مقالات وآراء
يوميات حسين الاعـظمي (1350)- مانشيت/ 6 مواكبة العصر
- تم إنشاءه بتاريخ الثلاثاء, 10 حزيران/يونيو 2025 21:20
- كتب بواسطة: حسين الاعـظمي
- الزيارات: 855
حسين الاعـظمي
يوميات حسين الاعـظمي (1350)
مانشيت/ 6 مواكبة العصر
حلقات مقتطعة من كتابي (افكار غناسيقية) الجزء الثاني، كتاب مخطوط لم يصدر بعد.
بعض المانشيتات الداخلية من (الفصل الثالث) والبحث المشارك في (مؤتمر الحضارة الاسلامية في الاندلس/ القرن السادس الهجري، الثاني عشر الميلادي) بالعاصمة الجزائرية آذار 2007.
البحث (الموسيقى الاندلسية، في القرن السادس الهجري / الثاني عشر الميلادي).
***
مانشيت/ 6 مواكبة العصر
على كل حال، هناك شعور او تصوُّر او إدراك دائم من قبل الفــــنان خاصة والمتلقي عامة، بأن عدم الرِّضى هذا يمثِّل حالة الفنون جميعا. هذا بالرغم مما أنجزه كل المغنين المبدعين الرواد الاوائل قبلهم او حتى كل المبدعين الآخرين على قدر ابداعهم بصورة عامة.
ان على كل فنان ان يدرك إستحالة وصول عصره، او أي عصر آخر..! الى معرفة الحقيقة النهائية او المطلقة لواقع التعبير عن هذا العصر او ذاك. لأن الزمن مستمر وإن التحولات سائرة بلا هوادة. ولكن تبقى محاولات الوصول الى أقصى ما نستطيع من الابداع والتطور ومواكبة العصر الذي نعيش فيه للِّحاق بالرَّكب الحضاري والتعبير عن حياتنا من ماضيها حتى حاضرها ومستقبلها.
تـحولات جماليــة
ان الجماهير المتذوقة للغناسيقا قبل القرن العشرين، كانت راضية عن جمالياتها ومقتنعة بالاساليب الأدائية المطروحة. إلا أن ذلك الرِّضى اصبح منعطفا بل مستحيلاً بعد صدمة الحرب العالمية الاولى(1914 – 1918) والباحث يميلُ الى احتمال انطباق ذات الامر على مجمل الشعوب العربية، وبذلك فقد كانت الأسئلة التي بدى ان الفنانين قد طرحوها عن وعي او دون وعي.
1 - ايّ من قيم الماضي الفنية والجمالية هي المناسبة..؟
2 - وعلى أي اساس تقوم تلك القيم..؟
3 - وهل هناك قيم جديدة يمكن ان نجعلها اكثر ملائمة
لحاضرنا ومستقبلنا..؟
4 - وهل هي ايضا مناسبة..؟
5 - او هل هي ذات ارتباط بالتعبيرعن ظروفنا الحديثة والمعاصرة..؟
هذه الأسئلة ومثيلاتها، كان يبدو انها تكمن وراء فنيَّة وجمالية وامكانية كل المغنين الرواد، او أي مبدع آخر حتى في المجالات الإبداعية الأخرى، فنون او غير فنون. ان تأثير الاحداث الجسام هذه على المجتمع، اثَّرت على المبدعين الراحلين، كما انها بالتأكيد ستؤثِّر على سيماء وخلجات المعاصرين، وتطبع على مجمل الانتاج مسحةً متميزة تدل على التأثير العميق لطبيعة هذه الاحداث.
من ناحية اخرى، فنحن لا نقِّيم التسجيلات الاندلسية التي خلفها لنا الرواد الاوائل على أساس الإنجاز الفردي، بالرغم من أنه يمكن تشخِّيص من وجهة نظر عامة، بأن الاغلبية الساحقة من تسجيلات الرواد الاوائل هي من افضل ماتم إنجازه من تسجيلات غناء الموشحات والنوبات والطبوع والاندلسيات والمغاربيات بصورة عامة من الناحية الفنية والذوقية والأدائية في القرن العشرين، ان لم تكن افضلها فعلاً، إلا أنه من العسير الإثبات ان هذه التسجيلات الغنائية المميَّزة التي خلفها لنا هؤلاء المطربون الكبار، بأنها اقوى تاثيراً من جميع التسجيلات التي ظهرت من خلال اداء المطربين الآخرين في القرن العشرين.
صحيح ان القيمة النهائية لكل من هؤلاء المطربين المبدعين، تتمثل في تفوق تسجيلاتهم المغاربية، ولكن هذه القيمة تقوم ايضاً كإمتداد لذلك التفوق في المجموع الإجمالي الرائع لأعمالهم، وهو تفوق فني وذوقي قد لايمكن لغيرهم من السابقين والمعاصرين مجاراة هذه الأعمال..! ومثل هذه القيمة توجد ايضاً في مكانة هؤلاء الفنانين المبدعين في تلك الخصائص الفنية والذوقية التي جعلت منهم مطربين كبار لايختلفون عن الجيل الذي سبقهم فحسب، بل يتفـــــوقون عليه بلا شك.
ان الأحداث التي واجهها وعاشها إنسان القرن العشرين في المغرب العربي، قد فرضت إعادة تقييم واختبار للمباديء الفنية والجمالية والأدائية التي قام عليها الفن الغنائي الاندلسي على وجه الخصوص في المغرب. وان كلاً من المبدعين المغاربيين، يمثل بإسلوبه وطريقته الخاصة في الأداء الاندلسي، طليعة حركة التقويم الفني والجمالي والدقة الأدائية في نواحيها التقنية في الغناء الاندلسي، وبالرغم مما يبدو إختلافهم في نواح ادائية وتعبيرية وجمالية كثيرة، إلا أن تشابههم وغايتهم في منحاهم التجديدي والإبداعي يرجح على الفروقات، فإذا ما تعسَّر علينا النظر إليهم كمطربين مبدعين او تجريبيين او طليعيين، فما ذلك إلا لأن قيمتهم قد نالت الإعتراف من الجميع وباتت جزء من التراث.
ان كلاً من المغنين الرواد قد دعى من خلال نتاجاته الغنائية، لإتخاذ موقف واضح في إعادة النظر إلى الأمور العلمية والفنية والجمالية في الأداء الاندلسي في المغرب العربي، بالرغم من انهم لم ينكروا القيم السابقة وكذلك القيم الموجودة في عصرهم ولم يتجاهلها كل منهم، بقدر ما أصرُّوا على تمحيصها بدقة في ضوء المتغيرات وتحولات عصرهم. ولعمري فان هذه هي ميزة الفنان المبدع ، فكانوا من اوائل المؤدين الذين رأوا هذه الحاجة وحاولوا إنجازها، لذلك فان خلاصتهم تعطينا مبرراً كي نطلق على كل واحد من الرواد لقب مجدد او مبدع او استاذ من اساتذة الغناء الاندلسي المغاربي.
والى حلقة اخرى ان شاء الله.
صورة واحدة/ في اروقة دار الاوبرا الاذربيجانية ظهر يوم 24 /3 /2009. الفرقتان الموسيقيتان العراقية والايرانية بعد اجراء جنرال بروفة لكل من الفرقتين كل على حدة، استعدادا لحفلة المساء في مهرجان (عالم المقامات). يقف يميناً مرافق الوفد العراقي المدعو (مشفق) وعلي اسماعيل جاسم والمطرب الايراني مظفر وعازف ايراني وحسين الاعظمي وداخل احمد وعازف ايراني واديب الجاف وعازف ايراني ووسام العزاوي. الجالسان مرافق ثاني لوفدنا واحد العراقيين المقيمين في باكو.