مقالات وآراء
يوميات حسين الاعـظمي (1338)- مانشيت/ 7 رسائل مع اليونسكو
- تم إنشاءه بتاريخ الخميس, 15 أيار 2025 21:26
- كتب بواسطة: حسين الاعـظمي
- الزيارات: 874
حسين الاعـظمي
يوميات حسين الاعـظمي (1338)
مانشيت/ 7 رسائل مع اليونسكو
حلقات مقتطعة من كتابي (افكار غناسيقية) الجزء الثاني، كتاب مخطوط لم يصدر بعد.
بعض المانشيتات الداخلية من (الفصل الثاني) والبحث الملقى في مجلس العطاء الثقافي الاسبوعي في 20/9/2011.
البحث (المقام العراقي والجالغي البغدادي تراث قديم لارض ما بين النهرين)
الحائز على جائزة (A masterpiece) ماستربيس العالمية من الامم المتحدة/ منظمة اليونسكو).
حكاية البحث والغناء والتحليل، الحائز على جائزة الماستر بيس العالمية.
أنجزه حسين الاعظمي في عام 2002 واعلن فوزه في الامم المتحدة/منظمة اليونسكو في 7 تشرين ثاني 2003.
***
مانشيت/ 7 رسائل مع اليونسكو
كانت مقدمة البحث التي ارسلتها لليونسكو واعجابهم بها، اول تشجيع حقيقي لي يأتِ من اليونسكو..! وخلال سير العمل واستمرار البحث والكتابة، جاءت رسالة اخرى من اليونسكو، كان مضمونها الاعجاب بكثرة المحاور التي بحثتُ وابحث فيها. التي لم تخطر على بالهم الكثير منها..! وجهوا شكرا للباحث وفريق عمله على جهوده في هذا التوسع في كتابة محاور البحث. واليك عزيزي القارئ الكريم جزء من مقدمة البحث المرسلة الى اليونسكو.
من مقدمة البحث
(ظل الاداء المقامي العراقي طيلة تاريخه الطويل حتى اواخر القرن التاسع عشر، مجهولا على الدارسين والنقاد والكتاب الموسيقيين، في قيَمهِ الفنية ومعانيه التعبيرية وعلاقاته اللحنية وتطور مراحله الثقافية. لعدم تدوين وتوثيق هذا التراث بصورة تفي لمعرفتنا به، خاصة وان التسجيل الصوتي لم يكن موجودا اصلاً، حتى ظهوره أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين. وسيبقى جميع المغنين السابقين لهذه الحقبة من التطور االتكنولوجي سيئي الحظ، اذ لم تسجل اصواتهم وذهب غناؤهم ادراج الرياح..! وقد زاد الطين بلّة حين لانجد تاريخا مكتوبا بصورة وافية عن حال الغناء المقامي العراقي والمغنين له خلال القرون الكثيرة الماضية، وظل الامر وكأنه في سبات عميق..!)
هكذا استيقظ المقام العراقي بكل قيَمهِ في حقبة توديع القرن التاسع عشر واستقبال القرن العشرين، بعد ان ظهر جليا للوجود الكثير من وسائل التطورالتكنولوجي واصبح بالامكان تداولها. الامر الذي افزع الناس واقلقهم لغرابة وسرعة تطور الاشياء. وقد احسّوا ان شيئا ما قد حدث..! وبمضي الوقت تطورت اجهزة التسجيل الصوتي التي اتاحت لأول مرّة في التاريخ البشري، الفرصة للانسان ان يسجل صوته ثم يعيده ليسمعه ويكرر ذلك مرّات ومرّات..!!
من الطبيعي إذن، يمكن العثور على تسجيلات صوتية مقامية عراقية غنائية مغناة من قبل مغنين ولدوا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر وبرزوا اواخره كمغنين حتى اوائل القرن العشرين امثال (الملا عثمان الموصلي 1852-1923م. السيد جميل البغدادي (1876–1953م) رشيد القندرجي (1886–1945م) نجم الشيخلي (1893 – 1938م). عباس كمبير الشيخلي (1883- 1971م) وغيرهم. وهذه المقامات العراقية المسجلة بأصوات هؤلاء المغنين ذات، موضوعات تاريخية وتقليدية في اصولها وبنائها اللحني القديم والمتعارف عليه توارثا من القرون الماضية عن طرق النقل الشفاهي من الآبـاء والاجداد. ويستطيع الدارس او الناقد والمتتبع لهذا الشأن من الموسيقى والغناء التراثي، اذا ما أحسَّ ميلاً في نفسه الى ذلك. ان يعتبر تلك التسجيلات الصوتية الاولى كمقامات عراقية موروثة تعبر عن الشكل المقامي Form بأصوله التقليدية ومضامينه التعبيرية القديمة التي لا نعرف عنها الشيء الكثير كلما توغلنا في اعماق ماضي موسيقى وغناء المقام العراقي..!
ان الجهل بأهمية الحس التاريخي لغنائنا وموسيقانا التراثية الماثل فعلاً في الكثير من الممارسات الغنائية. لاتجعلنا ان نميِّـز الموقع الذي تحتله موسيقانا وقيمتها في سلسلة تاريخها الطويل. ولكون المقام العراقي فنّـاً غناسيقياً حضارياً، اي انه نتاج مدينة، فقد لفت هذا الغناء انتباه المغنين له وكذلك الكتّـاب والنقاد الى الاهمية التاريخية في تحديد الموقع الذي يحتله وقيمته في سلسـلة التاريخ الممـــتد منذ آلالف السنين.
ان التحول في زيادة الوعي بأهمية التراث واهمية تاريخه لدى الشعوب عموما، من صعيد الفرد الى صعيد المجموع. وانتباه الحكومات الى هذا الامر ودعمها للمؤسسات الثقافية والفنية للحفاظ على موروثاتها. يبدو ايضا خطوة ثقافية مهمة اخرى تُـنجز في القرن العشرين. الامر الذي يجعلنا نتحدث عن انعطافة ثقافية صاحبت التطور الثقافي والتكنولوجي. ليصبح نهضة جديدة في السياحة والعلوم والفنون والاداب والثقافة بصورة عامة.
فالموسيقى والغناء في العراق وفي ظروف هذه الحقبة، اضطرا من خلال فنانيها ان يتعاملا مع المجتمع بحذر تدريجي حتى امست العلاقة بمرور الوقت بأكثرية السكان او المجتمع باكمله علاقة وطيدة. ويعتقد الباحث ان مثل هذه الظروف تحدث ليس فقط في العراق وانما على صعيد الشعوب الاخرى المحافظة، ولو بصورة متفاوته من حيث ردود الافعال الاجتماعية، الدينية والدنيوية للموسيقى والغناء. وعليه فان حياة المجتمع العراقي الداخلية ارتبطت بتطورات هذه النهضة الغناسيقية الاجتماعية الحديثة، خاصة العلاقة الضمنية الموجودة فيما بين الغناسيقى والمتلقي والفنان المؤدي، ارتباطا لم يكن ممكنا على هذا النحو فيما لو لم يحدث التطور في الوعي بأهمية تراثنا الغناسيقي والفنون عامة في بناء وتطور المجتمعات والدول.
من ناحية اخرى، تلعب كثرة الاحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية، دورا ضمنيا آخر في تنمية النوعية وظهور مجموعة النخبة من المتلقين من بين الجماهير الكبيرة. هذا هو اذن بعض من تفسير الانعطافات التطورية في الثقافة والفنون حسب الامكانات المحسوسة والمتاحة للناس والبلد عموما. ليستوعبوا تراثهم بوصفه تاريخهم وهويتهم، اذ يروا فيه شيئا يؤثر بعمق في حياتهم اليومية ويعينهم على نمو مباشر. ووفقا لهذا التفسير، فإن التراث بأجمعه ومحتويات كل الماضي، هو حامل ومحقق التقدم للشعوب والانسانية جمعاء..!
هكذا ظهرت في هذه الحقبة من التاريخ البشري، بصورة ثقافية محسوسة، نهضة او حركة ابداعية نحو التحديث وبث روح جديدة في كيان كل الماضي، للانطلاق منه نحو الحياة الحاضرة والقادمة. اي مفهوم جديد عن التقدم. وهكذا تعتبر هذه الحداثة في الفن والموسيقى وبهذه الحقبة، عنصرا من عناصر التقدم الانساني في العراق والبلدان الاخرى لاغنى عنها.
ليس من باب المصادفة ان نشأ هذا الاتجاه الفكري والجمالي والذوقي الجديد في الغناء والموسيقى العراقية عموما، وفي الغناء المقامي العراقي على وجه الخصوص. وكان لا بد لهذه السمات الثقافية التطورية في العراق، ان تظهر بمستوى فني تتجاوز فيه مراحلها الثقافية السابقة. والسبب في ذلك، هو ان العراق اصبح منذ هذه الحقبة مرّة اخرى، الارض النموذج للتطور الثقافي في الفن الادائي والغناسيقى بالنسبة لاكثرية المثقفين في البلاد العربية. وان كان ذلك بطبيعة الحال، بمعنى مختلف عما هو عليه الحال في كل قطر من الاقطار العربية نسبة للظروف الخاصة بكل بلد في القرن العشرين. والآن وفي اعين مثقفي البلاد العربية، يبدو العراق المثل الكلاسيكي والمثل الحديث والمعاصر في التطور الثقافي بصورة عامة، رغم ظروف هذا البلد غير الطبيعية في القرن العشرين. ورغم ذلك مرَّ هذا البلد بتطور متصاعد استمر بصورة اكثر حدوثا في العقود الاخيرة من القرن العشرين. وان يكن بصورة بطيئة لا يوازي سرعة التطورات في العالم الخارجي)(.
والى حلقة اخرى ان شاء الله.
صورة واحدة / مجموعة من الفنانين في المتحف البغدادي. الواقفون يميناً المطرب المقامي صبحي البربوتي والاعلامي يحيى إدريس والملحن محمد جواد اموري. الجالسون المطرب الملحن عباس جميل والمطرب المقامي حمزة السعداوي. رحم الله من توفى، والصحة والعافية والعمر المديد لاخي العزيز الاستاذ صبحي البربوتي.