض النظر عما تنبأ بها أسلافنا أو ما أبدعه قياداتنا الوطنية الخالدة في الماضي ، تكشف لنا مدی حاجة المجتمع الی العدالة وتأمين الحريات الفردية للتعمق في الثقافة السياسية كالدستور والحقوق والواجبات وصلاحية السلطة الی جانب الأمن والغذاء لبروز أسس الوعي السياسي ومحو حالة الإستغفال والتخلف والإتكالية وسياسة التجويع فيه. فضعف الوعي المجتمعي والسياسي تخلق أزمة الهوية و الإندماج الإجتماعي وأزمة العزوف عن المشاركة السياسية مما يٶدي في النتيجة الی عدم نضوج التجربة الديمقراطية والتخلف في بناء الدولة.

إن العمل علی نشر الوعي المجتمعي والسياسي بين أفراد الشعب الكوردستاني بعيداً عن التعصب المذهبي أو القبلي أو القومي وبعيداً عن ربط المواطنة بأشخاص أو أحزاب أو عن المصالح الضيقة والأهداف الآنية ، يٶدي الی ترسيخ مفهموم المواطنة ويعزز ثقة المواطن بالقوى الفاعلة ويخلق التوازن في المجتمع بعد تشريع قوانين عادلة تحقق المصلحة المشتركة للدولة والفرد و يسهل أخيراً عملية الاستعداد النفسي والفكري للالتصاق بالوطن تاريخاً وأرضاً وشعباً وقيماً.

المجتمع الكوردستاني يجب أن يبدأ رحلة بناء الدولة الديمقراطية للوصول الی مكاسب برلمانية علی حساب سلطة الأحزاب المطلقة ونضوج الفكر الديمقراطي بجهود مفكرين يعملون من أجله لتقييد حركة السلطة وعدم السماح لها بان تعمل بشكل مطلق في الساحة الداخلية وحتى على المستوى الدولي ، بعد إشاعة مبدأ العدالة الاقتصادية من خلال حل المشاكل المعيشية للمجتمع كالبطالة والفقر والعدالة في توزيع الثروة ، تلك الرحلة التي ساعدت الشعوب الغربية في التخلص من قيود الظلام والاستبداد والسلطة المطلقة وكل ما يتعلق بغلق الفكر والحرية الإنسانية.

من الواضح بأن الإستبداد السياسي هو السبب الرئيسي وراء التخلف في المجالات الاجتماعية، والثقافية ، والاقتصادية. والطريق الأمثل للتخلص منه هو معرفة الشعب لما له وما عليه، أي لحقوقه وواجباته وليس معرفة ما عليه فقط دون التفكير فيما له، وان الشعوب المتقدمة قد تغيرت وتطورت نتيجة لنمو الوعي السياسي.

الدولة الكوردستانية الحديثة هي الواقعية الروحية التي يتعين فيها حقوق الأفراد وحرياتهم و واجباتهم ، لذا نراه من الواجب أن تكون عقلانية ، مرتكزة علی العلمانية والمواطنة والديمقراطية ، أي مدنية ومٶسسة علی فصل الدين بالسياسة رافضاً استخدام الدين لتحقيق أهداف سياسية ، وإقحام الدين في عالم المصالح الدنيوية الضيقة ، فالدين في الدولة المدنية ليس أداة للسياسة وتحقيق المصالح.

الإعلاء من شأن الانتماء للدين على حساب الانتماء للوطن فمآله التقليل من شأن مفهوم قيم المواطنة وحقوق الإنسان والتعددية السياسية والتسامح وقبول الآخر والمساواة في الحقوق والواجبات واحترام القانون وسيادته. فـ"الدولة"، بوصفها العقلي الكلي، لا تستمد وجودها من ، "التصور الديني" ، و "العاطفة الإيمانية" ، كما يعتقد البعض ، ذلك أن "الدولة" ، هي" الروح الضاربة بجذورها في العالم" قاعدتها ومبدأها العقلي ، هو "الحرية"، على خلاف "الدولة الدينية" ، اللامبالية حيال العالم الدنيوي.

إن هوية دولة كوردستان المعاصرة ينبغي ان تكون انعكاساً ودليلاً علی قدرة أبنائها علی الإبداع والتقدم والانفتاح علي العالم وثقافاته وعلومه وليس العودة إلی الوراء. فالجهاز الإداري يجب أن يخضع لقانون موحد والمؤسسة العسكرية أو الجيش ، يجب أن تكون مؤسسة ديمقراطية، وعلی البيشمرگه الدفاع عن الوطن أو التراب مما يُبين "الحس الوطني"  لديه.

أما الموظفين في الدولة فيجب إنتخابهم علی أساس مباراة مفتوحة ، تعتمد على مفهوم "الإستحقاق"، من شأنه أن يخلق تكافٶ لافرص والجهاز التعليمي يجب أن يكون مٶمم و تطبيقي النوع  يعتمد علی اللغة الموحدة وإقتصاد السوق الموحد يعتمد علی الإنتاج. أما أيديولوجية الدولة فيجب أن تكون في عالم تتعدد فيه النزعات العقائدية دولوية لضمان الإستقرار. بإختصار يجب أن تكون الدولة الكوردستانية مبنية على منطق الإنسان الإجتماعي الذي يحاور ويناقش ويصوت في شؤون الجماعة مقيداً فقط ببنود والبعد التنموي يجب أن يكون حاضراً وفاعلاً كمكونات سياسية وثقافية لشعب الدولة الكوردستانية الحديثة وليس مجرد شعارات جوفاء.

وختاماً: الإنسان لا يولد مواطناً، بل هو يتربى على المواطنة وإن أفضل دولة هي تلك التي يقضي فيها الناس حياتهم في وئام و تبقى فيها القوانين محفوظة من كل تجاوز.

الدكتور سامان سوراني

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.