مقالات وآراء
رحلة دون تدخل في كتاب محمد الماغوط: سأخون بلدي- (17) مستعمرة الجذام// عبد الرضا حمد جاسم
- تم إنشاءه بتاريخ الأحد, 08 كانون1/ديسمبر 2024 19:08
- كتب بواسطة: عبد الرضا حمد جاسم
- الزيارات: 951
عبد الرضا حمد جاسم
رحلة دون تدخل في كتاب محمد الماغوط: سأخون بلدي
(17) مستعمرة الجذام
عبد الرضا حمد جاسم
التوتر العالي التي تعيشه المنطقة او الظروف الصعبة التي تمر بها او الخطر الصهيوني او الاستعماري او الامبريالي (سمه ما شئت) والذي يهدد الوجود العربي من اكبر راس الى اصغر راس في جميع ارجائها.
العرب يعزونه الى وجود اسرائيل واسرائيل تعزوه الى الاستعدادات العربية لإزالتها من الوجود وأمريكا تعزوه الى رغبة روسيا في الهيمنة على المنطقة أوروبا تعزوه الى التواجد الفلسطيني على ارض لبنان والفلسطينيون يعزونه الى طردهم من لبنان والأمم المتحدة تعزوها الى عدم التحلي بالصبر وضبط النفس ومصر تعزيه الى تجميد اتفاقيات كامب ديفيد ومفاوضات الحكم الذاتي. وايران تعزيه الى حرب الخليج والدول الثورية تعزوه الى عدم التمسك بأهداف الجماهير, والدول المحافظة تعزوه الى عدم التمسك بحبال الإسلام والاقتصاديون يعزونه الى الفائض النفطي والخبراء يعزونه الى أطماع اسرائيل التاريخية في المياه العربية والعسكريون يعزونه الى زيادة التسلح في المنطقة والغربيون يعزونه الى صواريخ "سام6" والشرقيون الى "اف 16" والأقمار الاصطناعية تعزوه الى إلى تزايد الاساطيل الأجنبية في المنطقة.
وقد يذهب البعض ويلف ويدور ليصل الى تلوث البيئة والغواصات في أعماق البحار والقمر والزهرة وعطارد في أعماق الفضاء لطمس السبب الحقيقي والتاريخي الا وهو الإرهاب العربي وانعدام حرية الراي والتعبير في المنطقة.
ولذلك فكل هذه الاتصالات والمشاورات التي تجري هنا وهناك وهذه الحيرة التي تعم العواصم العربية والأجنبية حول هذه القضايا الأكثر الحاحاً للبدء بحلها، قضية الجنوب، قضية الجبل، وهل القضية البنانية مرتبطة بحل قضية الشرق الأوسط اولاً ام ان حل قضية الشرق الأوسط مرتبطة بحل القضية اللبنانية، لا تثير في النفس الا الاسى والحزن لأن العرب يعرفون وأمريكا تعرف وروسيا تعرف وجزر القمر تعرف واسرائيل اول العارفين انه لا يمكن حل لا ازمة الجنوب ولا ازمة الشمال ولا ازمة المقاومة ولا ازمة المستوطنات ولا ازمة الحكم الذاتي ولا ازمة الحرب العراقية الإيرانية ولا حتى ازمة بقعة الزيت الطافية في بحار الخليج قبل حل ازمة الانسان العربي مع السلطة وانهاء احكام المقاطعة العربية المطبقة عليه بنجاح منذ عام 1948 قبل الميلاد حتى الان.
اليس من العار بعد كل هذا التطور العلمي والحضاري الذي حققته البشرية وبعد مئات الجامعات والاف المدارس التربوية والفنية والأدبية والمسرحية والفندقية التي تغطي ارض الوطن العربي ان تظل لغة الحوار الوحيدة بين السلطة والمواطن هي الرفس واللبط وشد الشعر؟
ترى لو ان إسرائيل منذ نشأتها وزرعها في قلب الوطن العربي بدأت بكم الافواه وبناء السجون وتجويع العمال وسرقة الفلاحين وكلما احتج طبيب اعتقلته او ارتفع صوت اخرسته ثم انصرفت الى الاصطياف والاستجمام وتنقيط الراقصات في ربوع اوروبا... هل كانت تحتل الضفة الغربية وسيناء والجولان وتدمر المفاعل النووي العراقي وتعزل مصر وتجتاح لبنان وتتطلع الى الهند وباكستان؟
من تنشق زهرة برية او طارد فراشة او سمع سعال عصفور عند الفجر منذ سنوات؟
من تامل القمر او الغروب او شرب الماء براحتيه من ساقية منذ قرون؟
من سمع ضحكة عربية من القلب منذ بدء التاريخ؟
لا شيء غير القتل والنهب وسفك الدماء، لا احد يفكر ان هناك طفولة يجب ان تنمو، شفاها يجب ان تقبل
عيونا يجب ان تتلاقى، اصابع يجب ان تتشابك، خصوراً يجب ان تطّوق بغير القنابل والمدي والمتفجرات
أيها العرب، استحلفكم بما تبقى في هذه الامة من طفولة وحب وصداقة وأشجار وطيور وسحب وانهار وفراشات
استحلفكم بتحية اعلامها عند الصباح وإطراقة جبينها عند المساء، لقد جربتم الإرهاب سنين وقروناً طويلة وها انتم ترون الى اين اودى بشعوبكم.
جربوا الحرية يوما واحدا لتروا كم هي شعوبكم كبيرة وكم هي إسرائيل صغيرة.
.....................................
التالية (18) أنا الحاوي
عبد الرضا حمد جاسم
من كتاب سأخون بلدي لمحمد الماغوط