مقالات وآراء
يوميات حسين الاعظمي (1063)- موسوعة المقام العراقي/6
- تم إنشاءه بتاريخ الجمعة, 15 أيلول/سبتمبر 2023 20:18
- كتب بواسطة: حسين الاعظمي
- الزيارات: 1253
حسين الاعظمي
يوميات حسين الاعظمي (1063)
***
تكملة (مقدمة لموسوعة المقام العراقي، المجموعة الكاملة) / 6
الغناسيقى في العراق
في تراثنا الغناسيقامي (هامش1 ) العراقي على وجه التحديد، لم يكن لدى هذا الوسط الفني المقامي مثقفون كثيرون، يمكن ان يتحملوا عبء التطورات والتغيرات الحاصلة في المراحل الزمنية التي مرَّت منذ القرن التاسع عشر حتى اليوم..! فقد كانت لديهم معادلة أثيرة حقاً، ويبدو انهم اكتفوا بها في هذه المراحل الزمنية، وربما استمرت حتى اليوم بالنسبة الى الوسط التقليدي..! معادلة اعتمدوا عليها تعويضاً إضطرارياً عن مجابهة سرعة تطورات وتغيرات الحياة التي أمسوا فيها ضعيفوا المواكبة والسير في خطها التطوري الطبيعي السريع..! وهذه المعادلة تؤكد (حب غناء وموسيقى المقام العراقي + الحرص والخشية من انحساره وتبعثره + الالتزام بالاصول الادائية التقليدية) وكانت هذه المعادلة اهم الهموم بالنسبة لشريحة واسعة من الوسط المقامي، ولسان حالهم قبل كل شيء الحفاظ على هذا التراث الغناسيقي الخالد، بل يحاربون كل من تسوِّل له نفسه في التغيير والتطوير تحت ذريعة التحديث والحداثة، وذلك اضعف الايمان..!
هكذا كان ديدن آباؤنا واجدادنا الذين رغم كل الملاحظات، استطاعوا بواسطة هذه المعادلة، ايصال هذه الموسيقى وهذا الغناء وهذه المقامات العراقية إلينا باشكالها ومضامينها التعبيرية المتعارف عليها اليوم..! ان كل اجدادنا القدماء من محبي وممارسي عزف وغناء المقامات العراقية، كانوا قد رفعوا شأن المقامات العراقية على مدى التاريخ المقامي في بلدنا العراق، ونذروا جلّ حياتهم في الحب الجنوني لسماع او اداء هذه المقامات، وهكذا هو سحر تعابير النشأة والمحيط والبيئة بعينه تماما..! وعليه لابد لنا من الاعتراف، ان حب وتفاني الآباء والاجداد كان الامر الذي اوصل إلينا مقاماتنا العراقية بهذه الاصول التقليدية (form) المعبرة عن تراكمات زمنية حضارية اصيلة لها بداية ووسط ونهاية بشكل واضح ومقنن في يومنا هذا..! رغم خسارة الكثير من الزمن وكتابة التاريخ الجديد لتلك المراحل، امام تطور بلدان اخرى باستمرار واتساع الفجوة التطورية بيننا وبينهم، ولعل ما يدعُ الى الانتباه، ان كل الشعب العراقي اليوم بصورة عامة بكل اذواقهم وميولهم الموسيقية، قد اعترفوا بفضل الآباء والاجداد في حماية هذا التراث الخالد والحفاظ عليه عبر هذا الزمن الطويل من التاريخ. وامتدحت الجماهير كثيرا الأعلام المقاميين الكبار من مغني المقام العراقي على مر القرون الماضية، بناءً على ما خلفه لنا المؤرخين والكتّاب والموسيقيين من كتابات فنية مقامية. ومن هؤلاء المغنين القدماء عبد الرحمن ولي ورحمة الله شلتاغ وخليل رباز وحمد بن جاسم ابو حميد واحمد الزيدان ورشيد القندرجي ومحمد القبانجي وغيرهم الكثير. ووصفوهم بأوصاف وصلت حد العبقرية الادائية النادرة، بل وصفوا اداءاتهم بالاداء الاسطوري في الامكانية وجمالية التعبير..!
يتفق الجميع، كتّاب ونقّاد ومغنون وعازفون ومتخصصون، على ان فضل امثال هؤلاء المغنين المقاميين القدماء، هو الموضوع الاكثر اثارة وفائدة ونفعا في الحفاظ وحماية موسيقى وغناء المقام العراقي وانتشاله من التهجين، ومعرفة معايير الصواب والخطأ في اصول اداءاته التقليدية التاريخية. واثنت الجماهير على منهجهم الاصولي كثيرا للتاثير الحاصل حتى اليوم في نفوس الجماهير وتذوقها شكلاً ومضموناً.
والى حلقة اخرى ان شاء الله.
هوامش
1 – هامش1: الغناسيقامي: المقصود اختصاراً للمفردات، الغنائي الموسيقي المقامي.
اضغط على الرابط
من موسوعة المقام العراقي المصورة، حلقة 11
https://www.youtube.com/watch?v=4V8kz3BuKQc&ab_channel=%D8%AD%D8%B3%D9%8A%D9%86%D8%
A7%D9%84%D8%A7%D8%B9%D8%B8%D9%85%D9%8A
صورة واحدة / حسين الاعظمي في امسية بقاعة ابن النديم عام 1975.