مقالات وآراء
رثاء إلى عمي كامل دمان بمناسبة مرور أربعين يوما على فراقه// نبيل يونس دمان
- تم إنشاءه بتاريخ الجمعة, 19 تموز/يوليو 2024 18:42
- كتب بواسطة: نبيل يونس دمان
- الزيارات: 860
نبيل يونس دمان
رثاء إلى عمي كامل دمان بمناسبة مرور أربعين يوما على فراقه
نبيل يونس دمان
كان رضيعاً عندما قتل والده وهو المولود عام ١٩٣٩، فتركته أمه وذهبت إلى بغداد لتخدم في بيوت الميسورين حتى توفر لقمة العيش لاولادها اليتامى، تمكن كامل أن يشق طريقه بنجاح في ذلك الزمن ليصبح معلما عام ١٩٥٨، آنذاك كان يشار للمعلم بالبنان.
عندما تزوج عمي كامل من سميرة سليمان ياقونا صيف عام ١٩٦٤، كنت قد قدمت امتحانات المرحلة الابتدائية، وكان عمي قد درسني مادة التاريخ في مدرسة العزة، تشاء الصدف ان يكون توزيع النتائج في يوم زواجه، وصرت أضرب أخماسا في أسداس أن يبيض وجهي واكون ناجحا، والحمد لله كان النجاح حليفي، فانطلقت ارقص واشارك في تلك المناسبة الاثيرة على نفسي ، وقد كان الحفل في بيتنا بمحلة التحتاني والعازف الشهير عليكو.
كانت كلما تجابهني صعوبة في حياتي ، اذهب إلى عمي فيقدم لي اولاً قلبه العامر بالمحبة، ثم علمه الواسع خصوصاً انه كان مثقفاً وقارئا نهماً، اقتنى من الكتب الكثير وفتح لي باب قراءتها، في عام ١٩٦٦ كنت في الثاني متوسط عندما اعطانا المدرس وأجب تحضير إنشاء بعنوان قول الشاعر:
لا تقل أصلي وفصلي ابداً// إنما أصل الفتى ما قد حصل
خانتني ملكة الكتابة ولم اعرف ماذا اكتب، فذهبت اليه مستعينا ، كتب لي الموضوع في الليل واستلمته في الصباح، فنقلته في الدفتر بخط يدي، وحصلت على تقييم جيد جداً، ثم أضاف معلم المادة كلمة منقول، فسألته من أين نقلته؟ واضفت بان عمي ساعدني فيه، فقال يستحيل إمكان عمك كتابة هذا الإنشاء الراقي.
هكذا كان كامل مرجعي وكذلك مرجع ومشورة والدي في تلقي نصائحه السديدة واستطعنا ان نجتاز صعاب فترة الستينات الاقتصادية بخاصة. من مآثر كامل مع زوجته سميرة تكوين عائلة جيدة وأولاد صالحين، قطعت شوطاً واسعا وحصلت على سمعة ممتازة بين الناس هنا في القوش بخاصة والمغترب في اميركا، كتب لكامل الهجرة قبل ربع قرن فقضى معظمها في التعلم والدراسة في الكليات الأمريكية، ويساعد احفاده في رعايتهم ونقلهم إلى مدارسهم ونشاطاتهم الأخرى، لم يكل ولم يتعب في تلبية طلباتهم وسيبقون يتذكرون ذلك إلى الأبد.
كل الناس في ذهاب إلى حتفهم وكامل ليس استثناء ، فغادر شجرة الحياة الوارفة إلى حيث السكون والهدوء ، بعد أن دارت به الدنيا ٨٥ حولا. كانت مراسم الوداع مهيبة سواء عندما ووري الثرى في سان دييغو او في قاعات التعازي في القوش وديترويت وسدني…..
ختاماً أناجي روح الفقيد قائلا: من فمك سمعت المتنبي ينشد:
تمر بك الأبطال كلمى هزيمة// ووجهك وضاح وثغرك باسم
والان مع هذا الاسترسال:
امسك بيدي القلم
واكتب عن عمي المعلم
كامل دمان يا رجلاً
احدث في قلبي السقم
كنت تصحح مساري
كلما زلت بي القدم
ستبقى كلماتك النغم
وان اثقل سمعي الصمم
ابا نصرت أنت من وطن
تشهد في حضارته الأمم
عشت وفي عيونك الأمل
مت وفي جنباتك الألم
تتكامل بك الاوصاف
في الوجاهة والعظم
فراقك مر وصعب
يا نبع الطيب والكرم
تمر السنين وتاتي
تبقى المربي الحازم
مرت بك الصعاب
وانت صابر باسم
اذهب مودعا بالآهات
فقد كنت للجراح بلسم
القوش في ١٦ حزيران ٢٠٢٤