مقالات وآراء
يوميات حسين الاعظمي (1258)- مانشيت/ 4 نظرة في تطور الأغنية الشعبية
- تم إنشاءه بتاريخ الإثنين, 09 كانون1/ديسمبر 2024 21:45
- كتب بواسطة: حسين الاعظمي
- الزيارات: 866
حسين الاعظمي
يوميات حسين الاعظمي (1258)
مانشيت/ 4 نظرة في تطور الأغنية الشعبية
حلقات مقتطعة من كتابي (افكار غناسيقية). بعض المانشيتات الداخلية من الفصل الثالث والبحث المقدم الى مؤتمر الموسيقى العربية الدولي الثاني والعشرين في دار الأوبرا المصرية. الموافق تشرين الثاني 2013م. (الموسيقى العربية الشعبية، الماضي والحاضر).
***
مانشيت / 4 نظرة في تطور الأغنية الشعبية
مثلما لا يمكن جعل الشكل الموسيقي(Form) مجرد محطات أصولية شعبية تقليدية (هامش1) تاريخية أدائية يمر بها المغني العربي عند أدائه لموسيقاه وغنائه الخاص، حيث نجد لها بعدا أكيدا يتجاوز هذه المحطات. كذلك لا يمكن بالطبع اقتصار المضمون التعبيري للغناء العربي الشعبي على أنه مجرد أداء تقليدي يُعبـَّرُ عنه بأي صورة كانت أو كيفما اتفق..! وعليه يفترض أن يكون هناك منهجا (هامش2) لكل نوع غنائي، وعلى الأخص الغناسيقى (هامش3) الشعبية التراثية، وهذا المنهج تكون له علاقة مباشرة مع عملية الأداء الغناسيقي برمتها. وبهذا يكمن خلف كل منهج أدائي، نسق من الخيال (هامش4) والتأملات (هامش5) والأفكار والجماليات، عليه ينبغي الانتباه إلى أن هذا النسق (هامش6) من الأفكار والجماليات لا يعمل باعتباره موجودات ثابتة الحركة، فعلاقتها وطيدة خاصة مع الأداء الغناسيقامي (هامش7) ومع الخبرة الأدائية التي يثيرها المغني أو العازف، ومع التطورات المستمرة. فالنشاط الفني أو نشاط الروح في حقيقة الأمر، كامن في طبيعة الإنسان ذاتها، فكما أن الإنسان (حافز وفعل)– (فطرة وعقل)– (مشاعر وفكر) – (خيال وتفكير). فانه كذلك وقفة تأملية..! وجوده الحقيقي يتحدد بهذا التوازن المتصارع بين التناقضات..!
أنا أُفكر، إذن أنا موجود..! كما يقول ديكارت. إنها في نفس الوقت، انطلاق للوجود، كوامن الإنسان الإبداعية تنقله من الفكر والفعل إلى التأمل والخيال والحداثة، ومن التأمل والخيال إلى الفعل الخلاق، الفعل الإبداعي. عملية حركية ديناميكية متصلة متنوعة متماسكة لموسيقانا الشعبية والتراثية.
إن الإبداع (هامش8) موجود بوجود الوسيلة، فهما متزامنان، فالمادة الغناسيقية، كموسيقى الشعوب العربية البيئية مثلاً، هي الوسيلة الفعالة للإبداع الغناسيقامي، ولا يتبلور هذا الإبداع إلا في علاقة هذا النتاج بالمتلقي، وهنا تظهر أهمية عملية النقد (هامش9) من حيث المبدأ..! ويبدأ دورها الفعَّال، إذ نستطيع أن نعرف على وجه التحديد، أن هذه العلاقة ليست علاقة خارجية، فالغناسيقامي لا يكشف عن معناه أو معانيه، إلا عند إلتقائه بالمحفزات، ومن ثم النظرة النقدية من قبل النقاد المتخصصين أو الجماهير على وجه العموم.
والى حلقة اخرى ان شاء الله.
هوامش
1 - التقليدية-Traditional: بمفهومها العام الاقتصار العاطفي على التراث وخاصة المعتقدات والولاء لها، وهو الاتجاه الذي يرى في الأنماط القديمة خير مرشد في تحديد السلوك في الحاضر والمستقبل ولذلك يستبعد التقليديون أي تغيير اجتماعي، وتظهر هذه النزعة كرد فعل لأي نزعة تجديدية لإعادة تنظيم المواد التراثية على أسس رشيدة.
2- المنهج العلمي: الطريقة التي يسلكها العقل في دراسة موضوع أي علم من العلوم للوصول إلى القوانين العلمية أو هي الطريقة التي يبني بها العالم قواعده ويصل إلى حقائقه.
3- الغناسيقى: مختصر لمفردتي، الغناء والموسيقى.
4- الخيال: سلسلة من التخيلات عن حوادث سارة ومرضية تحقق لذة الفرد، وهو من ناحية أخرى أشبه بالحيلة الدفاعية الناتجة عن الحرمان عندما لا يستطيع الفرد إشباع رغبة ما في عالم الواقع ليهرب إلى الخيال.
5 - التأمل-contemplation-Meditation: استغراق الذهن في موضوع تفكيره إلى حد يجعله يغفل عن الأشياء الأخرى بل عن أحوال نفسه... والتأملية، فلسفة مثالية لا تعترف بمعطيات التجربة بل تنظر إلى التأمل الذهني الخالص كمصدر وحيد للمعرفة.
6- النسق system: مجموعة مصالح ونواحي نشاط متصلة بعضها ببعض من خلال نظام مكون من أجزاء أو مظاهر في ترتيب منظم يتميز بالتنسيق في العمل والتكامل في البنيان.
7 - الغناسيقامي: مختصر لمفردات، الغنائي الموسيقي المقامي.
8- الابداع: يقصد احيانا التجديد أي الخروج عن الاوضاع السائدة والتكيف للموقف المتغير والمتطور.
9- النقد- criticism: تقويم الايجابيات والسلبيات.
صورة واحدة / في المعهد الوطني للموسيقى التابع الى مؤسسة الملك حسين (رحمه الله) صباح يوم 8/تشرين الاول/2016 يميناً المطرب الاردني الشهير فؤاد حجازي وحسين الاعظمي.