اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

مشاهداتي.. التعذيب في زمن صدام وما يفعله الاسلاميين الان// كامل زومايا

تقييم المستخدم:  / 1
سيئجيد 

كامل زومايا

 

عرض صفحة الكاتب 

مشاهداتي.. التعذيب في زمن صدام وما يفعله الاسلاميين الان

كامل زومايا

 

تداعيات الصور المنشورة للطفل المعنف من قبل الشرطة العراقية التي انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي وعمليه تعذيبه الجسدي والنفسي بشكل وحشي بربري لا يختلف عن ما كانت تفعله اجهزة نظام صدام القمعية بالمعارضين السياسيين او المناوئين للنظام، يبقى السؤال هل الذين جاؤوا واستلموا السلطة بعد صدام حقا كانوا يريدون تغيير النظام الديكتاتوري ام انهم فعلا طلابين سلطة وما قاموا به وما يفعلون الان هو ليس من اجل بناء دولة بل انهم من نفس طينة ذلك النظام البائد والفرق هو اختلاف الادوات فتلك كانت تقتص من المعارضين بأسم القومية والحزب والثورة ولا صوت يعلو على مصلحة قيادة الحزب والثورة واليوم بأسم الاسلام هو الحل والقائد يجب ان يكون جعفري.... وان كنا نبرر بعض الاحيان بان هذه الاجهزة اليوم هي لايتام النظام الديكتاتوري السابق، فعلينا ان نعلم ان النظام الديكتاتوري البائد قد ولى منذ سبعة عشر سنة، وعلينا ان نعترف ان الاجهزة القمعية الصدامية والاسلامية اليوم لايختلفان في النهج بل في بعض الاحيان الاسلاميين حتى وان كانوا لم يستلموا السلطة كانوا اعنف واشرس في تصفية معارضيهم او من يختلف معهم حتى بالراي.....

 

لقد فاقوا في استخدام اساليب التعذيب الجسدي والعنف الجنسي الوحشي اكثر من اجهزة النظام السابق وهذه المشاهد للطفل البرئ الضحية بيد هؤلاء الجلاوزة تذكرني باسلوب الاسلاميين في التعامل مع خصومهم ونحن حينها كنا في السجن وتحت رحمة النظام الديكتاتوري السابق تصورا... هم كانوا ايضا سجناء وكانوا يتعاملون معنا بنفس عقلية اليوم واقصد بكلمة نحن الشيوعيين والايزيديين والمسيحيين والصابئة المندائيين وابناء الاقليات الذين تم اعتقالهم وسجنهم بسبب انتمائهم لاحزاب قومية منهم الحركة الديمقراطية الاشورية والمناهضين للحرب في حينها وكذلك الاحزاب القومية الكوردية البارتي والاشتراكي والاتحاد الوطني والشعب ..الخ، ليس من الضرورة ان نرجع الى بطون التاريخ كيف كان المسلمين الاوائل يعذبون خصومهم المسلمين من ملتهم ولكن اتحدث كشاهد عيان لما جرى في معتقل امن الكرخ ومن ثم  سجن ابي غريب بعد انتفاضة السجناء في 1990

معتقل مديرية امن الكرخ

 

قبل ان اروى مشاهداتي في سجن ابي غريب علينا ان نتذكر ان جميع حفلات التي كانت تقيمها الاجهزة القمعية بتعذيب المعارضين في اقبية الدوائر الامنية يطول شرحها وان كان لابد ان استذكر الشيء القليل الذي عشته في معتقل امن الكرخ خلال الاشهر الاولى من الاعتقال في تلك الغرفة الانفرادي مساحتها لا تتعدى متر مربع واحد وهي بالاحرى لم تكن غرفة بل كانت مرافق ( مراحيض) متروكة كنت استخدمها كمرحاض وايضا للنوم كما يقولون (سويت) على طوال الاشهر التي قضيتها في الانفرادي من شباط 1989 ولحد آيار او بداية حزيران  1989 عشت مع الصراصير التي كانت تخرج من فتحة المرحاض التي كما يبدو في انسدادات ومع هذا علي استخدامها وبدون ماء وهذا كان حالي مع الصراصير ومع القمل والحشرات الاخرى ...  لم اشعر بانسانيتي الا في احد الايام التي زار المعتقل احد كبار الضباط للمعتقل سأل المسؤولين عن المعتقل وهو يفتح باب الكوة (رازونة) الصغيرة الموجودة في الباب ليقول لمرافقيه ماهذا الحيوان الموجود هنا بسبب الروائخ المقرفة التي كانت تصدر مني ومن المكان الذي انا فيه، عندها اخرجوني الى باحة المعتقل ليتم قص شعري ورمي كل ملابسي ليتم اغتسالي عاريا امام الجميع بالماء البارد ونحن كنا انذاك في نيسان 1989 ، بعد الاغتسال بالماء البارد وتم حلاقتي صفر، شعرت فعلا باني مازالت انسان له احساس بالحياة وشعرت بقيمة النظافة بالرغم عودتي مرة اخرى للعيش بتلك الغرفة مع الصراصر والحشرات الاخرى، عشر دقائق التي تم حلاقتي واغتسالي في باحة المعتقل، كانت فرصة ثمينة ان اعشق الحياة مرة ثانية واشعر مرة اخرى بان هناك ما يستحق ان تعيش من اجله ويستحق ان تناضل من اجله خلف تلك القضبان مع آكلي لحوم البشر..

 

في فترات التحقيق وكلمة التحقيق يعني التعذيب لا يوجد في قاموس الاجهزة القمعية شيء اسمه تحقيق بقدر انه اسلوب حقير في استنطاق المعتقل بشتى الوسائل والتفنن في استخدام اساليب التعذيب التي لا تخطر على بال اعتى المجرمين، في تلك الحفلات التي كانت تبدأ دوما بالضرب بالعصى الكهربائية وتنتهي بخلع ملابسنا ويتم شد وثاقنا من الخلف لنكون جاهزين في تعليقنا كما يقولون بالعراقي بـ(البنكة) أي المروحة حيث تعلق الايدي المشدودة بالحبل من الوسط ومن الخلف في وسط العتلة التي تكون في وسط الغرفة لكي تحمل المروحة عادة وهنا هي مخصصة لتحمل اجسادنا العارية، لنكون بدل المروحة نلف بدورات لا تنتهي وخاصة بعد دخول الكهرباء المستقرة عبر الخصية والامكان الحساسة الاخرى ولتبدأ الحفلة بجمع 6 الى 8 من الجلاوزة المجرمين حاملين بأيدهم  الكيبلات والعصي الكهربائية اضافة الى الكهرباء الاستاتيكية ( المستقرة ) التي كانت تعمل (بالهندر) كاجهزة اللاسلكي القديم وكانت الافعال الخسيسة والعبث بالجهاز التناسلي هو سمة لتحقيقهم الحقير تجاه المعارضين لهم، الكهرباء المستقرة كانت تبقى لعدة اشهر في اجسامنا حتى بعد التحقيق وانت نائم او تـأكل او انت جالس تشعر ان شيء في داخلك يصعقك لترتجف وانت في مكانك لانها مستقرة في جسمك الهزيل، في تلك الحفلات يجتمعون الجلاوزة وينهالون علي أو علينا بالضرب من كل صوب لكي يصبح جسدك خارطة عراقية مجبولة بالدم،  لدرجة تفقد الاحساس حتى بالألم من شدة الضرب المبرح، حفلة زغاريدها نحن تعتلي صيحاتنا الى السماء مخترقة الحواجز الكونكريتية، فما ان تصرخ يمي يمي ( بالسرياني ماما ماما )  من شدة التعذيب والقسوة كانت القهقهات تتعالى مع الضرب المبرح ينادون يمي يمي تعالي ..... مع الكلمات البذيئة التي تصدر من افواهم العفنة، وإن صرخ وتعالت اصوات معتقل اسلامي مستجيرا بعلي او الحسين كانوا يقولون خلي يجي الحسين او علي يخلصك يا ابن..... هذا الكلام البذيئ والتصرفات الدونية هي رحلة تبتدأ من اول يوم دخولك للمعتقل ولآخر يوم فيه وليس من الضرورة ان تعذب جسمانيا كل يوم، بل يكفي وانت تسمع الصوت القادم من غرف التحقيق لتعيش دهرا لا ينقضي وصرير الاقفال في كل لحظة تتوقع انت القادم الآخر المدعو للحفلة في العالم السفلي الذي تم اختيارك في تلك الساعة مع آكلي لحوم البشر ..

 

 بالنسبة لتعذيب النساء فكانوا ايضا يعروهم كما نحن بدون ملابس وينهال عليهم الضرب وبعض الاحيان يرتدون البيجامة فقط وصدور عارية ( من مشاهداتي في معتقل امن الكرخ انهم قبل التعليق بالبنكة البسوها بجامة ووضعوا القراصات السلكية في صدورهم وامكان اخرى لتبدئ الحفلة مع الضحية ..

 

سوف لا نتحدث عن التعذيب اليومي الجسدي والنفسي الذي كنا نتحمله، وكنا نفرح لكل من تنتهي اوراقه التحقيقية ويأتي يوم محاكمته حتى وان كان الحكم بالاعدام وليس المؤبد، كان الحكم المؤبد فرحة كبيرة وجائزة من السماء لانه سوف يخرج الى الحرية من معتقل الكرخ او الامن العامة الى سجن ابي غريب فلا غرابة عندما كنا نسال من الاقارب او الاصدقاء اين كنتم كنا نجيب كنا ندرس في فرنسا والمقصود ان سجن ابي غريب الذي اصبح يوازي الحياة في فرنسا..

 

سجن ابي غريب

في 18 تموز 1989 دخلت سجن ابي غريب وفي 9 كانون الثاني 1990 حدثت انتفاضة السجناء في قسم الاحكام الخاصة الجملون الاول والثاني تقريبا عددنا كان 860 سجين، وتبعتها اقسام المدرسة ومن بعدها التحقت المقفلة بالانتفاضة، حيث قام الجلاد عبد الرحمن الدوري مدير امن العامة انذاك بزيارة للسجن واتخذ مكانا في منتصف ساحة السجن مكبلا احد الضباط ونائب الضابط وشرطي ومعلقا بان "هؤلاء هم المسؤوليين" على تعذيبكم يقصد تعذيب السجناء، وان القيادة السياسية لم يكن لها علم بما يجري في سجن ابي غريب وكيف كانوا يعذبون السجناء من قبل هذه الشلة وسوف ينالون قصاصهم العادل، واما بخصوص الوكلاء الامنيين عملاء الامن من السجناء الذين كانوا عيونهم في السجون، فمصيرهم كما اشار الدوري بصورة غير مباشرة او اعطى الضوء الاخضر في التخلص منهم من خلال السجناء انفسهم، وهذا يعني معركة اخرى بين السجناء انفسهم بانفسهم، والذي حدث ..المزيد من الدماء سالت في ساحات السجن وردهاته، ومن البديهي ان يتصدر المشهد الاسلاميين واقصد هنا الشيعة السياسي من ابناء الدعوة والحكيم وتقي مدرسي ... الخ ( لم ينجر لهذه المسخرة الشيوعيين واخوان المسلمين الذين كانوا ايضا معتقلين بحدود 18 سجين منهم الصديق الطيب الذكر الدكتور عصام علي الراوي الذي تم اغتياله فيما بعد من قبل متشددين اسلاميين  بسبب اعتداله بعد 2003 في وسط بغداد كان لي معرفه معه قبل السجن تعود الى 1982) أصبح الضرب المبرح والمميت ينهال على الوكلاء الامنيين أو من يشتبه بانه وكيل الى جانب حالات اخرى لاسباب شخصية بعد ان تم ضرب بعض الوكلاء المعروفين عبثوا بمقدرات السجن من خلال تقاريرهم الكاذبة ضد زملائهم...

 

بعد تلك الحادثة وبعد الانتفاضة وفي ليلة وضحاها أصبحوا الاسلاميين دولة في سجن ابي غريب فقاموا بتعذيب وضرب السجناء لدرجة اصبحوا اكثر عنفا من اجهزة النظام، اذكر كنت اتمشى مع الرفيق الطيب الذكر محمد السوداني ( ابو رشيد توفي بعد خروجه من السجن 1994) سأل ابو رشيد احد المتزعمين لهذه السلطة داخل السجن ويذكره بأن اجهزة النظام القمعية بالرغم من اجرامها كانت حريصة الا تشوه رأس المعتقل او السجين، كانت تضرب بكل عنف على الجسم في كل مكان الا منطقة الرأس، والذي اتذكره حينها من جواب ذلك الاسلامي الشيعي بقوله "نحن لسنا السلطات القمعية ولكن لنا الحق ان نفعل بخصومنا بكل ما اوتينا بقوة هاي فرصتنا!!!! فأجابه ابو رشيد واحنا شلون يقصد مصير الشيوعيين!! الان محاسبيكم بحساباتنا بس لا تتدخلون بامور السجن وادارته خلوكم بعيد..!! حقا انها كانت فرصتهم ان يفعلوا كل شيء ولكن بعد عدة اشهر كنا في عداد المقموعين والمطرودين من قبل تلك الشلة التي حولت السجن الى دولة اسلامية بمعنى الكلمة وهذا يطول شرحه، تم نقلنا الى سجن آخر في احدى زوايا قسم الاحكام الخفيفة وتحت مراقبة جهاز امن الخاص التابع لصدام حسين بشكل مباشر، كانت هناك محاولة الاعتداء في حينها على شيخ السجناء السياسيين نشأت فرج ابو عادل وعلى ابو سلوان حسين نعمة السوداني وحسن نعمة السوداني ابو ايفان وعبد فيصل السهلاني ابو عبير رموز الشيوعيين في السجن ومن ثم الاعتداء علينا جميعا وعلى اصدقاء الشيوعيين من المستقلين ومن المسلمين المعتدلين الذين نفضوا الغبار عنهم بعدما كانوا منتمين لحزب الدعوة او الاحزاب الاسلامية الاخرى ممكن ياتي شرحها فيما بعد .....

هذا القليل القليل، إن سرد الاحداث امر صعب تحتاج الى نفسية هادئة لان ذكريتها المؤلمة توجع وتؤلم الى درجة وانت تكتب تشعر بالتقيئ..

 

ان من يريد ان يبني دولة ضد تلك الدولة المجرمة عليه ان لا يقابل العنف بالعنف وان يبني ويعمر البشر قبل الحجر ولا يبحث عن الثأر، الثأر الحقيقي ان لا تفعل كما فعلوا هم لتكون المقارنة واضحة بين مبادئك وبين مبادئهم ان كانت مبادئك انسانية ووطنية، وان كان الحال السن بالسن والعين بالعين، فيعني هذا الذين جاءوا بعد الديكتاتورية لا يختلفون عن الذين اصبحوا في مزبلة التاريخ فالكل سواسية....

 

نعم اساليب التعذيب التي يمارسونها اليوم اسوء من النظام الديكتاتوري السابق ولكن هذا لا يعني ان النظام السابق كان افضل، يبقى هولاء هم ابناء واحفاد تلك السلطة مادام يمارسون الشيئ نفسه او يبتكرون اساليب جديدة والمثل العراقي يقول الصانع استاذ ونص لقد اجتهدوا اكثر من استاذهم الموغل بالدم وفي التعذيب بمرات عديدة.

كامل زومايا

2آب 2020

سجين سياسي سابق

الجملون الثاني / قسم الاحكام الخاصة ابي غريب

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.