مقالات وآراء

نطالب بسن قانون تشريع القوانين في مجلس النواب// سعد السعيدي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

سعد السعيدي

 

نطالب بسن قانون تشريع القوانين في مجلس النواب

سعد السعيدي

 

ينص الدستور في المادة (60) على ان مشاريع القوانين تقدم من رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء، ومقترحات القوانين تقدم من عشرة من أعضاء مجلس النواب، أو من إحدى لجانه المختصة.

 

هذه المادة الدستورية التي تبدو واضحة هي ليست كذلك. فهي تحتاج الى قانون يؤطرها كونها لا تذكر ولا تعالج التفاصيل. إذ لا بد من تثبيت العلاقة والاولويات بين السلطات المذكورة في المادة لدى تشريع اي قانون. فمع قانون الامن الغذائي الذي جرى تشريعه مؤخرا قد ظهر خلاف حول مشروعيته ادى الى إبطاله في المحكمة الاتحادية. وذلك استنادا الى كونه مقدما من حكومة تصريف اعمال. ولو كان ثمة قانونا مشرعا يوضح هذه الاشكالات لما كنا قد دخلنا في الخلاف حول مشروعية القانون من عدمه ولما كان قد جرت اضاعة اوقاتا ثمينة من عمر البرلمان في فترة الازمة السياسية الحالية. ربما يعود الامر الى النظام الداخلي لمجلس النواب. إذ ان من عجائب ما اكتشفنا فيه هو غياب اي ذكر لعلاقة تشريع القوانين مع السلطات التنفيذية حسب المادة الآنفة.

 

توجد اسباب اخرى تدفعنا الى المطالبة بضرورة سن هذا القانون. إذ لا بد من جمع المواد الدستورية المتعلقة بتشريع القوانين ومصادقتها في قانون واحد يكون بمتناول الجميع. ففيه يثبت الطريق الواجب اتباعه في التشريع وصولا الى التصويت النهائي فالمصادقة الرئاسية. من هذه الاسباب ضرورة توضيح صلاحيات الحكومة التشريعية عندما لا تكون كاملة. إذ يبدو ان هناك الكثيرين مع اوضاع بلدنا الحالية ممن يريد القفز فوق القانون وتمرير ما لا يمكن في خرق للدستور. وهذه الاوضاع مرشحة لان تستمر لفترات اطول. لذلك فلا بد من سن هذا القانون.

 

هناك حالة اخرى قد رأينا حدوثها في السابق تستوجب المعالجة في القانون المطلوب. وهي قيام مجلس النواب في إحدى الفترات بالتصويت على ما سمي بقرارات نيابية لم يُعرف كيف جرى تشريعها ولا عن مدى مشروعيتها. وقد قامت الحكومات باعتمادها وتطبيقها دون ان نعلم موقف رئاسة الجمهورية منها وحتى مع عدم نشرها في الجريدة الرسمية ! وقد كشف احد النواب قبل عشر سنوات بان المجلس كان قد صوت على الكثير من هذه القرارات قبل ان يركنها جانبا. وانها كان يجري تمريرها بالتصويت المباشر دون المرور بالقراءات الضرورية بعد اقتراحها من اللجان النيابية !! اي ان في الامر الكثير من التلاعب بالدستور مع استخفاف واضح بالناخب. إن ما يهمنا هنا هو عدا عن الابتعاد عن استغلال المجلس وتحويله لخدمة اهداف غير وطنية فان عمله يجب ان يتسم بالشفافية والاخلاص. مثال تلك القرارات هي تلك المتعلقة بمحاولات خصخصة مشاريع الكهرباء آخرها العام 2017 عندما جرى تشريع قانونها. وهو الذي اثرنا امره في مقالة قبل الانتخابات الاخيرة حين كشفنا ما حشر فيه من بنود سرية.

 

ويجب ان يحدد في القانون كذلك كيفية المصادقة النهائية على القوانين. ففي الدستور العراقي توجد حالة ينفرد بها من دون كل دساتير العالم وهو ما ذكر في المادة (73) حول وظائف رئيس الجمهورية. فذكرت بانه يصادق ويصدر القوانين التي يسنها مجلس النواب. ثم اضافت بانه يعد مصادقاً عليها بعد مضي خمسة عشر يوماً من تاريخ تسلمها !! اي غير واضح إن كان رئيس الجمهورية يصادق على القانون بتوقيعه هو ام بعد انقضاء فترة ما بمعزل منه بعد تسلمه اياه.

 

لما كانت هذه الحالات قد جرت سابقا فيجب توقع تكرار حدوثها مرة اخرى. لذلك فمن الضروري تشريع هذا القانون مع الالتزام بالعقلانية والوضوح والابتعاد عن ما يعاكسهما.