مقالات وآراء
حين يضحك فعل الامر// خديجة جعفر
- تم إنشاءه بتاريخ الخميس, 17 نيسان/أبريل 2025 21:43
- كتب بواسطة: خديجة جعفر
- الزيارات: 1054
خديجة جعفر
حين يضحك فعل الامر ...
خديجة جعفر
لو يُقدر لنا ان نُشخصِن أو نُناقش فعل الأمر من اللغة العربية، ليُحيرنا في بداية الامر سؤال:
" كيف نحاور؟ وكيف انا ان نناقش ساكنا؟
كيف نُحرر ذاك الاكتآب من السكون؟
كيف نعيد إليه ما أُسقِط عنه من الاصوات؟"...
ان يتم تسكين فعل الامر لغويا، امر يستدعي تساؤل اخر: "ماذا خطر في بال المشرع من اللغة لانتاج اختراع مماثل؟ وما الجدوى من التسكين واقعا محكيا او مكتوبا؟..
الا اني، كما الاغلبية من حفظة اللغة، نلتزم دون سابق عميق تفكير، وربما نعتذر مسبقا،مع فائض الشعور بالتصاغر والدونية لو أخطأنا يوما، ومن غير تعمد، عن بناءه ساكنا او مجزوما في جملة ما...
فلو تمكنا ان نتساءل، لنكتشف ربما سر اكتآبه مجزوما بحذف حروف العلة، حتى اننا لنسمع انين خساراته، او عتبا عدائيا علينا لسرقة ممتلكاته من الحروف. .. فماذا لو قُدر وجود من يسمع اعتراضات هذا الفعل المسكين؟ فلربما اول ما نسمع، استفساراته متسائلا عن موجبات التسكين التي يمكنها أن تقنعه...
لكنه بنقمة المدرك لاستبعاد المساءلة، وقصدية التجاهل في تحييد مواقفه وانفعالاته قدرا مُسقَطاً، ينافق بالصمت مستخدميه. لكأنه يصرخ بنا:
"لماذا تقحمون انفسكم بما لا يعنيكم؟"...
مكرهة على السكون ايضا، لم يَسمح لي استسلامي، ولا حتى اساتذتي في اللغة يوما، فرصة نقاش التسكين من فعل الامر، او الدعوة للوقوف دقيقة صمت وسكون يشبهه، انما على عكس ذلك، فلطالما كان تجنب هذا النقاش، الأجدر عقلنة، فاختبار ونقاش المُسَلم به لغويا، سوف يوشمني ببعض جنون لا ينقصني منه الكثير، ولست بريئة منه تماما...
اطفالي في درس الموسيقى، يلتزمون الصمت استجابة لاوامر استاذهم الذي يكرر افعال الامر تراصفا ساكنا، حازما، صارما، باتجاه واحد يصدر اوامره مستلبا اي صدى لصوت محتمل، بالنبرة الروتينية المتتالية، والتي لا تعترف باي حضور للاخر. فاي موسيقى سوف تنتج مع هذا الرصف من الأصوات الساكنة ؟!!..
أي ذنب تراه ارتكب هذا الفعل ألزمه عقوبة الصمت الابدي؟ ليتسم وجهه بتفاصيل الكِبَر والصلافة الدائمة والصرامة دون شموخ الاقتناع
اي الاسرار يخفيها ليبتلي بالسكون اختناقا وتسرق منه بعض حروفه؟ ...
لم اعد واثقة تماما، فيما لو يكن مفرحا ان تلعب الاجيال نفس اللعبة من التزام التسكين امرا، بفروض السكوت منه، بضرورات الجمود، بشرط الوجوب، واستسلامات الصمت المتململ .....
هل كان آثما دور السكون؟
هل كان جشعا اسقاط الحروف المعلولة ومحو الحروف تخففا من ثقل الكلمات؟
تقول الوصايا، نفذوا ما تقول لغتكم دون اعتراض، ولنكن في الطاعة اللازمة للانصياع وقد حفظناه فعلا ساكنا او مجزوما... والتزم ايها الآمر بالتسكين احتراما لصمته وحزنه وسكونه، ولا تنسى ما تملكه قدرات الالتزام والتنفيذ من مستلزمات الصمت ،وتناقص للحركة، حتى تأمن ثقة النجاح...
فليغفر من جنوني بعضه، أولئك الغيارى على اللغة، لأنني ربما، سوف لن أُسَّكِن فعل الامر، ولن أجزمه...
سوف أتركه حرا، يبكي ويضحك ، ويصدر اصواته لانتاج الحركة...
هل سمعت الضحكات من فعل الامر يوما ؟
يخيل لي احيانا اني اسمعها....
وحده ، من بين من قرأت لهم ،المفكر والروائي ( ميلان كونديرا) في رواية: " كائن لا تحتمل خفته"، استطاع ان يَستنكه الشغف والفرح المنبثق احيانا، وحين ارادة، والذي يسكن في افعال الامر..
خديجة جعفر
17 /4 /2025